وقول الله تعالى: لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً [التوبة: 108].
عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: " نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة، فسأل النبي ﷺ فقال: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبد؟ قالوا: لا. قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا. فقال رسول الله ﷺ: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم رواه أبو داود. وإسناده على شرطهما.
عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: " نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة، فسأل النبي ﷺ فقال: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبد؟ قالوا: لا. قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا. فقال رسول الله ﷺ: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم رواه أبو داود. وإسناده على شرطهما.
الشيخ:
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
يقول المؤلف رحمه الله وهو الإمام العلامة وشيخ الإسلام في زمانه الشيخ محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي رحمه الله المجدد لما اندرس من معالم الإسلام في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري، في هذه الجزيرة.
يقول رحمه الله في كتاب التوحيد الذي ألفه لتعليم الناس وتفقيههم في أصل دينهم، يقول رحمه الله: باب لا يذبح لله في مكان يذبح فيه لغير الله، والحكمة في ذلك أن في ذلك تشبهًا بالكافرين ويُساء به الظن أيضاً، قد يظن أنه على دينهم وعلى طريقهم فالذبح في المكان الذي يذبح فيه المشركون يسبب شيئين أحدهما: التشبه بهم، والثاني: أن يساء الظن بالفاعل وأن يكون على دينهم وعلى طريقهم، قال الله تعالى: لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً [التوبة:108] يعني مسجد ضرار الذي بناه المنافقون وأرصدوه لأبي عامر الراهب الفاسق حتى إذا جاء ينزل فيه ويحارب النبي ﷺ والمسلمين فأنزل الله في حقهم: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [التوبة:107-108].
هذا مسجد قباء ومسجد النبي ﷺ كلاهما أسس على التقوى، أما مسجد الضرار فقد أسس على الكفر بالله والإرصاد لأعداء الله والمحاربة للأولياء فلهذا نهي الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقوم فيه يعني أن يصلي فيه، فدل ذلك على أن المحلات المعدة لمحاربة الله ورسوله لا يتعبد فيها لله بل تهدم وتزال مع القدرة محوًا لآلات الشرك وإزالة لقواعد أهله.
وهكذا المحلات المعدة للذبح لغير الله لا يباح فيها الذبح لله، وهكذا الكنائس والبيع التي أعدها اليهود والنصارى لا يتعبد فيها المسلم لله حتى تزال وتغير هياكلها كما فعل المسلمون في اللات لما هدموها وأزالوها بنوا محلها مسجدًا فهكذا إذا قدر المسلمون على الكنائس والبيع تزال وتغير هياكلها إلى مساجد إلا إذا اضطر المسلم إلى ذلك كشمس أو برد أو مطر أو نحو ذلك.
وقال في الباب أيضاً عن ثابت الضحاك الأنصاري أن رجلاً نذر أن ينحر إبلا ببوانة البوانة موضع في أسفل مكة وقيل هضبة حول ينبع فسأله النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل فيها وثن من أوثان الجاهلية؟ قالوا: لا، قال: هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا، قال: أوف بنذرك خشي ﷺ أن يكون ينذر حتى يتشبه بأعداء الله في أعيادهم فلما قيل له إن هذا المكان خال قال: أوف بنذرك؛ فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم النذر بالمعصية لا يوفى به ولا يملكه ابن آدم باطل، كقوله: لله عليّ أن أعتق عبد فلان، أو لله عليّ أن أتصدق ببيت فلان، هذا باطل هذا تلاعب ولا في المعصية لله عليه أن يشرب الخمر، لله عليه ألا يصلي صلاة الفجر، لله عليه ألا يبر والديه هذا أمور باطلة لأنها معصية.
واختلف الناس هل فيها كفارة يمين؟
على قولين: أصحهما أن فيها كفارة يمين، لحديث عائشة: لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين.
المقصود أن النذور المخالفة للشرع لا يوفى بها، وعلى صاحبها كفارة اليمين، أما النذر فيما لا يملك فهو باطل.