بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ تَأَوَّلَهَا بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَحَرَّ الْعِلْمَ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهَا؛ فَفَتَنَ عالمًا مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْغَبَاوَةِ، حَمَلَهُمُ الْجَهْلُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّشْبِيهِ جَلَّ وَعَلَا عَنْ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ خَلْقٍ مِنْ خَلْقِهِ مِثْلَ وَجْهِهِ الَّذِي وَصَفَهُ اللَّهُ بِالْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَنَفَى الْهَلَاكَ عَنْهُ.
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ: حدَّثنا شُعَيْبٌ -يَعْنِي ابْنَ اللَّيْثِ- قَالَ: حدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ لِأَحَدٍ: قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكَ وَوَجْهًا أَشْبَهَ وَجْهَكَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ.
وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ سَوَاءً، قَالَ: إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ.
حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّه قَالَ: إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ، وَلَا يَقُلْ: قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكَ وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ.
وَحَدَّثَنَا بُنْدَار قَالَ: حدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ، وَلَا يَقُولَنَّ: قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى.
حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى قَالَ: حدَّثنا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَيَجْتَنِب الْوَجْهَ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي خَبَرِ ابْنِ عَجْلَانَ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا.
6- حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: حدَّثنا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ -وَهُوَ الْأَزْدِيُّ عَبْدُالْمَلِكِ بْنُ مَالِكٍ الْمَرَاغِيُّ- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنَّه قَالَ: إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ فَليَجْتَنِبِ الْوَجْهَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَوَهَّمَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَحَرَّ الْعِلْمَ أَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى صُورَتِهِ يُرِيدُ صُورَةَ الرَّحْمَنِ عَزَّ رَبُّنَا وَجَلَّ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ، بَلْ مَعْنَى قَوْلِهِ: خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ الْهَاءُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كِنَايَةٌ عَنِ اسْمِ الْمَضْرُوبِ وَالْمَشْتُومِ، أَرَادَ ﷺ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ هَذَا الْمَضْرُوبِ الَّذِي أُمِرَ الضَّارِبُ بِاجْتِنَابِ وَجْهِهِ بِالضَّرْبِ، وَالَّذِي قَبَّحَ وَجْهَهَ، فَزَجَرَ ﷺ أَنْ يَقُولَ: وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ؛ لِأَنَّ وَجْهَ آدَمَ شَبِيهُ وُجُوهِ بَنِيهِ، فَإِذَا قَالَ الشَّاتِمُ لِبَعْضِ بَنِي آدَمَ: قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكَ وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ. كَانَ مُقَبِّحًا وَجْهَ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ، الَّذِي وُجُوهُ بَنِيهِ شَبِيهَةٌ بِوَجْهِ أَبِيهِمْ، فَتَفَهَّمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ مَعْنَى الْخَبَرِ، لَا تَغْلَطُوا وَلَا تَغَالَطُوا فَتَضِلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَتَحْمِلُوا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّشْبِيهِ الَّذِي هُوَ ضَلَالٌ.
7- وَقَدْ رُوِيَتْ فِي نَحْو هذا لَفْظَةٌ أَغْمَض -يَعْنِي مِنَ اللَّفْظَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا- فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ .
وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حدَّثنا جَرِيرٌ, عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا تُقَبِّحُوا الْوَجْهَ؛ فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ خُلِقَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ.
8- وَرَوَى الثَّوْرِيُّ هَذَا الْخَبَرَ مُرْسَلًا غَيْرَ مُسْنَدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حدَّثنا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: حدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يُقَبَّحُ الْوَجْهُ؛ فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ خُلِقَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ افْتَتَنَ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ الَّتِي فِي خَبَرِ عَطَاءٍ عَالمٌ مِمَّنْ لَمْ يَتَحَرَّ الْعِلْمَ، وَتَوَهَّمُوا أَنَّ إِضَافَةَ الصُّورَةِ إِلَى الرَّحْمَنِ فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنْ إِضَافَةِ صِفَاتِ الذَّاتِ، فَغَلَطُوا فِي هَذَا غَلَطًا بَيِّنًا، وَقَالُوا مَقَالَةً شَنِيعَةً مُضَاهِيَةً لِقَوْلِ الْمُشَبِّهَةِ، أَعَاذَنَا اللَّهُ وَكُلَّ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَوْلِهِمْ.
وَالَّذِي عِنْدِي فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْخَبَرِ إِنْ صَحَّ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ مَوْصُولًا: فَإِنَّ فِي الْخَبَرِ عِلَلًا ثَلَاثًا:
إِحْدَاهُنَّ: أَنَّ الثَّوْرِيَّ قَدْ خَالَفَ الْأَعْمَشَ فِي إِسْنَادِهِ؛ فَأَرْسَلَ الثَّوْرِيُّ وَلَمْ يَقُلْ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما.
وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ الْأَعْمَشَ مُدَلِّسٌ؛ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ.
وَالثَّالِثَةُ: أَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ أَيْضًا مُدَلِّسٌ، لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ عَطَاءٍ، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ يَقُولُ: حدَّثنا أَبُو بَكْرِ ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: قَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ: لَوْ حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْكَ بِحَدِيثٍ لَمْ أُبَالِ أَنْ أَرْوِيَهُ عَنْكَ. يُرِيدُ لَمْ أُبَالِ أَنْ أُدَلِّسَهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِثْلُ هَذَا الْخَبَرِ لَا يَكَادُ يَحْتَجُّ بِهِ عُلَمَاؤُنَا مِنْ أَهْلِ الْأَثَرِ، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْخَبَرُ فِي مِثْلِ هَذَا الْجِنْسِ فِيمَا يُوجِبُ الْعِلْمَ لَوْ ثَبَتَ، لَا فِيمَا يُوجِبُ الْعَمَلَ بِمَا قَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى صِحَّتِهِ وَثُبُوتِهِ بِدَلَائِلَ مِنْ نَظَرٍ وَتَشْبِيهٍ وَتَمْثِيلٍ بِغَيْرِهِ مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ طَرِيقِ الْأَحْكَامِ وَالْفِقْهِ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ مُسْنَدًا بِأَنْ يَكُونَ الْأَعْمَشُ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَحَبِيبٌ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَصَحَّ أَنَّهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَلَى مَا رَوَاهُ الْأَعْمَشُ فَمَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ عِنْدَنَا أَنَّ إِضَافَةَ الصُّورَةِ إِلَى الرَّحْمَنِ فِي هَذَا الْخَبَرِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ إِضَافَةِ الْخَلْقِ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْخَلْقَ يُضَافُ إِلَى الرَّحْمَنِ، إِذِ اللَّهُ خَلَقَهُ، وَكَذَلِكَ الصُّورَةُ تُضَافُ إِلَى الرَّحْمَنِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ صَوَّرَهَا، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ : هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ [لقمان:11]؟ فَأَضَافَ اللَّهُ الْخَلْقَ إِلَى نَفْسِهِ، إِذِ اللَّهُ تَوَلَّى خَلْقَهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ : هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةٌ [الأعراف:73]، فَأَضَافَ اللَّهُ النَّاقَةَ إِلَى نَفْسِهِ، وَقَالَ: تَأْكُلُ فِي أَرْضِ اللَّهِ، وَقَالَ: أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا [النساء:97]، وقَالَ: إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ [الأعراف:128], فَأَضَافَ اللَّهُ الْأَرْضَ إِلَى نَفْسِهِ، إِذِ اللَّهُ تَوَلَّى خَلْقَهَا فَبَسَطَهَا، وَقَالَ: فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا [الروم:30]، فَأَضَافَ اللَّهُ الْفِطْرَةَ إِلَى نَفْسِهِ، إِذِ اللَّهُ فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا.
فَمَا أَضَافَ اللَّهُ إِلَى نَفْسِهِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إِضَافَةُ الذَّاتِ، وَالْآخَرُ: إِضَافَةُ الْخَلْقِ، فَتَفَهَّمُوا هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، لَا تَغَالَطُوا، فَمَعْنَى الْخَبَرِ إِنْ صَحَّ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ مُسْنَدًا: فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ خُلِقَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي خَلَقَهَا الرَّحْمَنُ حِينَ صَوَّرَ آدَمَ، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ [الأعراف:11].
الشيخ: والمعنى الآخر في هذا أنَّ الله خلقه على صورته سميعًا بصيرًا يتكلم جلَّ وعلا، له وجه، وله كلام، وله سمع، وله بصر، كما كان آدم كذلك، ولا يلزم من هذا التَّشبيه، فالله يتكلم، وهو سميع بصير، عليم حكيم، وابن آدم يتكلم، وله سمع، وله بصر، وله وجه، وله يد، لكن ليس السميع كالسميع، وليس المتكلم كالمتكلم، وليس البصير كالبصير، قال جلَّ وعلا: فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ [النحل:74]، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير [الشورى:11]، فإثبات الكلام والسمع والبصر لآدم وابن آدم وعدم ضرب الوجه لا يلزم من ذلك إثبات التَّشبيه، والله جلَّ وعلا أبان الأمر: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير، وإن كان متكلمًا، وإن كان سميعًا، وإن كان بصيرًا، وإن كان ذا وجهٍ، وإن كان ذا يدٍ، فاليد غير اليد، والكلام غير الكلام، والسمع غير السمع، والبصر غير البصر، وهكذا كلها حقائق لكن لا يُشبه هذا هذا، ابن آدم له بصر حقيقةً، وسمع حقيقةً، ووجه حقيقةً، وكلام حقيقةً، والله له سمع حقيقةً، وكلام حقيقةً، ووجه حقيقةً، لا يُشبه هذا هذا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ:
9- أَنَّ أَبَا مُوسَى مُحَمَّدَ بْنَ الْمُثَنَّى قَالَ: حدَّثنا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُالْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حدَّثنا الْمُغِيرَةُ -وَهُوَ ابْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ- عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّه قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ، وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا.
10- حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: حدَّثنا عَبْدُالرَّزَّاقِ قَالَ: حدَّثنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفْرِ، وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ، فَاسْمَعْ مَا يُحيونك، وَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، قَالَ: فَذَهَبَ, فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ، قَالَ: فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ؛ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَصُورَةُ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا الَّتِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلَامُ خُلِقَ عَلَيْهَا، لَا عَلَى مَا تَوَهَّمَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَحَرَّ الْعِلْمَ فَظَنَّ أَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى صُورَتِهِ صُورَةِ الرَّحْمَنِ، صِفَةً مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، جَلَّ وَعَلَا عَنْ أَنْ يُوصَفَ بِالْمُوتَانِ وَالْأَبْشَارِ، قَدْ نَزَّهَ اللَّهُ نَفْسَهُ وَقَدَّسَ عَنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ فَقَالَ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11], وَهُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ، لَا كَصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَلَا مِنَ الْمُوتَانِ، كَمَا شَبَّهَ الْجَهْمِيَّةُ مَعْبُودَهُمْ بِالْمُوتَانِ، وَلَا كَمَا شَبَّهَ الْغَالِيَةُ مِنَ الرَّوَافِضِ مَعْبُودَهُمْ بِبَنِي آدَمَ، قَبَّحَ اللَّهُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَقَائِلَهُمَا.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَمَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ، قَالَ: حدَّثنا أَبُو سَعْدٍ الصَّاغَانِيُّ قَالَ: حدَّثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص]، قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَبِيهٌ، وَلَا عِدْلٌ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.
وَقَالَ مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ فِي حَدِيثِهِ: "الصَّمَدُ", "لَمْ يَلِدْ, وَلَمْ يُولَدْ" لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُولَدُ إِلَّا سَيَمُوتُ، وَلَيْسَ شَيْءٌ يَمُوتُ إِلَّا سَيُورَثُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمُوتُ وَلَا يُورَثُ. وَالْبَاقِي مِثْلُ لَفْظِ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ سَوَاءً.
س: قول ابن خزيمة رحمه الله أنَّ الضمير يعود إلى المضروب وإلى المشتوم؟
ج: لا، مثلما تقدم، قال أحمد رحمه الله وإسحاق: يعود إلى الله، لكن معنى أنه سميع بصير متكلم ....... إلى غير ذلك، ولا تلزم المشابهة.
س: يعود إلى الله؟ الصواب: يعود إلى الله.
ج: ............
س: ..............؟
ج: بقوة، يعني: بقوة.
س: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ [القلم:42]؟
ج: هذه لها معنى، وهذه لها معنى، عن ساقه سبحانه وبحمده على وجهٍ لا يُشابه المخلوقين، مثل: يده ورجله على وجهٍ يليق بالله لا يُشابه المخلوقين.
س: ...........؟
ج: هذا له معنى، وذا له معنى ...... بقوة بخلاف بيده ......