باب قول الله تعالى: {فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء فيما آتاهما..}
الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله أصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الباب عقده المؤلف رحمه الله لبيان تحريم التعبيد لغير الله وأنه لا يجوز التعبيد لغير الله، لا يقال عبد الكعبة ولا عبد النبي ولا عبد عمر ولا عبد فلان بل جميع الأسماء تعبد لله، عبد الله، عبد الرحمن، عبد الحكيم، عبد الرؤوف، إلى غير ذلك، ولهذا ذكر المؤلف هذا الباب تنبيهًا على هذه المسألة التي لها تعلق بالتوحيد والإخلاص وكمال الإيمان.
قال ابن عباس في قوله جل وعلا: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [الأعراف: 189، 190]
فالشيطان لما جاءت الولادة زين لهما أن يسمياه عبد الحارث فأبيا أن يطيعاه وخرج ميتًا ابتلاء وامتحانًا، ثم أتاهما مرة أخرى فلم يطيعاه فخرج ميتًا ابتلاء وامتحانًا يبتلي بالسراء والضراء، ثم سمياه في المرة الثالثة عبد الحارث طاعة لهذه الوساوس وهو خوف من موت الصبي فأنزل الله في ذلك: جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا [الأعراف: 190] فدل على أنه لا يجوز التعبيد لغير الله، وأن هذا نوع من التشريك فلا يجوز، ولهذا قال أبو محمد ابن حزم: اتفق العلماء على تحريم كل اسم معبد لغير الله، كعبد عمر وعبد الكعبة ونحو ذلك، ما عدا عبد المطلب، فإن الرسول ﷺ أقره ولم يمنعه؛ مثل عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث، لم يغير اسمه ، فدل على استثنائه كما قال أبو محمد.
وقال قتادة: شركاء في طاعته، ولم يكن في عبادته يعني أطاعوه في التسمية وإلا فهما لا يعبدونه ولا يدينان بالشرك، بل هما من أخص الناس بالتوحيد والإخلاص لله ، ولكن أدركهما حب الولد.
كذلك قال مجاهد: أشفقا أن لا يكون إنسانًا، يعني أشفقا أن يكون متغير الخلق إن لم يطيعاه أن يفعل شيئًا يغير خلقته، فأدركهما حب الولد فسمياه عبد الحارث لهذه العلة وهي حب الولد وخوف أن يولد مغير الخلق، هذا اجتهاد مجاهد واجتهاد قتادة في ذلك.
والمقصود من هذا كله أنه لا يجوز التسمية بالتعبيد لغير الله؛ لأن الله جعل هذا شركًا قال: جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا [الأعراف: 190] فدل على تحريم التسمية بالتعبيد لغير الله ولو كان معظمًا كعبد النبي أو عبد محمد أو عبد نوح أو عبد هو أو ما أشبه ذلك. وهكذا عبد الكعبة وهكذا عبد عمر وعبد سعيد أو ما أشبه ذلك، بل الواجب التعبيد لله عبد الله، عبد الرحمن، عبد العزيز، عبد الكريم، عبد القدوس وما أشبه ذلك.
أو يسمي أسماء أخرى غير معبدة كمحمد وصالح وجابر وعلي وزيد ونحو ذلك. كل هذا مما يجب فيه أن يعتني به المؤمن وأن يبتعد عن طاعة الشيطان وعن وساوسه في هذا وفي غيره، فإنه عدو مبين كما قال تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر: 6]
وقال بعض الناس: إن هذا في بني إسرائيل وليس صحيحًا، بل الآية كلها سياقها في آدم وحواء، ولكن هذا مما وقعا فيه من الغلطة والزلة من آدم وحواء بسبب حب الولد، والله جل وعلا هو الغفور الرحيم الجواد الكريم سبحانه وتعالى.
قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد عمرو، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك حاشى عبد المطلب. وعن ابن عباس في الآية: "قال لما تغشاها آدم حملت فأتاهما إبليس فقال: إني صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة لتطيعاني أو لأجعلن له قرني أيل، فيخرج من بطنك فيشقه، ولأفعلن ولأفعلن يخوفهما، سمياه عبد الحارث. فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتا، ثم حملت فأتاهما فقال مثل قوله، فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتا. ثم حملت فأتاهما فذكر لهما فأدركهما حب الولد فسمياه عبد الحارث، فذلك قوله: جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا رواه ابن أبي حاتم.
وله بسند صحيح عن قتادة قال: "شركاء في طاعته ولم يكن في عبادته".
وله بسند صحيح عن مجاهد في قوله: لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً قال: "أشفقا أن لا يكون إنسانا" وذكر معناه عن الحسن وسعيد وغيرهما[1]
وله بسند صحيح عن قتادة قال: "شركاء في طاعته ولم يكن في عبادته".
وله بسند صحيح عن مجاهد في قوله: لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً قال: "أشفقا أن لا يكون إنسانا" وذكر معناه عن الحسن وسعيد وغيرهما[1]
الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله أصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الباب عقده المؤلف رحمه الله لبيان تحريم التعبيد لغير الله وأنه لا يجوز التعبيد لغير الله، لا يقال عبد الكعبة ولا عبد النبي ولا عبد عمر ولا عبد فلان بل جميع الأسماء تعبد لله، عبد الله، عبد الرحمن، عبد الحكيم، عبد الرؤوف، إلى غير ذلك، ولهذا ذكر المؤلف هذا الباب تنبيهًا على هذه المسألة التي لها تعلق بالتوحيد والإخلاص وكمال الإيمان.
قال ابن عباس في قوله جل وعلا: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [الأعراف: 189، 190]
فالشيطان لما جاءت الولادة زين لهما أن يسمياه عبد الحارث فأبيا أن يطيعاه وخرج ميتًا ابتلاء وامتحانًا، ثم أتاهما مرة أخرى فلم يطيعاه فخرج ميتًا ابتلاء وامتحانًا يبتلي بالسراء والضراء، ثم سمياه في المرة الثالثة عبد الحارث طاعة لهذه الوساوس وهو خوف من موت الصبي فأنزل الله في ذلك: جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا [الأعراف: 190] فدل على أنه لا يجوز التعبيد لغير الله، وأن هذا نوع من التشريك فلا يجوز، ولهذا قال أبو محمد ابن حزم: اتفق العلماء على تحريم كل اسم معبد لغير الله، كعبد عمر وعبد الكعبة ونحو ذلك، ما عدا عبد المطلب، فإن الرسول ﷺ أقره ولم يمنعه؛ مثل عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث، لم يغير اسمه ، فدل على استثنائه كما قال أبو محمد.
وقال قتادة: شركاء في طاعته، ولم يكن في عبادته يعني أطاعوه في التسمية وإلا فهما لا يعبدونه ولا يدينان بالشرك، بل هما من أخص الناس بالتوحيد والإخلاص لله ، ولكن أدركهما حب الولد.
كذلك قال مجاهد: أشفقا أن لا يكون إنسانًا، يعني أشفقا أن يكون متغير الخلق إن لم يطيعاه أن يفعل شيئًا يغير خلقته، فأدركهما حب الولد فسمياه عبد الحارث لهذه العلة وهي حب الولد وخوف أن يولد مغير الخلق، هذا اجتهاد مجاهد واجتهاد قتادة في ذلك.
والمقصود من هذا كله أنه لا يجوز التسمية بالتعبيد لغير الله؛ لأن الله جعل هذا شركًا قال: جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا [الأعراف: 190] فدل على تحريم التسمية بالتعبيد لغير الله ولو كان معظمًا كعبد النبي أو عبد محمد أو عبد نوح أو عبد هو أو ما أشبه ذلك. وهكذا عبد الكعبة وهكذا عبد عمر وعبد سعيد أو ما أشبه ذلك، بل الواجب التعبيد لله عبد الله، عبد الرحمن، عبد العزيز، عبد الكريم، عبد القدوس وما أشبه ذلك.
أو يسمي أسماء أخرى غير معبدة كمحمد وصالح وجابر وعلي وزيد ونحو ذلك. كل هذا مما يجب فيه أن يعتني به المؤمن وأن يبتعد عن طاعة الشيطان وعن وساوسه في هذا وفي غيره، فإنه عدو مبين كما قال تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر: 6]
وقال بعض الناس: إن هذا في بني إسرائيل وليس صحيحًا، بل الآية كلها سياقها في آدم وحواء، ولكن هذا مما وقعا فيه من الغلطة والزلة من آدم وحواء بسبب حب الولد، والله جل وعلا هو الغفور الرحيم الجواد الكريم سبحانه وتعالى.
- أدرجناها من المتن.