ونحن في غُربةٍ من الإسلام، فالواجب العناية، والواجب على أهل العلم التَّبليغ وإرشاد الناس بما قال الله ورسوله، والواجب الوعظ والتَّذكير، والواجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، هكذا أخلاق المؤمنين، قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71]، هذه أخلاق المؤمنين، هذه أخلاقهم العظيمة، فاحرص أن تكون منهم؛ جاهد نفسك، حاسبها، هل أنت منهم؟ هذه أخلاقهم: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، ليس بينهم غلٌّ ولا حقدٌ ولا شحناء، يتراحمون ويتعاطفون، هكذا المؤمنون بعضهم أولياء بعض، لا حقدَ ولا غلَّ ولا خيانةَ ولا كذبَ ولا ظلم.
فإذا عرفتَ من نفسك ظلمًا لأحدٍ، أو عقوقًا لوالديك أو أحدهما، أو شيئًا من الفسق، فبادر بالتوبة؛ لأنك خالفت أخلاق المؤمنين، بادر بالتوبة والإصلاح، والله يتوب على التائبين، تذكر هذه الآية: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
ومن أخلاقهم: يقول سبحانه: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:2- 4]، هذه أخلاقهم، وقال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ [التغابن:16].
هذه أيام النَّفقة والصَّدقة على الفقراء والمحاويج والمنقطعين، قال تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39]، وقال تعالى: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ [البقرة:272].
فأنت يا عبدالله على خيرٍ عظيمٍ، قال تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [البقرة:271]، وقال تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة:274].
نسأل الله لنا ولكم التوفيق، وصلاح النية والعمل، والثبات على الحقِّ، مع حُسن الختام، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه.
فهذا اليوم الخميس هو يوم الثاني عشر، وهو يوم النَّفر الأول للحجيج بعد الرمي بعد الزوال؛ لقول الله - جلَّ وعلا -: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [البقرة:203]، فالأيام المعدودات هي هذه الأيام: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، فمَن تعجَّل في يومين – يعني: في الثاني عشر - فلا إثمَ عليه، ومَن تأخَّر – يعني: في الثالث عشر - فلا إثمَ عليه، والنبي ﷺ لم يتعجل، بل بقي في منى إلى اليوم الثالث عشر، ورمى في اليوم الثالث عشر بعد الزوال، ثم انتقل إلى مكة وصلَّى بها الظهر والعصر، فالأفضل عدم التَّعجل، ومَن تعجل فلا إثمَ عليه لمن خرج من منى قبل الغروب، إذا كان منزله في منى وخرج قبل الغروب فقد تعجَّل، ومَن أدركه الغروب وهو في منى لم يتعجل يلزمه المبيت والرمي في اليوم الثالث عشر.
والرمي اليوم مثل الرمي أمس: يرمي الثلاث اليوم مثلما رماها بالأمس؛ يرمي الأولى بسبع حصيات، يُكبر مع كل حصاةٍ، ثم يتقدم عن الناس عن الزحمة فيستقبل القبلة، ويجعل الجمرة عن يساره، ويدعو الله، ويرفع يديه، ويُلح في الدعاء، ثم يتوجه إلى الثانية – الوسطى - فيرميها بسبع حصياتٍ كما رمى الأولى، يُكبر مع كل حصاةٍ، ثم يتقدم عن زحمة الناس ويجعلها عن يمينه، ويأخذ ذات الشمال، ويرفع يديه، ويستقبل القبلة ويدعو بما يسر الله، ثم يرمي الثالثة ولا يقف عندها، يرميها بسبعٍ كما رمى الأولى والثانية.
وإن كانت عنده وكالة يرمي مع رميه عند كل جمرةٍ؛ عند الجمرة الأولى يرمي عن نفسه، ثم عن موكله، وهكذا عند الثانية، وهكذا عند الثالثة، ثم ينفر قبل الغروب إذا أراد التَّعجل، وعليه أن يطوف للوداع سبعة أشواطٍ بالكعبة، ويُصلي ركعتين بعد الطواف خلف مقام إبراهيم، أو في أي مكانٍ في المسجد إذا لم يتيسر له في مقام إبراهيم؛ لأنَّ الله سبحانه يقول: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125]، إذا تيسر ذلك فلا بأس، هو الأفضل، فإن لم يتيسر للزحمة صلَّى في أي مكانٍ في المسجد، أو في الأروقة، والأفضل أن يقرأ فيها الفاتحة وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون] في الأولى، والفاتحة وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص] في الثانية، هذا هو الأفضل، كما فعله النبيُّ عليه الصلاة والسلام.
ثم يمشي على جهته، بعض الناس إذا جاء يخرج يمشي على قفاه، هذا غلط، هذه بدعة، ما لها أصل، يمشي على وجهه على العادة، يجعل ظهره إلى الكعبة ويمشي، ما هو يُدبر على قفاه ويزعم أنه تعظيم للكعبة، هذا لا أصل له، هذا بدعة.
والذي ما طاف للإفاضة طواف الحج، وطاف عند الوداع أجزأ عن الوداع، ولو كان معه السعي - إن كان عليه سعي - يُجزئ عن الوداع، لكن كونه يطوف اليوم أو غدًا للإفاضة ويخلي الوداع لوحده هذا أفضل، يكون طواف الوداع مُستقبلًا عند السفر، إذا أراد السفر لبلاده، أما طواف الإفاضة فيُعجلوه أفضل وأولى وأكثر للخير، مع السعي إن كان عليه سعي؛ كالمتمتع عليه سعيان: سعي أول لعمرته، وسعي ثانٍ لحجه، أما القارن والمفرد فهما ليس عليهما إلا سعي واحد، إن كانا قدَّماه مع طواف القدوم كفى، وإن كانا ما قدَّماه سعيا مع طواف الإفاضة وودَّعا بعد ذلك بطوافٍ من دون سعيٍ، طواف الوداع.
والوصية أيها الإخوة تقوى الله في هذه الأيام وفي غيرها، تقوى الله، والتعاون على البرِّ والتقوى بينك وبين إخوانك وجيرانك وأصحابك وغيرهم، الوصية تقوى الله أينما كنتم: في السيارة، أو في الطائرة، أو في الباخرة، أو في أي مكانٍ، الوصية تقوى الله، والإسراع إلى مراضيه، والحذر من مناهيه، الوصية تقوى الله في عدم الشَّحناء والغيبة والنَّميمة والقطيعة وعقوق الوالدين وغير هذا، الوصية أن تتقوا الله بفعل ما أمر، وترك ما نهى.
الوصية، الوصية أن تكونوا مثلما قال الله: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71]، هذه صفة المؤمنين، فالوصية أن تأخذوا بهذه الأخلاق، أن تتواصوا بهذه الأخلاق أينما كنتم: مع أهل البيت، مع الجيران، مع الأقارب، مع الجلساء، مع الزملاء، أينما كنتم، كل هذه الصفات: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وهكذا قوله - جلَّ وعلا -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ [الحجرات:11]، لا تلمزوا أنفسكم: لا تعيبوا، لا يعب بعضُكم بعضًا، وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ: يا حمار، يا خبيث، يا كذا، يا كذا، الواجب الكلام الطيب، والمحادثة الطيبة، هكذا بين الإخوة، وبين الأحبة، وبين الجيران.
كذلك يقول - جلَّ وعلا -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات:12]، بعض الظنون تُؤدي إلى الوحشة والفرقة، والله يقول: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103]، فإياكم والظن، يقول النبي ﷺ: إياكم والظن؛ فإنَّ الظن أكذب الحديث: أظنه يُعاديني، أظنه كذا، أظنه كذا، حتى تكون العداوة والشَّحناء، دع الظنَّ، واحمل أخاك على أحسن المحامل؛ حتى تبقى المودة والمحبَّة والدَّعوة إلى الخير.
وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا [الحجرات:12] التَّجسس: تطلب العورات، كونه يتطلب الكشف عن العورات، عن المعايب، هذا التجسس.
وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا الكلام السيئ في أخيك، هذه الغيبة؛ أن تقول في أخيك ما يكره، قال النبيُّ ﷺ لما سُئل عن الغيبة قال: الغيبة ذكرك أخاك بما يكره، هذه الغيبة: ذكرك أخاك بما يكره في المجلس، تقول: فلان قليل الأدب، فلان يفعل كذا، فلان ليس بأديبٍ، فلان يعمل كذا من الأشياء التي تُغضبه ويكرهها، دع عنك هذا، إذا كنت تعلم منه شيئًا انصحه، إذا كنت تعلم منه شيئًا من المعايب انصح أخاك، قل: يا فلان، أنا رأيتُك تفعل كذا، سمعتُ عنك كذا، اتَّقِ الله، راقب الله، تنصحه، أما أن تنشر عيوبه لا، هذه غيبة.
أما مَن فضح نفسه وأظهر المنكر فهذا لا غيبةَ له، مَن أظهر المنكرات هذا ما له غيبة، لكن المقصود الذي يتستر، لا تفضحه، ولا تغتبه، أما مَن أظهر المنكرات: يدخن عند الناس في الأسواق، ويشرب الخمر في الأسواق، هذا ما له غيبة، الذي يفعل: لا يُصلي جهرةً، ولا يُبالي، ما له غيبة فيما ترك من الصَّلوات؛ لأنه كافر مجاهر، يقول النبيُّ ﷺ: كل أمتي مُعافًى إلا المجاهرين، نسأل الله العافية، لكن مَن كان يتستر ليس لك أن تغتابه، ليس لك أن تذكر عيوبه المستورة.
ثم النَّفقة: اتَّقوا الله وأحسنوا في فقرائكم من الزكاة وغيرها، لا تنسوا الفقراء من جيرانكم وغيرهم في أي مكانٍ، وربك يقول: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39]، ويقول - جلَّ وعلا -: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [التغابن:16]، شحّ النفس: بخلها، والحرص، فمَن وقاه الله شحَّها فقد أفلح.
يُروى عن عبدالرحمن بن عوفٍ الصحابي الجليل، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة: أنه كان يطوف ويُكثر من دعاء: اللهم قني شحَّ نفسي في الطواف، فقال له بعضُ الناس: يا عبدالرحمن، أكثرت من هذا الدعاء! قال: إنَّ الله يقول: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:9]، فإذا وقاني الله شحَّ نفسي أفلحتُ؛ فلهذا أكثرتُ من الدعاء.
ويقول - جلَّ وعلا -: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة:274]، ويقول - عزَّ وجل -: وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:280].
فالنفقة فيها خير عظيم، الصدقة على الفقراء، على الأقارب، على الجيران الفقراء الذين تعرفهم بأنهم في حاجةٍ من أقارب أو غيرهم، غير الزكاة، الزكاة فرض لا بدَّ منه، لا بدَّ من إخراجها، لكن علاوة على الزكاة مساعدة، نفقة ترجو بها ثواب الله في حقِّ المسكين والفقير من الأقارب، أو من غيرهم، أو من أبناء السبيل، ترجو ثواب الله، إخلاصًا لله، ترجو ثوابه، وتخشى عقابه.
هكذا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، تعرف مَن يتساهل بالصلاة تنصحه وتأمره بالمعروف، وتنهاه عن المنكر، إنسان يُرابي تقول له: اتَّقِ الله في الربا، احذر الربا، الربا خطير، الرسول لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال سبحانه في كتابه العظيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278- 279].
من الربا: أن تُعطيه عشرةً فيُعطيك خمسة عشر بعد يومين، أو بعد شهرٍ، تُعطيه خمسة عشر ريالًا على أن يُعطيك خمسة وعشرين بعد شهرٍ من الربا، تُعطيه ألفًا ويُعطيك ألفًا ومئةً بعد شهرٍ أو شهرين من الربا، تُعطيه عشرة آلاف ويُعطيك أحد عشر ألفًا بعد شهرين أو ثلاثة من الربا، تُعطيه أربعين ألفًا ويُعطيك خمسةً وأربعين ألفًا بعد سنة أو سنتين، هذا الربا، فاتَّقوا الله واحذروا.
وهكذا النَّميمة: يقول النبي ﷺ: لا يدخل الجنةَ نمَّام، والنَّمام الذي ينقل الكلام، ينقل كلام زيدٍ إلى عمرو، يقول: أنا والله سمعتُ فلانًا يتكلم فيك. هذه النَّميمة، يروح للجماعة ويقول: سمعتُ فلانًا يتكلم فيكم. المرأة تقول: سمعتُ فلانةً تتكلم فيك، تقول أنها ما هي بأديبة، تقول أنها تعصي زوجها، تقول أنها رديئة في الصلاة.
المقصود من النَّميمة: نقل الكلام السيئ من شخصٍ إلى شخصٍ، من جماعةٍ إلى جماعةٍ، هذه هي النَّميمة، الله يقول: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [القلم:10- 11]، ويقول النبي ﷺ: لا يدخل الجنةَ نمام.
فليحذر المؤمن الغيبة والنميمة والكلام السيئ كله، ليحفظ لسانه، قال النبيُّ لمعاذٍ لما أخبره بوصايا قال: ألا أُخبرك بملاك ذلك كله؟ قلتُ: بلى يا رسول الله، قال: كُفَّ عليك هذا وأشار إلى لسانه، قلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! فقال ﷺ: وهل يكبّ الناس في النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم، فاللسان خطير.
وفي الحديث يقول ﷺ: إنَّ العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يُلقي لها بالًا؛ يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه، وفي اللفظ الآخر: إنَّ العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها –يعني: ما يتثبَّت فيها- يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب.
فليحذر الإنسان زلَّات اللسان، وأخطار اللسان.
نسأل الله أن يُوفقنا وإياكم لما يُرضيه، ونسأل الله أن يحفظنا وإياكم من كل سوءٍ، ونسأل الله أن يجعلنا وإياكم من عباده المفلحين ومن حزبه المتقين، ونسأل الله أن يجعلنا وإياكم من عباده المتقين ومن حزبه المفلحين، ونسأل الله أن يُعيدنا وإياكم إلى بلادنا سالمين غانمين.
اتَّقوا الله، وراقبوا الله في كل مكانٍ، واعلموا أنَّكم مُلاقوه، أنتم مُلاقوا الله، وسائلكم عن أعمالكم، أنتم مُلاقوه طالت المدةُ أو قصرت، لو عمَّرتَ ألف عامٍ أنت مُلاقٍ ربك، فاتَّقِ الله واعلم أنَّك مُلاقيه، وأنك مسؤول عمَّا قدمتَ وأخَّرت.
وفَّق الله الجميع، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسانٍ.