50- باب لا يسأل بوجه الله إلا الجنة وباب ما جاء في اللو

باب لا يسأل بوجه الله إلا الجنة وباب ما جاء في اللو
عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة رواه أبو داود.
*****
باب: ما جاء في اللو
وقول الله تعالى: يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا [آل عمران:154].
وقوله: الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا [آل عمران: 168].
في الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أنني فعلت لكان كذا، ولكن قل: قدر الله، وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
يقول الشيخ رحمه الله، وهو الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمة الله عليه المجدد لما اندرس من معالم الإسلام في هذه الجزيرة في النصف الثاني من القرن الثاني عشر رحمه الله يقول: باب لا يسأل بوجه الله إلا الجنة، يعني من تعظيم الله وتعظيم وجهه أن لا يسأل بوجهه إلا الجنة؛ لأنها أشرف المطالب، وهذا الحديث الذي ذكره المؤلف فيه النهي عن ذلك في سنده بعض المقال وبعض الضعف، ولكن من باب الاحتياط ومن باب دع ما يريبك إلى ما لا يريبك لا يسأل بوجه الله إلا الجنة تعظيمًا لهذا السؤال العظيم.
وليس هناك فيما أعلم حديث صحيح لا شك فيه من جهة النهي، لكن إذا ترك ذلك من باب الاحتياط فحسن كما ترجم المؤلف رحمه الله من باب الحيطة؛ لأن في السند هذا بعض الضعف، لكن من باب الحيطة ومن باب تعظيم الأمر أن لا يسأل بوجه الله إلا الجنة، يقول: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا دخول الجنة والنجاة من النار، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، يسأل ربه بأسماء الله الحسنى، أما إذا صرح بالوجه فيكون للجنة وما يقرب إليها فالذي يقرب إليها حكمه حكمها، فإذا سأل الله أن يميته على الإسلام بوجهه الكريم أو يثبته على الهدى أو يمنحه الاستقامة أو يفقهه في الدين؛ فهذا كله من سؤال الجنة؛ لأن الثبات على الإسلام والتفقه في الدين من أسباب دخول الجنة.

وهكذا الباب الثاني: النهي عن قول "لو" في مقام الاعتراض على القدر إذا فاته شيء يقول لو كان كذا لكان كذا وكذا لا يجوز هذا، هذا من عمل المنافقين، فيجب على المؤمن أن يسلّم إلى أمر الله ولا يقول  في مماراة القدر لو، لو فعلت كذا لكان كذا، لو جئت الطبيب ما أصابني المرض، ما مات فلان، لا، بل ذم الله من فعل هذا بقوله: الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا [آل عمران: 168]، لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا [آل عمران: 154] هذا من عمل المنافقين فلا ينبغي أن يقول في هذا المقام لو، إذا مات له أحد أو أصابه كارثة أو كذا، لو فعلت كذا لكان كذا لا، يقول قدر الله وما شاء فعل، إنا لله وإنا إليه راجعون، هكذا يقول المؤمن عند المصائب، إنا لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء فعل، يعني هذا قدر الله وما شاء فعل.
ويقول ﷺ: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير المؤمن القوي الذي يقوى على الأمر والنهي ويجاهد في سبيل الله أفضل من المؤمن الضعيف: وفي كل خير وفي كل منهما خير، في سبيل المؤمنين، لكن القوي الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، المجاهد في سبيل الله، المعلم الداعي إلى الله أفضل من سواه من المؤمنين دون ذلك.

ثم قال ﷺ: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن هذا فيه الأمر بالأسباب وأن الإنسان يأخذ ما ينفعه ويحرص على ما ينفعه في أمر الدين والدنيا يحرص على ما ينفعه، فيتجر ويبيع ويشتري ويغرس ويطلب الرزق، ويسأل ما ينفعه في أمر الآخرة بالأعمال الصالحة والتقوى لله ونحو ذلك، هكذا المؤمن يحرص على ما ينفعه في أمر الدين والدنيا في دنياه وأخراه فلا يجلس هكذا بدون أسباب، ولكن يتعاطى الأسباب النافعة في الدين والدنيا، ولهذا في الحديث الآخر لما سئل: أي الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور، عمله بيده كونه ينجر يخرز يخيط يكتب يزرع يغرس وكل بيع مبرور المعاملات الشرعية البيع السليم، كل هذا من طلب الرزق.
وهكذا ما ينفعه في أمر الآخرة من طلب العلم والتفقه في الدين والحج والعمرة إلى غير هذا مما ينفعه عيادة المريض إلى غير هذا، يحرص المؤمن على ما ينفعه في أمر الدين والدنيا ويستعين بالله يكون عمله مقرونًا بالاستعانة بالله؛ لأن العبد فقير ضعيف لا حول له ولا قوة إلا بالله فيحرص على ما ينفعه مستعينًا بربه، يقول: اللهم أعني، اللهم يسر أمري، اللهم وفقني في كذا، اللهم أعني على كذا. يقول النبي ﷺ لأبي موسى: أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله! فالإنسان يستعين بالله ويحرص على الضراعة إليه وتوجيه القلوب إليه سبحانه وتعالى، ولا يعجز يترك العجز لا في أمر الدين ولا في أمر الدنيا، بل عليه بالكيس والجد وطلب الرزق طلب العمل الصالح طلب العلم، فإن أصابه شيء يعني فاته شيء من المحبوب أو حصل شيء من المكروه فلا يقول: لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن ليقل: قدر الله وما شاء فعل، خبر لمبتدأ محذوف والمعنى: هذا قدر الله ويجوز أن يقال: قدّر الله يعني قدّر الله هذا وما شابه ذلك على أنه فعل ماض مشدد، والمعنى صحيح على ذلك، قدر الله، يعني هذا.
أما كون الإنسان يتمنى العمل الطيب فليس هذا داخل في النهي، مثل قول النبي ﷺ: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت لو علمت أن فلانًا عندكم زرتكم، هذا ما فيه بأس ما فيه اعتراض على القدر، لو علمت أن فلانًا يقدم اليوم لجئتكم، يعني من باب تمني الأشياء الطيبة ليس داخلاً في مسألة النهي، النهي في الاعتراض على القدر، أما كونه يتمنى الأشياء الطيبة لو علمت أن فلانًا عندكم زرتكم، لو علمت أن فلانًا مريض عده، لو علمت أن فلانًا يدرس حضرت الدروس، هذا ما فيه شيء، ليس داخلاً في النهي، ولهذا قال ﷺ: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أني معي الهدي لأحللت.
وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: بعض الناس يقول يا وجه الله؟
الجواب: لا يدعُ الصفة، أجمع المسلمون أن الصفات لا تدعى، لا يقول يا عين الله يا وجه الله ولا يا قوة الله ولا يا قدرة الله يقول: يا الله يا رحمن يا رحيم، ذكر أبو العباس ابن تيمية، إجماع المسلمين على أن الصفة لا تدعى يتوسل بها ولا تدعى.