الإعراض عن اللغو من صفات المؤمنين

ثم قال : وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ [المؤمنون:3]، المؤمنون وقتهم عزيز يحفظونه، يحفظون الوقت، مشغولون بحفظ الوقت، معمور وقتهم بطاعة الله، معمور بأعمال مفيدة، إما في طاعة الله، وإما في أعمال نافعة مما ينفع في الدنيا أو في الآخرة، إما في الصلاة، وإما في طلب علم، وإما في قضاء حاجة مسلم، إما في طلب الرزق الحلال في بيع، أو شراء، أو نجارة، أو حدادة، أو خرازة، أو غير هذا مما أباح الله، يطلب الرزق الحلال، الأوقات ما تضيع، ولهذا قال: وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ [المؤمنون:3] في الآية الأخرى يقول : وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ [القصص:55]، وفي الآية الثالثة يقول: وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا [الفرقان:72]، ما يخوضون فيه، ولا يتعلقون به، أوقاتهم محفوظة، واللغو فسر بأمور ثلاثة: فسر بالشرك، وفسر بالمعاصي، وفسر بالكلام الذي لا فائدة فيه ولا خير فيه.

فالمؤمن يجتنب الأمور كلها، يجتنب الشرك هذا أعظم الذنوب ويحذره؛ لأنه ينافي الإيمان، ويجتنب المعاصي؛ لأنها من أقبح اللغو لا خير فيها، فيجتنبها المؤمن، وهكذا الأمر الثالث: كل كلام أو مجلس لا فائدة فيه يحذره، يعني يظنه يضيع عليه الوقت، فالأوقات التي ما فيها إلا السواليف الباطلة والحكايات الخاسرة والتي لا فائدة فيها تجتنب، تكون أوقاتك محفوظة معمورة، إما بما ينفعك في الدنيا أو ينفعك في الآخرة، بس لا تضيعها في الباطل والغيبة والنميمة والقيل والقال والمدح الباطل وأشباه ذلك، عليك بحفظ أوقاتك، احفظ الوقت فالوقت له شأن، يقول بعض السلف: الوقت من ذهب، في الحقيقة هو أعز من الذهب، الذهب ما له قيمة إذا لم يستعمل في الخير، لكن وقتك له قيمة عظيمة، إذا قلت فيه: سبحان الله، لك عشر حسنات، الحمد لله لك عشر حسنات، الله أكبر لك عشر حسنات، وقد تضاعف إلى أكثر، إذا قلت لأخيك: السلام عليكم لك عشرات حسنات، وقد تضاعف أكثر إذا أعنته على خير لك أجر عظيم وأجر كبير، قضيت حاجة له لك أجر عظيم، عدت مريضًا لك أجر عظيم، أمرت بمعروف لك أجر عظيم، نهيت عن منكر لك أجر عظيم، دعوت إلى خير لك، وصلت رحمك، زرت أخاك في الله، الوقت فيه خير عظيم إذا حفظته، فالأوقات أعز من الذهب لمن يعقل، الأوقات لها شأن، فلا ينبغي إضاعتها في الباطل واللغو وما لا فائدة فيه، احفظها فيما ينفعك، في صلاة، في طلب علم، في ذكر الله، في قراءة قرآن، في قراءة أحاديث، وحفظها في زيارة أخ لك في الله تحبه في الله، في حاجة والديك، في صلة أرحامك، في أمر بمعروف، في نهي عن منكر، في دعوة إلى الخير، في عيادة مريض، في حاجات دنيوية: نجارة، خرازة، حدادة، زراعة حاجات أخرى تنفعك في الدنيا ....... تعمل فيها، وتذكر ربك، تستغفر ربك، تعمل ما تستطيع من الخير، هكذا تكون الأوقات، تكون محفوظة بالعلم النافع والعمل الصالح محفوظة بما ينفع في الدنيا والآخرة.