03 من كتاب فتح المجيد، من قوله: باب قول الله تعالى: (حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم)

باب قول الله تعالى: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ:23]

قوله: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ أَيْ: زَالَ الْفَزَعُ عَنْهَا.

قَالَه ابْنُ عَبَّاسٍ وابنُ عمر ، وَأَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، والحسن، وغيرهم.

وقال ابنُ جرير: قال بعضُهم: الذي فُزع عن قلوبهم الملائكة، قالوا: وإنما فُزع عن قلوبهم من غشيةٍ تُصيبهم عند سماعهم كلام الله بالوحي.

وقال ابنُ عطية: في الكلام حذف يدل عليه الظاهر، كأنه قال: ولا هم شُفعاء كما تزعمون أنتم، بل هم عبدة مسلمون أبدًا، يعني: منقادون، حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، والمراد الملائكة على ما اختاره ابنُ جرير وغيره.

قال ابنُ كثير: وهو الحقُّ الذي لا مريةَ فيه؛ لصحة الأحاديث فيه والآثار.

وقال أبو حيان: تظاهرت الأحاديثُ عن رسول الله ﷺ أنَّ قوله: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ إنما هي في الملائكة إذا سمعت الوحي إلى جبريل يأمره الله به، سمعت كجرِّ سلسلة الحديد على الصّفوان، فتفزع عند ذلك تعظيمًا وهيبةً.

قال: وبهذا المعنى من ذكر الملائكة في صدر الآية تتسق هذه الآية على الأولى، ومَن لم يشعر أنَّ الملائكة مُشار إليهم من أول قوله: "الذين زعمتم" لم تتصل له هذه الآية بما قبلها.

قوله: قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ولم يقولوا: ماذا خلق ربنا؟

الشيخ: وفي هذا دلالة على أنَّ الواجب إخلاص العبادة لله وحده، وهذا المقصود، إذا كانت الملائكةُ مع ما أعطاهم الله من القوة والعظمة لا يُدعون مع الله، ولا يُستغاث بهم، ولا يُنذر إليهم؛ لأنهم عبيدٌ مقهورون، مربوبون، إذا فُزع عن قلوبهم يعني: إذا سمعوا كلامَ الله أصابهم الغشي والفزع.

فالمقصود أنَّ هذا حُجَّة قائمة في تحريم دعاء غير الله، والعبادة لغير الله من أصحاب القبور وغيرهم، إذا كان هذا منكرًا وباطلًا في حقِّ الملائكة والأنبياء فهو باطل في حقِّ مَن دونهم من باب أولى، والله المستعان.

قوله: قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ولم يقولوا: ماذا خلق ربنا؟ ولو كان كلامُ الله مخلوقًا لقالوا: ماذا خلق؟

انتهى من شرح "سنن ابن ماجه".

ومثله الحديث: «ماذا قال ربنا يا جبريل؟» وأمثال هذا في الكتاب والسنة كثير.

الشيخ: وهذا قول أهل السنة والجماعة: أنه سبحانه يتكلم إذا شاء، وتكلم إذا شاء، فالقرآن كلامه، وكلم موسى، وكلم محمدًا ﷺ في المعراج، كل هذا حقٌّ، فالقرآن كلام الله مُنَزَّلٌ غير مخلوقٍ، وهو سبحانه يتكلم إذا شاء، والكلام صفة كمالٍ، ليست صفةَ نقصٍ، النَّقص في عدم الكلام، أما كونه يتكلم إذا شاء هذا صفة مجدٍ ومدحٍ وكمالٍ.

س: شرح "سنن ابن ماجه" في شرح للسنن؟

ج: ما أذكر الآن شيئًا، لكن موجود شرح لأبي زرعة العراقي، لكن ما أدري: موجود أو ما هو موجود؟ أبو زرعة العراقي ولد عبدالرحيم العراقي، لعله موجود في المخطوطات في المكتبات العظيمة.

س: حواشي السندي؟

ج: يمكن، السندي له حواشٍ، لكن شرح ابن ماجه المشهور لأبي زرعة العراقي.

س: مَن أثبت أنَّ الله يتكلم إذا شاء، وقال في القرآن أنه ليس من اللوح المحفوظ؟

ج: لا مانع، تكلم الله به، وكُتب في اللوح المحفوظ، هذا وهذا، تكلم الله به، وهو محفوظ في اللوح المحفوظ، كما أنه محفوظ في الصدور، ومحفوظ في المصاحف الآن، وهو كلام الله منزل غير مخلوقٍ، مكتوب في اللوح المحفوظ، ومحفوظ في الصدور، ومحفوظ في المصاحف، أينما كان مسموعًا هو كلام الله، محفوظًا هو كلام الله، مكتوبًا هو كلام الله.

س: إذا نفى أن يكون نزل مُنَجَّمًا؟

ج: لا، غلط، مَن أنكر هذا فهو كافر: كالجهمية وأشباههم.