05 من قوله: (فأما احتجاج الجهمية على أهل السنة والآثار في هذا النحو)

فَأَمَّا احْتِجَاجُ الْجَهْمِيَّةِ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْآثَارِ فِي هَذَا النَّحْوِ بِقَوْلِهِ تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]، فَمَنِ الْقَائِلُ: إِنَّ لِخَالِقِنَا مِثْلًا، أَوْ إِنَّ لَهُ شَبِيهًا؟ وَهَذَا مِنَ التَّمْوِيهِ عَلَى الرِّعَاعِ وَالسُّفْلِ.

الشيخ: السفل جمع سفلة.

وَهَذَا مِنَ التَّمْوِيهِ عَلَى الرِّعَاعِ وَالسُّفْلِ، يُمَوِّهُونَ بمثل هَذَا عَلَى الْجُهَّالِ، يُوهِمُونَهُمْ أَنَّ مَنْ وَصَفَ اللَّهَ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ أَوْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ﷺ فَقَدْ شَبَّهَ الْخَالِقَ بِالْمَخْلُوقِ، وَكَيْفَ يَكُونُ يَا ذَوِي الْحِجَا خَلْقُهُ مِثْلَهُ؟!

نَقُولُ: اللَّهُ الْقَدِيمُ ولَمْ يَزَلْ، وَالْخَلْقُ مُحْدَثٌ مَرْبُوبٌ، وَاللَّهُ الرَّازِقُ، وَالْخَلْقُ مَرْزُوقُونَ، وَاللَّهُ الدَّائِمُ الْبَاقِي وَخَلْقُهُ هَالِكٌ غَيْرُ بَاقٍ، وَاللَّهُ الْغَنِيُّ عَنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ، وَالْخَلْقُ فُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ خَالِقِهِمْ، وَلَيْسَ فِي تَسْمِيَتِنَا بَعْضَ الْخَلْقِ بِبَعْضِ أَسَامِي اللَّهِ بِمُوجِبٍ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ عَنِ اللَّهِ خِطَابَهُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّكُمْ شَبَّهْتُمُ اللَّهَ بِخَلْقِهِ؛ إِذْ أَوْقَعْتُمْ بعضَ أَسَامِيَ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَهَلْ يُمْكِنُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالِ حَلُّ هَذِهِ الْأَسَامِي مِنَ الْمَصَاحِفِ أَوْ مَحْوُهَا مِنْ صُدُورِ أَهْلِ الْقُرْآنِ؟ أَوْ تَرْكُ تِلَاوَتِهَا فِي الْمَحَارِيبِ وَفِي الدُّور وَالْبُيُوتِ؟

أَلَيْسَ قَدْ أَعْلَمَنَا مُنَزِّلُ الْقُرْآنِ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ أَنَّهُ الْمَلِكُ، وَسَمَّى بَعْضَ عَبِيدِهِ: مَلِكًا؟ وَخَبَّرَنَا أَنَّهُ السَّلَامُ، وَسَمَّى تَحِيَّةَ الْمُؤْمِنِينَ بَيْنَهُمْ: سَلَامًا فِي الدُّنْيَا وَفِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ [الأحزاب:44]، وَنَبِيُّنَا الْمُصْطَفَى ﷺ قَدْ كَانَ يَقُولُ يَوْمَ فَرَاغِهِ مِنْ تَسْلِيمِ الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، وَقَالَ : وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا [النساء:94]، فَثَبَتَ بِخَبَرِ اللَّهِ أَنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ [الحشر:23]، وَأَوْقَعَ هَذَا الِاسْمَ عَلَى غَيْرِ الْخَالِقِ الْبَارِئِ، وَأَعْلَمَنَا أَنَّهُ الْمُؤْمِنُ، وَسَمَّى بَعْضَ عِبَادِهِ: الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال:2]، وَقَالَ: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ الْآيَةَ [النور:62]، وَقَالَ: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا [الحجرات:9]، وَقَالَ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [الأحزاب:35].

وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ أَنَّ اللَّهَ خَبَّرَ أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، وَقَدْ أَعْلَمَنَا أَنَّهُ جَعَلَ الْإِنْسَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا، فَقَالَ: هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ إِلَى قَوْلِهِ: فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا [الإنسان:1- 2]، وَاللَّهُ الْحَكَمُ الْعَدْلُ، وَخَبَّرَنَا نَبِيُّنَا ﷺ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عليه الصلاة والسلام يَنْزِلُ قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ حَكَمًا عَدْلًا، وَإِمَامًا مُقْسِطًا، وَالْمُقْسِطُ أَيْضًا اسْمٌ مِنْ أَسَامِي اللَّهِ .

الشيخ: والمعنى أنَّ التَّشابه في الألفاظ لا يقتضي التَّشابه في المعنى، فأسماء الله تليق به وتُناسبه، ولا يُشبهه شيء فيها، وأسماء المخلوقين تليق بهم، وإن اشتركا في الاسم؛ فالسميع غير السميع، والسلام غير السلام، والملك غير الملك، والحكيم غير الحكيم، والرحيم غير الرحيم، وهكذا، نعم، فأسماء الله لا يُشابهها شيء: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11]، له المعنى الكامل جلَّ وعلا، وإن اتَّفقت الأسماء في الألفاظ.

س: قوله: الله قديم؟

ج: ما أعرف أنه ورد فيه شيء من الأحاديث الصحيحة، وإن استعمله بعضُ الناس، لكن المعنى صحيح، المعنى القدم الذي ليس قبله عدم بمعنى الأول، والأول هو الوارد في النصوص، وهو سبحانه لم يسبقه شيءٌ، هو الأول قبل كل شيءٍ سبحانه؛ ولهذا لم يرد في أسمائه سبحانه، قال الله: كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [يس:39] سمَّاه: قديمًا، فأسماء الله جاء فيها الأول؛ لأنه الذي لا يُشبهه شيء سبحانه وتعالى.

س: لكن: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم؟

ج: هذا وصفٌ للسلطان.

س: قيَّدها بقوله: الله القديم لم يزل.

ج: نعم.

س: يكون هذا من باب الخبر؟

ج: هذا ينفي –يعني- ما قد يتوهم.

س: الباقي أحسن الله إليك ثابت؟

ج: ما أعرفه.

س: يكون مقصوده أنه يُخبر عن الله بهذا؟

ج: الأسماء توقيفية، لا يثبت فيها إلا ما جاء في النصوص، لكن معناه صحيح، هو الباقي الدائم جلَّ وعلا، المعنى صحيح، هو الباقي الدائم، لكن لا يُقال من أسمائه إلا بدليلٍ.

وَالْمُقْسِطُ أَيْضًا اسْمٌ مِنْ أَسَامِي اللَّهِ فِي خَبَرِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي أَسَامِي الرَّبِّ ، فِيهِ: وَالْمُقْسِطُ، وَقَالَ فِي ذِكْرِ الشِّقَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنَهُمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا [النساء:35]، فَأَوْقَعَ اسْمَ الْحَكَمِ عَلَى حَكَمَيِ الشِّقَاقِ، وَاللَّهُ الْعَدْلُ، وَأَمَرَ عِبَادَهُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ قَدْ خَبَّرَ أَنَّ الْمُقْسِطِينَ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، أَوْ مِنْ لُؤْلُؤٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَاسْمُ الْمُقْسِطِ قَدْ أَوْقَعَهُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى بَعْضِ أَوْلِيَائِهِ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا ولوا.

وَفِي خَبَرِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ: عَفِيفٌ مُتَصَدِّقٌ، وَذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ حَدَّثَنَاهُ أَبُو مُوسَى قَالَ: حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ.

الشيخ: يعني: فذكره.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِنْ كَانَ الْمُقْسِطُ اسْمًا مِنْ أَسَامِي رَبِّنَا جَلَّ وَعَلَا، وَبَارِئُنَا الْحَلِيمُ جَلَّ رَبُّنَا، وَسَمَّى اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلَامُ حَلِيمًا، فَقَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ [هود:75]، وَأَعْلَمَنَا أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا ﷺ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، فَقَالَ فِي وَصْفِهِ: حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]، وَاللَّهُ الشَّكُورُ، وَسَمَّى بَعْضَ عِبَادِهِ، الشَّكُورَ، فَقَالَ: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13]، فَسَمَّى اللَّهُ الْقَلِيلَ مِنْ عِبَادِهِ الشَّكُورَ، وَاللَّهُ الْعَلِيُّ، وَقَالَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ يَذْكُرُ نَفْسَهُ : إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشورى:51]، وَقَدْ سُمِّيَ بِهَذَا الِاسْمِ كَثِيرٌ مِنَ الْآدَمِيِّينَ، لَمْ نَسْمَعْ عَالِمًا وَرِعًا زَاهِدًا فَاضِلًا فَقِيهًا، وَلَا جَاهِلًا أَنْكَرَ عَلَى أَحَدِ الْآدَمِيِّينَ تَسْمِيَةَ ابْنِهِ: عَلِيًّا، وَلَا كَرِهَ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذَا الِاسْمَ لِلْآدَميِّينَ، قَدْ دَعَا النَّبِيُّ ﷺ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بِاسْمِهِ حِينَ وَجَّهَ إِلَيْهِ فَقَالَ: ادْعُ لِي عَلِيًّا.

وَاللَّهُ الْكَبِيرُ، وَجَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ يُوقِعُونَ اسْمَ الْكَبِيرِ عَلَى أَشْيَاءَ ذَوَاتِ عَدَدٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، يُوقِعُونَ اسْمَ الْكَبِيرِ عَلَى الشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَعَلَى الرَّئِيسِ، وَعَلَى كُلِّ عَظِيمٍ وَكَثِيرٍ مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهَا، ذَكَرَ اللَّهُ قَوْلَ إِخْوَةِ يُوسُفَ لِلْمَلِكِ: إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا [يوسف:78]، وَقَالَتِ الْخَثْعَمِيَّةُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا. فَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ ﷺ عَلَيْهَا تَسْمِيَتَهَا أَبَاهَا: كَبِيرًا، وَلَا قَالَ لَهَا: إِنَّ الْكَبِيرَ اسْمٌ مِنْ أَسَامِي اللَّهِ تَعَالَى.

الشيخ: وهذا بابٌ واسعٌ، فالكبير غير الكبير، والسميع غير السميع، والرحيم غير الرحيم، والحليم غير الحليم، له صفاته وأسماؤه التي تليق به، لا يُشابهه فيها شيءٌ جلَّ وعلا.

وَفِي قِصَّةِ شُعَيْبٍ: وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ [القصص:23].

س: هل هو شعيب؟ جزم بأنه شعيب، هل ثبت أنه شعيب؟

ج: الله أعلم.

وَرَبُّنَا الْكَرِيمُ، وَالنَّبِيُّ ﷺ قَدْ أَوْقَعَ اسْمَ الْكَرِيمِ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ: إِنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ: يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَقَالَ : فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ [لقمان:10]، فَسَمَّى النَّبِيُّ ﷺ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ: كَرِيمًا.

وَاللَّهُ الْحَكِيمُ، وَسَمَّى كِتَابَهُ: حَكِيمًا، فَقَالَ: الم ۝ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ [لقمان:1- 2]، وَأَهْلُ الْقِبْلَةِ يُسَمُّونَ لُقْمَانَ: الْحَكِيمَ، إِذِ اللَّهُ أَعْلَمَ أَنَّهُ آتَاهُ الْحِكْمَةَ فَقَالَ: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ [لقمان:12]، وَكَذَلِكَ الْعُلَمَاءُ يَقُولُونَ: قَالَ الْحَكِيمُ مِنَ الْحُكَمَاءِ، وَيَقُولُونَ: فُلَانٌ حَكِيمٌ مِنَ الْحُكَمَاءِ.

وَاللَّهُ جَلَّ وَعَلَا الشَّهِيدُ، وَسَمَّى الشُّهُودَ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى الْحُقُوقِ: شُهُودًا، فَقَالَ: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ [البقرة:282]، وَقَالَ أَيْضًا: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا [النساء:41]، وَسَمَّى اللَّهُ ثُمَّ نَبِيُّهُ الْمُصْطَفَى ﷺ وَجَمِيعُ أَهْلِ الصَّلَاةِ الْمَقْتُولَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: شَهِيدًا.

وَاللَّهُ الْحَقُّ، قَالَ اللهُ : فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ [ص:84]، وَقَالَ: فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ [طه:114]، وَقَالَ : وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ [سبأ:6]، وَقَالَ: وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ [الإسراء:105]، وَقَالَ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ [محمد:2]، وَقَالَ: وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ [محمد:3]، وَقَالَ: وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ [الحج:54]، وَقَالَ: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ [الفرقان:26]، وَقَالَ: وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ [الفرقان:33]، وَقَالَ: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ [التوبة:33]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا لِنَبِيِّهِ ﷺ: إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ [النساء:105]، فَكُلُّ صَوَابٍ وَعَدْلٍ فِي حُكْمٍ أَوْ فِعْلٍ وَنُطْقٍ فَاسْمُ الْحَقِّ وَاقِعٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ الْحَقِّ اسْمًا مِنْ أَسَامِي رَبِّنَا ، لَا يَمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ إِيقَاعِ اسْمِ الْحَقِّ عَلَى كُلِّ عَدْلٍ وَصَوَابٍ.

وَاللَّهُ الْوَكِيلُ كَمَا قَالَ اللَّهُ : وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [الأنعام:102]، وَالْعَرَبُ لَا تُمَانِعُ بَيْنَهَا مِنْ إِيقَاعِ اسْمِ الْوَكِيلِ عَلَى مَنْ يَتَوَكَّلُ لِبَعْضِ بَنِي آدَمَ، وَالنَّبِيُّ ﷺ فِي خَبَرِ جَابِرٍ قَدْ قَالَ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى وَكِيلِي بِخَيْبَرَ، وَفِي أَخْبَارِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رضي الله عنها فِي مُخَاطَبَتِهَا لِلنَّبِيِّ ﷺ لَمَّا أَعْلَمَتْهُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا قَالَتْ: وَأَمَرَ وَكِيلَهُ أَنْ يُعْطِيَنِي شَيْئًا، وَأَنَّهَا تَقَالَّتْ مَا أَعْطَاهَا وَكِيلُ زَوْجِهَا، وَالْعَجَمُ أَيْضًا يُوقِعُونَ اسْمَ الْوَكِيلِ عَلَى مَنْ يَتَوَكَّلُ لِبَعْضِ الْآدَمِيِّينَ كَإِيقَاعِ الْعَرَبِ سَوَاءً.

وَأَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّهُ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا فِي قَوْلِهِ: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ [محمد:11]، وَقَالَ : وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ [النساء:33]، فَأَوْقَعَ اسْمَ الْمَوَالِي عَلَى الْعَصَبَةِ، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، وَقَدْ أَمْلَيْتُ هَذِهِ الْأَخْبَارَ فِي فَضَائِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَقَالَ ﷺ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ لَمَّا اشْتَجَرَ جَعْفَرٌ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فِي ابْنَةِ حَمْزَةَ، قَالَ لِزَيْدٍ: أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا، فَأَوْقَعَ اسْمَ الْمَوْلَى أَيْضًا عَلَى الْمَوْلَى مِنْ أَسْفَلَ، كَمَا أَوْقَعَ اسْمَ الْمَوْلَى عَلَى الْمَوْلَى مِنْ أَعْلَى، فَكُلُّ مُعْتَقٍ قَدْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَوْلَى، وَيَقَعُ عَلَى الْمُعْتِقِ اسْمُ مَوْلَى، وَقَالَ ﷺ فِي خَبَرِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَقَدْ أَوْقَعَ اللَّهُ ثُمَّ رَسُولُهُ ثُمَّ جَمِيعُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ اسْمَ الْمَوْلَى عَلَى بَعْضِ الْمَخْلُوقِينَ.

وَاللَّهُ الْوَلِيُّ، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ وَلِيًّا، فَقَالَ: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ [المائدة:55]، فَسَمَّى اللَّهُ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَيْضًا الَّذِينَ وَصَفَهُمْ فِي الْآيَةِ: أَوْلِيَاءَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَعْلَمَنَا أَيْضًا رَبُّنَا أَنَّ بَعْضَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ فِي قَوْلِهِ: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71]، وَقَالَ : النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [الأحزاب:6].

وَاللَّهُ جَلَّ وَعَلَا الْحَيُّ، وَاسْمُ الْحَيِّ قَدْ يَقَعُ أَيْضًا عَلَى كلِّ ذِي رُوحٍ قَبْلَ قَبْضِ النَّفْسِ وَخُرُوجِ الرُّوحِ مِنْهُ قَبْلَ الْمَوْتِ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ [يونس:31]، وَاسْمُ الْحَيِّ قَدْ يَقَعُ أَيْضًا عَلَى الْمُوتَانِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا [النحل:65]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [الأنبياء:30]، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ.

وَاللَّهُ الْوَاحِدُ، وَكُلُّ مَا لَهُ عَدَدٌ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالْمُوتَانِ فَاسْمُ الْوَاحِد قَدْ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ جِنْسٍ مِنْهُ، إِذَا عُدَّ قِيلَ: وَاحِدٌ، وَاثْنَانِ، وَثَلَاثَةٌ، إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الْعَدَدُ إِلَى مَا انْتُهِيَ إِلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ وَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ قِيلَ: هَذَا وَاحِدٌ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ: هَذَا الْوَاحِدُ صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا، لَا تُمَانِعُ الْعَرَبُ فِي إِيقَاعِ اسْمِ الْوَاحِدِ عَلَى مَا بَيَّنْتُ.

وَرَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا الْوَالِي، وَكُلُّ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْمُ الْوَالِي وَاقِعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الصَّلَاةِ مِنَ الْعَرَبِ.

وَخَالِقُنَا جَلَّ وَعَلَا التَّوَّابُ، قَالَ اللَّهُ : إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا [النساء:16]، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ جَمِيعَ مَنْ تَابَ مِنَ الذُّنُوبِ تَوَّابًا، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222]، وَمَعْقُولٌ عِنْدَ كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ الَّذِي هُوَ اسْمُ اللَّهِ لَيْسَ هُوَ عَلَى مَعْنَى مَا سَمَّى اللَّهُ التَّائِبِينَ بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ، أَيْ: مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، وَجَلَّ رَبُّنَا وَعَزَّ أَنْ يَكُونَ اسْمُ التَّوَّابِ لَهُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي أَخْبَرَ أَنَّهُ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.

وَمَعْبُودُنَا جَلَّ وعلا الْغَنِيُّ، قَالَ تَعَالَى: وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ [محمد:38]، وَاسْمُ الْغَنِيِّ قَدْ يَقَعُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَغْنَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمَالِ، قَالَ جَلَّ وَعَلَا ذِكْرُهُ: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:33]، وَقَالَ: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ [التوبة:93]، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ عِنْدَ بَعْثِهِ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ: وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَقَالَ ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَرُدَّهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟ قَالَ: نَعَمْ.

وَرَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا النُّورُ، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ بَعْضَ خَلْقِهِ: نُورًا، فَقَالَ: مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ، وَقَالَ: نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ [النور:35]، وَقَالَ: نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا [التحريم:8]، وَقَالَ: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ [الحديد:12].

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ كُنْتُ خَبَّرْتُ مُنْذُ دَهْرٍ طَوِيلٍ أَنَّ بَعْضَ مَنْ كَانَ يَدَّعِي الْعِلْمَ مِمَّنْ كَانَ لا يَفْهَمُ هَذَا الْبَابَ يَزْعُمُ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَقْرَأَ: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [النور:35]، وَكَانَ يَقْرَأُ: اللَّهُ نَوَّرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ. فَبَعَثْتُ إِلَيْهِ بَعْضَ أَصْحَابِي وَقُلْتُ لَهُ: مَا الَّذِي تُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اسْمٌ يُسَمِّي اللَّهُ بِذَلِكَ الِاسْمِ بَعْضَ خَلْقِهِ؟ فَقَدْ وَجَدْنَا اللَّهَ قَدْ سَمَّى بَعْضَ خَلْقِهِ بِأَسَامٍ هِيَ لَهُ أَسَامِي، وَبَعَثْتُ إليه بَعْضَ مَا قَدْ أَمْلَيْتُهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ.

وَقُلْتُ لِلرَّسُولِ: قُلْ لَهُ: قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي لَا يَدْفَعُهُ عَالِمٌ بِالْأَخْبَارِ مَا يُثْبِتُ أَنَّ اللَّهَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، قُلْتُ فِي خَبَرِ طاووسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ .. الْحَدِيث بِتَمَامِهِ قَدْ أَمْلَيْتُهُ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ وَفِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَيْضًا، فَرَجَعَ الرَّسُولُ وَقَالَ: لَسْتُ أُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى نُورًا، كَمَا قَدْ بَلَغَنِي بَعْدُ أَنَّهُ رَجَعَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكُلُّ مَنْ فَهِمَ عَنِ اللَّهِ خِطَابَهُ يَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الْأَسَامِي الَّتِي هِيَ لِلَّهِ تَعَالَى أَسَامِي، بَيَّنَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ﷺ، مِمَّا قَدْ أَوْقَعَ تِلْكَ الْأَسَامِيَ عَلَى بَعْضِ الْمَخْلُوقِينَ، لَيْسَ عَلَى مَعْنَى تَشْبِيهِ الْمَخْلُوقِ بِالْخَالِقِ؛ لِأَنَّ الْأَسَامِيَ قَدْ تَتَّفِقُ وَتَخْتَلِفُ الْمَعَانِي، فَالنُّورُ وَإِنْ كَانَ اسْمًا لِلَّهِ فَقَدْ يَقَعُ اسْمُ النُّورِ عَلَى بَعْضِ الْمَخْلُوقِينَ، فَلَيْسَ مَعْنَى النُّورِ الَّذِي هُوَ اسْمٌ لِلَّهِ فِي الْمَعْنَى مِثْلَ النُّورِ الَّذِي هُوَ خَلْقُ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ [النور:35]، وَأَعْلَمَنا أَيْضًا أَنَّ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ نُورًا يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ، وَقَدْ أَوْقَعَ اللَّهُ اسْمَ النُّورِ عَلَى مَعَانٍ.

وَرَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا الْهَادِي، وَقَدْ سَمَّى بَعْضَ خَلْقِهِ: هَادِيًا، فَقَالَ لِنَبِيِّهِ: إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ [الرعد:7].

الشيخ: هذا باب واسع لا يُستغرب، فأسماء الله جلَّ وعلا.

س: المؤلف صرح بأنَّ النور اسم من أسماء الله؟

ج: محل نظرٍ، الذي نعرف أنه ما جاء إلا مضافًا: نور السماوات، ما أعرف في شيءٍ من الأحاديث الصحيحة ذكر النور، فالأولى عدم عدِّه إلا مضافًا.

مداخلة: شيخ الإسلام ذكر هذا وابن القيم كذلك؛ أنه اسم من أسماء الله؟

ج: إن وُجد نصٌّ لا بأس، وإلا فالأصل مثلما جاء في النُّصوص.

مداخلة: قالوا: إنه اسم وصفة.

ج: نعم.

س: رأيتُ نورًا؟

ج: نور الله غير النسبة: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [النور:35].

س: الحديث الذي مرَّ: مَن كنتُ مولاه فعلي مولاه؟

ج: نعم .........

وَرَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا الْهَادِي، وَقَدْ سَمَّى بَعْضَ خَلْقِهِ: هَادِيًا، فَقَالَ لِنَبِيِّهِ: إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ [الرعد:7]، فَسَمَّى نَبِيَّهُ ﷺ: هَادِيًا، وَإِنْ كَانَ الْهَادِي اسْمًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَاللَّهُ الْوَارِثُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ [الأنبياء:89]، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ مَنْ يَرِثُ مِنَ الْمَيِّتِ مَالَهُ: وَارِثًا، فَقَالَ : وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ [البقرة:233].

فَتَفَهَّمُوا يَا ذَوِي الْحِجَا مَا بَيَّنْتُ فِي هَذَا الْفَصْلِ تَعْلَمُوا وَتَسْتَيْقِنُوا أَنَّ لِخَالِقِنَا أَسَامٍ، قَدْ تَقَعُ تِلْكَ الْأَسَامِي عَلَى بَعْضِ خَلْقِهِ فِي اللَّفْظِ، لَا عَلَى الْمَعْنَى، عَلَى مَا قَدْ بَيَّنْتُ فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلُغَةِ الْعَرَبِ، فَإِنْ كَانَ عُلَمَاءُ الْآثَارِ الَّذِينَ يَصِفُونَ اللَّهَ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَبِمَا جَاءَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ﷺ مُشَبِّهَةً عَلَى مَا يَزْعُمُ الْجَهْمِيَّةُ الْمُعَطِّلَةُ، فَكُلُّ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إِذَا قرأوا كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنُوا بِهِ بِإِقْرَارٍ بِاللِّسَانِ وَتَصْدِيقٍ بِالْقَلْبِ، وَسَمَّوُا اللَّهَ بِهَذِهِ الْأَسَامِي -الَّتِي خَبَّرَ اللَّهُ بِهَا أَنَّها لَهُ أَسَامِي- وَسَمَّوْا هَؤُلَاءِ الْمَخْلُوقِينَ بِهَذِهِ الْأَسَامِي الَّتِي سَمَّاهُمُ اللَّهُ بِهَا هُمْ مُشَبِّهَةٌ فَعَوْدُ مَقَالَتِهِمْ هَذِهِ تُوجِبُ أَنَّ عَلَى أَهْلِ التَّوْحِيدِ الْكُفْرَ بِالْقُرْآنِ، وَتَرْكَ الْإِيمَانِ بِهِ، وَتَكْذِيبَ الْقُرْآنِ بِالْقُلُوبِ، وَالْإِنْكَارَ بِالْأَلْسُنِ، فَأَقْذِرْ بِهَذَا مِنْ مَذْهَبٍ، وَأَقْبِحْ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ عِنْدَهُمْ، عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ، وَعَلَى مَنْ يُنْكِرُ جَمِيعَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ، وَالْكُفْرَ بِجَمِيعِ مَا ثَبَتَ عَنْ نَبِيِّنَا الْمُصْطَفَى ﷺ بِنَقْلِ أَهْلِ الْعَدَالَةِ مَوْصُولًا إِلَيْهِ فِي صِفَاتِ الْخَالِقِ جَلَّ وَعَلَا.

الشيخ: رحمه الله وأكرم مثواه، لا شكَّ أنَّ هذا لازم لهم، نسأل الله العافية.

س: لعنهم بأعيانهم؟

ج: على العموم، هذا من باب لعن العموم.

س: اسم ضياء الرحمن وعتيق الرحمن وما أشبه هذا فيه محذور؟

ج: الله أعلم.

س: الضابط في التَّعبيد؟

ج: نعم، سمِّ.