47- باب قول الله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى}، وباب: لا يقال السلام على الله

باب قول الله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى}
باب: قول الله تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ [الأعراف: 180]
ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس: يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ يشركون". وعنه: "سموا اللات من الإله، والعزى من العزيز".
وعن الأعمش: "يدخلون فيها ما ليس منها".
*****
باب: لا يقال: السلام على الله
في الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كنا إذا كنا مع النبي ﷺ في الصلاة قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان فقال النبي ﷺ: لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الباب في قوله جل وعلا: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ذروهم اتركوهم: سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأعراف: 180] ومعنى: يلحدون يعني يميلون بها عن الحق بالشرك والتأويل الإلحاد الميل عن الحق فالجهمية والمعتزلة والمشركون يميلون بها عن الصواب فالمشركون يعبدون مع الله غيره ويجعلون معه الشركاء والأنداد ويزعمون أنهم يقربونهم إلى الله زلفى وأنهم عندهم شفعاء، فكفروا بذلك، قال تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس: 18] فسمى عملهم: شركًا، وقال تعالى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر: 3] يعني يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر: 3] فسماهم كذبة لزعمهم أنها تقربهم زلفى، كفرة بهذا العمل بعبادتهم إياها بالدعاء والخوف والرجاء والذبح والنذر ونحو ذلك.
فالمشركون زعموا أن آلهتهم شفعاء وتقربهم إلى الله زلفى فأبطل الله هذا الكلام وبين أن عملهم كفر وشرك، بين سبحانه أن أعمالهم التي فعلوها مع الأنداد والأصنام نفس الكفر والشرك.
وهكذا ما تفعله الجهمية والمعتزلة وغيرهم من الإلحاد في أسمائه من نفي الصفات والزعم أنه لا كذا ولا كذا كل هذا من الإلحاد.
وهكذا قولهم: أن أهل المعاصي مخلدون في النار، أو قول الخوارج: أنهم يخرجون من الملة، كل هذا من الإلحاد من الميل بالأدلة إلى معنى باطل.
قال ابن عباس: سموا اللات من الإله والعزى من العزيز، وقال: سموا مناة من المنان.
وقال بعضهم: يلحدون فيها يدخلون منها ما ليس منها.
فالمقصود أن إلحادهم هو ميلهم بها عن الصواب، ومن ذلك تسمية اللات والعزى ومناة ومن هذا قولهم: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا [ص: 5]، وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ [الصافات: 36] كل هذا من الإلحاد عبادتهم غير الله وتسميتهم باللات من الإله والعزى من العزيز ومناة من المنان كل هذا من شركهم.
وهكذا نفي الجمهية الصفات والأسماء وتعطيل الله من أسمائه وصفاته، والمعتزلة كذلك نفت الصفات، ونفي الأشعرية بعضها، كل هذا من الإلحاد، والواجب قبول الحق والصبر عليه وإثباته ووصف الله بأسمائه وصفاته على الوجه اللائق بالله، قال تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بها [الأعراف: 180] كلها حسنى، سميع بصير قدير رؤوف رحيم، كلها دالة على صفات عظيمة، فالرحمن دال على الرحمة، والسميع دال على السمع، والبصير على البصر، والقدير على القدرة، إلى غير ذلك كلها أسماء دالة على المعاني العظيمة؛ فيجب وصف الله بها على الوجه اللائق بالله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، كما قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11]، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص: 4]، فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 22] هذا هو الواجب على أهل الإسلام خلافًا للمعتزلة والخوارج وخلافًا للمشركين الذين ألحدوا في أسماء الله بالشرك وعبادة الأوثان والأصنام.
كذلك من الكلمات الأخرى أن لا يقال: السلام على الله، فإن الله هو السلام وكان بعضهم يقول: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان فأرشدهم النبي ﷺ قال: لا تقولوا السلام على الله؛ فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين علمهم التحيات، فلا يقال السلام على الله، بل يقال: التحيات لله والصلوات والطيبات، يعني التعظيمات لله، وأما أن يقال: السلام على الله من عباده لا، السلام من الله لعباده، الله هو المسلم، أما العبد ضعيف ومسكين فلا يقال: السلام على الله من عباده، ولكن يقال: السلام من الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تبارك يا ذا الجلال والإكرام، هو السلام ومنه السلام، وعلى نبيه ورسوله ورسله السلام، كما قال ابن القيم رحمه الله في النونية:
وهو السلام على الحقيقة سالم من كل تمثيل ومن نقصان
فكلامه جل وعلا هو صفة كمال، ووصفه بأنه السلام والحكيم والعزيز صفة كمال، فالسلام معناها السالم من كل نقص، والعزيز له العزة الكاملة، والرحيم له الرحمة الكاملة، والقدير له القدرة الكاملة، والسميع له السمع الكامل، والعليم له العلم الكامل، وهكذا لا يشبه خلقه في صفاته؛ لأن صفات الخلق ناقصة ضعيفة، وأما صفاته كاملة، فسمعه كامل، علمه كامل، قدرته كاملة، وهكذا، ولهذا قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11].
وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: معنى قول الأعمش: يدخل فيها ما ليس منها؟
الجواب: يعني أن يسميه بأسماء ما لها أصل.
س: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف: 180]، هل هي المقصود بالتسعة والتسعين أو أكثر؟
الجواب: لا، هي أكثر، لكن التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة وإلا هي أسماء الله أكثر.