01 من حديث: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الطواف بسورتي الإخلاص)

بَابُ مَا جَاءَ مَا يُقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ

869- حدَّثنا أَبُو مُصْعَبٍ قِرَاءَةً، عَنْ عَبْدِالعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ بِسُورَتَيِ الْإِخْلَاصِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.

870- حَدَّثَنَا هَنَّادٌ: أخبرنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ بِـقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.

الشيخ: يعني كما فعل النبيُّ ﷺ، هذه السنة، وإن قرأ بغيرهما فلا بأس، ولكن هذا هو السنة: أن يقرأ فيهما بهاتين السُّورتين بعد الفاتحة، وهكذا تقرأ في سنة الفجر وسنة المغرب أيضًا.

قال أبو عيسى: وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِالعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ، وَحَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ فِي هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَعَبْدُالعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ ضَعِيفٌ فِي الحَدِيثِ.

الشيخ: وحديث جابرٍ أخرجه مسلم أيضًا.

بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الطَّوَافِ عُرْيَانًا

الشيخ: المراد بالكراهة هنا كراهة التَّحريم، لا يجوز بإجماع المسلمين الطواف عريانًا؛ لأنَّ الرسول نهى عن ذلك: لا يطوف بالبيت عريان، وهكذا في كل مكانٍ لا يجزي التَّعري بين الناس.

871- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أُثَيْعٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيًّا: بِأَيِّ شَيْءٍ بُعِثْتَ؟ قَالَ: بِأَرْبَعٍ: لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَلَا يَجْتَمِعُ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ، وَمَنْ لَا مُدَّةَ لَهُ فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ.

وَفِي البَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .

قال أبو عيسى: حَدِيثُ عَلِيٍّ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

الشيخ: وهذا في حجّة الصديق في العام التاسع من الهجرة، بعث النبيُّ ﷺ مُنادين يُنادون في أيام منى بهذه الأربع: لا يطوف بالبيت عريان، ولا يحجّ بعد العام مُشرك، ولا يدخل الجنةَ إلا نفس مؤمنة. والرابعة: مَن كان له عهدٌ عند رسول الله فهو على عهده، ومَن لم يكن له عهدٌ فله مدة أربعة أشهر، فإن أسلم وإلا يُقاتل.

872- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَا: أخبرنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. نَحْوَهُ، وَقَالَا: زَيْدُ بْنُ يُثَيْعٍ. وَهَذَا أَصَحُّ.

الشيخ: يُقال: أُثيع ويُثيع.

قال أبو عيسى: وَشُعْبَةُ وَهِمَ فِيهِ فَقَالَ: زَيْدُ بْنُ أُثَيْلٍ.

 

بَابُ مَا جَاءَ فِي دُخُولِ الكَعْبَةِ

873- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ: أخبرنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِالمَلِكِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ عِنْدِي وَهُوَ قَرِيرُ العَيْنِ، طَيِّبُ النَّفْسِ، فَرَجَعَ إِلَيَّ وَهُوَ حَزِينٌ، فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: إِنِّي دَخَلْتُ الكَعْبَةَ، وَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ فَعَلْتُ؛ إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ أَتْعَبْتُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي.

قال أبو عيسى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

الشيخ: دخلها يوم الفتح وصلَّى فيها ركعتين، وكبَّر في نواحيها، ولما قالت له عائشة، استأذنته في دخول الكعبة، قال: صلِّي في الحجر؛ فإنه من البيت؛ مخافة المشقة على أمته عليه الصلاة والسلام؛ ولهذا لم يدخلها في حجّة الوداع؛ لئلا يشقَّ على أمته عليه الصلاة والسلام.

س: صحيح؟

الشيخ: لا بأس به، نعم.

س: دخلها لما رجع إلى المدينة؟

الشيخ: دخلها عام الفتح فقط.

س: عائشة تقول: دخل عليَّ؟

الشيخ: كأنها حاضرة في الفتح، كأنَّ أزواجه معه ذاك الوقت، في أحاديث كثيرة تدل على أنَّ عائشة معه، وفاطمة، وأم هانئ.

بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي الكَعْبَةِ

874- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: أخبرنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ بِلَالٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى فِي جَوْفِ الكَعْبَةِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يُصَلِّ وَلَكِنَّهُ كَبَّرَ.

وَفِي البَابِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَالفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ .

قال أبو عيسى: حَدِيثُ بِلَالٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ: لَا يَرَوْنَ بِالصَّلَاةِ فِي الكَعْبَةِ بَأْسًا.

وقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ النَّافِلَةِ فِي الكَعْبَةِ. وَكَرِهَ أَنْ يُصَلِّي المَكْتُوبَةَ فِي الكَعْبَةِ.

وقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّي المَكْتُوبَةَ وَالتَّطَوُّعَ فِي الكَعْبَةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ النَّافِلَةِ وَالمَكْتُوبَةِ فِي الطَّهَارَةِ وَالقِبْلَةِ سَوَاءٌ.

الشيخ: الصواب أنه صلَّى فيها كما رواه بلال في "الصحيحين"، وابن عباس لم يطلع على هذا، ومَن أثبت حُجَّة على مَن لم يحفظ، فبلال -كما روى ابنُ عمر عنه- أخبر أنه صلَّى فيها ركعتين، وابن عباس خفي عليه هذا، وقال: إنه كبَّر في نواحيها ودعا ولم يُصلِّ. والصواب أنه فعل هذا وهذا عليه الصلاة والسلام، أيش قال الشارحُ على قوله: وفي الباب؟

الطالب: قوله: "وفي الباب عن أسامة بن زيد" أخرجه أحمد في "مسنده"، وابن حبان في "صحيحه" من طريق أبي الشَّعثاء، عن ابن عمر: أخبرني أسامة بن زيد: أنَّ النبي ﷺ صلَّى في الكعبة بين السَّاريتين، ومكثتُ معه عمرًا لم أسأله: كم صلَّى؟ قال الزَّيلعي في تخريجه بعد ذكره: هذا صحيح. انتهى.

الشيخ: وهذا مُوافق لحديث بلالٍ.

الطالب: وروى مسلم في "صحيحه" عن أسامةَ خلاف هذا كما تقدم.

قوله: "والفضل بن عباس" أخرجه أحمد وإسحاق بن راهويه في "مسنديهما"، والطبراني في "معجمه" بلفظ: أن رسول الله ﷺ لم يُصلِّ في الكعبة، ولكنه لما دخلها وقع ساجدًا بين العمودين، ثم جلس يدعو. كذا في "نصب الراية".

"وعثمان بن طلحة" أخرجه أبو داود، والبيهقي، وأحمد، والضياء: عن امرأةٍ من بني سليم، عن عثمان بن طلحة. كذا في شرح سراج أحمد.

"وشيبة بن عثمان" أخرجه ابن عساكر عن عبدالرحمن الزجاج، قال: أتيتُ شيبة بن عثمان فقلتُ: يا أبا عثمان، زعموا أنَّ النبي ﷺ دخل الكعبةَ فلم يُصلِّ، فقال: كذبوا وأبي، لقد صلَّى بين العمودين، ثم ألصق بهما بطنه وظهره. كذا في شرح سراج أحمد.

الشيخ: والصواب أنها تُشرع الصلاة لمن دخل الكعبة، أما الفريضة فخارج الكعبة؛ لأنَّ الرسول صلَّى الفرائض خارج الكعبة، ولو صلَّى فيها صحَّ مثلما قال مالك؛ لأنَّ الأصل صحّة النافلة والفريضة، هذا هو الأصل، لكن كون النبي ﷺ صلَّى فيها النافلة وخرج وصلَّى بالناس في الخارج، هذا هو الأفضل، هذا هو المشروع.

س: هل ألصق بطنه؟

الشيخ: المعروف وضع كفّيه على الجدار من داخل، ودعا عليه الصلاة والسلام، من حديث أسامة.

س: قوله: وأبي؟

الشيخ: إن صحَّ فهو خفي عليه الدليل، لكن في إسناده نظر، خفي عليه النَّسخ، كان يجوز الحلف بالآباء، ثم نُسخ، حرَّم اللهُ الحلفَ بالآباء وغيرهم.

س: إذا صلَّى في الحِجْر يُصلي في أي اتجاهٍ؟

الشيخ: لا، إلى الكعبة، إلى الجهة القائمة.

 

بَابُ مَا جَاءَ فِي كَسْرِ الكَعْبَةِ

875- حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ: أخبرنا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ: أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ لَهُ: حَدِّثْنِي بِمَا كَانَتْ تُفْضِي إِلَيْكَ أُمُّ المُؤْمِنِينَ. يَعْنِي: عَائِشَةَ، فَقَالَ: حَدَّثَتْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لَهَا: لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِالجَاهِلِيَّةِ، لَهَدَمْتُ الكَعْبَةَ، وَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ، فَلَمَّا مَلَكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ هَدَمَهَا وَجَعَلَ لَهَا بَابَيْنِ.

قال أبو عيسى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

الشيخ: وذلك أنه لما تولى ابنُ الزبير أخذ بحديث عائشة، قال: أنا قادر. فهدمها وجعل لها بابين، وأدخل الحِجْر؛ عملًا بحديث عائشة، فلما قُتِلَ ابنُ الزبير وتولَّى عبدالملك بن مروان أمر بإعادة الكعبة على حالها، وأخرج الحِجْر منها، فلما بلغه حديثُ عائشة هذا قال: ليتنا تركنا ابن الزبير وما فعل! ثم رأى أهلُ العلم منع الملوك من التَّصرف فيها؛ لئلا تكون ملعبةً للناس، ورأى أهلُ العلم بقاءها على حالها؛ حتى لا يتلاعب بها الناس، كل مَن ملك هذا يهدم، وهذا يبني، فبقيت على حالها.

بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي الحِجْرِ

876- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: أخبرنا عَبْدُالعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ ابْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أبيه، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَدْخُلَ البَيْتَ فَأُصَلِّيَ فِيهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي الحِجْرَ، وَقَالَ: صَلِّي فِي الحِجْرِ إِنْ أَرَدْتِ دُخُولَ البَيْتِ، فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ البَيْتِ، وَلَكِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوهُ حِينَ بَنَوا الكَعْبَةَ فَأَخْرَجُوهُ مِنَ البَيْتِ.

قال أبو عيسى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَعَلْقَمَةُ ابْنُ أَبِي عَلْقَمَةَ هُوَ عَلْقَمَةُ بْنُ بِلَالٍ.

مداخلة: عندنا عن علقمة ابن أبي علقمة، عن أمه، عن أبيه.

الشيخ: أيش قال الشَّارح؟

الطالب: قوله: "عن علقمة ابن أبي علقمة، عن أبيه، عن عائشة" كذا في نسخ الترمذي، وفي رواية أبي داود: عن علقمة، عن أمه، عن عائشة. وفي رواية النَّسائي: عن أمه، عن أبيه، عن عائشة. بزيادة: عن أبيه، عن أمِّه.

الشيخ: نعم، نسخة على هذا، ونسخة على هذا.