24- باب ما جاء في السحر

باب ما جاء في السحر
وقول الله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ  [البقرة: 102]، وقوله: يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ [النساء: 51].
قال عمر: "الجبت السحر، والطاغوت الشيطان".
وقال جابر: "الطواغيت كهان كان ينْزل عليهم الشيطان، في كل حي واحد".
وعن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.
وعن جندب مرفوعا: حد الساحر ضربة بالسيف رواه التزمذي، وقال: الصحيح أنه موقوف.
وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبَدة قال: "كتب عمر بن الخطاب أن اقتلوا كل ساحر وساحرة. قال: فقتلنا ثلاث سواحر".
وصح "عن حفصة رضي الله عنها أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت" وكذلك صح عن جندب قال أحمد: عن ثلاثة من أصحاب النبي ﷺ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله عليه وسلم رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الباب في السحر عقده المؤلف رحمه الله وهو أبو عبدالله محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي التميمي رحمه الله شيخ الإسلام في زمانه والمجدد لما اندرس من معالم الإسلام في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري في هذه الجزيرة، رحمه الله كتب كتاب التوحيد لبيان ما عليه الناس من الشرك الأكبر، وبيان ما ينافيه وبيان كثير من البدع التي وقع فيها الناس، ومن ذلك هذا الباب، باب ما جاء في السحر، السحر قد فشا في كثير من الناس ولاسيما في وقت الغفلة والجاهلية والفترة يكثر السحرة والمنجمون والرمالون والكهنة لخلو الجو لهم وقلة الدعاة إلى الله وقلة المرشدين فيخلو لهم الجو ويكثرون، ففي كل مكان يقل فيه العلم وأهله يكثر فيه دعاة الباطل والكهنة والمنجمون والسحرة وسائر عباد الشيطان، والمعنى باب ما جاء في السحر من الوعيد والدلالة على أنه شرك أكبر وأن الواجب قتل أهله؛ لأن السحرة يعبدون الشياطين ويستغيثون بهم ويستعينون بهم في إيذاء الناس فصاروا بهذا مشركين كما في حديث النسائي المتقدم: ﷺ، وقال الله جل وعلا: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ [البقرة: 102] وقبلها قوله تعالى: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ  [البقرة: 102] من اشتراه يعني اعتاضه، ومن خلاق يعني من حظ ولا نصيب.
ثم قال بعدها: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ  [البقرة: 103] دل على أن السحر ينافي الإيمان والتقوى، فالساحر قد أشرك وعبد غير الله وعمله ينافي الإيمان والتقوى.
وقال جل وعلا: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ  [النساء: 51] أي يؤمنون بالسحر كما قال عمر.
وقال بعضهم: الجبت الشيء الذي لا خير فيه كالصنم ونحو ذلك مما لا خير فيه، فالمعبودات من دون الله تسمى جبتًا، والسحر يسمى جبتًا، وكل شيء لا خير فيه يسمى جبتًا.

وثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.
فجعل السحر من السبع الموبقات يعني المهلكات وهو قرين الشرك؛ لأنه من الشرك يتوصل إليه بدعاء الجن والشياطين والاستعانة بهم فهكذا السحرة، ولهذا في حديث النسائي المتقدم: ومن سحر فقد أشرك.

وعن جندب بن عبدالله الأزدي ويقال جندب الخير، يروى مرفوعًا عن النبي ﷺ أنه قال: حد الساحر ضربه بالسيف، وفي رواية: ضربة بالسيف والمشهور أنه موقوف على جندب، وهذا لا يقال من جهة الرأي، لولا أنه سمعه من النبي ﷺ ما قاله.

وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة أن عمر رضي الله عنه كتب إلى عماله في الشام أن اقتلوا كل ساحر وساحرة قال: فقتلنا ثلاث سواحر.
وصح عن حفصة رضي الله عنها أنها قاتلت جارية لها سحرتها.
قال أحمد: صح ذلك عن ثلاثة من أصحاب النبي ﷺ عن عمر وجندب وحفصة.
والآية تدل على ذلك تدل على كفر الساحر وأنه عبد لغير الله والواجب قتله لعظم شره فلا يستتاب لأن شركه خفي فلا يستتاب بل يقتل وإن كان تائبًا فيما بينه وبين الله صادقا تاب الله عليه، لكن في الدنيا يقتل حماية للمسلمين من شره وفساده.
نسأل الله العافية والسلامة.

الأسئلة:

س:.....؟
الشيخ: الطواغيت شياطين الإنس والجن كلهم طواغيت كلهم طواغيت نسأل الله العافية نعم.
س: السحر هل يصاب به الصالحين الذي يحافظ على الأذكار اليومية والورود؟
الشيخ: قد يصاب به الإنسان ولكن من اعتصم بحبل الله وتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وأتى بالتعوذات الشرعية يكفيه الله جل وعلا.
س: كيف نجمع أنه صلى الله عليه وسلم سحر وهو خير الناس؟
الشيخ: قد يكون سبب صادف شيئًا ولم يكن هناك الوقاية قد يكون صادف يومًا أو ساعة لم يتعاط فيها النبي أسباب الوقاية عليه الصلاة والسلام.
س:....؟
الشيخ: محتمل، الواجب على المؤمن أن يحرص على الوقاية الشرعية ويحرص على ما شرع الله من التعوذات لعل الله جل وعلا يكفيه الشر.
س: ......؟
الشيخ: على كل حال القول الثاني خطأ قوله: حد الساحر ضربة بالسيف مثل ما تقدم موقوف ولكنه في حكم المرفوع ونص القرآن كفر الساحر: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ  [البقرة: 102]
س: ترد الفتوى من أصلها؟
الشيخ: نعم نسأل الله العافية.
س: الجبت في اللغة؟
الشيخ: الجبت من لا خير فيه من السحر وغيره والصنم وغيره. الشيء الذي لا خير فيه يطلق عليه جبت يطلق على الصنم جبت، وعلى الساحر جبت، وعلى كل ما يضر الناس ولا خير فيه يسمى جبتًا.
س:...؟
الشيخ: هذا قول بعض السلف، قول الحسن رحمه الله: لا يحل السحر إلا ساحر، والمعنى صحيح أي لا يحله بغير الرقية الشرعية والتعوذات الشرعية والأدوية الشرعية إلا ساحر بعبادة الشياطين، أما حله بالرقية الشرعية بالتعوذات بالأدوية المباحة هذا لا بأس به، ومن خير الدعاء ومن خير العلاج التعوذات الشرعية: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق صباح ومساء ثلاث مرات، وقل هو الله أحد والمعوذتين ثلاث مرات صباح ومساء وعند النوم، كل هذه من أسباب  الوقاية.
س: والذي يستعمل الساحر؟
الشيخ: يكون مثله يكون كافرًا .
س: إذا عثر على عقد السحر فهل تحرق؟
الشيخ: نعم تتلف.
س: قول الشافعي إذا تعلم السحر قلنا له صف لنا سحرك فإن وصف ما يوجب الكفر مثل .. من الكواكب السبعة وأنها تفعل ما يلتمس منها فهو كافر وإن كان لا يوجب الكفر فإن اعتقد إباحته كفر؟
الشيخ: المقصود بعض الناس ما يفهم السحر إذا عرف السحر أنه تعلق على الشياطين ودعاؤهم من دون الله أو دعاء الأصنام أو الأوثان فهذا شرك أكبر بلاء عظيم، أما إذا كان أدوية يفعلها أو شيء يضر الناس ما يسمى سحرًا اللي ما يتعلق بعبادة غير الله ما يسمى سحرا ولا يؤثر في الناس، وإنما هو أشياء تضر الناس مثل الأمراض ومثل الجراحات، هذا مراده رحمه الله الشيء الذي ما فيه عبادة لغير الله، إنما قد يستعمل أشياء قد تضر الناس ولكن ليست سحرًا تضره في رجله تضره في يده تضره في رأسه أشياء يستعملها إما كحول أو دخون أو أشياء تضره ليست من عبادة غير الله هذا من باب الظلم من باب العدوان.
س: يقول بعض القراء يضع يده على رأس المرأة التي يقرأ عليها فما حكم ذلك؟
الشيخ: إذا كان من وراء حائل ما يضر، إذا كان من وراء حائل لتثبيت القراءة أما المباشرة لا من وراء حائل من وراء خمار من وراء العباءة لتثبت حتى يقرأ عليها لا تحرك رأسها.