05 من قوله: (وكذا عكسه أي إن نوى واجبا أجزأ عن المسنون)

(وإن نوى) مَن عليه جنابة (غسلًا مسنونًا) كغسل الجمعة، قال في "الوجيز": ناسيًا (أجزأ عن واجبٍ) كما مرَّ فيمَن نوى التَّجديد.

الشيخ: إن نوى غسلًا مسنونًا أجزأ عن واجبٍ إذا كان ناسيًا، وهذا محل نظرٍ: هل يُجزئ عن غسل الجنابة؟ المحشي قال عليه شيء؟

الطالب: قوله: كما مرَّ فيمَن نوى التجديد، لو قال: كما مرَّ فيمَن نوى وضوءًا مسنونًا لكان أولى، لكن هذا موافقة لتقييد الوجيز، لا لإطلاق المتن.

الشيخ: الظاهر محل نظر؛ لأن غسل الجنابة يحتاج إلى نية، وهذا نوى غسلًا مسنونًا: غسل الجمعة مثلًا، أو غسل الإحرام، وهو عليه جنابة ما نواها، فارتفاع الحدث في هذا محل نظرٍ، الله جل وعلا شرع لعباده النية، والرسول قال: الأعمال بالنيات، وهذا ما نوى بغسله الجمعة، ما نوى الجنابة، فالأحوط والله أعلم أنه يُعيد الغسل بنية الجنابة.

الطالب: قال في "الإنصاف": وإن نوى غسلًا مسنونًا فهل يُجزئ عن الواجب؟ على وجهين، وقيل: روايتين. إلى أن قال: واعلم أنَّ الحكم هاهنا كالحكم فيما إذا نوى التسنن أو الطهارة، خلافًا ومذهبًا.

الشيخ: الأحوط والله أعلم الإعادة؛ أنه يأتي بالغسل بنية الجنابة لتحقيق قوله ﷺ: الأعمال بالنيات، أما إذا نواهما بغسلٍ يكفي، إذا نوى غسل الجنابة وغسل الجمعة كفى والحمد لله.

س: ..........؟

ج: صدق رحمه الله، إذا نواهما كفى، إذا نوى غسل الجنابة كفى، أما إذا نوى الغسل المسنون -وهو للجمعة- ونسي الجنابة فهذا محل النظر؛ لأن عليه حدثًا كبيرًا، أما إن نوى غسل الجنابة لا شك أنه يكفي عن غسل الجمعة، حصل المقصود: النظافة والطهارة، هذا كله حصل، النشاط كله حصل.

س: ...........؟

ج: هذا هو الأحوط؛ أن يغتسل للجنابة ويعيد الصلاة التي صلى بها إذا كان شيئًا قليلًا.

س: أيش الفرق بينه وبين إذا ما نوى وضوءًا مسنونًا وعليه حدث يرتفع حدثه؟

ج: ما يتضح شيء واضح، إذا كان ناسيًا حدثه ما يتضح شيء واضح من الفرق؛ لأنه نوى الطهارة الشرعية، والطهارة هي التي ترفع الأحداث كلها من حدث ....... وغيره، وهذا يؤيد قول الرواية الثانية ....... أنه إذا كان ناسيًا يرتفع الحدث، مع قوله جل وعلا: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] يؤيد هذا، والقول بالاحتياط محل نظر مع النسيان، لا شك أن النسيان له أثر عظيم، الله جل وعلا يقول: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا، والحديث: غُفر لأمتي الخطأ والنسيان، والله قال: قد فعلتُ، فالأقرب إن شاء الله، لعله إن شاء الله إذا كان ناسيًا إن شاء الله يكفيه، لعله في غسل الجمعة والوضوء الشرعي نسي الحكم، لعله إن شاء الله أخذ بالعمومات، وهو معذور: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا.

س: لكن إن نوى الجمعة ولم ينوِ الجنابة يُعيد الغسل؟

ج: هذا على هذا؛ أنه يرتفع إن شاء الله النسيان؛ لأنه قال: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا، وهو نوى الغسل المسنون ناسيًا الحدث، فدخل في غسله، حصل به المطلوب، كمَن توضأ وضوءًا شرعيًّا ليقرأ القرآن، أو ليُؤذن، أو نحوه ناسيًا الحدث.

س: أو جاهل؟

ج: إذا جهل الحدث ما يحتاج، الأصل الطَّهارة.

س: لو تذكر قبل أداء العبادة؟

ج: ولو، ولو، الظاهر أنه يرتفع، إذا توضأ نوى الوضوء المشروع أو الغسل المشروع ناسيًا الحدث عند تأمل القواعد الشرعية الظاهر أنه يكفيه إن شاء الله، تأمّلوا القواعد: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا، وما يُبتلى به الناس في هذا.

س: ....... عند تعدد الجنابة؟

ج: ما يضرّ ولو تعدد غسل الجنابة، ولو عن جماعين أو ثلاث أو أربع يُجزئه غسل واحد.

س: ..........؟

ج: نعم.

(وكذا عكسه) أي: إن نوى واجبًا أجزأ عن المسنون.

الشيخ: وهذا لا شكَّ فيه، إذا نوى واجبًا أجزأ عن المسنون، نوى غسلًا واجبًا أو وضوءًا واجبًا أجزأ عن المسنون، ولا شكَّ يدخل فيه التبع، ولا شك في هذا.

وإن نواهما حصلا.

الشيخ: وإذا نواهما هذا أكمل وأكمل، يحصل له الأمران: من غسل الجمعة، وغسل الجنابة، والوضوء للصلاة، والوضوء لأن ينام على طهارةٍ، كل هذا يكفيه.

والأفضل أن يغتسل للواجب ثم للمسنون كاملًا.

الشيخ: ما يحتاج أن يُكرر مثلما قال ....... إذا غسل واحدةً كفى، لا يحتاج غسلين، إذا اغتسل للواجب دخل المسنون تبعه، إذا غسل يوم الجمعة للجنابة دخل غسل الجمعة والحمد لله ويكفيه.

س: بدعة التَّكرار؟

ج: قد لا يقال: بدعة، لكن يقال: تركه أولى؛ لأنه قد يدخل في التأويل فيظنه من باب تأكيد العبادة، لكن الأقرب والله أعلم أنَّ هذا لا وجه له؛ لأنَّ المقصود حصل: النظافة والطهارة والنشاط كله حصل والحمد لله.

س: القول الأخير ضعيف: الغسل مرتان؟

ج: نعم ضعيف، يكفي غسل واحد، إذا غسل للجنابة أو توضَّأ للحدث كفى.

س: النية للصلاة قبل التكبير أو بعد التكبير؟

ج: مع التكبير، قرب التكبير أو معه، كونها تقارنه أفضل، وقبلها بيسير ما يضرُّ.

س: لو أنَّ إنسانًا كبَّر لصلاة الشفع ثم وجد الوقت لا يسمح، فجعلها وترًا بعد التكبيرة مباشرةً؟

ج: يكمل الشفع ثم الوتر، الحمد لله الأمر واسع.

س: أبو قتادة أمر ابنه أن يُعيد الغسل؟

ج: إن صحَّ فهو اجتهاد منه، قد يجتهد الإنسان ويغلط.

س: لعل أبا قتادة رأى الوجوب؟

ج: الله أعلم، لو صحَّ، يحتاج إلى نظرٍ في سنده، المقصود أن غسل الجنابة كافٍ.

(وإن اجتمعت أحداث) متنوعة ولو متفرقة (تُوجب وضوءًا أو غسلًا فنوى بطهارته أحدها) لا على أن لا يرتفع غيره (ارتفع سائرها) أي باقيها؛ لأنَّ الأحداث تتداخل.

الشيخ: نعم، إذا اجتمعت الأحداث ونوى بالطهارة رفع الحدث كفى، مثل: خرج منه ريح وبال وتغوط ثم تطهر للجميع طهورًا واحدًا كفى، أو جنابة مرتين -جامع مرتين أو ثلاثًا- يكفي غسل واحد والحمد لله.

س: نوى أحدها يقول؟

ج: إذا نوى أحدها كفى، نوى وضوءًا لما خرج من الريح يعمّ الأحداث كلها، نوى الوضوء عن الجنابة يعمّ أنواع الجنابة كلها، والغسل الآخر تابع له، مثل: امرأة طهرت من الحيض وجامعها زوجها عليها غسل الحيض وغسل الجنابة جميعًا، مع أنه لا يجوز له أن يُجامعها حتى تتطهر.

س: إذا اغتسل من الجنابة قبل أذان الفجر ونوى يوم الجمعة؟

ج: لا، إذا كان قبل الفجر لا، يغتسل يوم الجمعة، إذا اغتسل من الجنابة في الليل قبل الفجر ما يكفي، يُستحب له غسل الجمعة بعد الأذان عند ذهابه إلى الجمعة.

س: ولو كان بعد الفجر؟

ج: بعد الفجر يكفي، وإذا اغتسل عند ذهابه إلى الجمعة طيب؛ لأن بينهما مسافة.

فإذا ارتفع البعض ارتفع الكلُّ.

الشيخ: نعم يعمُّ الغسل والطهارة.

(ويجب الإتيان بها) أي بالنية (عند أول واجبات الطهارة وهو التَّسمية).

الشيخ: يجب الإتيان بالنية عند أول الطهارة، عند غسل يديه للوضوء أفضل، ولكن يجب عند أول واجب، عند غسل الوجه، عند المضمضة والاستنشاق يجب إحضار النية عن الوضوء، وإن أحضرها عند غسل الكفَّين ثلاثًا كان أكمل وأكمل.

س: عند أول واجبات الطهارة وهو التَّسمية؟

ج: صدق، نعم على القول بوجوبها.

فلو فعل شيئًا من الواجبات قبل النية لم يعتد به.

الشيخ: نعم ....... ما فعل قبل النية، يعني: غسل اليدين، يُعيد التسمية.

س: يُعيد التسمية ويُعيد غسل اليدين؟

ج: إذا قلنا بوجوبها، والقول المشهور عند الجمهور أنها مُستحبَّة.

س: التسمية إذا كان الإنسانُ داخل الدورة؟

ج: يُسمي ولو داخل الدورة، يقول: بسم الله، ويتوضأ والحمد لله، تزول الكراهة.

ويجوز تقديمها بزمنٍ يسيرٍ كالصلاة.

س: ما تكون التسمية سرًّا؟

ج: سرًّا أو جهرًا.

ويجوز تقديمها بزمنٍ يسيرٍ كالصلاة.

الشيخ: الشيء اليسير نعم، والوضوء كذلك ما لم ينقضها شيء آخر، لكن مع بدء الوضوء ومع بدء الصلاة يكون أكمل.

س: الصلاة كيف؟

ج: مع التكبير، يعني: تكبيرة الإحرام.

س: الراجح في التسمية؟

ج: هذه فيها ضعف، الأحاديث فيها ضعف، فالاستحباب هو المتأكد عند الجمهور، وإذا احتاط وخرج من الخلاف يكون أحسن، لا يتساهل فيها، يأتي بها.

ولا يُبطلها عمل يسير.

الشيخ: نعم، العمل اليسير ما يُبطلها، كونه أخذ شيئًا أو وضع شيئًا قبل أن يبدأ في الوضوء وقبل أن يبدأ في الصلاة.

س: يُستحب أن يُعيد غسل اليدين إذا قدَّمهما على النية؟

ج: الأمر واسع إن شاء الله؛ لأنَّ غسل اليدين مُستحب إذا كان الوضوء لغير قائمٍ من النوم، وإن أعادها حتى تكون النية قد شملتها كلها يكون أكمل.

(وتُسن) النية (عند أول مسنوناتها) أي مسنونات الطهارة: كغسل اليدين في أول الوضوء.

الشيخ: تُسن عند أول مسنوناتها: غسل اليدين، عند أول الوضوء، بخلاف غسل اليدين إذا قام من النوم فإنها واجبة، غسلها واجب عند القيام من النوم.

(إن وجد قبل واجب) أي قبل التسمية.

الشيخ: إن وجد قبل واجب يعني غسل اليدين، ...... عند غسل اليدين ثم يُسمي، وإن سمَّى قبل كان أكمل.

س: بالنسبة لغسل اليدين عند الاستيقاظ من النوم: هل هذا في الليل فقط؟

ج: في الليل نعم، الواجب في الليل.

(و) يُسن (استصحاب ذكرها) أي: تذكر النية (في جميعها) أي جميع الطهارة؛ لتكون أفعاله مقرونة بالنية.

الشيخ: كل هذا بعد النية -نية الطهارة- مستحب ولا يضرّ ...... عن الماء، ولكن مستحب، تكون على باله أحسن.

(ويجب استصحاب حكمها) أي حكم النية؛ بأن لا ينوي قطعها حتى يتم الطَّهارة.

الشيخ: يعني يجب أن تبقى معه النية، لا يقطعها، فإن عدل عن النية وهو في الوضوء أعاد من أوله.

فإن عزبت عن خاطره لم يُؤثر، وإن شكَّ في النية في أثناء طهارته استأنفها.

الشيخ: إن شكَّ: هل نوى أو ما نوى؟ استأنفها، إلا أن يكون وسواسًا يترك الوسواس، أما إذا شكَّ يُعيده من أوله، لكن إذا كانت وساوس لا يضره ، يستمر ويُكمل والحمد لله.

إلا أن يكون وهمًا كالوسواس فلا يلتفت إليه.

الشيخ: نعم هذا الواجب؛ لأنَّ بعض الناس يُبتلى بالوسوسة، كلما غسل عضوًا عاد إليه، هذا كله من الشيطان، فلا يلتفت إلى هذا، يُكمل وضوءه والحمد لله.

ولا يضرُّ إبطالها بعد فراغه.

الشيخ: ولا يضر بعد الفراغ إبطالها، ولا الشك في ذلك بعد الفراغ، بعد الوضوء أو بعد الصلاة شكَّ: هل نوى أو ما نوى؟ لا يلتفت إلى هذا، هذا من الشيطان، لا يلتفت إليه، وضوؤه صحيح، وصلاته صحيحة، إن شكَّ في النية أو في أي شيءٍ من الصلاة أو الوضوء لا يلتفت، بعد الصلاة يكون لاغيًا، الشك لاغيًا.

ولا يضرُّ إبطالها بعد فراغه، ولا شكّ بعده.

الشيخ: كل هذا لا يضرّ، إبطالها أو شكّ بعد ذلك لا يلتفت إليه؛ لأنه من الشيطان.

س: ومَن شكَّ أنه ما قرأ الحمد؟

ج: لا يلتفت إليه.

(وصفة الوضوء) الكامل أي كيفيته (أن ينوي ثم يُسمي) وتقدَّما (ويغسل كفيه ثلاثًا) تنظيفًا لهما، فيُكرر غسلهما عند الاستيقاظ من النوم وفي أوله، أي الوضوء.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

لما ذكر فضائل الوضوء وبيَّنها ووضَّحها وترتيب الوضوء ذكر صفة الوضوء الواردة عن النبي ﷺ، وهي أن ينوي أولًا رفع الحدث والطهارة للصلاة أو للطواف ونحو ذلك، ثم يغسل يديه ثلاث مرات، يُكرر، ويجب إذا كان من نوم الليل، وإن كان من غير ذلك سُنَّ ذلك ويكفي، متى غسلهما ثلاثًا كفى، ولا يُكرر، غسلهما ثلاثًا من القيام من الليل ما هو بحاجةٍ أن يُكرر ذلك، يدخل المستحب والواجب، هذا هو الصواب، فإذا غسلهما ثلاثًا فقد أدَّى الواجب عند القيام من الليل، وأدى السنة أيضًا، فيغسل يديه، يبدأ بهذا، وقبل هذا التسمية، يُسمي الله عند بدء وضوئه؛ لحديث: لا وضوءَ لمن لم يذكر اسم الله عليه، وإن كان في سنده مقال، لكن سنَّ البداءة بهذا: كل أمرٍ ذي بالٍ لا يُبدأ فيه ببسم الله فهو أجذم، فيه البداءة ببسم الله، فهي على كل حال مشروعة، والخلاف في الوجوب، ثم يغسل كفيه ثلاث مرات وجوبًا إذا كان من ليلٍ، وإذا كان من غير الليل فهو مستحب كما فعله النبيُّ ﷺ؛ كان يبدأ فيغسل يديه ثلاثًا عليه الصلاة والسلام، وهو المعلم والمرشد عليه الصلاة والسلام.

س: على قول المؤلف تكون الغسلات الأولى قبل الوضوء عند الاستيقاظ من النوم؟

ج: هذا مثلما تقدم، الصواب أنه يدخل المستحب في الواجب، إن كان من نوم الليل غسلها ثلاثًا وأجزأ ذلك عن الواجب وعن المستحب.

س: يعني على قول المؤلف قبل التسمية؟

ج: عند النوم فقط ثلاثًا ثم الثانية للوضوء ...... ويكفيه، الصواب أنه يكفيه هذا وهذا، الثلاث تكفيه عن النوم وعن الوضوء.

س: التسمية تكون قبل ..؟

ج: قبل الوضوء.

(ثم يتمضمض ويستنشق) ثلاثًا ثلاثًا بيمينه، ومن غرفة أفضل، ويستنثر بيساره.

الشيخ: هذا هو الأفضل، يتمضمض ويستنشق ثلاثًا ثلاثًا، هذا هو الأفضل، وإن اقتصر على واحدةٍ أو ثنتين كفى، الوضوء مرة مرة، فعله النبي ﷺ، في "صحيح البخاري" أنَّ النبي ﷺ توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، والواجب مرة؛ يتمضمض مرة، يستنشق مرة، يغسل يديه مرة، إلى آخره، والأفضل ثلاثًا، وإن فاوت بينها: بعضها مرة وبعضها مرتين وبعضها ثلاثًا فالأمر واسع والحمد لله.

س: لو غسل اليدين قبل الوضوء؟

ج: وإذا كان بغرفةٍ واحدةٍ أفضل كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، بعضها للمضمضة، وبعضها للاستنشاق.

(ويغسل وجهه) ثلاثًا وحده (من منابت شعر الرأس) المعتاد غالبًا (إلى ما انحدر من اللّحيين والذقن طولًا) مع ما استرسل من اللحية (ومن الأذن إلى الأذن عرضًا).

الشيخ: هذا هو الوجه، يغسل وجهه ثلاثًا، يبدأ من منابت الشعر إلى ما انحدر من اللحية، هذا طولًا، وعرضًا إلى فروع الأذنين، يعني وجهه كله: ما بين الأذنين، ومن منابت الشعر فوق إلى اللحية وما استرسل منها أسفل، كل هذا يُسمى وجهًا؛ لأنه تحصل به المواجهة، والواجب مرة؛ أن يعمَّه بالماء مرة، والثانية والثالثة سنة.

لأنَّ ذلك تحصل به المُواجهة.

الشيخ: وهذا فعل النبي ﷺ.

والأذنان ليسا من الوجه، بل البياض الذي بين العذار والأذن منه.

الشيخ: الأذنان ليستا من الوجه، بل من الرأس، وما بين الوجه من الأذن كله من الوجه، إلا ما فوق العظم، هذا العظم الذي هنا هو الحد، وما فوقه من الرأس، ما فوق العظمين اللذين يليان الوجه رأسه، ما هو الفاصل، نعم.

(و) يغسل (ما فيه) في الوجه (من شعرٍ خفيفٍ) يصف البشرة: كعذار وعارض وأهداب عين وشارب وعنفقة؛ لأنها من الوجه.

الشيخ: كل ما في الوجه من شعرٍ يغسله إن كان خفيفًا حتى يصل الماء إلى تحته إذا كان يصف البشرة: ما بين الأذنين، وما يلي الشفة السفلى وهو العنفقة والشارب، كلها تغسل؛ لأنها خفيفة، لا بدَّ أن يصل إلى تحتها لقلتها، أما اللحية فيكفي ظاهرها، إذا غسل ظاهرها كفى، وإن خلَّلها فهو أفضل.

س: العنفقة؟

ج: ما تحت الشفة السفلى.

س: من اللحية وإلا يجوز قصّها؟

ج: من اللحية.

س: حديث عائشة في "الصحيحين" حينما ذكرت صفة وضوء النبي ﷺ، ثم ذكرت الحديث وقالت: وكان يُخلل شعره بيديه حتى إذا ظنَّ أنه قد أروى بشرته؟

ج: هذا في الغسل، في الغُسل.

س: الشعر هنا؟

ج: هذا في الغسل، شعر الرأس يعني.

لا صدغ وتحذيف؛ وهو الشعر بعد انتهاء العذار والنزعة، ولا النزعتان، وهما ما انحسر عنه الشعر من الرأس مُتصاعدًا من جانبيه، فهما من الرأس.

الشيخ: كل هذا من الرأس، الصّدغ والتّحذيف ما فوق العظم، كله تبع الرأس.

س: ما فوق العظم تبع الرأس؟

ج: نعم.

ولا يغسل من داخل عينيه ولو من نجاسةٍ، ولو أمن الضَّرر.

الشيخ: ليس له غسل داخل عينيه؛ لأنه يضرُّهما، ويقال: أن سبب ذهاب بصر عبدالله بن عمر أنه كان يغسل داخل عينيه، فالمقصود أنَّ داخل العينين لا يُغسل؛ لأنَّ فيه مضرة، إدخال الماء في وسط العين قد يضرّها، ولكن يغسل ما ظهر من العين: كأهدابها، وكالشارب، أما داخلها فلا مطلقًا.

س: يقال: بدعة؟

ج: نعم بدعة؛ لأنه ما فعله النبيُّ ﷺ، التَّقرب يكون بما شرعه الله.

س: فعل ابن عمر ما ثبت في "الموطأ" من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر؟

ج: المقصود أنه يُروى عن ابن عمر، وما تتبعته، وبكل حالٍ هو غلط منه واجتهاد خاطئ، غلط منه مثلما كان يأخذ من لحيته في الحج والعمرة وهو غلط، والصواب أنه لا يُؤخذ من اللحية لا في الحجِّ ولا في العمرة، ولا يغسل داخل عينيه، بعض الاجتهاد قد يغلط فيه الإنسان، وليس الواحد من الصحابة معصومًا، فالعصمة لما جاءت به الرسل عن الله .

(و) يغسل الشعر (الظاهر) من (الكثيف مع ما استرسل منه)، ويُخلل باطنه وتقدم.

الشيخ: إذا كان كثيفًا كفى غسل ظاهره، وإن خلله فهو أفضل.

س: التَّخليل سنة؟

ج: نعم، التخليل سنة.

س: قصده شعر اللحية؟

ج: نعم، الكثيفة يكفيه غسل ظاهرها، وإن خللها فهو أفضل.

س: أحاديث التَّخليل؟

ج: لا بأس بها، يشدّ بعضُها بعضًا.

(ثم) يغسل (يديه مع المرفقين) وأظفاره ثلاثًا.

الشيخ: هذا هو الأفضل، ثلاث مرات، وتقدم أن غسل اليدين فرض، لكن كونه يغسلها ثلاثًا هذا مستحب، أو ثنتين هذا مستحب، والفرض واحدة يعمّها بالماء من أطراف الأصابع إلى أطراف العضد، المرفقان داخلان في المغسول؛ ولهذا في حديث أبي هريرة في الصحيح عند مسلم: أنه لما غسل يديه عليه الصلاة والسلام أشرع في العضد، يعني: أدخل المرفقين، ولما غسل يديه أشرع في الساق، يعني: أدخل الكعبين، معنى إلى معناها، إلى المرافق، إلى الكعبين معناها مع الكعبين، مثلما قال في قوله سبحانه: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ [النساء:2] كما تقدم.

س: غسل الكفين قبل الوضوء، إذا غسل اليدين ما يكفي الغسل الأول، ويغسل ما بقي من اليد؟

ج: لا، ما يكفي، ذاك الأول قدام الوضوء يجب من نوم الليل، ويستحب من غيره، أما غسلهما في الوضوء فهذا بعد الوجه، غسل الكفَّين بعد الوجه تبع الذراعين.

س: ...........؟

ج: واجب، واجب، لا بدَّ من إدخال المرفقين، لا بدَّ أن تغسل المرفقان والكعبان، ولا يتم هذا إلا بأخذ شيءٍ من العضد.

ولا يضرّ وسخٌ يسيرٌ تحت ظفرٍ ونحوه.

الشيخ: الوسخ اليسير لا يضرُّ؛ لأن هذا لا يمنع الماء.

ويغسل ما نبت بمحل الفرض من أصبع أو يد زائدة.

الشيخ: إذا كان في محل العضو يغسل: كأصبع سادسة، أو يد في ذراعه صغيرة؛ لأنها من جملة الذراع.

(ثم يمسح كل رأسه) بالماء (مع الأذنين مرة واحدة).

الشيخ: والصواب أنه يجوز أخذ الزائدة، لو كانت له يد زائدة أو أصبع زائدة الصواب أنه يجوز علاج ذلك من ناحية الطبِّ حتى يُزيلها؛ لما فيه من الأذى والتَّشويه، لكن لو وجدت وقت الوضوء غسلها.

(ثم يمسح كل رأسه) بالماء (مع الأذنين مرة واحدة) فيمرّ يديه مقدم رأسه إلى قفاه ثم يردّهما إلى الموضع الذي بدأ منه.

الشيخ: وهكذا يمسح رأسه، لا يحتاج إلى غسلٍ؛ لأنَّ الله قال: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ [المائدة:6]، وهكذا فعل النبي ﷺ، يعمّه المسح، هذا الصواب، والأفضل أن يبدأ بمقدمه إلى قفاه، ثم يردّهما إلى المحل الذي بدأ منه، وكيفما مسح أجزأ، المقصود أن يعمَّه بالمسح، لكن كونه يتحرى فعل النبي ﷺ يكون أفضل.

س: الواجب مسحة واحدة؟

ج: نعم، مسحة واحدة، وهذا هو السنة.

س: لو غسل رأسه هل يُجزئ؟

ج: لا، ما يُجزئ، هذا معاكس للشرع، ومنابذ للشرع، ومناقض للشرع، نسأل الله العافية.

ثم يُدخل سبَّابتيه في صماخي أذنيه، ويمسح بإبهاميه ظاهرهما، ويُجزئ كيف مسح.

الشيخ: نعم، يُدخل أصبعيه في صماخي أذنيه، ويمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، وكيفما مسح أجزأ والحمد لله؛ لأنَّ الأذنين من الرأس، والنبي كان يمسح الأذنين، يُدخل أصبعيه في الصّماخين ويمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، كما فعله النبيُّ ﷺ؛ لأنهما من الرأس.

س: حديث: الأذنان من الرأس؟

ج: يحتاج إلى تأملٍ في إسناده، لكن النبي كان يمسح عليهما، وهما من الرأس بلا شكٍّ.

(ثم يغسل رجليه) ثلاثًا (مع الكعبين) أي العظمين النَّاتئين في أسفل الساق من جانبي القدم.

الشيخ: تقدم أنَّ هذا واجب وفرض من الفروض، غسل الرِّجْلين هذا فرض رابع كما تقدم مع الكعبين، وهما الكعبان النَّاتئان في أسفل الساق، يقال لهما: الكعبان، كان النبي يغسلهما عليه الصلاة والسلام، فلا بدّ من غسلهما حتى يشرع في الساق كما تقدم، يعني: حتى يستوفيهما.

س: مسح القفا؟

ج: ما له أصل، ما هو بصحيح.

س: .........؟

ج: غسل الجنابة ما هو بمسحٍ يا ولدي، غسل، الواجب الغسل، المسح في الوضوء، ما هو في الغسل، يغسل رأسه، وعلَّم النبيُّ أمَّ سلمة لما غسلته تقول عليه ثلاث مرات.

س: إذا رأى لمعةً في الكعب وهو في الصلاة، هل له أن يخرج عن صلاته ويُعيد الوضوء؟

ج: نعم، إذا رأى لمعةً فوضوؤه باطل، وقد زالت الموالاة، انتهى، يُعيد الوضوء.

س: وإن رآها بعد أن فرغ من صلاته؟

ج: يُعيد الوضوء والصلاة.

س: لو وضعت المرأةُ الحناء على رأسها؟

ج: تمسحها مثلما قالت أمُّ سلمة وعائشة: كانوا يمسحون على رؤوسهم، ولو عليها صبغ.

س: مَن لبَّد شعره في الحج كذلك؟

ج: يمسحه، ما يخالف، النبي ﷺ لبَّد شعره ومسح عليه.

(ويغسل الأقطع بقية المفروض)؛ لحديث: إذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم متفق عليه.

الشيخ: إذا كان أقطع -مثل: مقطوع بعض يده- يغسل الباقي، أو بعض رجل الأصابع، أو نصف القدم، أو ما أشبه ذلك يغسل الباقي: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، إذا كان قد بقي شيء يغسله، أما لو كان بقي شيء من أسفل الساق ما عاد عليه شيء من جهة الرِّجل المقطوعة، يغسل الباقي، ولو قُطعت رجلاه سقط عنه فرضهما في الوضوء، وهو غسل رجليه، لو قُطعت رجلاه ما بقي عليه غسل الرِّجلين، ينتهي وضوؤه بمسح الرأس.

(فإن قطع من المفصل) أي: من مفصل المرفق، (غسل رأس العضد منه)، وكذا الأقطع من مفصل كعبٍ يغسل طرف ساقٍ.

الشيخ: إذا بقي مرفق وكعب يغسل الباقي ما بينهما؛ لأنهما من محلِّ الوضوء.

س: طرف الساق وطرف المرفق؟

ج: ما بين مفصل الكعب إلى الساق، ومفصل المرفق إلى العضد.

(ثم يرفع نظره إلى السماء) بعد فراغه (ويقول ما ورد)، ومنه: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

الشيخ: بعدما يفرغ من الوضوء يرفع نظره إلى السماء ويقول: "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله" رواه مسلم من حديث عمر رضي الله عنهما، يقول ﷺ: ما من أحدٍ يتوضأ فيبلغ الوضوء -أو قال: يُسبغ الوضوء- ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، إلا فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيّها شاء، زاد الترمذي رحمه الله بإسنادٍ صحيحٍ: اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، وجاء في رواية النسائي بإسنادٍ صحيحٍ: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك اللهم وأتوب إليك، مثل دعاء القيام من المجلس، فإذا فعل هذا وهذا كان حسنًا؛ لثبوت هذا وهذا عن النبي ﷺ بعد الوضوء، لكن النظر إلى السماء فيه بعض المقال، النظر إلى السماء في سنده بعض المقال، ولا أعلم: جاء بإسنادٍ صحيحٍ رفع النظر، فإن رفع نظره فلا بأس، وإن لم يرفع فلا بأس.

س: تقديم اليُمنى على اليُسرى؟

ج: عند الجمهور سنة، وينبغي للمؤمن أن يعتني بهذا، يُقدم اليُمنى على اليسرى.

س: الزيادة عند الترمذي: اللهم اجعلني من التَّوابين، واجعلني من المُتطهرين؟

ج: لا بأس بها، جيدة.

(وتُباح معونته) أي معونة المُتوضئ.

س: لو قال: اللهم اغفر لي ذنبي، ووسع لي في داري؟

ج: هذا جاء في رواية النَّسائي، لكن في سندها نظر، وليس فيه ما يدل على أنه يقوله مع الوضوء، قد يكون بعد الوضوء، لكن قد  تتبعته؛ ما ثبت عندي ما يدل على ثبوته عنه ﷺ، يحتاج إلى تأملٍ، وهو ما فيه أنه حال الوضوء، يحتمل أنه بعد الفراغ، بعد الوضوء، ويحتمل أنه أثناء الوضوء، محل نظرٍ.

س: هذا الدعاء سمعه أبو موسى من النبي ﷺ عرضًا، ولم يكن يُواظب عليه في كل وضوءٍ؟

ج: أقول: يحتاج إلى تأملٍ، يحتاج جمع طرقه، والثابت عند الجمهور مثلما تقدم.

وسنّ كونه عن يساره: كإناء ضيق الرأس، وإلا فعن يمينه.

الشيخ: ....... يصبّ عليه الماء مثلما صبَّ المغيرةُ على النبي ﷺ، لا بأس أن يُعان، يصبّ عليه من إبريقٍ أو غيره، لا بأس بذلك، فعله المغيرةُ مع النبي ﷺ.

وسنّ كونه عن يساره: كإناء ضيق الرأس، وإلا فعن يمينه.

الشيخ: الأمر في هذا واسع، كونه عن يمينه، أو عن يساره، يكون في الجهة التي هي أرفق بالمتوضئ، من الجهة التي هي أرفق؛ لأني لا أعلم في هذا نصًّا يدل على هذا أو هذا، يكون في الجهة التي هي أرفق.

(و) يُباح له (تنشيف أعضائه) من ماء الوضوء.

الشيخ: يُباح له تنشيف أعضائه؛ لأنه لم يرد في هذا ما يدل على السنية، لا فعلًا، ولا تركًا، فبقي مباحًا، أما في الغسل فقد ثبت من حديث ميمونة: أنه أتت النبيَّ بمنديل فردَّه، فجعل ينفض الماء بيده، فالأفضل في الغسل نفض الماء بيده، كما فعله النبي ﷺ، وأما الوضوء: فلم يرد فيه شيء، فمَن تمسح فلا بأس، ومَن ترك فلا بأس.

ومَن وضَّأه غيره ونواه هو صحَّ.

الشيخ: إذا وضَّأه غيره ونواه فلا بأس، لو غسل وجهه ويديه ومسح رأسه بإذنه ونيته فلا بأس.

إن لم يكن المُوضِّئ مكرهًا بغير حقٍّ.

الشيخ: نعم، لا بدَّ أن يكون باختياره، لا مكرهًا الذي يُوضِّئه.

وكذا الغسل والتَّيمم.

الشيخ: وهكذا الغسل والتيمم، لو صبَّ عليه غيره أو يممه غيره بإذنه ونيته فلا بأس.

س: إذا غسل يديه ورجليه خرت خطاياه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، يدل على أنَّ الأفضل عدم التنشيف لخرور الخطايا؟

ج: خرور الخطايا هذا عند الغسل، وهذا بعد ذلك، عند غسله تخرّ الخطايا مثلما في الحديث، لكن إن تنشف بعد ذلك هذه رطوبة باقية.

س: التنشيف ما ثبت إلا في الغسل فقط؟

ج: المعروف في الغسل من حديث ميمونة.

س: إذا وضَّأه غيره ما يكون له عمل إلا النية؟

ج: النية نعم، النية كافية.

س: ...........؟

ج: ما أعلم في هذا شيئًا، لا التنشيف، ولا عدمه، إنما جاء في الغسل: أتته بمنديل فردَّه وجعل ينفض الماء بيديه، وأما في الوضوء ما أحفظ فيه شيئًا، الأمر فيه واسع.

س: في الغسل الأفضل عدم التَّنشيف؟

ج: هذا هو، نعم، ينفض الماء بيديه مثلما في حديث ميمونة في الصحيح.

س: وجعل ينفض الماء بيديه؟

ج: هذا السنة.

س: نفض الماء، ما تخلص منه؟

ج: هذا السنة، نفض الماء بيديه وعدم التَّمسح.

س: مسح الرأس مرة بدون إرجاعٍ؟

ج: ليس بلازمٍ، جاءت أنواع في المسح، المهم مسح الرأس ويكفي، سواء ردَّها أو ما ردَّها، أو بدأ بوسط الرأس وذهب به إلى قفاه، ثم إلى مقدمه، الأمر واسع، لكن الأفضل أن يبدأ بالمقدم، ثم يذهب به إلى قفاه، ثم يعود إلى مقدمه، هذا هو الأفضل.

س: رفع البصر لو فعله الإنسان؟

ج: ما أعلم فيه بأسًا، الأمر واسع، إشارة لعلو الله جلَّ وعلا، يشهد له بالوحدانية.

س: لكن لم يرد فيه حديث؟

ج: في سنده مُبهم، ما وجدت ما يدل على ثقته.

[باب مسح الخُفَّين]

وغيرهما من الحوائل، وهو رخصة وأفضل من غسلٍ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله.

قال المؤلف رحمه الله: باب مسح الخفَّين، المسح على الخفَّين رخصة من الله لعباده، وتيسير منه سبحانه، وهو مستحب ومشروع؛ لما فيه من التيسير على الأمة، وقد دلَّ على هذا قوله ﷺ: إنَّ الله يُحب أن تُؤتى رُخصه، مع فعله ﷺ في السفر والحضر، فدلَّ على شرعيته قولًا وفعلًا؛ ولما فيه من التيسير والتَّخفيف، والله جلَّ وعلا يقول: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ [البقرة:185]، إذا استكمل شروطه، وهو رخصة من الله، وقربة وطاعة لمن أراد اتباع السنة.

س: يُستحب مسح الخفَّين؟

ج: نعم.

س: يُثاب عليه؟

ج: يُثاب عليه بالقصد الصَّالح.

س: قوله: رخصة يعني؟

ج: الغسل واجب، والمسح رخصة؛ لأنَّ الرخصة في القاعدة هي ما كان إعفاء من واجبٍ إلى أمر آخر يُسمَّى: رخصة، مثل: الإعفاء من أربع إلى ثنتين في السفر رخصة من الله في القصر، ومثل: الإعفاء من صوم الواجب في السفر.

س: قوله: وأفضل من غسلٍ؟

ج: أفضل من غسلٍ نعم؛ لأنَّ الله يُحب أن تُؤتى رخصه، كما يقال، والفطر في السفر أفضل من الصوم، والقصر في السفر أفضل من الإتمام.

س: يعني بالقصد، يكون أفضل بالقصد؟

ج: ما في شكٍّ، إنما قصد اتِّباع السنة.

س: لماذا ذكر في كتب العقائد مسح الخُفَّين؟

ج: ردًّا على الرافضة؛ لأنَّ الرافضة تأبى المسح، يغسلون، يمسحون القدمين ولا يمسحون الخفَّين، قد انتكسوا، نسأل الله العافية.

ويرفع الحدث، ولا يُسن أن يلبس ليمسح.

الشيخ: يرفع الحدث، إذا توضأ -والوضوء فيه مسح- ارتفع الحدث، ولا يُشرع اللبس لمجرد المسح من أجل الارتفاق، قصد السنة واتباع السنة والمصلحة، لا لمجرد المسح، يستعمل ذلك ليرتفق بالخفِّ ويتبع السنة، إما لبردٍ وإما لغيره.

و(يجوز يومًا وليلةً) لمُقيم ومُسافر لا يُباح له القصر، (ولمسافر) سفرًا يُبيح القصر (ثلاثة) أيام (بلياليها).

الشيخ: يجوز يوم وليلة للمُقيم، وهكذا المسافر الذي لا يُباح له القصر، حكمه حكم المقيم، والمسافر السفر المباح ثلاثة أيام بلياليها كما جاءت به الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ: أنه رخَّص للأمة في المسح ثلاثة أيام بلياليها في السفر، ويوم وليلة للمقيم، وفي منع المسافر سفر معصيةٍ من المسح والقصر خلاف ونظر، والأقرب عندي والأظهر عندي أنه لا يمنع؛ لأن السنة عامَّة، فالمسافر يمسح ويقصر ولو كان السفر معصيةً، عليه التوبة إلى الله، وأخذه بالرخصة من أسباب رجوعه إلى الله، من أسباب توبته، من أسباب تذكر فضل الله عليه، فليس هناك دليل واضح في منع المسافر من القصر، ولا منعه من المسح، والأدلة عامَّة.

س: ما يُشترط أنه ينوي المسح على الخفَّين قبل أن يلبسهما؟

ج: لا، ما يشترط، إذا لبسهما على طهارةٍ كفى والحمد لله، ولو ما نوى قبل الوضوء.

س: إذا مسح المُقيم ثم سافر؟

ج: يأتي، يأتي، لا تعجل، أبشر بالخير.

لحديث عليٍّ يرفعه: للمُسافر ثلاثة أيام بلياليهن، وللمُقيم يوم وليلة رواه مسلم.

الشيخ: ويقول أحمد رحمه الله: ليس في نفسي من المسح شيء؛ فيه أربعون حديثًا عن النبي ﷺ. ويقول الحسن: جاء عن النبي ﷺ في المسح سبعون سنة قولية وفعلية.

يمسح يومًا وليلة للمُقيم، وثلاثة أيام ولياليها للمسافر؛ لحديث عليٍّ، وحديث أبي بكرة، وأحاديث أخرى.

ويخلع عند انقضاء المدة، فإن خاف أو تضرر رفيقه بانتظاره تيمم، فإن مسح وصلَّى أعاد.

الشيخ: ويخلع عند انتهاء المدة في الحضر يوم وليلة، وفي السفر ثلاثة أيام بلياليها، يخلعها ويغسل قدميه.

فإن خاف أو تضرر رفيقه بانتظاره تيمم، فإن مسح وصلَّى أعاد.

الشيخ: فإن خاف أو تضرر رفيقه تيمم: إن خاف يعني من الخلع والمسح؛ لأنَّ الطريق مخوف، يخشى إن جلس يخلع ثم يغسل أن يكون هناك خطر عليه، وهكذا إذا تضرر رفيقه كفاه التَّيمم، وهذا له وجه من جهة الشرع؛ لأنَّ التيمم للعاجز عن الماء يُجزئ، وهذا عاجز عن غسل رجليه: كصاحب الجرح ونحوه، الذي أصابه جرح يتيمم، لا يستطيع غسل رجليه، هو في هذه الحالة معذور بالخوف، أو تضرر رفيقه الذي معه، والخوف واضح، لكن تضرر الرفيق هو محل النظر؛ لأنَّ المدة يسيرة، لكن لو قدر وجود هذا الضرر البين هذا له وجهه، كما يتيمم عند الجرح الذي يمنعه من غسل رجله، وعند الجرح في وجهه، ونحو ذلك.

س: إذا تمَّت المدة وهو باقٍ على طهارته؟

ج: يأتي، يأتي.

س: الجرح إذا مسح ولم يتيمم صحَّ؟

ج: لأنها تمت المدة، انتقضت الطهارة، تمت المدة، فلو مسح ما أجزأه.

(و) ابتداء المدة (من حدثٍ بعد لبس على طاهر) العين فلا يمسح على نجسٍ، ولو في ضرورةٍ.

الشيخ: ومعنى ابتداء المدة من الحدث بعد اللبس: تبدأ مدة اليوم والليلة والثلاثة أيام من الحدث بعد اللبس، والأصح من الحدث بعد المسح؛ لقوله ﷺ: يمسح المسافر ثلاثة أيام، والمقيم يومًا وليلة، فالأصح مَن مسح مسح بعد حدثٍ، فلو أحدث الضحى أو بعد طلوع الشمس ولم يمسح إلا الظهر تبدأ المدة من الظهر، فلو صلَّى الضحى الآتي ومسح توضَّأ فلا حرج؛ لأنها ما تمت يومًا وليلة، يكون انتهاء مدة اليوم والليلة الظهر الآتي، ظهر الغد.

س: لو مسح قبل الحدث؟

ج: هذا ما عليه عمل، هذا تطوع، والعمدة على المسح بعد الحدث.

س: لو انتهى وقت الحدث وصلَّى فرضًا أو فرضين؟

ج: يأتي، أبشر بالخير.

س: لو جدَّد الوضوء يبتدئ بعد هذا؟

ج: العمدة على المسح بعد الحدث، كان تجديده بعد حدثٍ -مسح بعد حدثٍ- هذا المتن.

فلا يمسح على نجسٍ، ولو في ضرورةٍ.

الشيخ: لا يمسح على نجسٍ ولو في ضرورةٍ، بل يجب الخلع؛ لأنَّ المسح على النَّجس والصلاة على النجس أمر باطل منكر، فالواجب خلع النجس وغسل الرِّجْلين، فإن مسح على نجسٍ وصلَّى بالنجس بطلت، الصلاةُ باطلة، والوضوء باطل؛ لأنه مسح على خفٍّ ما هو بشرعيٍّ.

فلا يمسح على نجسٍ، ولو في ضرورةٍ، ويتيمم معها لمستورٍ (مباح).

الشيخ: يتيمم مع الضَّرورة لمستورٍ مباح، عند الضَّرورة يتيمم إذا ما تيسر المسح، مستور، لكن ما يصلح المسح عليه، يتيمم، لكن إذا قدر أن يغسل أزاله.

ويتيمم معها لمستورٍ.

الشيخ: معها أي الضَّرورة.

(مباح)، فلا يجوز المسح على مغصوبٍ، ولا على حريرٍ لرجلٍ.

الشيخ: لا بدَّ أن يكون الخفُّ مباحًا، طاهرًا مباحًا، فلا يجوز له لبس المغصوب، ولا جورب من حريرٍ؛ لأنه حرام على الرجال، فالواجب عليه أن يتحرى ما أباح الله له من الأخفاف، فلا يلبس النَّجس، ولا ما حرَّم الله على الرجال من الحرير، ولا ما حُرّم مطلقًا من المغصوب.

س: لكن صلاته صحيحة؟

ج: إذا ما صحَّ الوضوء ما صحَّت الصلاة.

س: المغصوب؟

ج: الصلاة صحيحة، إذا صلَّى في ثوبٍ مغصوبٍ الصحيح أنها تصح، أو في أرضٍ مغصوبةٍ؛ لأنَّ العلَّة ما تخص الصلاة، العلة عامَّة، ما يجوز له لبس المغصوب مطلقًا، ولو ما هو في الصلاة، ولا يجوز له دخول الأرض المغصوبة، ولا الجلوس فيها، ولو في غير الصلاة، فإذا كان النَّهي لشيءٍ خارجٍ عن الصلاة صحَّت مع الإثم.

س: والنَّجس؟

ج: لا، ما تصح الصلاة بالنجس، لا يجوز أن يُصلي وهو نجس.

س: تصح الصلاة مع الإثم؟

ج: نعم مع الإثم في المغصوب، نسأل الله العافية، قد يُبتلى، قد يُصلي في أرضٍ مغصوبةٍ، قد يكون عليه ثوب مغصوب ولا عنده غيره.

س: أو يمسح على خُفٍّ مغصوبٍ؟

ج: أو كذلك.

س: يتيمم؟

ج: مع الضرورة، عند الضرورة، المستور من غير الخفِّ المستور ما يمسح عليه، ما يجوز المسح عليه، ولا يتمكن من خلعه.

س: صورة الأرض المغصوبة؟

ج: إذا أخذت أرض زيدٍ، توليت عليها ...... هذه مغصوبة، أرض لزيدٍ جنبك –جارك- أخذتها بالقوة، ثم لأنك أخذتها عن زيدٍ أو كذا أو لأنَّك أقوى منه وخاف منك أخذتها بالقوة، هذه تُسمَّى: أرضًا مغصوبة.

س: إذًا الصواب أن المسح على الجورب المغصوب يصح وضوؤه مع الإثم؟

ج: نعم؛ لأنَّ لبس المغصوب ما هو خاصّ بالصلاة.

لأنَّ لبسه معصية، فلا تُستباح به الرخصة، (ساتر للمفروض) ولو بشدِّه، أو شرجه كالزربول الذي له ساق وعرى يدخل بعضُها في بعضٍ.

الشيخ: لا بدَّ أن يكون ساترًا للمفروض ولو بشدِّه ....... خفّ يسير يربطه إذا ستر المفروض، وهو ما بين أطراف الساق وأطراف الأصابع، يستر القدم كله مع الكعبين ولو بشدِّه.

فلا يمسح ما لا يستر محلَّ الفرض.

الشيخ: لو كان الخفُّ قاصرًا مثل: الكنادر، هذه دون الكعب، ما يمسح عليها، لا بدَّ أن يكون الجورب ساترًا، ولا بدَّ في الخفِّ أن يكون ساترًا الكعبين والقدم.

س: الشَّفاف؟

ج: يأتي.

فلا يمسح ما لا يستر محلَّ الفرض؛ لقصره، أو سعته، أو صفائه، أو خرق فيه، وإن صغر حتى موضع الخرز.

الشيخ: لا يمسح على ما لا يستر الفرض في الوضوء؛ إما لقصره دون الكعب، أو لسعته، واسع يظهر منه الكعبان لسعته، أو صفائه: رقيق شفاف يشفّ ما وراءه، أو كونه مُخرَّقًا، وأجاز بعضُ أهل العلم الخروق اليسيرة، يُعفى عنها: كالشيخ تقي الدين وجماعة، فالمقصود أن الخروق اليسيرة الصواب أنه يُعفى عنها إن شاء الله، الخروق اليسيرة.

فإن انضمَّ ولم يبد منه شيء جاز المسح عليه.

الشيخ: فإذا انضمَّت الخروق أو ..... انضمَّ جاز المسح عليه إذا كان باللبس ينضم.

س: اشتراط ثبوته بنفسه؟

ج: يعني: إذا مشى ما يطيح من رجله، وإذا كان ما يثبت بنفسه فلا يمسح عليه إلا إذا شدَّه.

(يثبت بنفسه) فإن لم يثبت إلا بشدِّه لم يجز المسح عليه.

الشيخ: لا، هذا ضعيف، إذا ثبت بشدِّه كفى والحمد لله، الصواب أنه يكفي؛ لأنَّ بعض الأخفاف واسعة، فلو تركها سقطت، فإذا ربطها بشيءٍ الحمد لله.

س: وجه منع الشارح إذا لم يثبت إلا بشدِّه؟

ج: لعله لأنه قد يسهو، قد يغفل، أو شيء، وهذا ما له وجه، الارتفاق حاصل، إذا شدَّه حصل الارتفاق.

س: مَن قاس النومَ على ذلك، الذي يقول أنَّ النوم بالجوارب ما ينبغي؛ لأنه يقيسه على السقوط؟

ج: كلام باطل هذا، ينام بالجوارب والحمد لله، الكلام هذا لا يقوله مَن يفهم، ما دام يومًا وليلة، يقعد يومًا، يسهر يعني ما ينام لأجل الجوارب؟! إذا نام فيها ما في بأس، الحمد لله.

س: إذا مسح الكنادر وعليها شراب؟

ج: لا بدَّ أن يمسح على الكنادر والشراب، أما أن يمسح على الكنادر وحدها ما يُجزئ إذا كانت مكشوفةً، لا بدَّ أن يمسح على الجورب وحده، أو على الجورب والكنادر، وإلا ما يصح المسح.

س: ...........؟

ج: نعم يمسح على الشراب، وإلا عليهما جميعًا.

س: إذا كانت الكنادر ساترةً لمحل الفرض؟

ج: مثل الخفِّ.

وإن ثبت بنعلين مسح إلى خلعهما ما دامت مدته.

الشيخ: وهكذا لو كان الجورب يثبت بنعلين يمسح عليهما جميعًا، فإذا خلع النَّعل خلع الجورب معه.

س: إذا كانت في الشراب شقوق؟

ج: إذا كانت يسيرةً يُعفى عنها إن شاء الله.

س: ............؟

ج: إذا خلع النعل يخلع الجورب؛ لأنه مسح عليهما جميعًا، الصواب كالخفِّ الواحد.

ولا يجوز المسح على ما يسقط (من خفٍّ) بيان لطاهرٍ، أي: يجوز المسح على خفٍّ يمكن متابعة المشي فيه عُرْفًا.

الشيخ: نعم، لا بد أن يمكن متابعة المشي فيه ولو بربطه.

قال الإمام أحمد: ليس في قلبي من المسح شيء، فيه أربعون حديثًا عن رسول الله ﷺ.

الشيخ: نعم؛ ولهذا تقدم أنه من السنة إحياء السنة.

(وجورب صفيق) وهو ما يلبس في الرِّجْل على هيئة الخفِّ من غير الجلد.

الشيخ: لا بأس به، الجورب الصفيق هو ما كان من الصوف أو القطن، ليس من الجلد، يقال له: جورب، وإذا كان من الجلد يقال له: خفّ.

لأنه ﷺ مسح على الجوربين والنَّعلين. رواه أحمد وغيره، وصححه الترمذي.

الشيخ: نعم لا بأس بمسح الجوربين؛ لأنَّ الرسول مسح عليهما؛ ولأنهما في معنى الخفِّ، المقصود ستر الرِّجْلين والارتفاق، فهما في معنى الخفِّ، وقد ثبت أنه مسح على الجوربين والنَّعلين، كما روى أحمد وأبو داود وغيرهما بإسنادٍ جيدٍ.

س: يعني ثبت المسح على جوربين من صوفٍ من غير الجلد؟

ج: نعم مع النَّعلين.

س: من صوفٍ؟

ج: جوربان، سواء من صوفٍ، أو من قطنٍ، أو من شعرٍ.

س: ............؟

ج: يعني: ما هو بساترٍ، هذا المعنى، تُرى القدم.

(ونحوهما) أي: نحو الخفِّ والجورب، كالجرموق، ويُسمَّى: الموق، وهو خفٌّ قصيرٌ.

الشيخ: ونحوهما كالجرموق، ويقال له: الموق، وهو خفٌّ قصير، حدّ ما يستر الكعبين، ما له ساق.

فيصح المسح عليه؛ لفعله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. رواه أحمد وغيره.

(و) يصح المسح أيضًا (على عمامةٍ) مباحةٍ (لرجلٍ) لا لمرأةٍ.

الشيخ: يصح المسح على العمامة المحنكة للرجل، الساترة لما ...... وستره يوم وليلة للمُقيم، وثلاثة أيام للمسافر كما تقدم في الخفَّين؛ ولأنه ثبت أنه مسح على العمامة كما في حديث المغيرة.

لأنه ﷺ مسح على الخفَّين والعمامة. قال الترمذي: حسن صحيح.

الشيخ: ورواه مسلم من حديث المغيرة.

هذا إذا كانت (محنكة)، وهي التي يُدار منها تحت الحنك كور -بفتح الكاف- فأكثر.

الشيخ: هذه المحنكة التي تُدار تحت الحنك هكذا؛ لأنه يشقّ خلعها.

س: يعني يُشترط أن تكون محنكةً؟

ج: محنكة، وتكون على طهارةٍ، أما ذات ذؤابة فيأتي البحثُ فيها.

(أو ذات ذُؤابة) بضم المعجمة وبعدها همزة مفتوحة، وهي طرف العمامة المرخي، فلا يصح المسح على العمامة الصماء.

الشيخ: العمامة الصماء التي فوق الرأس فقط، مُدارة على الرأس هكذا؛ لأنها كالطاقية، ما يمسح عليها، ما يشق خلعها، أو ذات الذؤابة، هذا القول الذي في المذهب، والصواب أنه لا يمسح على ذات الذؤابة، لا بدَّ أن تكون محنكةً؛ لأن ذات الذؤابة ما فيها مشقة، كونها مُدارة ولها طرف خلف ظهره ما يجعلها كالمحنكة، ولا مشقة في إزالتها ونزعها، والنبي ﷺ إنما مسح على العمامة التي كان يفعلها العربُ، وهي المحنَّكة؛ لأنه يشقّ نزعها، ويرتفق بها، فالأقرب عدم المسح على ذات الذؤابة إذا كانت غير محنكةٍ.

ويُشترط أيضًا أن تكون ساترةً لما لم تجرِ العادة بكشفه.

الشيخ: هذا هو، تكون ساترةً حسب العادة، أما إذا كانت كالخيط ما ينفع، لا بدَّ أن تكون ساترةً لما جرت العادةُ بستره من غالب الرأس، بخلاف مقدم الرأس، قد ينكشف، قد يظهر، كما مسح النبيُّ على العمامة وما ظهر من رأسه من مقدم الرأس من حديث المغيرة؛ لأنها قد تكون قاصرةً يبدو بعض الرأس، فلا بأس أن يمسح عليها وعلى ما ظهر من الرأس، كما ثبت في الصحيح من حديث المغيرة قال: مسح على العمامة وعلى الرأس، ما ظهر من الرأس.

كمقدم الرأس والأذنين وجوانب الرأس، فيُعفى عنه لمشقَّة التَّحرز منه.

س: يعني هذا لا بأس أن يكون مكشوفًا؟

ج: يمسح رأسه مع العمامة، وعلى الأذنين إذا ظهرت الأذنان.

س: هذا مثال لما جرت العادةُ بكشفه؟

ج: نعم، نعم.

س: وهذا يكون على المُحنَّكة؟

ج: في المحنكة نعم.

بخلاف الخفِّ، ويُستحب مسحه معها.

الشيخ: ما هو يُستحب، يجب، الصواب: يجب مسحه معها؛ لأنَّ الرسول مسح، وهو المعلم المرشد عليه الصلاة والسلام، فيمسح على العمامة وعلى ما ظهر من الرأس كما أخبر المغيرةُ: أن النبي مسح رأسه وعلى العمامة، فكذا الأذن إذا ظهرت تُمسح.

س: قوله: كمقدم الرأس والأذنين؟

ج: هذا الذي يظهر يعني.

س: الأذنان؟

ج: يمسح باطنها وظاهرها، النبي مسح على العمامة، ومسح على الأذنين، ومسح على مقدم الرأس.

س: ............؟

ج: إذا سترها نعم.

س: إذا ستر الأذنين بالمحنكة؟

ج: بالمحنكة نعم، يمسح على العمامة ومقدم الرأس.

س: يسقط مسح الأذنين؟

ج: لأنها مستورة محنَّكة.

س: هي من فروض الوضوء؟

ج: دخلت في الرأس الممسوح، مثلما دخل الكعبان والقدم في الخفِّ.

س: التَّحنيك يمسح عليه الذي تحت الرَّقبة؟

ج: لا بأس على الرأس، ظاهر الرأس، عموم الرأس من مقدمه إلى قفاه.

(و) على (خمر نساء مُدارة تحت حلوقهن).

الشيخ: كالعمامة خمور النساء إذا دارت تحت العنق، مثلما ثبت؛ كانت أمُّ سلمة تمسح على الخمار؛ لأنه مثله، إذا كان لها خمار مدار تحت حلقها فهو كالعمامة المحنَّكة.

س: هذا إذا صار يصعب إزالة هذا الشيء؟

ج: لأنه يشقّ بعض الشيء فيه تسهيل.

س: المسح على خمر النساء فيه دليل أو فقط قياس على العمامة؟

ج: ما أعلم فيه إلا القياس على العمامة وفعل بعض أزواج النبي ﷺ.

س: ما ثبت في "صحيح مسلم" من حديث بلال: كان رسول الله ﷺ يمسح على الخفَّين والخمار؟

الشيخ: الخمار يعني: العمامة، هذا العمامة، تُسمَّى العمامة خمارًا، للرجل يعني.

لمشقّة نزعها كالعمامة، بخلاف وقاية الرأس.

الشيخ: أما الوقاية لا، كالطاقية وأشباهها ما يمسح عليها.

وإنما يمسح جميع ما تقدم (في حدثٍ أصغر).

طالب: في الحاشية يقول: وروى الإمامُ أحمد عن بلالٍ، عن النبي ﷺ الأمر بالمسح على الخمار، ولفظ سعيد بن منصور: "على النصيف". وقال الشيخ: في خمر النساء من الرخصة التي تُشبه أصول الشريعة وتُوافق الآثار الثابتة عن النبي ﷺ.

الشيخ: هذا محتمل، إن صحَّ يكون نصًّا في الخمار: النصيف؛ لأنه يُطلق على النساء، لكن مسح على الخفّين، والخمار يعني: العمامة؛ لأنَّ النبي مسح على الخمار، يعني: خماره هو، عمامته يعني، والمعنى واضح.

وإنما يمسح جميع ما تقدم (في حدثٍ أصغر)، لا في حدثٍ أكبر.

الشيخ: المسح إنما هو في حدثٍ أصغر، أما الحدث الأكبر فلا؛ لحديث صفوان بن عسال: أن الرسول أمرهم أن يمسحوا من الحدث الأصغر: البول والغائط والنوم، لا من الجنابة.

بل يغسل ما تحتها.

(و) يمسح على (جبيرةٍ) مشدودةٍ على كسرٍ أو جرحٍ ونحوهما (لم تتجاوز قدر الحاجة).

الشيخ: الجبيرة يمسح عليها أيضًا إذا دعت الحاجة إليها، على الجرح يمسح عليها غير مؤقتة، تخالف الخفَّ، يمسح عليها بقدر الحاجة، ولو طالت المدة يمسح على جميعها.

وهو موضع الجرح والكسر وما قرب منه، بحيث يحتاج إليه في شدِّها، فإن تعدَّى شدَّها محل الحاجة نزعها، فإن خشي تلفًا أو ضررًا تيمم لزائدٍ.

الشيخ: الجبيرة تكون على قدر الحاجة، فإذا زادت أزالها وقيَّدها بالحاجة، ستر الحاجة فقط، فإن شقَّ لضررٍ مسح على الجبيرة وتيمم للزائد، والأقرب هنا أنه لا يتيمم للزائد؛ لأنه ما كان للضرورة حكمه حكم الأصل، يمسح عليها والحمد لله؛ لأنها يشق نزعها، فصارت كمحل الجرح، لكن يُلاحظ أن الجبيرة تكون بقدر الحاجة.

س: ....... المسح دون التيمم؟

ج: هو الأظهر؛ لأنها عذر شرعي.

س: صفة المسح على الجبيرة؟

ج: يعمّها بالمسح بيده.

س: يعني بعد أن يتم الوضوء؟

ج: لا، عند المرور عليها، إن كانت في الرِّجْل فعند غسل الرِّجْل، وإن كانت في الذراع عند غسل الذراع، وإن كانت في الرأس عند مسح الرأس، عند وقتها، عند المرور عليها في الوضوء.

س: اللّصقة التي تكون في الظهر حال الاغتسال؟

ج: كذلك إذا كانت اللصقة في الظهر أو في الجنب يعمّها الماء في الغسل، إذا كان يحتاج إلى بقائها وفي نزعها مشقة.

س: قد يكون الشدُّ مُستديرًا على العضو، والجرح في جزءٍ من العضو؟

ج: هذا تبع هذا، ما احتاج إليه تبع.

س: المُقْعَد الذي يشقّ عليه الوضوء لكل صلاةٍ يتيمم؟

ج: لا، إذا كانت عليه مشقة يجمع بين الصلاتين، ما يتيمم.

س: قد يكون الجبس يعمّ الساق والرِّجْل، والكسر في جزءٍ من الساق؟

ج: الظاهر أنه يمسح عليه ويكفي، هذا الظاهر؛ لأنَّ ما يحتاج إليه في الجبيرة تبع له.

ودواء على البدن تضرر بقلعه كجبيرةٍ في المسح عليه.

الشيخ: الدواء كالجبيرة، نعم، إذا كان على هذا الجرح دواء يشقّ نزعه أو يضره نزعه يمسح عليه كالجبيرة.

(ولو في) حدثٍ (أكبر).

الشيخ: ولو في حدثٍ، هذا مما تخالف فيه الجبيرة الخفّ، يمسح عليها في الأصغر والأكبر جميعًا للضَّرورة، هذا للحاجة إليها.

لحديث صاحب الشّجة: إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعضد -أو يعصب- على جرحه خرقةً ويمسح عليها، ويغسل سائر جسده رواه أبو داود.

الشيخ: حديث صاحب الشجة من حديث جابرٍ؛ إنسان شُجَّ، فأفتاه بعضُ الناس بأن يغتسل، فاغتسل فمات، فقال: قتلوه، قتلهم الله، إنما كان يكفيه على رأسه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده رواه أبو داود وجماعة، لكن في سنده بعض الضعف، لكن هذا صحيح؛ لأنَّ الضرورة تدعو إلى ذلك.

س: في الحديث: تيمم؟

ج: هذا ضعيف، زيادة التيمم ضعيفة.

س: إذا كان الحديث ضعيفًا الحجة في هذا الضَّرورة؟

ج: نعم، القاعدة: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، حتى لو ما جاء حديثٌ، إذا جاز المسح للرخصة والتَّسهيل فجوازه للضرورة من باب أولى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، إذا جاز المسح على الخفّين والعمامة للرخصة والتَّسهيل وهذا للضَّرورة.

س: حديث عمرو بن العاص لما أصابته جنابة وتيمم؟

ج: هذا تيمم غير المسح.

س: رجل لا يتحرك في جسده إلا رأسه، ويمشي على كرسي، وعنده ساعة، ويتيمم، الآن فعله صحيح أم أنه يجمع بين الوضوء والتيمم؟

ج: ما يتيسر أحد يغسله؟

س: عنده سائق يذهب به ويأتي به.

ج: إذا تيسر مَن يُوضئه يتوضأ، وإذا ما تيسر يتيمم والحمد لله.

س: سائق السيارة يُوضئه؟

ج: إذا تيسر يوضئه، أو زوجته، أو أخوه، أو خادم آخر.

س: هو مركب على جهاز يستمر عليه تقريبًا ستّ ساعات، يذهب به، ويأتي به، هذا الجهاز كالسيارة الصغيرة؟

ج: يعني ما يتيسر الغسل؟

س: فيه شيء من المشقة.

ج: يعني ملازم للكرسي هذا؟

س: نعم.

ج: الأقرب والله أعلم للمشقة يتيمم، مثل: المريض الذي يشقّ عليه الوضوء.

س: حتى التيمم الحالة يُراد من ..؟

ج: يُيممه، يمسح وجهه وكفيه الذي معه، يمسح وجهه وكفَّيه.

س: الجمع بين الغسل والتيمم للعضو المتروك؟

ج: في أي شيء؟

س: إذا كان يترك عضوًا، يعني يقولون: يتوضأ ويتيمم عن الباقي، دليله؟

ج: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]؛ لأنَّه إذا كان في ذراعه جرح ولا يستطيع غسله يتيمم والحمد لله، والتيمم بدل الوضوء، لو تعطل كله تيمم عن الجميع.

والمسح عليها عزيمة (إلى حلّها).

الشيخ: يعني الجبيرة عزيمة، بخلاف الخفِّ رخصة، وأما الجبيرة فهي عزيمة يلزمه المسح عليها، ولا يجوز الترك؛ لأنَّ الغسل واجب، والوضوء واجب، ولا سبيل إلى هذا إلا بالمسح عليها.

أي يمسح على الجبيرة إلى حلّها أو برء ما تحتها.

الشيخ: نعم، متى برأ ما تحتها وحلّها غسل ما تحتها، فإن شقَّ أعادها ومسح، إن شقَّ غسلها أعاد الجبيرة ومسح عليها.

وليس مُؤقتًا كالمسح على الخفَّين ونحوهما.

الشيخ: المسح على الجبيرة ما هو بمؤقتٍ، والصواب أيضًا أنه لا يشترط لبسها على طهارةٍ، يجوز لبسها على غير طهارةٍ، فلو أصابه جرح ودعت الحاجةُ إلى وضع الجبيرة يجوز ولو قبل أن يتوضأ.

لأنَّ مسحها للضَّرورة فيتقدر بقدرها.

الشيخ: نعم، مسحها للضَّرورة، قد تقدر بقدرها، ولا يُشترط لها الطهارة قبلها، ولا يوم وليلة، ولا ثلاثة أيام، بل بقدر الضَّرورة، ولو مسح عليها شهرًا أو أكثر.

(إذا لبس ذلك) أي ما تقدم من الخفَّين ونحوهما والعمامة والخمار والجبيرة (بعد كمال الطهارة) بالماء.

الشيخ: لا بدَّ –شرط- أن يكون على طهارةٍ، لبس الخفّين أو الجوربين أو العمامة لا بدَّ أن يكون بعد كمال الطهارة، وهكذا الجبيرة على قولٍ، والصواب أن الجبيرة لا يُشترط لها ذلك، الصواب أن الجبيرة يمسح عليها ولو لبسها على غير طهارةٍ؛ لأنَّ لبسها للضرورة، ما هو بالاختيار.

ولو مسح فيها على حائلٍ أو تيمم لجرحٍ.

الشيخ: ولو مسح فيها على حائلٍ، لو لبس الخفَّين وقد مسح على جبيرةٍ، لبس الخفَّين طيب لا حرج، أو لبس خفًّا على خفٍّ، لبس خفًّا على طهارةٍ، ثم لبس عليه خفًّا آخر للبرد يمسح عليه؛ لأنه لبسه على طهارةٍ، كما يمسح الخفَّين، وإن كان في وضوئه مسح على جبيرةٍ؛ لأنه لبسه على طهارةٍ.

س: كيف مسح فيها على حائلٍ، يعني: جوربًا على جوربٍ؟

ج: مثل الجبيرة، ساتر في قدمه، أو في ذراعه مسح عليه، ثم أراد أن يلبس الخفَّين يلبس على الطهارة التي فيها المسح.

س: يعني مسح على الجبيرة التي في الرِّجْل؟

ج: نعم، جبيرة في رجله، أو في ذراعه.

س: ثم لبس عليها الخفَّ؟

ج: يلبس الخفَّين.

س: ويمسح عليها؟

ج: يمسح على الخفَّين نعم.

س: والخفُّ يخلعه بعد المدة؟

ج: بعد المدة، والجبيرة مستمرة.

س: ويُشترط في الخفِّ الذي يلبسه الطهارة، يشترط في الجبيرة قبله أن تكون طاهرةً، لبس الخفَّ على جبيرةٍ على طهارةٍ؟

ج: الصواب أنه يجوز لبسها على غير طهارةٍ، الصواب ما يشترط في الجبيرة لبسها على طهارةٍ، بخلاف الخفِّ.

س: وكذلك الجورب؟

ج: بعد الطهارة، لو لبس جوربًا على طهارةٍ، ثم لبس فوقه جوربًا على طهارةٍ يمسح عليه.

س: يمسح على الثاني ويكفيه؟

ج: إذا كان على طهارةٍ.

س: ولو سبق أنه مسح على الأول مرتين أو ثلاثًا؟

ج: إذا مسح على الأول مرتين أو ثلاثة، ثم لبس الخفَّ الثاني، لبسه على طهارةٍ مثل الجبيرة.

س: يعني يُكمل مسح اليوم والليلة على الأخير؟

ج: نعم؛ لأنه لبسه على طهارةٍ.

س: مَن قال أحسن الله إليك: يلزمه أن يمسح على الأول؟

ج: لا، ما هو بلازمٍ إذا كان لبسه على طهارةٍ، تعمُّه الأدلة؛ لأنَّ الإنسان قد يلبس خفًّا أو جوربًا ما يدفيه، يحطّ عليه ثانيًا، أو عمامة على عمامةٍ.

س: أي طهارةٍ؟ طهارة الرِّجْل أم طهارة الجورب الأول؟

ج: الوضوء الشرعي، كونه لبسه على طهارةٍ: على وضوءٍ شرعيٍّ.

ولو مسح فيها على حائلٍ أو تيمم لجرحٍ.

الشيخ: ولو تيمم لجرحٍ طهارته كاملة، لبس خفًّا ويمسح عليه، توضَّأ وفي يده جرح تيمم له، طهارة ثابتة.

فلو غسل رِجْلًا ثم أدخلها الخفَّ خلع، ثم لبس بعد غسل الأخرى.

الشيخ: حتى يكون لبسها على طهارةٍ، إذا لبس اليمنى على طهارةٍ قبل أن يغسل اليُسرى عند غسل اليسرى يخلع اليمنى ويُعيد غسلها؛ حتى يكون لبسها على طهارةٍ، بعض الناس قد يغسل رجله اليمنى ثم يُدخل الخفَّ قبل أن يغسل اليُسرى، ما تمت الطهارة، فإذا كملت الطهارة يخلع اليمنى ويُعيد غسلها ثانيةً؛ حتى يكون لبسها على طهارةٍ عند كثير من أهل العلم، وقال بعضهم: لا يُشترط ذلك، كما قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وجماعة.

والأحوط مثلما قالوا، الأحوط خلعها؛ لأن الرسول قال: إني أدخلتُهما طاهرتين في حديث المغيرة، وهذه أدخلها قبل أن تتم الطهارة، أدخل اليمنى قبل غسل اليسرى، ما بعد تمت الطهارة، فالأحوط أن يخلعها، بعدما يغسل اليسرى وهو قد لبس اليمنى يخلع اليمنى ثم يُعيد غسلها؛ حتى يكون لبسها على طهارةٍ.

س: لا بدَّ أولًا أن يغسل القدمين؟

ج: لا بدَّ، نعم.

س: يعني يؤيد قوله ﷺ: إني أدخلتُهما؟

ج: طاهرتين، لا يلبس الخفَّين إلا بعدما يغسل القدمين جميعًا.

ولو نوى جنب رفع حدثيه وغسل رجليه، وأدخلهما الخفَّ، ثم تمم طهارته، أو مسح رأسه، ثم لبس العمامة، ثم غسل رجليه، أو تيمم ولبس الخفَّ أو غيره، لم يمسح ولو جبيرة.

الشيخ: لأنه لبسهما على غير طهارةٍ، لا بدَّ أن يصبر حتى يُكمل الطَّهارة.

س: في كل الصور هذه؟

ج: في الصور هذه؛ لأنه ما بعد كمل الطهارة.

فإن خاف نزعها تيمم.

الشيخ: نزع الجبيرة الصواب مثلما تقدم: لا حرج في لبسها على غير طهارةٍ -الجبيرة خاصة- لأن العوارض تعرض.

ويمسح مَن به سلس بول أو نحوه إذا لبس بعد الطهارة.

الشيخ: هكذا صاحب السلس إذا توضأ بعد دخول الوقت يمسح، يلبس الخفَّين، يلبس العمامة ويمسح مدة يوم وليلةٍ.

لأنها كاملة في حقِّه، فإن زال عذره لزمه الخلع واستئناف الطهارة: كالمتيمم يجد الماء.

الشيخ: نعم، إذا زال عذره لزمه الخلع وتجديد الطَّهارة.

س: زوال العذر كيف؟

ج: انقطع السلس أو نحوه، أو الجرح، الذي يمشي.

(ومَن مسح في سفرٍ ثم أقام) أتمَّ مسح مقيمٍ إن بقي منه شيء وإلا خلع.

الشيخ: إذا مسح في السفر ثم أقام أتم مسح مقيم، وإن كان بعد مضي يوم وليلة انقطع بعد إقامته يخلع.

(أو عكس) أي مسح مقيمًا ثم سافر لم يزد على مسح مقيم؛ تغليبًا لجانب الحضر.

الشيخ: كذلك لو مسح مقيم ثم سافر يمسح مسح مقيم: يوم وليلة؛ تغليبًا لجانب الحضر.

(أو شكَّ في ابتدائه) أي ابتداء المسح، هل كان حضرًا أو سفرًا (فمسح مُقيم).

الشيخ: نعم، كذلك إذا شكَّ يمسح مسح مقيم؛ لأنه هو المتيقن: يوم وليلة.

أي: فيمسح تتمة يوم وليلةٍ فقط؛ لأنه المُتيقن.

(وإن أحدث) في الحضر (ثم سافر قبل مسحه فمسح مسافرٍ).

الشيخ: من باب أولى إذا سافر قبل أن يمسح يمسح مسح مسافر.

لأنه ابتدأ المسح مسافرًا.

الشيخ: نعم، ولو كان الحدثُ في الحضر.

(ولا يمسح قلانس) جمع قلنسوة، وهي المبطنات: كدنيات القضاة والنوميات، قال في "مجمع البحرين" على هيئة ما تتخذه الصوفية الآن.

الشيخ: لا يمسح على القلانس مثل الطاقية وأشباهها، لا يمسح عليها، هذه ما تُسمى: عمامة.

(ولا) يمسح (لفافةً).

الشيخ: ولا لفافة، نعم.

وهي الخرقة تُشدُّ على الرِّجْل، تحتها نعل أو لا، ولو مع مشقةٍ؛ لعدم ثبوتها بنفسها.

الشيخ: لأنها ما تُسمَّى: خُفًّا ولا جوربًا.

(ولا) يمسح (ما يسقط من القدم أو) خُفًّا (يرى منه بعضه) أي بعض القدم.

الشيخ: لأنه كالمشقوق.

س: لو احتاج إلى اللَّفائف من شدة البرد وما عنده جورب؟

ج: وقت الصلاة يخلعها ويغسل قدميه.

س: اختار شيخُ الإسلام أنَّ اللفائف يمسح عليها للحاجة؟

ج: ما عليه دليل، ما عليه دليل، الواجب الاقتصار على النص؛ لأنَّ هذه عبادات على النصِّ.

أم شيء من محلِّ الفرض؛ لأنَّ ما ظهر فرضه الغسل، ولا يُجامع المسح.

الشيخ: ما دام ظهر محلّ الفرض انتقضت الطَّهارة، متى ظهر الخفُّ أو جزءٌ من الخفِّ أو من الجورب أو أزال العمامة عن محلِّها المعتاد انتقضت الطهارةُ، عليه أن يُجدد الطَّهارة.

س: وإن لم تنتهِ المدة؟

ج: نعم، ولو؛ لأنَّ المقصود المسح على الخفِّ، وقد أزاله.

(فإن لبس خفًّا على خفٍّ قبل الحدث) ولو مع خرق أحد الخُفَّين (فالحكم لـ)لخُفِّ (الفوقاني).

الشيخ: إذا لبسه على  طهارةٍ فالحكم للفوقاني، ولو مع خرق أحد الخفّين، مثل: الكندرة على الجورب يمسح عليهما جميعًا، وإن كان الفوقي ثابتًا كفى وحده، إن كان ساترًا كفى وحده، وصار الحكم له.

س: وإن لبس الثاني بعد الحدث؟

ج: لا، ما يمسح، لا بدَّ أن يكون على طهارةٍ، يخلعه ويمسح على الأصل، لكن إذا لبس الثاني على طهارةٍ مسح على الثاني.

س: الذي فهمتُ منك عفا الله عنك أنه يمسح على الجورب الثاني؟

ج: إذا لبسهما على طهارةٍ يمسح عليهما جميعًا: الجورب والكندرة، وإلا الجورب والنَّعل، وإلا يمسح على الجورب ويكفي، يخلع الكندرة ويخلع النعل ويمسح على الجورب ويكفي، أما إذا لبس خفًّا  كاملًا على خفٍّ آخر على طهارةٍ مسح الفوقاني، مثل: جورب كامل على جورب آخر يمسح الفوقاني إذا كان على طهارته الأولى.

س: قول شيخ الإسلام: وإن كان مُقطَّعًا يبدو منه القدم يمسح عليه ولا بأس؟

ج: قول ضعيف.

س: إذا حصل خرقٌ كبيرٌ بعد مسحه؟

ج: يخلعه.

س: إذا مسح على الثاني .......؟

ج: إذا نزعه وهو على طهارةٍ وإلا بعد الحدث.

س: على طهارةٍ؟

ج: على الطهارة الأولى؟

س: ..... في الجوربين ومسح أول مسحٍ على ..؟

ج: إذا توضأ ومسح على الخفَّين ثم لبس خفًّا على خفٍّ على طهارةٍ ثم نزعه قبل أن يُحدث لا بأس، عود الأول، أما إذا نزعه بعد الحدث يبطل.

لأنه ساتر فأشبه المُنفرد، وكذا لو لبسه على لفافةٍ.

الشيخ: نعم، الحكم له، إذا حطَّ لفافةً تحته ولبسه فالحكم له –للخُفِّ- يوم وليلة.

وإن كانا مُخرقين لم يجز المسح ولو سترا.

الشيخ: نعم، إذا كانا مُخرقين لا يمسح عليهما ولو سترا، ولو كان خرق هذا ما يُقابل هذا.

س: ولو كان ما يُقابله في حكم الخفِّ الواحد؟

ج: صار كالخفِّ الواحد.

س: إذا كانت الخروق غير متقابلة؟

ج: نعم، ما يمسح عليه.

س: هنا يقول: وإن كانا مُخرَّقين لم يجز المسح ولو سترا؟

ج: نعم؛ لأنَّ كل واحدٍ ما يصلح بنفسه، هذا محل نظر، محتمل؛ لأنَّ مقابل السترة من الثاني تشبه الرقعة، إذا قيل بالمسح ليس ببعيدٍ إذا كان الخرقُ ما يُقابل الخرق، أحدهما ستر الآخر، هو من جنس الرقعة التي يرقع بها أحد الخفَّين، فإن هذا ما يُقابل خرق هذا، والقول بالمسح وجيه؛ لأنَّ الحكمة موجودة، والعلة موجودة وهي الستر، وليس فيه التساهل ولا التَّحيل.

س: ............؟

ج: ما بلغنا، يلبسونها لأجل وقاية الأرض فقط.

س: قوله: كان الصحابةُ خفافهم مُرقَّعة؟

ج: هذا ما يُخالف، إذا رقَّعها ما يُخالف.

س: مُخرَّقة؟

ج: الخروق اليسيرة يُعفى عنها إن شاء الله.

وإن أدخل يده من تحت الفوقاني ومسح الذي تحته جاز.

الشيخ: إذا كان على طهارةٍ نعم.

وإن أحدث ثم لبس الفوقاني قبل مسح التَّحتاني أو بعده لم يمسح الفوقاني، بل ما تحته.

الشيخ: هذا فيه نظر.

س: يعني أحسن الله إليك: لبس خفًّا ثم لبس فوقه آخر قبل أن يمسح الأسفل؟

ج: قبل مسحه، واضح.

س: أو بعده؟

ج: لأنه ما هو على طهارةٍ، لكن بعده كيف يصير؟ تقدم أنه إذا لبسه على طهارةٍ لا بأس بعد المسح، لا بأس.

س: مسح على الخفِّ الأول؟

ج: في العبارة نظر، أما إذا لبسه قبل المسح لأنه لبسه على غير طهارةٍ فلا يمسح عليه، أما إذا لبسه بعد مسح التَّحتاني وهو مسحه على طهارةٍ فلا بأس.

س: لكن أليس من المقرر عندهم أنَّ الإنسان إذا مسح على الخفِّ الأول تعلَّق الحكم به، ولو لبس الثاني على طهارةٍ لا يمسح عليه؟!

ج: القاعدة مثلما تقدم: ولو على طهارةٍ مسح بها خفًّا أو جبيرةً.

س: كلام الفقهاء؟

ج: تقدم هذا، هذا ينقض ما تقدم، والعبرة أن يلبسها على طهارةٍ، وهذا لبسها على طهارةٍ بعد مسحه مسحًا شرعيًّا، يكون قد لبسها على طهارةٍ.

س: إذا كان لم يُحدث ما في إشكال؟

ج: نعم، هذا لا شكَّ فيه.

س: ............؟

ج: المقصود إذا لبس الفوقاني على التحتاني وقد مسح عليه على طهارةٍ كاملةٍ لا بأس.

س: إذا مسح على الفوقاني يكون الحكم على الأول أو الثاني؟

ج: نعم.

ولو نزع الفوقاني بعد مسحه لزم نزع ما تحته.

الشيخ: إذا كان على غير طهارةٍ لو نزعه بعد الحدث نزعه معه؛ لأنه بطلت الطهارة.

س: أما إذا كان على طهارةٍ؟

ج: الطهارة الأولى ما بعد صار شيء، هذا مثل الذي يلبس الخفَّ وهو على طهارة ثم ينزعه، ما صار شيء، لكن إذا نزعه بعد الحدث بطلت الطَّهارةُ.