15 من قوله: (باب ذكر استواء خالقنا العلي الأعلى)

بَابُ ذِكْرِ اسْتِوَاءِ خَالِقنَا الْعَلِيِّ الْأَعْلَى الْفَعَّالِ لِمَا يَشَاءُ عَلَى عَرْشِهِ، فَكَانَ فَوْقَهُ وَفَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ عَالِيًا، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي قَوْلِهِ: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، وَقَالَ رَبُّنَا : إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف:54]، وَقَالَ فِي تَنْزِيلِ السَّجْدَةِ: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [السجدة:4]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ [هود:7].

فَنَحْنُ نُؤْمِنُ بِخَبَرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا أَنَّ خَالِقَنَا مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ، لَا نُبَدِّلُ كَلَامَ اللَّهِ، وَلَا نَقُولُ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَنَا، كَمَا قَالَتِ الْمُعَطِّلَةُ الْجَهْمِيَّةُ: إِنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَى عَرْشِهِ، لَا اسْتَوَى، فَبَدَّلُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ، كَفِعْلِ الْيَهُودِ لما أُمِرُوا أَنْ يَقُولُوا: حِطَّةٌ، فَقَالُوا: حِنْطَةٌ، مُخَالِفِينَ لِأَمْرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا، كَذَلِكَ الْجَهْمِيَّةُ.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الدَّشْتَكِيُّ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الرَّازِيُّ، قَالَ: حدَّثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ : أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا فِي الْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَالِسٌ فِيهِمْ، إِذْ عَلَتْهُمْ سَحَابَةٌ، فَنَظَرُوا إِلَيْهَا، فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَا اسْمُ هَذِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، هَذَا السَّحَابُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَالْمُزْنُ، فَقَالُوا: وَالْمُزْنُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَالْعَنَانُ، ثُمَّ قَالَ: وَهَلْ تَدْرُونَ كَمْ بُعْدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؟ قَالُوا: لَا وَاللَّهِ مَا نَدْرِي، قَالَ: فَإِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَهُمَا إِمَّا وَاحِدَةٌ، وَإِمَّا اثْنَتَانِ، وَإِمَّا ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فَوْقَهَا كَذَلِكَ، حَتَّى عَدَّهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ كَذَلِكَ.

ثُمَّ قَالَ: فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ، بَيْنَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ، مَا بَيْنَ أَظْلَافِهِنَّ وَرُكَبِهِنَّ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ فَوْقَ ظُهُورِهِنَّ الْعَرْشُ، بَيْنَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، وَاللَّهُ فَوْقَ ذَلِكَ.

وَرَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا بِالْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ .. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: وَفَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ، مَا بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، وَفَوْقَ الْبَحْرِ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ.

حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الصَّدُوقُ فِي أَخْبَارِهِ، الْمُتَّهَمُ فِي رَأْيِهِ، قَالَ: حدَّثنا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَدُلُّ هَذَا الْخَبَرُ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّ عَرْشَهُ كَانَ عَلَيْهِ هُوَ الْبَحْرُ الَّذِي وَصَفَهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي هَذَا الْخَبَرِ، وَذَكَرَ بُعْدَ مَا بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ.

س: هو البحر؟

ج: بحر ما بين السماء والأرض، فوق السَّماوات يعني.

س: هو الذي كان عرشه على الماء؟

ج: نعم.

وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ [هود:7] كَقَوْلِهِ: وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:17]، وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [النساء:158].

حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قَالَ: حدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ -وَهُوَ ابْنُ عَمْرٍو- عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: أَتَاهُ رَجُلٌ وَقَالَ: أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: وَكَانَ اللَّهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: كَذَلِكَ كان لَمْ يَزَلْ.

الشيخ: معناه الاستمرار: وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [الأحزاب:40]، عَلِيمًا حَكِيمًا، لم يزل هكذا سبحانه وتعالى.

س: هذا معنى قوله فيما سبق: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ كقوله: وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا؟

ج: يعني: مستمر، لم يزل عرشه على الماء.

س: صحة حديث الأوعال؟

ج: فيه بعض الضعف، فيه بعض الكلام.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا وَهْبٌ -يَعْنِي ابْنَ جَرِيرٍ- قَالَ: حدَّثنا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جهِدَتِ الْأَنْفُسُ، وَضَاعَ الْعِيَالُ، وَنُهِكَتِ الْأَمْوَالُ، وَهَلَكَتِ الْأَنْعَامُ، فَاسْتَسْقِ اللَّهَ لَنَا، فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى اللَّهِ، وَنَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَيْحَكَ! أَتَدْرِي مَا تَقُولُ؟ فَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ! إِنَّهُ لَا يُسْتَشْفَعُ بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ، شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَيْحَكَ! أَتَدْرِي مَا اللَّهُ؟ إِنَّ اللَّهَ عَلَى عَرْشِهِ، وَعَرْشُهُ عَلَى سَمَاوَاتِهِ، وَسَمَاوَاتُهُ عَلَى أَرْضِهِ هَكَذَا وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ، وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ مِثْلُ أَطِيطِ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ.

الشيخ: تكلَّم المحشي على السند؟ لأنَّ جبير هذا فيه كلام، جبير بن محمد، ولكن المعنى: لا يُستشفع بالله على خلقه؛ لأنَّ شأن الله أعظم من ذلك سبحانه.

الطالب: يقول: سنده ضعيف؛ فيه محمد بن إسحاق مدلس، ولم يُصرح بالسماع. "التهذيب". والحديث أخرجه أبو داود في "السنة" في الرد على الجهمية: عن عبد الأعلى بن حماد، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، وأحمد بن سعيد الرباطي، بإسناد المؤلف، وقال: الحديث بإسناد أحمد بن سعيد هو الصحيح. ووافقه عليه جماعةٌ، وأخرجه الدَّارمي في "الرد على الجهمية"، وابن أبي عاصم في "السنة"، والآجري في "الشريعة".

الشيخ: علته جبير.

مُداخلة: هنا قال: سمعتُ محمد بن إسحاق يُحدِّث عن يعقوب بن عتبة، ويقول أنَّ فيه محمد بن إسحاق مُدلس، فلم يُصرح بالسَّماع؟

الشيخ: ظاهر كلامه يُحدث أنه سمعه، لكن ما قال: حدَّثني فلان، أو سمعتُ فلانًا، يصدق على مَن قال: عن فلان أنه حدَّث عن فلانٍ، ما هو بصريح. نعم، في عندك جُبير؟

الطالب: قوله أحسن الله إليك: وجبير بن محمد بن جبير بن مطعم، يقول: ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال عنه ابنُ حجر: مقبول، روى له أبو داود حديثًا واحدًا في "التهذيب" و"التقريب"، وأبوه هو محمد بن جبير بن مطعم بن نوفل النوفلي، ثقة، عارف بالنَّسب.

الشيخ: ماشي، ماشي، المقبول عندهم ما يُحتج به إلَّا إذا تُوبع.

س: أورد أنَّ المسافة التي بين السماء والأرض مسيرة خمسمئة عام؟

الشيخ: نعم، نعم، في أحاديث أخرى.

مداخلة: سمعتُ محمد بن إسحاق يُحدِّث؟

الشيخ: "يُحدِّث" ما هو بواضحٍ أنه قال: حدَّثني.

س: المؤلف ذكر حديثًا يقول: إنَّ ما بينها واحدًا، أو اثنين، أو ثلاثًا وسبعين ..؟

ج: هذا عند أهل العلم سير بريد، وخمسمئة عام سير الحملات.

س: أورد ابنُ تيمية هذا الحديث في الفتاوى واستدل قال: حديث صحيح. هل يُعتبر تصحيح ابن تيمية له تقوية؟

ج: إمام كبير رحمه الله، لعله وجد له شواهد، الشيخ محمد اعتمده في كتاب "التوحيد" رحمه الله.

قُرئ على أبي مُوسَى وَأَنَا أَسْمَعُ: أَنَّ وَهْبًا حَدَّثَهُمْ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ سَوَاءً.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ وَسَطُ الْجَنَّةِ، وأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ.

قَالَ -يَعْنِي أَبُو بَكْرٍ: أَمْلَيْتُهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَالْخَبَرُ يُصَرِّحُ أَنَّ عَرْشَ رَبِّنَا جَلَّ وَعَلَا فَوْقَ جَنَّتِهِ، وَقَدْ أَعْلَمَنَا جَلَّ وَعَلَا أَنَّهُ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ، فخَالِقُنَا عَالٍ فَوْقَ عَرْشِهِ الَّذِي هُوَ فَوْقَ جَنَّتِهِ.

الشيخ: سقفها هو عرش الرحمن، يعني: أن بعض العرش فوق الماء، وبعض العرش هو سقف الجنة؛ لأنَّ في الروايات الأخرى: وسقفها عرش الرحمن.

س: قول ابن تيمية: "لا يستوي أن تكون الفردوس أعلى الجنة ووسط الجنة إلَّا إذا كانت على شكل قبةٍ" هل هذا الكلام صحيح؟

ج: نعم، هو الظاهر والله أعلم.

حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ الْخَوْلَانِيُّ، قَالَ: حدَّثنا أَسَدٌ -يَعْنِي ابْنَ مُوسَى- قَالَ: حدَّثنا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمْلَيْتُ طُرُقَ هَذَا الحديثِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، فَالْخَبَرُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ رَبَّنَا جَلَّ وَعَلَا فَوْقَ عَرْشِهِ الَّذِي كِتَابُهُ: إِنَّ رَحْمَتَهُ غَلَبَتْ غَضَبَهُ، عِنْدَهُ.

الشيخ: يعني معناه في الحديث الآخر: إنَّ الله كتب في كتابٍ، فهو عنده فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حدَّثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حدَّثنا حَمَّادٌ -يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ- عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ قَالَ: "مَا بَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى أُخْرَى مَسِيرَة خَمْسِمِئَةِ عَامٍ، وَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِئَةِ عَامٍ، وَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى الْكُرْسِيِّ مَسِيرَة خَمْسِمِئَةِ عَامٍ، وَمَا بَيْنَ الْكُرْسِيِّ إِلَى الْمَاءِ مَسِيرَة خَمْسِمِئَةِ عَامٍ، وَالْعَرْشُ عَلَى الْمَاءِ، وَاللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ وَيَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ".

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حدَّثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حدَّثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ قَالَ: "بَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَة خَمْسِمِئَةِ عَامٍ".

حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ الْخَوْلَانِيُّ، قَالَ: حدَّثنا أَسَدٌ، قَالَ: حدَّثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "مَا بَيْنَ سَمَاءِ الدُّنْيَا وَالَّتِي تَلِيهَا مَسِيرَة خَمْسِمِئَةِ عَامٍ، وَبَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَة خَمْسِمِئَةِ عَامٍ، وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ خَمْسِمِئَةِ عَامٍ، وَالْعَرْشُ فَوْقَ السَّمَاءِ، وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ الْعَرْشِ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ".

وَقَدْ رَوَى إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ خَلِيفَةَ، أَظُنُّهُ عَنْ عُمَرَ: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتِ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ، فَعَظَّمَ الرَّبَّ جَلَّ ذِكْرُهُ، فَقَالَ: إِنَّ كُرْسِيَّهُ وَسِعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَإِنَّ لَهُ أَطِيطًا كَأَطِيطِ الرَّحْلِ الْجَدِيدِ إِذْ رُكِبَ مِنْ ثقلِهِ.

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حدَّثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: حدَّثنا إِسْرَائِيلُ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَدْرِي الشَّكَّ وَالظَّنَّ أَنَّهُ عَنْ عُمَرَ، هُوَ مِنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي بُكَيْرٍ، أَمْ مِنْ إِسْرَائِيلَ، قَدْ رَوَاهُ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ خَلِيفَةَ، مُرْسَلًا، لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ عُمَرَ، لَا بِيَقِينٍ، وَلَا ظَنٍّ، وَلَيْسَ هَذَا الْخَبَرُ مِنْ شَرْطِنَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِلِ الْإِسْنَادِ، لَسْنَا نَحْتَجُّ فِي هَذَا الْجِنْسِ مِنَ الْعِلْمِ بِالْمَرَاسِيلِ الْمُنْقَطِعَاتِ.

حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قَالَ: حدَّثنا وَكِيعٌ، قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: وَحدَّثنا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ: حدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حدَّثنا زَكَرِيَّا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رضي الله عنها قَالَتْ: كُنْتُ مَعَ جَعْفَرٍ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَرَأَيْتُ امْرَأَةً عَلَى رَأْسِهَا مِكْتَلٌ مِنْ دَقِيقٍ، فَمَرَّتْ بِرَجُلٍ مِنَ الْحَبَشَةِ، فَطَرَحَهُ عَنْ رَأْسِهَا، فَسَفَّتِ الرِّيحُ الدَّقِيقَ، فَقَالَتْ: أَكِلُكَ إِلَى الْمَلِكِ يَوْمَ يَقْعُدُ عَلَى الْكُرْسِيِّ، وَيَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ.

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى قَالَ: حدَّثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حدَّثنا هَمَّامٌ، قَالَ: حدَّثنا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: الْجَنَّةُ مِئَةُ دَرَجَةٍ، بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَمِنْ فَوْقِهَا يَكُونُ الْعَرْشُ، وَإِنَّ الْفِرْدَوْسَ مِنْ أَعْلَاهَا دَرَجَةً، وَمِنْه تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ الْأَرْبَعَةُ، فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ.

وَقَدْ أَمْلَيْتُ هَذَا الْبَابَ فِي كِتَابِ "ذِكْرِ نَعِيمِ الْجَنَّةِ".

حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حدَّثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمَّارٍ -وَهُوَ الدُّهْنِيُّ- عَنْ مُسْلِمٍ ابن الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ، وَالْعَرْشُ لَا يُقْدَرُ قَدْرُهُ".

حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قَالَ: حدَّثنا أَحْمَدُ، قَالَ: حدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمَّارٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: "الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ".

حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ: حدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ، وَالْعَرْشُ لَا يُقْدَرُ قَدْرُهُ".

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ -وَهُوَ ابْنُ عُرْوَةَ- عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "قَدِمْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَذَكَرْتُ عِنْدَهُ الصَّخْرَةَ الَّتِي بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: هَذِهِ صَخْرَةُ الرَّحْمَنِ الَّتِي وَضَعَ عَلَيْهَا رِجْلَهُ، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ [البقرة:255]، وَتَقُولُ: وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى هَذِهِ! يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! إِنَّمَا هَذِهِ جَبَلٌ قَدْ أَخْبَرَنَا اللَّهُ أَنَّهُ يُنْسَفُ نَسْفًا فَيَذَرَهَا قَاعًا صَفْصَفًا".

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَعَلَّهُ يَخْطِرُ بِبَالِ بَعْضِ مُقْتَبِسِي الْعِلْمِ أَنَّ خَبَرَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي بُعْدِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الَّتِي تَلِيهَا خِلَافُ خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ هُوَ عِنْدَنَا؛ إِذِ الْعِلْمُ مُحِيطٌ أَنَّ السَّيْرَ يَخْتَلِفُ؛ سَيْرَ الدَّوَابِّ مِنَ الْخَيْلِ وَالْهجْنِ وَالْبِغَالِ والحمير وَالْإِبِلِ، وَسَابِقِ بَنِي آدَمَ يَخْتَلِفُ أَيْضًا، فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى ﷺ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: بُعْدُ مَا بَيْنَهُمَا اثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً أَيْ: بِسَيْرِ جَوَادِ الرِّكَابِ مِنَ الْخَيْلِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ أَرَادَ: مَسِيرَةَ الرِّجَالِ مِنْ بَنِي آدَمَ، أَوْ مَسِيرَةَ الْبِغَالِ والحمير، أَوِ الْهجْنِ مِنَ الْبَرَاذِينِ، أَوْ غَيْرِ الْجَوَادِ مِنَ الْخَيْلِ، فَلَا يَكُونُ أَحَدُ الْخَبَرَيْنِ مُخَالِفًا لِلْخَبَرِ الْآخَرِ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا فِي جَمِيعِ الْعُلُومِ.

الشيخ: يعني مهما أمكن الجمع فهو المتعين؛ وذلك لأنَّ سير الأحمال بالأقدام غير سير البرد.

أَنَّ كُلَّ خَبَرَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يُؤَلَّف بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ: هُمَا مُتَضَادَّانِ، مُتَهَاتِرَانِ، عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كُتُبِنَا.

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ: حدَّثنا شَرِيكٌ. وَحدَّثنا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي قَوْلِهِ: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ [الحاقة:17]: "أَمْلَاكٌ فِي صُورَةِ الْأَوْعَالِ". انْتَهَى حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ، وَزَادَ عَبْدَةُ فِي حَدِيثِهِ: "مَا بَيْنَ أَظْلَافِهِمْ إِلَى رُكَبِهِمْ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً". قَالَ شَرِيكٌ مَرَّةً: "وَمَنَاكِبُهُمْ نَاشِبَةٌ بِالْعَرْشِ".

قَالَ: حدَّثنا سُفْيَانُ، ......... عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّه قَالَ: قَالَ اللَّهُ: سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي، وَقَالَ: يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى، سَحَّاءُ، لَا يَغِيضُهَا شَيْءٌ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حدَّثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حدَّثنا زَائِدَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّه قَالَ: احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى: يَا آدَمُ، أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، أَغْوَيْتَ النَّاسَ وأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ آدَمُ: وَأَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ، تَلُومُنِي عَلَى عَمَلٍ أَعْمَلُهُ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟! قَالَ: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى.

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ فِي عَقِبِهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حدَّثنا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: "احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى"، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدْ سَمِعَهُ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَلَيْسَ هُوَ مِمَّا دَلَّسَهُ، وَخَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ فِي ذَاكَ الْإِسْنَادِ، دُونَ خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

كَذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حدَّثنا أَبِي، قَالَ: حدَّثنا الْأَعْمَشُ، قَالَ: حدَّثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حدَّثنا أَبُو هُرَيْرَةَ . قَالَ: وَأُرَاهُ قَدْ ذَكَرَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى .. وَسَاقَ الْحَدِيثَ.

الشيخ: قال أهلُ العلم في هذا أنه حجَّ آدمُ موسى؛ لأنَّ موسى لامه على ما فعله بعد التوبة، والإنسان بعد التوبة لا يُلام؛ أو لأنه لامه على المصيبة، والمصيبة ليست من فعله؛ وهو إنزاله من الجنة، إنما فعله الأكل من الشجرة، فاللوم ليس في محلِّه؛ ولهذا حجَّ آدمُ موسى؛ لأنه لامه على أمرٍ قد تاب منه، وعلى أمرٍ لم يفعله، وإنما فعل الأكل من الشَّجرة.

س: مناسبة هذا الحديث في الباب؟

ج: الله أعلم.

س: مُناسبته إخراج آدم من الجنة، والجنة فوق؛ لعله أراده من هذه الجهة؟

ج: الله أعلم.

س: سائل يقول: هل ثبتت صفةُ الروح لله تعالى، فيُقال: لله جلَّ وعلا روح تليق بجلاله وعظمته؟

ج: ما جاء إلا النفس: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ [المائدة:116] .

س: لكن ما ورد عن أحدٍ من السلف؟

ج: ما بلغني شيء.

س: ونفختُ فيه روحي؟

ج: إيه، الروح المخلوقة.

س: إضافة تشريفٍ؟

ج: نعم.

س: أصحّ ما ورد في تفسير الكرسي؟

ج: فُسِّر بالعلم، وفُسِّر أنه موضع القدمين، وفُسِّر بأنه العرش، والأقرب أنه مخلوق آخر غير العرش، وأما قول: أنه موضع القدمين، فيحتاج إلى دليلٍ، قد يكون تلقاه ابن عباسٍ عن بني إسرائيل، محل نظرٍ.

س: في البخاري يقول آدمُ لموسى عليهما السلام يقول: قدَّره عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين سنةٍ، وهنا يقول: قبل أن يخلق السَّماوات والأرض؟

ج: هذا نوع من التَّقدير، أصله قبل أن يخلق السَّماوات بخمسين ألف سنةٍ، وفيه تقدير تفصيلي مثلما قال في قصة آدم، والتقدير عند نفخ الروح في الجنين، والتقدير السنوي في ليلة القدر، كلها تفصيل من القدر السابق، وأنَّ هذا من القدر السابق.

س: شخص نذر أن يصوم شهرًا كاملًا، وصام ستة عشر يومًا، فجاءه فرضٌ وانقطع عن الصيام، هل يلزم أن يكون الصيام مُتتابعًا؟

ج: إذا كان ناويًا التتابع لا بدَّ أن يُعيده من أوله، إذا كان ناويًا التتابع، وإن كان ما نوى التتابع يكفيه ثلاثون يومًا.

س: هل يُقال بأنَّ الله جلس على الكرسي؟

ج: الكرسي هو العرش، نعم، إذا ثبت قال: استوى، عبَّر بلفظ القرآن.