الشيخ: الله فطر العباد على هذا، وهو الإيمان بأنَّ الله في العلو؛ ولهذا يرفع الناسُ أبصارهم إليه بالدعاء جلَّ وعلا.
عُلَمَائِهِمْ وَجُهَّالِهِمْ، أَحْرَارِهِمْ وَمَمَالِيكِهِمْ، ذُكْرَانِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ، بَالِغِيهِمْ وَأَطْفَالِهِمْ، كُلُّ مَنْ دَعَا اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا فَإِنَّمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَيَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ، إِلَى أَعْلَاهُ، لَا إِلَى أَسْفَلَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا اسْتِوَاءَ رَبِّنَا عَلَى الْعَرْشِ فِي الْبَابِ قَبْلُ، فَاسْمَعُوا الْآنَ مَا أَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابِ رَبِّنَا الَّذِي هُوَ مَسْطُورٌ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ، مَقْرُوءٌ فِي الْمَحَارِيبِ وَالْكَتَاتِيبِ، مِمَّا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي التَّنْزِيلِ: أَنَّ الرَّبَّ جَلَّ وَعَلَا فِي السَّمَاءِ، لَا كَمَا قَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ الْمُعَطِّلَةُ: إِنَّهُ فِي أَسْفَلِ الْأَرَضِينَ.
فَهُوَ فِي السَّمَاءِ -عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهُ المُتتابعة- قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضُ [الملك:16]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا [الملك:17]، أَفَلَيْسَ قَدْ أَعْلَمَنَا يَا ذَوِي الْحِجَا خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ؟
وَقَالَ : إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر:10]، أَفَلَيْسَ الْعِلْمُ مُحِيطًا يَا ذَوِي الْحِجَا وَالْأَلْبَابِ أَنَّ الرَّبَّ جَلَّ وَعَلَا فَوْقَ مَنْ يَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ، فَتَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ كَلِمَتُهُ؟ لَا كَمَا زَعَمَتِ الْمُعَطِّلَةُ الْجَهْمِيَّةُ: أَنَّهُ تَهْبِطُ إِلَى اللَّهِ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ كَمَا تَصْعَدُ إِلَيْهِ.
أَلَمْ تَسْمَعُوا يَا طُلَّابَ الْعِلْمِ قَوْلَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه الصَّلاة والسَّلام: يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران:55]؟ أَلَيْسَ إِنَّمَا يَرْفَعُ الشَّيْءَ مِنْ أَسْفَلَ إِلَى أَعْلَى، لَا مِنْ أَعْلَى إِلَى أَسْفَلَ؟
وَقَالَ اللَّهُ : بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ [النساء:158]، وَمُحَالٌ أَنْ يَهْبِطَ الْإِنْسَانُ مِنْ ظَهْرِ الْأَرْضِ إِلَى بَطْنِهَا، أَوْ إِلَى مَوْضِعٍ أَخْفَضَ مِنْهُ وَأَسْفَلَ، فَيُقَالُ: رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ الرِّفْعَةَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ الَّذِينَ بِلُغَتِهِمْ خُوطِبْنَا لَا تَكُونُ إِلَّا مِنْ أَسْفَلَ إِلَى أَعْلَى وَفَوْقَ، أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ خَالِقِنَا جَلَّ وَعَلَا يَصِفُ نَفْسَهُ: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ [الأنعام:18]؟ أَوَلَيْسَ الْعِلْمُ مُحِيطًا أنَّ اللَّهَ فَوْقَ جَمِيعِ عِبَادِهِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ هُمْ سُكَّانُ السَّمَاوَاتِ جَمِيعًا؟
أَوَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ الْخَالِقِ الْبَارِئِ: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [النحل:49- 50]؟
فَأَعْلَمَنَا الْجَلِيلُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا: أَنَّ رَبَّنَا فَوْقَ المَلائكةِ، وَفَوْقَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ، وَأَعْلَمَنَا أَنَّ مَلَائِكَتَهُ يَخَافُونَ رَبَّهُمُ الَّذِي فَوْقَهُمْ، وَالْمُعَطِّلَةُ تَزْعُمُ أَنَّ مَعْبُودَهُمْ تَحْتَ الْمَلَائِكَةِ، أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ خَالِقِنَا: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ [السجدة:5]؟ أَلَيْسَ مَعْلُومًا فِي اللُّغَةِ السَّائِرَةِ بَيْنَ الْعَرَبِ الَّتِي خُوطِبْنَا بِهَا، وَبِلِسَانِهِمْ نَزَلَ الْكِتَابُ: أَنَّ تَدْبِيرَ الْأَمْرِ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ إِنَّمَا يُدَبِّرُهُ الْمُدَبِّرُ وَهُوَ فِي السَّمَاءِ لَا فِي الْأَرْضِ؟
كَذَلِكَ مَفْهُومٌ عِنْدَهُمْ: أَنَّ الْمَعَارِجَ: الْمَصَاعِدُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ [المعارج:4]، وَإِنَّمَا يَعْرُجُ الشَّيْءُ مِنْ أَسْفَلَ إِلَى أَعْلَى وَفَوْقَ، لَا مِنْ أَعْلَى إِلَى دُونَ وَأَسْفَلَ، فَتَفَهَّمُوا لُغَةَ الْعَرَبِ لَا تَغَالَطُوا.
وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [الأعلى:1]، فَالْأَعْلَى مَفْهُومٌ فِي اللُّغَةِ: أَنَّهُ أَعْلَى كل شَيْءٍ، وَفَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، وَاللَّهُ قَدْ وَصَفَ نَفْسَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ تَنْزِيلِهِ وَوَحْيِهِ، وأَعْلَمَنَا أَنَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، أَفَلَيْسَ الْعَلِيُّ يَا ذَوِي الْحِجَا مَا يَكُونُ عَلِيًّا، لَا كَمَا تَزْعُمُ الْمُعَطِّلَةُ الْجَهْمِيَّةُ أَنَّهُ أَعْلَى وَأَسْفَلُ وَوَسَطٌ، وَمَعَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْ أَرْضٍ وَسَمَاءٍ، وَفِي أَجْوَافِ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ؟ وَلَوْ تَدَبَّرُوا آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَوَفَّقَهُمُ اللَّهُ لِفَهْمِهَا لَعَقَلُوا أَنَّهُمْ جُهَّالٌ لَا يَفْهَمُونَ مَا يَقُولُونَ، وبان لَهُمْ جَهْلُ أَنْفُسِهِمْ، وَخَطَأُ مَقَالَتِهِمْ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا سَأَلَهُ كَلِيمُهُ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلَامُ أَنْ يُرِيَهُ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، قَالَ: لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ إِلَى قَوْلِهِ: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا [الأعراف:143]، أَفَلَيْسَ الْعِلْمُ مُحِيطًا يَا ذَوِي الْأَلْبَابِ أَنَّ اللَّهَ لَوْ كَانَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، وَمَعَ كُلِّ بَشَرٍ وَخَلْقٍ كَمَا زَعَمَتِ الْمُعَطِّلَةُ؛ لَكَانَ مُتَجَلِّيًا لِكُلِّ شَيْءٍ؟ وَكَذَلِكَ جَمِيع مَا فِي الْأَرْضِ، لَوْ كَانَ مُتَجَلِّيًا لِجَمِيعِ أَرْضِهِ: سَهْلِهَا وَوَعْرِهَا وَجِبَالِهَا، وَبَرَارِيهَا وَمَفَاوِزِهَا، وُمُدُنِهَا وَقُرَاهَا، وَعُمْرَانِهَا وَخَرَابِهَا، وَجَمِيعِ مَا فِيهَا مِنْ نَبَاتٍ وَبِنَاءٍ؛ لَجَعَلَهَا دَكًّا كَمَا جَعَلَ اللَّهُ الْجَبَلَ الَّذِي تَجَلَّى لَهُ دَكًّا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قَالُوا: حدَّثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حدَّثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي قَوْلِهِ: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا [الأعراف:143] قَالَ بِأُصْبُعِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالْخِنْصَرِ مِنَ الظُّفْرِ، يُمْسِكُهُ بِالْإِبْهَامِ، قَالَ: فَقَالَ حُمَيْدٌ لِثَابِتٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، دَعْ هَذَا، مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا؟ قَالَ: فَضَرَبَ ثَابِتٌ مَنْكِبَ حُمَيْدٍ وَقَالَ: وَمَنْ أَنْتَ يَا حُمَيْدُ؟! وَمَا أَنْتَ يَا حُمَيْدُ؟! حَدَّثَنِي بِهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَتَقُولُ أَنْتَ: دَعْ هَذَا! هَذَا لَفْظُهُ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، وَقَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ عَلِيٌّ: حدَّثنا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَقَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيٍّ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي قَوْلِهِ: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا قَالَ هَكَذَا، وَوَصَفَ مُعَاذٌ أَنَّهُ أَخْرَجَ أَوَّلَ مَفْصِلٍ مِنْ خِنْصَرِهِ، فَقَالَ لَهُ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا؟ فَضَرَبَ صَدْرَهُ ضَرْبَةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: فَمَنْ أَنْتَ يَا حُمَيْدُ؟! يُحَدِّثُنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَتَقُولُ أَنْتَ: مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا؟! غَيْرَ أَنَّ الزَّعْفَرَانِيَّ قَالَ هَكَذَا، وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ الْيُسْرَى عَلَى طَرَفِ خِنْصَرِهِ الْأَيْسَرِ عَلَى الْعِقْدِ الْأَوَّلِ.
الشيخ: يعني: أنَّ الله تجلَّى له بشيءٍ يسيرٍ من إصبعه الخنصر، الله أكبر.
س: في السند حماد بن سلمة، والذي اعترض عليه حُميد، حميد ليس في السند، في السند عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، ثم اعترض عليه حميد؟
ج: ..... بينه وبين ثابت، ما هو بينه وبين حماد، كلمة ثابت البناني.
س: في الحاشية: على قول الجهمية: أنَّ الله في كل مكانٍ؟
ج: نعم، ما يحتاج، هذا كلام باطل بإجماع المسلمين.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَ: حدَّثنا أَبِي: حدَّثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حدَّثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ رَفَعَ خِنْصَرَهُ وَقَبَضَ عَلَى مَفْصِلٍ مِنْهَا فَانْسَاخَ الْجَبَلُ، فَقَالَ لَهُ حُمَيْدٌ: أَتُحَدِّثُ بِهَذَا؟! فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَتَقُولُ: لَا تُحَدِّثْ بِهِ؟!
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حدَّثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حدَّثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حدَّثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا [الأعراف:143] قَالَ: تَجَلَّى قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَوَصَفَ عَفَّانُ بِطَرَفِ إِصْبَعِهِ الْخِنْصَرِ، قَالَ: فَسَاخَ الْجَبَلُ، فَقَالَ حُمَيْدٌ لِثَابِتٍ: أَتُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا؟! قَالَ: فَرَفَعَ ثَابِتٌ يَدَهُ، فَضَرَبَ صَدْرَهُ، وَقَالَ: حَدَّثَنِيهِ أَنَسٌ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَتَقُولُ: أَتُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا؟!
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حدَّثنا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ: حدَّثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِمِثْلِهِ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حدَّثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حدَّثنا حَمَّادٌ، قَالَ: حدَّثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا [الأعراف:143]، قَالَ: فَحَكَاهُ النَّبِيُّ ﷺ، فَوَضَعَ خِنْصَرَهُ عَلَى إِبْهَامِهِ، فَسَاحَ الْجَبَلُ: فَتَقَطَّعَ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حدَّثنا حَجَّاجٌ -يَعْنِي ابْنَ مِنْهَالٍ- عن حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِمِثْلِهِ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ .. بِهَذَا نَحْوَ حَدِيثِهِمْ.
فَاسْمَعُوا يَا ذَوِي الْحِجَا دَلِيلًا آخَرَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا فِي السَّمَاءِ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ فِرْعَوْنَ مَعَ كُفْرِهِ وَطُغْيَانِهِ قَدْ أَعْلَمَهُ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلَامُ بِذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ خَالِقَ الْبَشَرِ فِي السَّمَاءِ، أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ يَحْكِي عَنْ فِرْعَوْنَ قَوْلَهُ: يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى [غافر:36- 37]؟
فَفِرْعَوْنُ -عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ- يَأْمُرُ بِبِنَاءِ صَرْحٍ، فَحَسِبَ أَنَّهُ يَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى.
وَفِي قَوْلِهِ: وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا [غافر:37] دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مُوسَى قَدْ كَانَ أَعْلَمَهُ أَنَّ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا أَعْلَى وَفَوْقَ، وَأَحْسَبُ أَنَّ فِرْعَوْنَ إِنَّمَا قَالَ لِقَوْمِهِ: وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا اسْتِدْرَاجًا مِنْهُ لَهُمْ، كَمَا خَبَّرَنَا جَلَّ وَعَلَا فِي قَوْلِهِ: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا [النمل:14]، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ هَذِهِ الْفِرْقَةَ جَحَدَتْ -يُرِيدُ بِأَلْسِنَتِهِمْ- لَمَّا اسْتَيْقَنَتْهَا قُلُوبُهُمْ.
الشيخ: مثلما قال جلَّ وعلا، قال له موسى: لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ [الإسراء:102].
الشيخ: نصُّ القرآن يدل على أنه عالم وأنه مُكابر: لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ، مكابر، كما جحدت قريش: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا، فلا ينبغي الشك في هذا، قال موسى: لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ.
س: توقف المؤلف، قوله: والله أعلم؟
ج: وهمٌ من المؤلف.
الطالب: النص -نص الآية: {وَاسْتَيْقَنَتْهَا}؟
الشيخ: نعم.
الشيخ: قف على هذا الباب، رحمه الله، رحمه الله.
س: كل آيات القرآن ليس فيها مجاز؟
ج: مجاز اللغة، ما هو بمجاز الاصطلاحيين، مجاز توسع اللغة، أما المجاز الذي عند البلاغيين لا، ليس في القرآن، وإنما هو توسع اللغة.
س: المسبوق دخل والإمام في التَّشهد الأوسط، فكبَّر تكبيرة الإحرام، ثم كبَّر تكبيرة الجلوس، وقبل أن يجلس قام الإمامُ وكبَّر تكبيرة الركعة الثالثة، هل عليه أن يُكبر التَّكبيرة الثالثة؟
ج: إذا كان جلس يُكبر.
س: هو ما جلس، هو كبَّر على أساس أنه يجلس، وما جلس، كبَّر تكبيرتين وهو واقف، والإمام وقف؛ لكي يأتي بالركعة؟
ج: يُتابعه.
س: يأتي بالتكبيرة الثالثة؟
ج: لا، يُتابعه، بعدما كبَّر الإمامُ يُكبر تكبيرًا للنهوض.
س: رجل يقول: أُختي لا يُنفق عليها زوجُها، ويُسيئ مُعاملتها، وهي بحاجةٍ إلى المال للعلاج والإنفاق على نفسها؛ لأنه يُهددها دائمًا بالطلاق إن طلبت النَّفقة، فهل يجوز لي أن أدفع لها من الزكاة؟
ج: لا بأس، فقيرة، نعم.