بَابٌ في زَكَاةِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالتِّجَارَةِ لَهُمْ فِيهَا
12- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: "اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ".
13- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَلِينِي وَأَخًا لِي يَتِيمَيْنِ فِي حَجْرِهَا، فَكَانَتْ تُخْرِجُ مِنْ أَمْوَالِنَا الزَّكَاةَ.
الشيخ: وهذا هو الواجب على ولي اليتيم: أن يُخرج الزكاة، وكان محمد أبوهما قُتِل في الحرب التي جرت بين عليٍّ ومعاوية، وبقي أيتامه عند عمَّتهم عائشة، فكانت تُخرج الزكاة.
فالواجب على ولي اليتيم أن يُخرج زكاة أموال اليتامى، ولكن مع هذا ينبغي له أن يتَّجر فيها، أو يدفعها إلى مَن يتَّجر فيها؛ حتى لا تأكلها الصَّدقة مع هذا، يفعل هذا وهذا: يُخرج الزكاة، ويتَّجر في أموال اليتامى ويُعطيها مَن يُوثق به حتى يتَّجر فيها.
الشيخ: وذلك لأنَّ الزكاة تتعلق بالأموال؛ فلهذا عمَّت اليتامى والمجانين؛ لأنها حقُّ المال، فتخرج الزكاة من أموالهم وإن كانوا غير مُكلَّفين، بخلاف الصلاة فإنها لا تلزم إلا المكلَّف، وهكذا الصوم، وهكذا الحج، أما الزكاة في الأموال: في أموال المكلفين وغير المكلفين؛ لأنها حقُّ المال عند جمهور أهل العلم.
15- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: أَنَّهُ اشْتَرَى لِبَنِي أَخِيهِ -يَتَامَى فِي حِجْرِهِ- مَالًا، فَبِيعَ ذَلِكَ الْمَالُ بَعْدُ بِمَالٍ كَثِيرٍ.
قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالتِّجَارَةِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَهُمْ، إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ مَأْمُونًا فَلَا أَرَى عَلَيْهِ ضَمَانًا.
الشيخ: قوله: "لا بأس" فيه تساهل، والصواب أنه يشرع ويتأكد العمل بمال اليتامى؛ لأنَّ فيه مصلحةً لهم وربحًا لهم، فالواجب على وليهم أن يعتني بهذا الأمر إذا تيسر له ذلك، سواء بنفسه، أو بدفعه إلى مَن يُوثق به.
س: قوله: "لا أرى عليه ضمانًا"؟
ج: يعني: إذا لم يُفرِّط.
س: ................؟
ج: يُخرجه نعم.
س: إذا اتَّجر الولي وخسر؟
ج: ما يضرّ، إذا اجتهد ما يضرّ، أمين، إذا اجتهد ولم يُفرِّط ما يضرّ، لا يضمن.
بَابُ زَكَاةِ الْمِيرَاثِ
16- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا هَلَكَ وَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاةَ مَالِهِ، إِنِّي أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَلَا يُجَاوَزُ بِهَا الثُّلُثُ، وَتُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا، وَأَرَاهَا بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ؛ فَلِذَلِكَ رَأَيْتُ أَنْ تُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا.
الشيخ: وهذا الذي قاله مالك رحمه الله فيه نظر، والصواب أنها تُؤخذ من رأس المال؛ لأنها دَينٌ، ما هو من الثلث، مقدمة على الورثة، الذي علل به حُجَّة عليه، فالواجب أن تُؤخذ الزكاة من نفس المال، من صلب المال، ثم الباقي للورثة، وإذا أوصى بالثلث يكون الثلثُ من الباقي، وأما الزكاة فهي دَين يجب أن تخرج من الجميع، فإذا مات وعنده مثلًا مئة ألفٍ أو أكثر أو أقلّ، وعليه عشرة آلاف زكاة ما أخرجها أو أقلّ؛ وجب إخراجها، ثم بعد هذا يُخرج الثلث، وتُقسم التركة، هذا هو الواجب الذي عليه أئمة العلم، جمهور أهل العلم.
س: ..............؟
ج: ولو تعمد عاصٍ، العاصي يُساعد على الخير، ما يُساعد على الشَّر، يُساعد على الخير، وتُؤدى الزكاة، وأمره إلى الله .
الشيخ: حتى ولو ما أوصى بها يجب إخراجها، ولو ما أوصى بها إذا علم أنه تركها.
قَالَ: فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ الْمَيِّتُ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُهُ فَذَلِكَ حَسَنٌ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَهْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ.
قَالَ: وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى وَارِثٍ زَكَاةٌ فِي مَالٍ وَرِثَهُ فِي دَيْنٍ، وَلَا عَرْضٍ، وَلَا دَارٍ، وَلَا عَبْدٍ، وَلَا وَلِيدَةٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَى ثَمَنِ مَا بَاعَ مِنْ ذَلِكَ أَوِ اقْتَضَى الْحَوْلُ مِنْ يَوْم بَاعَهُ وَقَبَضَهُ.
وقَالَ مَالِكٌ: السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَى وَارِثٍ فِي مَالٍ وَرِثَهُ الزَّكَاةُ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.
الشيخ: وهذا حقٌّ، لا تجب عليه الزكاة حتى يحول عليه الحول، الوارث تجب عليه الزكاة إذا حال عليه الحولُ، لكن المورث عليه الزكاة فيما ضيع وفيما أخلَّ به، تُؤخذ من التركة دَينًا، كالدَّين، نعم.
بَابُ الزَّكَاةِ فِي الدَّيْنِ
17- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَقُولُ: "هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ، فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّ دَيْنَهُ حَتَّى تَحْصُلَ أَمْوَالُكُمْ فَتُؤَدُّونَ مِنْهُ الزَّكَاةَ".
18- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ ابْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِالْعَزِيزِ كَتَبَ فِي مَالٍ قَبَضَهُ بَعْضُ الْوُلَاةِ ظُلْمًا يَأْمُرُ بِرَدِّهِ إِلَى أَهْلِهِ، وَيُؤْخَذُ زَكَاتُهُ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ، ثُمَّ عَقَّبَ بَعْدَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ: أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنَّهُ كَانَ ضِمَارًا.
الشيخ: وهذا هو الصواب: إذا أُخذ بالظلم لا زكاةَ عليه حتى يردَّ عليهم، فإذا ردّ عليهم يبدؤون حول الزكاة، وهكذا الديون على المعسرين والمماطلين لا زكاةَ فيها حتى تُقبض، هذا هو الصواب، وأما ما في أيدي الشَّخص من المال الذي يستطيع إخراج زكاته، هذا يجب عليه الزكاة، والدَّين لا يمنعها، فإذا كان يريد وفاء الدَّين يُوفي الدَّين قبل تمام الحول، يوفي الدَّين الذي عليه مثلما أمر عثمان، يُخرج الدَّين من المال الذي عنده، ويُزكي الباقي إذا حال عليه الحول، أما أن يحتجّ بالدَّين ولا يُزكي لا، بل يُزكي والدَّين متى يسَّر الله وفاءه أوفى، هذا هو الصَّواب.
س: ..............؟
ج: يبتدئ الحول؛ لأنَّ في السنوات الأربع مثلًا قد حيل بينه وبينه، فهو مظلوم لا زكاةَ عليه، وهكذا لو كانت على مُعسرٍ، مال عند مُعسرٍ، ما عليه زكاة حتى يقبضه ويستقبل به حولًا.
س: ...............؟
ج: هذا رجع عنه، وما هو بحُجَّةٍ، إذا خالف الدليلَ ما هو بحُجَّة، مع أنه رجع عنها.
س: الذي ما عنده إلا عقار كاسد، هل يُعتبر هذا مال غائب فيُزكي عنه سنة؟
ج: لا، إذا كان عقاره ما هو للبيع ما فيه زكاة.
س: هو يعدُّه للبيع، لكنه كسد، ما اشتُري؟
ج: إذا كان للبيع يُزكَّى، وأما إذا كان ما أعدَّه للبيع ما يُزكيه.
س: يُزكيه عن سنةٍ؟
ج: عنده أراضٍ، وعنده نخيل ما هي للبيع، ما فيها زكاة، أما إذا أعدَّها للبيع يُزكيها، يُزكي قيمتها.
س: يُزكيها عن سنةٍ أو عن سنوات إذا كان كاسدًا؟
ج: من حين نواها للبيع حتى يهون، ما دام أعدَّها للبيع يُزكي، فإذا رجع عن النية فلا زكاةَ فيها.
س: ...............؟
ج: المالك يُزكي، والمستدين هذا ماله، ما هو بمالٍ واحدٍ، مالان، الذي أخذه الشخص وانتفع به يُزكي ما عنده من المال، والباذل الذي بذل المال ودين الشخص وهو مليء يزكي، إذا كان مليئًا فهذا يُزكي ماله الذي في الذِّمَّة، وهذا يُزكي، المال الذي في يده مالان: هذا مال في يد المستقرض والمستدين، وهذا مال في ذمة المدين، فهما مالان، ليس مالًا واحدًا، مالان: مال في الذمة، ومال في اليد.
س: ..............؟
ج: يُزكَّى نعم.
س: لو أنَّ إنسانًا اشترى قطعةَ أرضٍ ليبنيها دارًا، ثم باعها عليه زكاة .....؟
ج: لا، ما فيها زكاة، إذا كان ما نواها للبيع ما فيها زكاة، فإذا باعها يُزكي المال الذي عنده، الثمن إذا حال عليه الحول.
س: ...............؟
ج: لا، إن كان مُستمرًّا على نية البيع يُزكي، وإن كان هوَّن عن البيع ما فيه زكاة.
س: ...............؟
ج: إذا كان مُستمرًّا: عرضه للبيع، وعلى نية البيع يُزكي قيمته، كاسدًا أو غير كاسدٍ، حسب قيمته، أما إن كان هوَّن، إذا هوَّن ما عليه زكاة.
س: ................؟
ج: هذا معناه: مُعدة للبيع.
س: ................؟
ج: لا، ما فيه زكاة.
س: .................؟
ج: يبتدئ بحولٍ جديدٍ.
19- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ: أَنَّهُ سَأَلَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ مَالٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ، أَعَلَيْهِ زَكَاةٌ؟ فَقَالَ: لَا.
قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا فِي الدَّيْنِ: أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَإِنْ أَقَامَ عِنْدَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ سِنِينَ ذَوَاتِ عَدَدٍ، ثُمَّ قَبَضَهُ صَاحِبُهُ؛ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ؛ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَى الَّذِي قُبِضَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يُزَكَّى مَعَ مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ ذَلِكَ.
الشيخ: يعني: يضمُّه إلى ما عنده، وهذا صحيح إذا كان مُعسرًا، أما إن كان الدَّين على مليءٍ باذلٍ فالواجب أن يُزكيه؛ لأنه هو تاركه مثل الأمانة، أما إذا كان مليئًا، لكن ما هو بباذلٍ، مماطل ما يُعطيه، أو مُعسر؛ فلا زكاةَ فيه مثلما قال مالك، أما الدَّين الذي على مليءٍ باذلٍ فهو مثل الذي في الصُّندوق.
س: يُزكيه عن سنةٍ واحدةٍ؟
ج: كل سنة، كل سنة.
س: بعدما يقبضه من هذا المعسِر؟
ج: يستقبل به سنة، وقال بعضُ أهل العلم: يُزكيه عن سنةٍ واحدةٍ، وإن زكَّاه عن سنةٍ واحدةٍ فلا بأس، وإلا فلا يلزمه، يستقبل به سنة مُستقلة.
س: قوله أنه سأل سليمان بن يسار عن رجلٍ له مال وعليه دَينٌ مثله: عليه زكاة؟ فقال: لا؟
ج: هذا ليس بمطلقٍ، فيه تفصيل: إن كان على مليءٍ زكَّاه، وإن كان على مُعسرٍ ما عليه زكاة، الصواب فيه التَّفصيل.
س: ..............؟
ج: مَن قال قولًا يحتاج إلى دليلٍ: قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ [البقرة:111].
س: ...............؟
ج: إذا هون ما عليه شيء.
س: ...............؟
ج: إذا هون قبل أن يتم الحولُ ما فيها زكاة، أو سيارة نوى بيعها ومضى خمسة أشهر أو ستة أشهر وهون ما فيها زكاة.
س: يعني أحسن الله إليك، قول سليمان بن يسار أنه إذا كان عليه دَينٌ هذا لا يُلتفت إليه بالنسبة إلى المال؟
ج: فيه التفصيل، فيه التفصيل.
قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَاضٌّ غَيْرُ الَّذِي اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ، وَكَانَ الَّذِي اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ.
الشيخ: إلا إذا كان عند الزكاة ضمَّه إليه، إذا كان عند زيدٍ أو عمرٍو دَينٌ وقبضه منه بعض الشيء وما يبلغ النِّصاب، إن كان عنده ما يضمّه إليه زكَّاه، وإلا ما عليه شيء.
وَلَكِنْ لِيَحْفَظْ عَدَدَ مَا اقْتَضَى، فَإِنِ اقْتَضَى بَعْدَ ذَلِكَ عَدَدَ مَا تَتِمُّ بِهِ الزَّكَاةُ، مَعَ مَا قَبَضَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ.
قَالَ: فَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتَهْلَكَ مَا اقْتَضَى أَوَّلًا، أَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ، فَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ مَعَ مَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ.
فَإِذَا بَلَغَ مَا اقْتَضَى عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا، أَوْ مِئَتَيْ دِرْهَمٍ، فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ، ثُمَّ مَا اقْتَضَى بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ بِحَسَبِ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَالدَّلِيلُ عَلَى الدَّيْنِ يَغِيبُ أَعْوَامًا، ثُمَّ يُقْتَضَى، فَلَا يَكُونُ فِيهِ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ: أَنَّ الْعُرُوضَ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ لِلتِّجَارَةِ أَعْوَامًا، ثُمَّ يَبِيعُهَا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي أَثْمَانِهَا إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ أَوِ الْعُرُوضِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَوِ الْعُرُوضِ مِنْ مَالٍ سِوَاهُ، وَإِنَّمَا يُخْرِجُ زَكَاةَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَا يُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ غَيْرِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَعِنْدَهُ مِنَ الْعُرُوضِ مَا فِيهِ وَفَاءٌ لِمَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ، وَيَكُونُ عِنْدَهُ مِنَ النَّاضِّ سِوَى ذَلِكَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يُزَكِّي مَا بِيَدِهِ مِنْ نَاضٍّ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنَ الْعُرُوضِ وَالنَّقْدِ إِلَّا وَفَاءُ دَيْنِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَهُ مِنَ النَّاضِّ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِهِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهُ.
الشيخ: تقدم أنَّ الصواب التَّفصيل، وأنه إن كان الدَّين الذي عليه الصواب أنه يُزكي ما عنده من المال، ولا يمنعه الدَّين، هذا هو الصواب، إلا إذا أخرج الدَّين قبل الحول، إذا أخرج الدَّين فقد أحسن، يُخرجه من المال ثم يُزكي الباقي، أما أن يحتج بالدَّين ولا يُوفي، لا، يُخرج الزكاة من المال الذي عنده.
س: إذا كان عليَّ مئة ألفٍ، وعندي مئة ألفٍ، عليَّ دَين مئة ألفٍ؟
ج: يُزكي المئة التي عنده.
س: ولو كان عليه دَين؟
ج: ولو عليه مليون، إلا إذا كان صادقًا يُخرج الدَّين قبل الزكاة، إن كان صادقًا يُوفي الناس قبل أن يحول الحولُ إن كان صادقًا، أما أنه يحتج بالدَّين ولا يُوفي ما ينفع.
س: ..............؟
ج: المقصود يعني أنه إنما يجب عليه، هذا هو، وإلا لو أخرج من غيره ما يُخالف، يجوز إخراج الزكاة من غير المال: عنده مئة ألفٍ، وعنده دراهم في صندوقٍ آخر، يُخرج منها والحمد لله.
س: العقارات التي تُؤجَّر؟
ج: ما فيها زكاة، الزكاة في الأجرة إذا حال عليها الحول، العقار ما فيه زكاة إذا كان ما نواه للبيع، عنده عقار يُساوي مليونًا ويُؤجِّره بمئة ألفٍ، يُزكي مئة ألفٍ إذا حال عليه الحول، أما إذا أكلها قبل أن يحول الحولُ أو أوفى بها فلا زكاةَ فيها.