روى الإمام أحمد بإسناد حسن عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ذكر النبي ﷺ الصلاة يومًا بين أصحابه فقال: من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف، نسأل الله العافية، هؤلاء من صناديد الكفرة من زعماء الكفرة من قادة الكفرة، نسأل الله العافية؛ لأن تارك الصلاة يقود الناس إلى الشر والفساد، تارك الصلاة يقودهم إلى النار، ويزين للناس هذا الباطل، ويقتدى به، فصار قائدًا للنار، ومع القواد إلى النار، نعوذ بالله، قال بعض الأئمة على هذا الحديث: إنما حشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء الكفرة لأنه إما أن يضيعها من أجل الرياسة، والملك رياسة، الجمهورية رياسة، القبيلة ملك الأمة، وإمارة الأمة فيحشر مع فرعون، نعوذ بالله، إذا ضيعها بسبب رياسته كونه ملك أو زعيم جمهورية أو شيخ قبيلة أو كذا أو كذا من الرياسات فإنه يحشر مع فرعون الذي وعده الله بالنار وأتباعه، كما قال في حقه وأتباعه: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ [القصص:41-42]، نسأل الله العافية، فيكون هذا الذي ترك الصلاة وضيعها من أجل الرياسة يحشر يوم القيامة مع فرعون الذي قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى [النازعات:24]، فأهلكه الله بالغرق، وأهلك جنوده معه، فالأجساد للغرق والأرواح والأجساد بعد ذلك للحرق، والنار هذه حالهم، نعوذ بالله، أما إن كان ضيعها من أجل الوزارة الوظيفة وآثر الدنيا على الآخرة، وقال: الصلاة ما لها لزوم، فهذا يحشر يوم القيامة مع هامان وزير فرعون الذي شغل بالوزارة عن اتباع الحق، فصار هذا التارك للصلاة من أجل الوزارة ومن أجل الوظيفة مع أمثاله ونظرائه من الوزراء الكفرة إلى النار، نسأل الله العافية.
وإن ضيعها من أجل المال والشهوات؛ لأن الله أعطاه مالًا، وأوسع عليه في المال، فصار يتقلب في الشهوات، في شهوات بطنه وفرجه، وغير ذلك، وضيع الصلاة، ونام عنها، فإنه يحشر يوم القيامة مع قارون تاجر بني إسرائيل الذي شغله ماله وشهواته عن اتباع الحق، وتكبر وخسف الله به وبداره الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة، نعوذ بالله من ذلك.
أما إن كان ضيعها من أجل البيع والشراء والتجارة وأنواع المضاربات فهذا يحشر يوم القيامة مع أبي بن خلف تاجر أهل مكة الذي شغل بالتجارة والمعاملات والأموال التي يقلبها في البيع والشراء شغل بها عن الحق، فهذا الذي ضيع الصلاة وتركها من أجل أعماله التجارية يحشر يوم القيامة مع أبي بن خلف الجمحي الذي قتله النبي ﷺ يوم أحد، وصار إلى النار وبئس المصير لكفره وضلاله، نعوذ بالله.
فهذا أيها الإخوة تحذير من رسول الله ﷺ من ترك الصلاة والتهاون بها، وإيذان بشدة العقوبة لمن ضيعها، كيف لا وهو يكون كافرًا بتركها، فالكفار عذابهم أليم، وعاقبتهم وخيمة، نسأل الله العافية.
وفي هذه الآيات الدلالة أيضًا على أن الخشوع من أهم صفات الصلاة، فإذا دخلت الصلاة فاخشع فيها لربك، وأقبل عليها واطمئن لا تعجل.