بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ حَرْقِ الْعَدُوِّ بِالنَّارِ
2673 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عبدالرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَّرَهُ عَلَى سَرِيَّةٍ قَالَ: فَخَرَجْتُ فِيهَا، وَقَالَ: إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا فَأَحْرِقُوهُ بِالنَّارِ. فَوَلَّيْتُ فَنَادَانِي فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا فَاقْتُلُوهُ وَلَا تُحْرِقُوهُ، فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ.
2674 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ، وَقُتَيْبَةُ، أَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ حَدَّثَهُمْ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي بَعْثٍ فَقَالَ: إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ.
الشيخ: وهذا يدل على أنه لا يجوز التعذيب بالنار، ولكن يعذب ولي الأمر بما يراه بقتله إذا كان يستحق القتل، بالضرب بالسجن، أما التعذيب بالنار فلا، مثل ما قال ﷺ: لا يعذب بالنار إلا رب النار.
س:وإن كان قصاصا؟
الشيخ: نعم وإن كان قصاصا، يقتص منه بغير النار.
س: سمر النبي ﷺ عيون العرنيين؟
الشيخ: هذا قصاص، سمر العين قصاص.
س: ما هو تعذيب بالنار؟
الشيخ: لا لا، ما هو بهذا من تعذيب النار، سمر العين يعني إزالة نور العين، سمرها يعني إزالة نورها.
س: القتل بالكهرباء؟
الشيخ: الظاهر أنه من تعذيب النار لأن الكهرباء نار.
س: علي بن أبي طالب حرق السبئية؟
الشيخ: هذا غلط انتقده الصحابة في هذا، قال ابن عباس: "أحب أن أكون قتلهم بالسيف" هذا اجتهاد منه من شدة غضبه لله أحرقهم، ولعله خفي عليه، أقول لعله ما بلغه النهي الثابت، هذا أحسن ما يحمل عليه أنه ما بلغه النهي.
س: إذا كان السلاح الذي يقاتل به العدو سلاح حارق خارق؟
الشيخ: المقصود تعمد تعذيب النار لا، أما السلاح الرصاص والمكائن وغير ذلك هذا التعذيب بالآلة الفشك التي فيها، والسلاح الذي فيها لا مجرد تعذيب النار.
س: وإن كان في مثلا آلة ويضرب بسلاح معين يعلم أن هذا السلاح يحرق هذه الآلة، ويحترق فيها من بداخلها؟
الشيخ: المقصود إذا كان نار ما يجوز، إذا كان يعذب بنار، يشب فيه نار، يوقد عليه نار، هذا التعذيب.
س: في بعض الأجهزة الكهربائية لقتل الحشرات؟
الشيخ: ما يصلح إلا بغير النار، يدور مبيدات أخرى ما هي بنار، يقتلها بالمبيدات الأخرى.
الشيخ: أيش قال الشارح عليه؟
الطالب: قوله: حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى قال حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن أبي إسحاق الشيباني عن ابن سعد - قال غير أبي صالح - من مشايخ في موضع ابن سعد مبهما عن الحسن بن سعد مسمى عن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود عن أبيه عبدالله بن مسعود قال: كنا مع رسول الله ﷺ في سفر، لم أقف على تعيينه، فانطلق رسول الله ﷺ لحاجته أي لقضاء الحاجة، فرأينا حمرة بضم الحاء المهملة وتشديد المفتوحة وقد يخفف، طائر صغير كالعصفور، معها فرخان، أي ولداها، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تفرش بفتح التاء وضم الراء إذا بسط جناحيه، وفي نسخة تعرش، في القاموس فرش الطائر تفريشا رفرف على الشيء كتفرش، فجاء النبي ﷺ فرآها فقال: من فجع هذه الحمرة بولدها؟ ردوا ولدها إليها، ورأى رسول الله ﷺ قرية نملة، أي موضعا قد حرقناه، أي القرية مع النمل، فقال: من حرق هذه القرية؟ قلنا: نحن، فقال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار. قال في الدر المختار وفي المبتغى: يكره إحراق جراد وقمل وعقرب، ولا بأس بإحراق حطب فيه نمل. اهـ
الشيخ: عجائب سبحان الله، ما ينبه على الأحكام ولا على السند، السند ضعيف لأن عبدالرحمن لم يسمع من أبيه، والأصل جواز صيد الطيور: أولادها وهي، لا بأس بذلك إذا صاد الطير أو صاد أولادها، هذا من الصيد الذي أباحه الله، الله أباح لعباده الصيد في البر والبحر إذا كان غير محرم، فلا بأس أن يصيد أولاد الحمام، أو أولاد العصافير، لا حرج في ذلك، وإذا صاد الأم أو الأب فلا بأس، أباح الله هذا الشيء.
عون المعبود حاضر؟
مداخلة: يقول أحسن الله إليك: قال الخطابي: وفي الحديث دلالة على أن تحريق بيوت الزنابير مكروهة، وأما النمل فالعذر فيه أقل، وذلك أن ضرره قد يزول من غير إحراق، قال: والنمل على ضربين: أحدهما: مؤذ ضرار، فدفع عاديته جائز، والضرب الآخر: الذي لا ضرر فيه، وهو طوال الأرجل لا يجوز قتله.
قال المنذري: ذكر البخاري وابن أبي حاتم الرازي أن عبدالرحمن بن عبدالله مسعود سمع من أبيه، وصحح الترمذي حديث عبدالرحمن عن أبيه بجامعه.
الشيخ: الصواب أنه لم يسمع منه كان صغيرا وهكذا أبو عبيدة لم يسمع من أبيه ولا تكلم على الحمرة؟
الطالب: قال بضم الحاء المهملة.
الشيخ: الأحكام الأحكام.
الطالب: ما تكلم أحسن الله إليك.
الشيخ: سبحان الله المقصود لا يقتل بالنار إذا دعت الحاجة إليه يقتل بالمبيد الشائع، بعض المبيدات الأخرى وإلا فلا يقتل، الرسول ﷺ نهى عن قتل النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد فإذا آذى النمل يقتل بغير النار.
س: قول الخطابي في التفريق بين الحشرات؟
الشيخ: الأصل عدم القتل إلا إذا كان فيه أذى.
س: مجرد وجود النمل وتكاثره في المنزل يعتبر إيذاء؟
الشيخ: إذا كان يؤذيهم، أما مجر وجوده وهو ما آذى أحدا ما يسمى إيذاء
س: قوله أن الجراد لا يحرق؟
الشيخ: الجراد مستثنى، يشوى ويطبخ ما له حيلة ما يذبح، هو الجراد ما له حيلة إلا هذا ما هو بيذبح.
س: قوله يكره إحراق النار؟
الشيخ: لا لا، الجراد لا بأس بطبخه ولا بأس بحرقه لأن ما فيه إلا هذا ما يؤكل إلا بهذا.
س: ..... عبدالرحمن سمع من أبيه يسيرا؟
الشيخ: يمكن واحد أو شيء قد يقع، لكن المقصود المعروف عنه أنه صغير لم يسمع منه، محمولة أخباره على الانقطاع.
س: إذا كان أخذ الأفراخ عبث؟
الشيخ: تركها أولى، إذا كان ما فيها فائدة تركها أولى، المهم إنما من أجل الصيد، من أجل المصلحة، الرسول ﷺ نهى عن إضاعة المال، وهذا ما فيه فائدة، تركها حتى تكبر أنفع للناس وأولى.
بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَكْرِي دَابَّتَهُ عَلَى النِّصْفِ أَوِ السَّهْمِ
2676 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو زَرْعَةَ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عبداللَّهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: «نادى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَخَرَجْتُ إِلَى أَهْلِي فَأَقْبَلْتُ، وَقَدْ خَرَجَ أَوَّلُ صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَطَفِقْتُ فِي الْمَدِينَةِ أُنَادِي أَلَا مَنْ يَحْمِلُ رَجُلًا لَهُ سَهْمُهُ؟ فَنَادَى شَيْخٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: لَنَا سَهْمُهُ عَلَى أَنْ نَحْمِلَهُ عَقَبَةً وَطَعَامُهُ مَعَنَا.
الشيخ: يحمله وسهمه الذي حصل له يأخذ يعني في الغزو، هذا من حرصهم على الجهاد.
الشيخ: أيش قال الشارح على عمرو بن عبدالله تكلم عليه؟ وإلا تخريجه وإلا شيء؟
الطالب: قوله: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الدمشقي أبو النضر الفراديسي مولى عمر بن عبدالعزيز روى عنه البخاري وربما نسبه إلى جده، وقال أبو زرعة: كان من الثقات البكائين.
الشيخ: هذا معروف بعده حدثنا؟
الطالب: حدثنا محمد بن شعيب قال أخبرني أبو زرعة يحيى بن عمرو السيباني بفتح السين المهملة وسكون التحتانية بعدها موحدة نسبة إلى سيبان وهي بطن من حمير، قال محمد بن حبيب: كل شيء من العرب شيبان إلا في حمير فإن فيها السيبان، والمشهور بهذه النسبة أبو زرعة يحيى بن أبي عمرو هذا ما كتب في المجتبائية والكنافورية والقادرية والمصرية من ثلاث نقاط على الشيباني غلط عن عمرو بن عبدالله الشيباني أبو عبدالجبار، ويقال أبو العجماء الحضرمي الحمصي ذكره ابن حبان في الثقات. قلت: قال الذهبي: ما علمت روى عنه سوى يحيى، وقال العجلي: شامي تابعي ثقة وفرق الدولابي بين أبي العجماء الحضرمي روى عن عمرو عنه يحيى بن أبي عمرو وبين أبي عبدالجبار عمرو بن عبدالله الراوي عن عوف بن مالك وغيره، فلم يذكر لأبي العجماء اسما، وكذلك ذكره الحاكم أبو أحمد فيمن لا يعرف اسمه أي أنه عمرو بن عبدالله.
قوله: حدثنا أي أبا زرعة يحيى بن عمرو عن واثلة بن الأسقع .
الشيخ: أيش قال عون المعبود شيء؟
الطالب: قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِيمَنْ يُعْطِي فَرَسَهُ عَلَى النِّصْفِ.
الشيخ: على عمرو تكلم على عمرو.
الطالب: يقول: وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ.
الشيخ: بس؟
الطالب: فقط.
الشيخ: تكلم كلام الشارح عليك عندك.
الطالب: عن واثلة بن الأسقع قال نادى رسول الله ﷺ في غزوة تبوك ووقعت تلك الغزوة سنة تسع فنادى رسول الله ﷺ بالتهيؤ إليها والبعث فيها، فخرجت إلى أهلي فلم أجد عندهم شيئا أتهيأ به للغزو، فأقبلت وقد والحال أنه قد خرج أول صحابة رسول الله ﷺ إلى الغزوة، فطفقت - أي شرعت - أدور في المدينة أنادي ألا من يحمل رجلا عبر عن نفسه بالغيبة، أي يحملني على دابته له سهمه، أي لمن يحمل سهمي الذي يحصل لي من الغنيمة في الغزو، فنادى شيخ من الأنصار لم أقف على تسميته قال: لنا سهمه، أي سهم الرجل، والمراد سهمك بالخطاب، فكنى بالغيبة على وفق قوله على أن نحمله عقبة، قال في القاموس: العقبة بالضم النوبة، وقال أعقب زيد عمرا ركبا بالنوبة، فالمراد بقوله نحمله على الدابة يركبها مرة وأركبها أخرى، وطعامه معنا. قلت: نعم. قال أي الشيخ الأنصاري: فسر، أي من السير إلى الغزو على بركة الله تعالى. قال: فخرجت مع خير صاحب - أي رفيق - حتى أفاء الله علينا، أي أعطانا الله من الفيء، فأصابني قلائص - جمع القلوص - وهي الشوائب من الإبل فسقتهن حتى أتيته، أي الشيخ الأنصاري، فخرج أي الأنصاري فقعد على حقيبة من حقائب إبله، الحقيبة هي الزيادة التي تجعل في مؤخرة القتب، ثم قال: سقهن مدبرات، فقال الأنصاري: ما أرى قلائصك إلا كراما، أي واثلة إنما هي غنيمتك التي شرطت لك، قال الأنصاري : خذ قلائصك يا ابن أخي، فغير سهمك الذي هو هذا أردنا، أي الذي قبلنا من سهمك بقولنا ولنا سهمه، لم نرد به السهم الدنيوي من الغنيمة بل الذي أردناه غير ذلك، وهو السهم الأخروى من الأجر والثواب.
فإن قلت: لم يقع في غزوة تبوك قتال فلم يحصل له غنيمة فكيف حصل لواثلة القلائص من الغنيمة أو الفيء؟
قلت: صرح أهل السير بأن رسول الله ﷺ بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة واستأسر خالد أكيدر، قال له خالد: هل لك أن نجيرك من القتل حتى آتي بك رسول الله ﷺ على أن تفتح لي دومة الجندل. قال: نعم لك ذلك، فلما صالح خالد أكيدر، وأكيدر في وثاق ومصاد أخو أكيدر في الحصن، أبى مصاد أن يفتح باب الحصن، فلما رآه أخاه في الوثاق فطلب أكيدر من خالد أن يصالحه على شيء حتى يفتح له باب الحصن وينطلق به وبأخيه إلى رسول الله ﷺ فيحكم فيهما بما شاء، فرضي خالد بذلك فصالحه أكيدر على ألفي بعير، وثمانمائة فرس، وأربعمائة درع، وأربعمائة رمح، ففعل خالد وخلا سبيله ففتح له باب الحصن فدخله وحقن دمه ودم أخيه، وانطلق بهما إلى رسول الله ﷺ، والنبي ﷺ بالمدينة، فلما قدم بهما إلى رسول الله ﷺ صالحه على إعطاء الجزية وخلى سبيلهما وكتب لهما كتاب أمان.
فإن قلت: قال أهل السير إن صالح على خالد بن الوليد مصاد أخا أكيدر هو ألفان من البعير، وكان الجيش ثلاثين ألفا، فكيف حصل لواثلة قلائص؟
قلت: لعل سرية خالد التي بعث بها إلى أكيدر جعل لها رسول الله ﷺ مما يحصل لها من الغنيمة الثلث أو الربع، ولعل واثلة كان فيها فأعطي منها ومن أصل الغنيمة، فحصل لها قلائص.
ومناسبة الحديث بالباب في السهم ظاهرة لأنه حمله على أنه له سهمه، وأما المناسبة في النصف فإنه لما جاز الكراء على السهم وهو مجهول على خطر جاز الكراء على النصف، فإن النصف أيضا مجهول، وليس فيه دليل على جوازه لأنه ﷺ لم يأمر به، ولم يقرهما عليه، وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه ، ثم إن ظاهر صنيع المؤلف أنه استنبط منه جواز الكراء بهذه الصفة، مع أنه لا يصح لأنها لم تكن إجارة، بل كانت عدة بمجازاة الحسنة بالحسنة، وذلك لأن الإجارة تتوقف صحتها على تعيين المعقود عليه والأجرة وغيرهما.
ونقل صاحب العون عن الخطابي: اختلف الناس في هذا، فقال أحمد بن حنبل رحمه الله فيمن يعطي فرسه على النصف مما يغنم في غزاته: أرجو أن لا يكون به بأس، وقال الأوزاعي: ما أراه إلا جائزا، وكان مالك بن أنس يكرهه، وفي مذهب الشافعي: لا يجوز أن يعطيه فرسا على سهم من الغنيمة، فإن فعل فله أجر مثل ركوبه انتهى.
قلت: ليس في الحديث أن الأنصاري أعطى دابته لواثلة على السهم، بل حمله عقبة، أي نوبة أو إردافا، وعلى هذا لا يدخل هذه الصورة فيمن أعطى دابته لآخر على السهم. اهــ
س: عقبه أو عقبة؟
الشيخ: عقبة عقبة، يركب تارة ويمشي تارة.