58- باب لا يستشفع بالله على خلقه

باب لا يستشفع بالله على خلقه
عن جبير بن مطعم قال: "جاء أعرابي إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، نهكت الأنفس وجاع العيال وهلكت الأموال، فاستسق لنا ربك، فإنا نستشفع بالله عليك، وبك على الله. فقال النبي ﷺ: سبحان الله! سبحان الله! فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه. ثم قال: ويحك أتدري ما الله؟ إن شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه وذكر الحديث، رواه أبو داود.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الباب عقده المؤلف رحمه الله لبيان الآداب الشرعية في سؤال المخلوق وأنه لا يستشفع عليه بالله ؛ فشأن الله أعظم من ذلك، ولكن يسأل بنفسه أسألك كذا وكذا، أطلب منك كذا وكذا، أما أن يقول أستشفع بالله عليك فلا. ولهذا لما جاء بعض الأعراب إلى النبي ﷺ وقالوا: يا رسول الله، جهدت الأنفس، وجاع العيال، وهلكت الأموال فاستسق لنا ربك، فإنا نستشفع بالله عليك وبك على الله، فقال رسول الله ﷺ: ويحك أتدري ما الله؟ شأن الله أعظم من ذلك! إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه، أنكر عليه قوله: أستشفع بالله عليك، فالنبي ﷺ ليس عنده السقيا السقيا عند الله، فلا يستشفع بالله ولكن يستشفع بالرسول إلى الله كما في الأحاديث الأخرى أنهم قالوا: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل فاستسق لنا ربك، فرفع يديه واستسقى وأغاث الله الناس يوم الجمعة، فهذا فيه أن من الآداب الشرعية أنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه.
ولكن يسأله المخلوق باسمه أو يطلب منه باسمه أو بكنيته أما يستشفع بالله عليك لا، لا بأس أن يستشفع به في حق أقاربه حق أبيه حق والدته لا بأس، أما أن يستشفع بالله عليه لا، لأن شأن الله أعظم من ذلك، فهو سبحانه وتعالى يُسأل ويُستغاث به ويُطلب منه ويطلب من العلماء والأخيار والأنبياء في وقتهم أن يستشفعوا أن يشفعوا إلى الله، وأن يستسقوا، وأن يطلبوا الغيث من ربهم عز وجل؛ لأنهم في أشد الحاجة إلى غيثه سبحانه ورحمته وإحسانه.
وفق الله الجميع.