فَصْلٌ:
وَالْمُعَادَةُ: إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ تُعَادُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِمْ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ جَعَلُوهَا مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ.
وَاحْتَجَّ الْأَكْثَرُونَ بِثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ:
أَحَدُهَا: حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَهِدْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَجَّتَهُ فَصَلَّيْت مَعَهُ صَلَاةَ الْفَجْرِ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ إذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ فِي آخِرِ الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ، فَقَالَ: عَلَيَّ بِهِمَا، فَأُتِيَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا، فَقَالَ: مَا مَنْعُكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟ قَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا. قَالَ: لَا تَفْعَلَا، إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ. رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ كَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِي وَغَيْرِهِمَا وَأَحْمَد وَالْأَثْرَمِ.
الشيخ: وهذا من ذوات الأسباب، هذه من جملة ذوات الأسباب، فإذا جاء الإنسان وهم يصلون العصر وقد صلى يصلي معهم، ما يقول: صليت فلا أصلي، هذه من ذوات الأسباب كما قال النبي ﷺ لهؤلاء، كذلك الفجر، فمثل ذلك إذا دخل صلى تحية المسجد ولو بعد العصر أو بعد الصبح لأنها من ذوات الأسباب، ومثل هذا لو كسفت الشمس بعد العصر صلاها لأنها من ذوات الأسباب، ومثله لو طاف بالبيت صلى ركعتين بعد الطواف لأنها من ذوات الأسباب.
الشيخ: وهذا لعمومه: إذا صليت في رحلك ثم أدركت الجماعة فصل معهم يعم العصر وغيرها.
الثَّالِثُ: مَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كَيْفَ أَنْتَ إذَا كَانَتْ عَلَيْك أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ قَالَ: قُلْت فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْتهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَك نَافِلَةٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَضَرَبَ فَخِذِي: كَيْفَ أَنْتَ إذَا بَقِيت فِي قَوْمٍ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ قَالَ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا ثُمَّ اذْهَبْ لِحَاجَتِك فَإِنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمِ أَيْضًا صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْت الصَّلَاةَ فَصَلِّ وَلَا تَقُلْ إنِّي قَدْ صَلَّيْت فَلَا أُصَلِّي وَهَذِهِ النُّصُوصُ تَتَنَاوَلُ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَطْعًا؛ فَإِنَّهُمَا هُمَا اللَّتَانِ كَانَ الْأُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَهُمَا بِخِلَافِ الْفَجْرِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ لَمْ يَكُونُوا يُؤَخِّرُونَهَا، وَلَكِنْ كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الْعَصْرَ أَحْيَانًا إلَى شُرُوعِ الْغُرُوبِ.
وَحِينَئِذٍ فَقَدَ أَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا ثُمَّ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ بَعْدَ أَنْ صَلَّاهَا وَيَجْعَلَهَا نَافِلَةً وَهُوَ فِي وَقْتِ نَهْيٍ لِأَنَّهُ قَدْ صَلَّى الْعَصْرَ؛ وَلِأَنَّهُمْ قَدْ يُؤَخِّرُونَ الْعَصْرَ إلَى الِاصْفِرَارِ فَهَذَا صَرِيحٌ بِالْإِعَادَةِ فِي وَقْتِ النَّهْيِ.
الشيخ: ويقال أن هذا من ذوات الأسباب، ثم أيضا لو جلس لاتهم، لو جلس ولم يصل معهم لاتهم أنه لا يبالي بالصلاة، كون الناس يصلون وهو لا يصلي هذا يكون تهمة فيصلي معهم ولا تبقى عليه التهمة ويحصل له الأجر.
س: إذا قدم من سفر في وقت نهي؟
الشيخ: الأقرب والله أعلم أنه يمكن أن يقدم أو يؤخر؛ لأن القادم يمكن أن يؤخر قدومه في وقت تباح فيه الصلاة أو يؤخر، محل نظر، أقول محل نظر كونه يصلي في وقت النهي محل نظر لأن القادم باختياره يمكن يتقدم ويمكن يتأخر قليلا حتى يصلي في الوقت المناسب، بخلاف الذي يدخل المسجد للصلاة، وبخلاف الذي يحضر المسجد والناس يصلون وقد صلى.
س: إن صلى معهم المغرب يشفع بواحدة؟
الشيخ: لا، لا يشفع يصلي كما صلوا لا يشفعها.
س: بعض أهل العلم يقول إذا دخل قبل أذان المغرب بقليل ينتظر لا يجلس؟
الشيخ: لا، يصلي تحية المسجد ولا بأس إذا دخل المسجد ولو قبل الغروب لأن الرسول قال: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين وفي اللفظ الآخر: قال: فليركع ركعتين قبل أن يجلس هذا عام في أول الوقت وفي آخره.
س: هنا لا يجلس؟
الشيخ: يصلي ركعتين ويجلس لا يتكلف لا يتعب نفسه.
س: صلاة التوبة؟
الشيخ: الظاهر ما يصليها في وقت النهي لأنها وقتها واسع، يصليها في الوقت المباح، إذا كان عليه ذنوب وأحس بذنب وأحب أن يتوب يتطهر ويصلي ويتوب إلى الله - جل وعلا -، هذا من أسباب التوبة كما في حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقد يقال إنها من ذوات الأسباب لأنه إذا توضأ الوضوء له سنة وهذا من ذوات الأسباب، إذا توضأ شرع له أن يصلي ركعتين وإذا تاب فيها فهذا من ذوات الأسباب.
فَصْلٌ:
وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ.
الشيخ: لأنها من ذوات الأسباب، لما حضرت الجنازة صلى عليها بعد العصر وبعد الفجر لأنه وقت طويل بخلاف عند التضايق إذا ضاق الوقت تؤخر.
وَتِلْكَ الْأَنْوَاعُ الثَّلَاثَةُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهَا قَوْلُ أَحْمَد أَنَّهَا تُفْعَلُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ؛ لِأَنَّ فِيهَا أَحَادِيثُ خَاصَّةٌ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِهَا فِي وَقْتِ النَّهْيِ، فَلِهَذَا اسْتَثْنَاهَا وَاسْتَثْنَى الْجِنَازَةَ فِي الْوَقْتَيْنِ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَمَّا سَائِرُ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ: مِثْلَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَمِثْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ وَمِثْلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ فَاخْتَلَفَ كَلَامُهُ فِيهَا. وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ النَّهْيُ وَهُوَ اخْتِيَارُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: كالخرقي وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، لَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ يُجَوِّزُ السُّجُودَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ لَا وَاجِبَ عِنْدَهُ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: جَوَازُ جَمِيعِ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ، وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي الْخَطَّابِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي هَذَا الْبَابِ لِوُجُوهِ:
مِنْهَا: أَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ قَدْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي قتادة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ. قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ، وَعَنْهُ قَالَ: دَخَلْت الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَالِسٌ بَيْنَ ظهراني النَّاسِ قَالَ: فَجَلَسْت فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا مَنَعَك أَنْ تَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ؟ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُك جَالِسًا وَالنَّاسُ جُلُوسٌ، قَالَ: فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ فَهَذَا فِيهِ الْأَمْرُ بِرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ وَالنَّهْيُ عَنْ أَنْ يَجْلِسَ حَتَّى يَرْكَعَهُمَا، وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ وَقْتٍ عُمُومًا مَحْفُوظًا لَمْ يَخُصَّ مِنْهُ صُورَةً بِنَصِّ وَلَا إجْمَاعٍ، وَحَدِيثُ النَّهْيِ قَدْ عُرِفَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَامِّ وَالْعَامُّ الْمَحْفُوظُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ، فَإِنَّ هَذَا قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَامِّ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُقْتَضِيَ لِعُمُومِهِ قَائِمٌ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: مَا أَخْرَجَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ النَّاسَ فَقَالَ: صَلَّيْت يَا فُلَانُ؟ قَالَ: لَا قَالَ: قُمْ فَارْكَعْ وَفِي رِوَايَةٍ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَلِمُسْلِمِ قَالَ: ثُمَّ قَالَ: إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا وَأَحْمَد أَخَذَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بِلَا خِلَافٍ عَنْهُ هُوَ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ: كَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ، كَمَا رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ مِثْلَ الْحَسَنِ وَمَكْحُولٍ وَغَيْرِهِمَا.
الشيخ: وهذا يدل على تأكدهما، ولهذا أمر بهما والإمام يخطب، إذا دخل الواحد والإمام يخطب يركعهما ثم يستمع ويتجوز فيهما.
س: .....؟
الشيخ: يعني عدم التطويل، يصلي صلاة مجزئة يطمئن فيها لكن لا يطول حتى يجمع بين المصلحتين؛ بين الركعتين وبين الاستماع.
س: .....؟
الشيخ: حديث: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع وأشباهه.
وَكَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَعْرِفُوا هَذَا الْحَدِيثَ فَنُهُوا عَنْ الصَّلَاةِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ نَهْيٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ شريح والنَّخَعِي وَابْنِ سِيرِين، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَاللَّيْثِ وَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ. وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ مَنْ مَنَعَ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَقْتَ النَّهْيِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ وَالْخَطِيبَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَشَدُّ نَهْيًا؛ بَلْ هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ كُلِّ مَا يَشْغَلُهُ عَنْ الِاسْتِمَاعِ وَإِذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَا، فَإِذَا كَانَ قَدْ أُمِرَ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فِي وَقْتِ الْخُطْبَةِ فَهُوَ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ أَوْلَى بِالْأَمْرِ.
وَقَدْ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي غَيْرِ وَقْتِ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ يُسَنُّ لَهُ الرُّكُوعُ لِقَوْلِهِ: إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَقَالُوا تَنْقَطِعُ الصَّلَاةُ بِجُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ غَيْرُ الدَّاخِلِ يُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَيُوجِزُ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ بَيِّنٌ، بَلْ إذَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَمَرَ بِالتَّحِيَّةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَهُوَ وَقْتُ نَهْيٍ عَنْ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَشْغَلُ عَنْ الِاسْتِمَاعِ؛ فَأَوْقَاتُ النَّهْيِ الْبَاقِيَةِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ.
يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَا يُصَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ؛ وَلَا يُطَافُ بِالْبَيْتِ وَلَا يُصَلِّي رَكْعَتَا الطَّوَافَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ هُنَا أَوْكَدُ وَأَضْيَقُ مِنْهُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ، فَإِذَا أَمَرَ هُنَا بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فَالْأَمْرُ بِهَا هُنَاكَ أَوْلَى وَأَحْرَى، وَهَذَا بَيِّنٌ وَاضِحٌ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ.
الشيخ: ويبين هذا أنه إذا شرع الإمام في الخطبة فينبغي للطواف أن يقفوا للاستماع، فلا يطوفوا والإمام يخطب بل يجلس مع الناس لسماع الخطبة لأن الطواف وقته واسع.
س: صلاة ركعتان؟
الشيخ: إذا دخل المسجد يصلي ركعتين.
س: .....؟
الشيخ: يصليها بعدين.
س: .....؟
الشيخ: يقطع الطواف ويتأخر.
س: .....؟
الشيخ: لا، لا يصلي ركعتين ولا يكمل الطواف إن شرع الخطيب يجلس مع الناس.
س: .....؟
الشيخ: الله أعلم.
الشيخ: إذ كان الشارع تعليل، عندك ألف؟
الطالب: نعم.
الشيخ: وإيش بعده؟
إذ كَانَ الشَّارِعُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ فَيَجْعَلُ هَذَا مَأْمُورًا وَهَذَا مَحْظُورًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْذُونُ فِيهِ لَهُ سَبَبٌ، فَالْمُصَلِّي صَلَاةَ السَّبَبِ صَلَّاهَا لِأَجْلِ السَّبَبِ لَمْ يَتَطَوَّعْ تَطَوُّعًا مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يُصَلِّهَا لَفَاتَهُ مَصْلَحَةُ الصَّلَاةِ كَمَا يَفُوتُهُ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ مَا فِي صَلَاةِ التَّحِيَّةِ مِنْ الْأَجْرِ، وَكَذَلِكَ يَفُوتُهُ مَا فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، كَذَلِكَ يَفُوتُهُ مَا فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَسَائِرِ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ شَيْئًا آخَرَ.
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ: حَصَلَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ وَغَيْرِهَا.
وَإِنْ كَانَ الثَّانِي قِيلَ لَهُمْ: فَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ الْفَرْقَ، بَلْ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَعْضٍ وَرَخَّصَ فِي بَعْضٍ وَلَا تَعْلَمُونَ الْفَرْقَ فَلَا يَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَتَكَلَّمُوا فِي سَائِرِ مَوَارِدِ النِّزَاعِ لَا بِنَهْيٍ وَلَا بِإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ الَّذِي فَرَّقَ بِهِ الشَّارِعُ فِي صُورَةِ النَّصِّ فَأَبَاحَ بَعْضًا وَحَرَّمَ بَعْضًا مُتَنَاوَلًا لِمَوَارِدِ النِّزَاعِ، إمَّا نَهْيًا عَنْهُ، وَإِمَّا إذْنًا فِيهِ، وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ وَاحِدًا مِنْ النَّوْعَيْنِ، فَلَا يَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَنْهَوْا إلَّا عَمَّا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ نَهَى عَنْهُ لِانْتِفَاءِ الْوَصْفِ الْمُبِيحِ عَنْهُ وَلَا تَأْذَنُوا إلَّا فِيمَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ أَذِنَ فِيهِ؛ لِشُمُولِ الْوَصْفِ الْمُبِيحِ لَهُ، وَأَمَّا التَّحْلِيلُ وَالتَّحْرِيمُ بِغَيْرِ أَصْلٍ مُفَرَّقٍ عَنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ فَلَا يَجُوزُ.
فَإِنْ قِيلَ: أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَامَّةٌ، فَنَحْنُ نَحْمِلُهَا عَلَى عُمُومِهَا إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ فَمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ لِمَجِيءِ نَصٍّ خَاصٍّ فِيهِ خَصَّصْنَاهَا بِهِ وَإِلَّا أَبْقَيْنَاهَا عَلَى الْعُمُومِ.
قِيلَ: هَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ أَنْ لَوْ كَانَ هَذَا الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ لَمْ يُعَارِضْهُ عمومات مَحْفُوظَةٌ أَقْوَى مِنْهُ، وَأَنَّهُ لَمَّا خُصَّ مِنْهُ صُوَرٌ عُلِمَ اخْتِصَاصُهَا بِمَا يُوجِبُ الْفَرْقَ، فَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ عَامٌّ خُصَّ مِنْهُ صُوَرٌ لِمَعْنَى مُنْتَفٍ مِنْ غَيْرِهَا بَقِيَ مَا سِوَى ذَلِكَ عَلَى الْعُمُومِ، فَكَيْفَ وَعُمُومُهُ مُنْتَفٍ وَقَدْ عَارَضَهُ أَحَادِيثُ خَاصَّةٌ وَعَامَّةٌ عُمُومًا مَحْفُوظًا، وَمَا خُصَّ مِنْهُ لَمْ يَخْتَصَّ بِوَصْفِ يُوجِبُ اسْتِثْنَاءَهُ دُونَ غَيْرِهِ، بَلْ غَيْرُهُ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الْوَصْفِ الْمُوجِبِ لِتَخْصِيصِهِ أَوْ أَوْلَى مِنْهُ بِالتَّخْصِيصِ، وَحَاجَةُ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةُ إلَى تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ أَعْظَمُ مِنْهَا إلَى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَأْخِيرُ الطَّوَافِ بِخِلَافِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهَا لَا تُمْكِنُ؛ ثُمَّ الرَّجُلُ إذَا دَخَلَ وَقْتُ نَهْيٍ إنْ جَلَسَ وَلَمْ يُصَلِّ كَانَ مُخَالِفًا لِأَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ مُفَوِّتًا هَذِهِ الْمَصْلَحَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ آثِمًا بِالْمَعْصِيَةِ، وَإِنْ بَقِيَ قَائِمًا أَوْ امْتَنَعَ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ فَهَذَا شَرٌّ عَظِيمٌ.
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُصَلِّي سُنَّةَ الْفَجْرِ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ يَأْتِي إلَى الْمَسْجِدِ، فَاَلَّذِينَ يَكْرَهُونَ التَّحِيَّةَ: مِنْهُمْ مَنْ يَقِفُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حَتَّى يُقِيمَ فَيَدْخُلُ يُصَلِّي مَعَهُمْ وَيَحْرِمُ نَفْسَهُ دُخُولَ بَيْتِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الشَّرِيفِ وَذِكْرَ اللَّهِ فِيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُ وَيَجْلِسُ وَلَا يُصَلِّي فَيُخَالِفُ الْأَمْرَ، وَهَذَا وَنَحْوُهُ مِمَّا يُبَيِّنُ قَطْعًا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مَأْمُورُونَ بِالتَّحِيَّةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَمَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ طَرَفَيْ النَّهَارِ، وَلَوْ كَانُوا مَنْهِيِّينَ عَنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ حِينَئِذٍ لَكَانَ هَذَا مِمَّا يَظْهَرُ نَهْيُ الرَّسُولِ عَنْهُ، فَكَيْفَ وَهُوَ قَدْ أَمَرَهُمْ إذَا دَخَلَ أَحَدُهُمْ الْمَسْجِدَ وَالْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَا يَجْلِسُ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، أَلَيْسَ فِي أَمْرِهِمْ بِهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ تَنْبِيهًا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْقَاتِ؟
الشيخ: بالرفع اسم ليس تنبيهٌ.
تَنْبِيهٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْقَاتِ.
س: بعض أهل العلم يقول: أن تحية المسجد الحرام الطواف؟
الشيخ: لا، إذا كان الوقت ضيقا يصلي ركعتين ولا يطوف، الطواف في وقت سعة، أما إذا كان خطبة وإلا شيء يصلي ركعتين بس ولا يطوف، الطواف تحية المسجد في الوقت الذي يشرع فيه الطواف، أما إذا كان دخل والناس قد ملؤوا المسجد أو الإقامة قريبة يصلي ركعتين ولا يحتاج طواف، الطواف بعدين.
س: الذي يطوف وأقيمت الصلاة هل يبدأ من حيث انتهى؟
الشيخ: هذا الصواب من حيث انتهى، وقال بعضهم: من الركن، ولكن الصواب من حيث انتهى.
س: .....؟
الشيخ: شرب الماء؟
س: .....
الشيخ: والله إذا تيسر تركه أولى، إذا كان التأجيل أولى لعموم الأمر بالإنصات والإقبال على الخطبة، فالأكل والشرب إذا تأجل أولى إذا تيسر، وخصوصا أن الوقت في الغالب قصير، ما يتكلف الإنسان لو صبر، وإن كان الشرب خفيفا لكن إذا تيسر تأجيله فحسن إن شاء الله، وإلا فالأمر فيه يسير إن شاء الله.
س: أليس القول الراجح في تحية المسجد أنها واجبة؟
الشيخ: المشهور عند العلماء أنها سنة، والقول بالوجوب قول قوي لأن فيها أوامر.
الشيخ: لا شك أن التنبيه وأنه متى دخل المسجد بعد العصر أو بعد الصبح يصلي ركعتين تحية المسجد لقوله ﷺ: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ما قال: إلا بعد العصر، وإلا بعد الصبح، أطلق وعمم، ولما دخل رجل والإمام يخطب قال: قم فصل ركعتين والإمام يخطب، فحال الخطبة أعظم من حال العصر والصبح.
الشيخ: لأنه فعلها لأسباب دخول المسجد، لأسباب الطواف، لأسباب الكسوف، فليس في هذا متشبها بالكفار لأنه إنما فعلها لأسبابها.
الشيخ: نعم، وهي سنة الطواف، وسنة صلاة الكسوف وتحية المسجد؛ لأنها تفوت، إذا تركها فات وقتها، أما صلاته سنة الظهر بعد العصر فهذه من خصائصه ﷺ، لا تقضى سنة الظهر بعد العصر لأنه سئل عن هذا فقال: لا، قالت له أم سلمة: أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: لا.
الشيخ: وهذا قول ضعيف، لأنه لم يبلغه أبو محمد، لم يبلغه النهي، فلهذا قال هذا، والصواب أنها لا تقضى بعد العصر، وإنما تقضى سنة الفجر خاصة لأنها جاء بها النص تقضى بعد الفجر أو بعد طلوع الشمس.
س: .....؟
ج: هذا في الفرائض.
الشيخ: نعم، هذا جاء به النص.
الشيخ: جاء النص بأنها تقضى بعد صلاة الفجر وبعد طلوع الشمس سنة الفجر.
الشيخ: وهذا قول ضعيف، هذا الذي ذكره المؤلف قول ضعيف، والصواب أنه لا يوتر في الضحى لأن الأحاديث الصحيحة واضحة أن الرسول ﷺ قال: إذا طلع الفجر فلا وتر، وقال: أوتروا قبل أن تصبحوا، وكان ﷺ إذا فاته ورده من الليل صلاه من النهار، تقول عائشة رضي الله عنها: كان إذا شغله عن ورده من الليل نوم أو مرض صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة يعني بعد الشمس الضحى.
س: .....؟
ج: لا، إذا طلع الفجر ينتهي، لكن إذا كان أذن وهو يوتر يكمل؛ لأن الأذان قد يكون ما عنده يقين الصبح على ظن الصبح، والركعة زمنها يسير إذا صلاها وهو يؤذن لا يضر لأنه غير متيقن الصبح.
س: .....؟
ج: أفضل له يقضي الضحى.
وَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ نِزَاعًا إلَّا عَنْ أَبِي مُوسَى مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي بَعْدَ الْفَجْرِ.
قَالَ: وَأَحَادِيثُ النَّهْيِ الصَّحِيحَةُ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي النَّهْيِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَإِنَّمَا فِيهِ حَدِيثُ أبي وَقَدْ احْتَجَّ أَحْمَد بِحَدِيثِ أَبِي نَضْرَةَ الْغِفَارِيِّ.
الشيخ: أبي بصرة.
وَقَدْ احْتَجَّ أَحْمَد بِحَدِيثِ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً فَصَلُّوهَا مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ: الْوِتْرَ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ. قَالَ مَالِكٌ: مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ، قَالَ: وَحَكَاهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى الخرقي فِي "الْإِرْشَادِ" مَذْهَبًا لِأَحْمَدَ قِيَاسًا عَلَى الْوِتْرِ.
قُلْت: وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ لَا يُنَاقِضُ مَا ذَكَرَهُ الخرقي وَغَيْرُهُ مِنْ قُدَمَاءِ الْأَصْحَابِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ إبَاحَةَ الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِ النَّهْيِ: قَضَاءِ الْفَوَائِتِ، وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، وَإِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَلَكِنْ ذَكَرَ النَّهْيَ عَنْ الْكُسُوفِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي بَابِهِمَا، فَلَمْ يَنْهَ عَنْ قَضَاءِ السُّنَنِ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ.
فَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد: أَنَّ السُّنَنَ الرَّاتِبَةَ تُقْضَى بَعْدَ الْعَصْرِ وَلَا تُقْضَى فِي سَائِرِ أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَلَا يُفْعَلُ غَيْرُهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ: كَالتَّحِيَّةِ، وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَصَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ، وَصَلَاةِ التَّوْبَةِ، وَسُنَّةِ الْوُضُوءِ، وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ، لَا فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَلَا فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُمْ وَجَدُوا الْقَضَاءَ فِيهَا قَدْ ثَبَتَ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ. قَالُوا: وَالنَّهْيُ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهِ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِيهِ، فَلَا يُلْحَقُ بِهِ سَائِرُ الْأَوْقَاتِ، وَالرَّوَاتِبُ لَهَا مَزِيَّةٌ وَهَذَا الْفَرْقُ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ ﷺ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَأَمْرَهُ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ أَقْوَى مِنْ قَضَاءِ سُنَّةِ فَائِتَةٍ، فَإِذَا جَازَ هَذَا فَذَاكَ أَجْوَزُ، فَإِنَّ قَضَاءَ السُّنَنِ لَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ مِنْ النَّبِيِّ ﷺ بَلْ وَلَا أَمْرٌ بِنَفْسِ السُّنَّةِ - سُنَّةِ الظُّهْرِ - لَكِنَّهُ فَعَلَهَا وَدَاوَمَ عَلَيْهَا وَقَضَاهَا لَمَّا فَاتَتْهُ. وَمَا أَمَرَ بِهِ أُمَّتَهُ لَا سِيَّمَا وَكَانَ هُوَ أَيْضًا يَفْعَلُهُ فَهُوَ أَوْكَدُ مِمَّا فَعَلَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهِ.
الشيخ: ولا شك أن ما ذكره المؤلف هو الصواب أن صلاة ذوات الأسباب في أوقات النهي أمر مسلم، وأما قضاء النوافل في أوقات النهي فلا إلا سنة الفجر فقط جاء بها النص.
الشيخ: لا تقضى الرواتب، سنة الفجر تقضى بعد الفجر، وسنة الظهر الأولى تقضى بعد صلاة الظهر بعد الفريضة، أما أن تصلى بعد العصر لا، لأن الرسول ﷺ نهى عنها.
س: .....؟
ج: لا، غلط، الصواب مطلقا تصلى تحية المسجد مطلقا ولو قبل الغروب بدقائق لعموم الحديث.
الشيخ: يعني سنة راتبة، أن يتخذها الناس سنة لازمة، فالصلاة بين الأذانين مستحبة وليست لازمة، ولهذا قال ﷺ: لمن شاء، قال: صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، ثم قال في الثالثة: لمن شاء لئلا يظن الناس الوجوب.