باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أودفعه
الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الباب عقده المؤلف رحمه الله، وهو الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمة الله عليه، المجدد لما اندرس من معالم الإسلام في هذه الجزيرة في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري والمتوفى سنة 1206 من الهجرة النبوية، يقول رحمه الله: " باب من الشرك" يعني الأصغر "لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه" كثير من الناس يلبسون التمائم والخيوط والحروز وغيرها من رُقع أو غير ذلك إما لرفع البلاء بعد نزوله أو دفعه قبل نزوله، يعني يرون أنها من أسباب رفع البلاء إذا نزل أو دفعه قبل أن ينزل، فهذا من الشرك وهو من الشرك الأصغر.
يقول الله جل وعلا: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ [الزمر:38] هذه الآية نزلت في الشرك الأكبر، والسلف يحتجون بالآيات التي في الأكبر على ما يقع من الشرك الأصغر؛ لأن الشرك الأكبر والأصغر يجمعهما اسم الشرك، ولأن هذا واقع من المشركين أيضاً، فالآية تحذر من ذلك؛ لأنه في تعليق الودع أو التمائم أو الحروز نوع من تعلق القلوب على غير الله، ونوع من ضعفها في رجاء الله والتوكل عليه، فصارت من الشرك من هذه الحيثية.
وهكذا ما يقع للناس من الكلمات الشركية مثل الحلف بغير الله ولولا الله وفلان، ولولا الله وأنت كل هذا من الشرك الأصغر كما جاءت به الأحاديث.
وهكذا حذيفة استدل- في آخر الباب- على تعليق الخيط بالآية التي نزلت في الشرك الأكبر: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف:106]؛ لأن اسم الشرك يعمهما فناسب أن يُحتج عليهما بالآيات التي نزلت في الشرك الأكبر.
والتمائم تكون من خرق وتكون من ودع وتكون من عظام وتكون من رقع من جلد وتكون من قرطاس، وتكون من غير ذلك تعلق على الأولاد عن العين، وربما علقت على البهائم، وربما علقت على الكبير المريض وكلها ممنوعة، يأتي في الباب الذي بعد هذا تفصيل للتمائم.
فالواجب الحذر من ذلك ولهذا جاء في حديث عمران بن حصين لما رأى عليه النبي ﷺ رجلاً عليه حلقة من صوف، قال: ما هذا؟ قال: من الواهنة، قال: انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهنًا؛ فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا والواهنة مرض يأخذ باليد، فهذا يدل على أن تعليق الحلقة أو الودعة أو غير ذلك لأجل الواهنة أو غيرها من الشرك.
أما العلاج بالأدوية من كي من مروخ لا بأس، أما اعتقاد في حلقة أو خيط يعلق هذا هو الممنوع.
قال: لا تزيدك إلا وهنًا؛ لأن هذا الاعتقاد الباطل يزيده وهنًا وضعفًا وشرًا لسوء اعتقاده. وهكذا كونه يعلق ورقة مكتوب فيها كذا وكذا يعلقها في عضده أو في حلقة أو ما أشبه ذلك هي من جنس الحلقة، يجب تجنب ذلك، أما الدواء يداويه أو يربطه رباط الدواء أو يجبره بجبيره هذا لا بأس به هذا من الدواء، يقول النبي ﷺ: عباد الله تداووا، ولا تداووا بحرام، ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء، وإنما الممنوع هذه التعليقات التي يعلقها الجهال يزعمون أنها تدفع عنهم البلاء أو ترفعه عنهم بعد وقوعه، هذه التي أخبر فيها النبي ﷺ أنها من الشرك.
وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: من تعلق ودعة فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمة فلا أتم الله له، من تعلق تميمة فقد أشرك كل هذا من هذا الباب، يجب الحذر من ذلك.
وهكذا ما في حديث حذيفة أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى فقطعه ثم تلا قوله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف:106] لما قال له أنه قرأ فيه وعلقه من أجل الحمى، فدل ذلك على أنه لا يعلق شيء ولو رقية فيه، الرقية ما ينفث على المريض أو في ماء يصب عليه أو يشربه أما أن يعلق عليه خيط أو خرق قرئ فيها أو ما أشبه ذلك فلا، فهذا من جنس التمائم، يجب ترك ذلك، وإنما المشروع الرقية أو الأدوية الأخرى المباحة التي يرجى من ورائها أن تكون سببًا للاستشفاء كتضميد بشيء كالكي كالمروخ كالإبر كالحبوب وما أشبه ذلك من الأدوية المعروفة؛ لأن الرسول ﷺ قال: عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام، ويقول ﷺ ما أنزل الله من داء إلا أنزل فيه شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله فالدواء شيء من مشروب أو مأكول، وأما تعليق التمائم فشيء آخر ممنوع؛ لأنه يعتقد في التميمة المعلقة دواء، يعتقد أنها تكون سبب لدفع البلاء أو رفع البلاء، فيكون ذلك من باب الشرك الأصغر، أما لو اعتقد أنها ترفع البلاء وأنها تدفع البلاء بنفسها كان شركًا أكبر.
نسأل الله العافية.
وفق الله الجميع.
الأسئلة:
س: تعليق شيء من القرآن هل يكون من الشرك؟
الجواب: الصحيح لا تعلق حتى القرآن، الصحيح أن التعليق من الشرك الأصغر، وبعض السلف أجازها إذا كانت من القرآن والأحاديث عامة، تعم القرآن وغيره، كما يأتي في الباب الذي بعد هذا إن شاء الله.
قول الله تعالى: قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ [الزمر: 38].
عن عمران بن حصين : "أن النبي ﷺ رأى رجلا في يده حلقة من صفر فقال: ما هذه؟ قال من الواهنة. فقال: انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهنا؛ فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا رواه أحمد بسند لا بأس به.
وله عن عقبة بن عامر مرفوعا: من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له وفي رواية: من تعلق تميمة فقد أشرك.
ولابن أبي حاتم عن حذيفة: أنه رأى رجلا في يده خيط من الحمى، فقطعه وتلا قوله: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف: 106].
عن عمران بن حصين : "أن النبي ﷺ رأى رجلا في يده حلقة من صفر فقال: ما هذه؟ قال من الواهنة. فقال: انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهنا؛ فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا رواه أحمد بسند لا بأس به.
وله عن عقبة بن عامر مرفوعا: من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له وفي رواية: من تعلق تميمة فقد أشرك.
ولابن أبي حاتم عن حذيفة: أنه رأى رجلا في يده خيط من الحمى، فقطعه وتلا قوله: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف: 106].
الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الباب عقده المؤلف رحمه الله، وهو الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمة الله عليه، المجدد لما اندرس من معالم الإسلام في هذه الجزيرة في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري والمتوفى سنة 1206 من الهجرة النبوية، يقول رحمه الله: " باب من الشرك" يعني الأصغر "لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه" كثير من الناس يلبسون التمائم والخيوط والحروز وغيرها من رُقع أو غير ذلك إما لرفع البلاء بعد نزوله أو دفعه قبل نزوله، يعني يرون أنها من أسباب رفع البلاء إذا نزل أو دفعه قبل أن ينزل، فهذا من الشرك وهو من الشرك الأصغر.
يقول الله جل وعلا: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ [الزمر:38] هذه الآية نزلت في الشرك الأكبر، والسلف يحتجون بالآيات التي في الأكبر على ما يقع من الشرك الأصغر؛ لأن الشرك الأكبر والأصغر يجمعهما اسم الشرك، ولأن هذا واقع من المشركين أيضاً، فالآية تحذر من ذلك؛ لأنه في تعليق الودع أو التمائم أو الحروز نوع من تعلق القلوب على غير الله، ونوع من ضعفها في رجاء الله والتوكل عليه، فصارت من الشرك من هذه الحيثية.
وهكذا ما يقع للناس من الكلمات الشركية مثل الحلف بغير الله ولولا الله وفلان، ولولا الله وأنت كل هذا من الشرك الأصغر كما جاءت به الأحاديث.
وهكذا حذيفة استدل- في آخر الباب- على تعليق الخيط بالآية التي نزلت في الشرك الأكبر: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف:106]؛ لأن اسم الشرك يعمهما فناسب أن يُحتج عليهما بالآيات التي نزلت في الشرك الأكبر.
والتمائم تكون من خرق وتكون من ودع وتكون من عظام وتكون من رقع من جلد وتكون من قرطاس، وتكون من غير ذلك تعلق على الأولاد عن العين، وربما علقت على البهائم، وربما علقت على الكبير المريض وكلها ممنوعة، يأتي في الباب الذي بعد هذا تفصيل للتمائم.
فالواجب الحذر من ذلك ولهذا جاء في حديث عمران بن حصين لما رأى عليه النبي ﷺ رجلاً عليه حلقة من صوف، قال: ما هذا؟ قال: من الواهنة، قال: انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهنًا؛ فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا والواهنة مرض يأخذ باليد، فهذا يدل على أن تعليق الحلقة أو الودعة أو غير ذلك لأجل الواهنة أو غيرها من الشرك.
أما العلاج بالأدوية من كي من مروخ لا بأس، أما اعتقاد في حلقة أو خيط يعلق هذا هو الممنوع.
قال: لا تزيدك إلا وهنًا؛ لأن هذا الاعتقاد الباطل يزيده وهنًا وضعفًا وشرًا لسوء اعتقاده. وهكذا كونه يعلق ورقة مكتوب فيها كذا وكذا يعلقها في عضده أو في حلقة أو ما أشبه ذلك هي من جنس الحلقة، يجب تجنب ذلك، أما الدواء يداويه أو يربطه رباط الدواء أو يجبره بجبيره هذا لا بأس به هذا من الدواء، يقول النبي ﷺ: عباد الله تداووا، ولا تداووا بحرام، ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء، وإنما الممنوع هذه التعليقات التي يعلقها الجهال يزعمون أنها تدفع عنهم البلاء أو ترفعه عنهم بعد وقوعه، هذه التي أخبر فيها النبي ﷺ أنها من الشرك.
وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: من تعلق ودعة فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمة فلا أتم الله له، من تعلق تميمة فقد أشرك كل هذا من هذا الباب، يجب الحذر من ذلك.
وهكذا ما في حديث حذيفة أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى فقطعه ثم تلا قوله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف:106] لما قال له أنه قرأ فيه وعلقه من أجل الحمى، فدل ذلك على أنه لا يعلق شيء ولو رقية فيه، الرقية ما ينفث على المريض أو في ماء يصب عليه أو يشربه أما أن يعلق عليه خيط أو خرق قرئ فيها أو ما أشبه ذلك فلا، فهذا من جنس التمائم، يجب ترك ذلك، وإنما المشروع الرقية أو الأدوية الأخرى المباحة التي يرجى من ورائها أن تكون سببًا للاستشفاء كتضميد بشيء كالكي كالمروخ كالإبر كالحبوب وما أشبه ذلك من الأدوية المعروفة؛ لأن الرسول ﷺ قال: عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام، ويقول ﷺ ما أنزل الله من داء إلا أنزل فيه شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله فالدواء شيء من مشروب أو مأكول، وأما تعليق التمائم فشيء آخر ممنوع؛ لأنه يعتقد في التميمة المعلقة دواء، يعتقد أنها تكون سبب لدفع البلاء أو رفع البلاء، فيكون ذلك من باب الشرك الأصغر، أما لو اعتقد أنها ترفع البلاء وأنها تدفع البلاء بنفسها كان شركًا أكبر.
نسأل الله العافية.
وفق الله الجميع.
الأسئلة:
س: تعليق شيء من القرآن هل يكون من الشرك؟
الجواب: الصحيح لا تعلق حتى القرآن، الصحيح أن التعليق من الشرك الأصغر، وبعض السلف أجازها إذا كانت من القرآن والأحاديث عامة، تعم القرآن وغيره، كما يأتي في الباب الذي بعد هذا إن شاء الله.