بَابُ السِّنِّ الَّذِي يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَمَا لَا يُجْزِئُ
2101 - عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً إلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ.
2102 - وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «ضَحَّى خَالٌ لِي يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: شَاتُك شَاةُ لَحْمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنْ الْمَعْزِ، قَالَ: اذْبَحْهَا وَلَا تَصْلُحُ لِغَيْرِك، ثُمَّ قَالَ: مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
2103 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: نِعْمَ - أَوْ نِعْمَتْ - الْأُضْحِيَّةُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.
2104 - وَعَنْ أُمِّ بِلَالٍ بِنْتِ هِلَالٍ عَنْ أَبِيهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: يَجُوزُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ أُضْحِيَّةً. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.
2105 - وَعَنْ مُجَاشِعِ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ: إنَّ الْجَذَعَ يُوفِي مِمَّا تُوفِي مِنْهُ الثَّنِيَّةُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
2106 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: «ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ». رَوَاهُ النَّسَائِيّ.
2107 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: «قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ أَصْحَابِهِ ضَحَايَا فَصَارَتْ لِعُقْبَةَ جَذَعَةٌ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَنِي جَذَعٌ؟ فَقَالَ: ضَحِّ بِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْجَمَاعَةِ إلَّا أَبَا دَاوُد «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا، فَبَقِيَ عَتُودٌ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: ضَحِّ بِهِ أَنْتَ، قُلْت: وَالْعَتُودُ مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ مَا رَعَى وَقَوِيَ وَأَتَى عَلَيْهِ حَوْلٌ.
الشيخ: هذه الأحاديث كلها تتعلق بالضحايا وما يجزئ منها، قد دلت هذه الأحاديث على أنه المجزئ من الضحايا هو المسن الذي تم له سنة من المعز والضأن، ويجزئ الجذع من الضأن خاصة، والثني من غير ذلك، الثني من البقر، والثني من الإبل، ولا يجزئ ما دون ذلك، ويقول ﷺ: لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن، ودلت الأحاديث الأخرى على أن الجذعة من الضأن يقوم مقام الثني من المعز، فالضحايا كلها والهدايا كلها إنما يجزئ منها الثني، فالثني من الإبل ما تم له خمس سنين ودخل في السادسة، ومن البقر ما تم له سنتان ودخل في الثالثة، وفي المعز والضأن ما تم له سنة ودخل في الثانية، ويجزئ الجذع من الضأن خاصة وهو الذي تم له ستة أشهر فأكثر من الضأن خاصة للأحاديث التي ذكرها المؤلف، وذلك أن الجذعة من الضأن له قوة وله جسم كبير يشبه الثني من المعز أو أعظم، ولهذا من رحمة الله وحكمة الله أن أجزأ الجذع من الضأن، ومن شرط ذلك أن يكون بعد صلاة العيد، فمن ذبح قبل صلاة العيد فشاته شاة لحم لا تجزئ، من شرط الضحايا أن تذبح بعد الصلاة، فمن ذبح قبل الصلاة فلا ضحية له، شاته شاة لحم إلا أبا بردة بن نيار فإنها أجزأته، عناق عنده بسنة خاصة ولم تجزئ عن أحد بعده لأنه ضحى قبل الصلاة فشاته شاة لحم، وأخبر الرسول أن هذه العناق عنده تجزئ ولن تجزئ عن أحد بعده. وفق الله الجميع.
بَابُ مَا لَا يُضَحَّى بِهِ لِعَيْبِهِ وَمَا يُكْرَهُ وَيُسْتَحَبُّ
2108 - عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُضَحَّى بِأَعْضَبِ الْقَرْنِ وَالْأُذُنِ»، قَالَ قَتَادَةُ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: الْعَضْبُ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، لَكِنْ ابْنُ مَاجَهْ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ قَتَادَةَ إلَى آخِرِهِ.
2109 - وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ضَلْعُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
2110 - وَرَوَى يَزِيدُ ذُو مِصْرَ قَالَ: «أَتَيْت عُتْبَةُ بْنَ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ، فَقُلْت: يَا أَبَا الْوَلِيدِ إنِّي خَرَجْت أَلْتَمِسُ الضَّحَايَا، فَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا يُعْجِبُنِي غَيْرَ ثَرْمَاءَ فَمَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَلَا جِئْتنِي أُضَحِّي بِهَا، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ تَجُوزُ عَنْكَ وَلَا تَجُوزُ عَنِّي؟ قَالَ: نَعَمْ إنَّكَ تَشُكُّ وَلَا أَشُكُّ، إنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ الْمُصَفَّرَةِ وَالْمُسْتَأْصَلَةِ وَالْبَخْقَاءِ وَالْمُشَيَّعَةِ وَالْكَسْرَاءِ، فَالْمُصَفَّرَةُ الَّتِي تُسْتَأْصَلُ أُذُنُهَا حَتَّى يَبْدُوَ صِمَاخُهَا، وَالْمُسْتَأْصَلَةُ الَّتِي ذَهَبَ قَرْنُهَا مِنْ أَصْلِهِ، وَالْبَخْقَاءُ الَّتِي تُبْخَقُ عَيْنُهَا، وَالْمُشَيَّعَةُ الَّتِي لَا تَتْبَعُ الْغَنَمَ عَجْفًا وَضَعْفًا وَالْكَسْرَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، ويزيد ذو مصر بكسر الميم والصاد المهملة الساكنة.
2111 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «اشْتَرَيْت كَبْشًا أُضَحِّي بِهِ فَعَدَا الذِّئْبُ فَأَخَذَ الْأَلْيَةَ قَالَ: فَسَأَلْت النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: ضَحِّ بِهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ بَعْدَ التَّعْيِينِ لَا يَضُرُّ.
2112 - وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ وَأَنْ لَا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ وَلَا مُدَابَرَةٍ وَلَا شَرْقَاءَ وَلَا خَرْقَاءَ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
2113 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: «كُنَّا نُسَمِّنُ الْأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
2114 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: دَمُ عَفْرَاءَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْعَفْرَاءُ الَّتِي بَيَاضُهَا لَيْسَ بِنَاصِعٍ.
2115 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ، وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
الشيخ: هذه الأحاديث تدل على العيوب التي تمنع من الضحية والهدية أو تسبب الكراهة، الواجب أن تكون الهدايا والضحايا سليمة من العيوب التي نبه عليها النبي ﷺ، وتقدم أن الضحية سنة وقربة تأسيا بالنبي عليه الصلام والسلام، والهدايا منها ما يكون سنة وتطوع، ومنها ما يكون فريضة كهدي التمتع والقران والهدي المنذور، يقول ﷺ: أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والعرجاء البين ضلعها، والهزيلة التي لا تنقي، والمريضة البين مرضها، وكذلك نهى عن أن يضحى بعضباء القرن والأذن فهذه لا تجزئ، الأضاحي المقطوعة الأذن والقرن أو ذهب أكثرهما، كذلك العوراء البين عورها، والعرجاء البين ضلعها، والمريضة البين مرضها، والهزيلة التي لا تنقي، وهكذا ما ذكره في حديث عتبة بن عبد السلمي يوافق ما ذكره البراء في حديثه ، فالواجب هو العناية بالأضاحي والهدايا والسلامة من النقص الذي يمنع من إجزائها، أما ما تضمنه حديث علي «أن الرسول ﷺ نهى أن يضحى بمقابلة ومدابرة، وأمرهم باستشراف العين والأذن» فهذا يدل على أن السنة الكمال، تكون الأذن كاملة، قرنها كامل، عينها سليمة، أما النقص اليسير لا يمنع الإجزاء لحديث البراء، لكن كونها سليمة في أذنها وفي قرنها وفي بدنها يكون أكمل في الضحية سليمة، والشرقاء مشروقة الأذن، والخرقاء مخروقة الأذن، كونها سليمة أفضل، أما الإجزاء فتجزئ إلا إذا كانت عضباء قد ذهب أكثر الأذن، بعض الكتب صحف الشرقاء بالثرماء، والصواب أن المراد به الشرقاء مشقوقة الأذن، أما الثرماء لا بأس بها، الثرماء التي سقطت بعض أسنانها لا بأس بها، وإنما الممنوع المكروه الشرقاء التي قد تشرقت أذنها يعني تشققت.
وفي حديث أبي سعيد «أنه اشترى كبشًا فعدى الذئب فأخذ إليته فأمره أن يضحي به» الحديث ضعيف، حديث أبي سعيد هذا ضعيف، ولكن الإنسان إذا سمى الضحية وعينها ثم جرى عليها شيء يذبحها تجزئ لأنها قد تعينت، فهي تجزؤه، الإنسان قد عينها ضحية أو هدية تطوع أجزأته، أما الهدي الواجب والضحية الواجبة فلا بدّ فيها من السلامة، فإذا عابت قبل أن يذبحها وجب إبدالها إذا كانت فريضة كهدي التمتع والقران والضحية المنذورة، أما التطوع فإذا كان قد عينها وسماها بأنها ضحية ثم أصابها مرض أو أخذ الذئب منها شيء ذبحها وأجزأته.
بَابُ الذَّبْحِ بِالْمُصَلَّى وَالتَّسْمِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى الذَّبْحِ وَالْمُبَاشَرَةِ لَهُ
2121 - عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: «أَنَّهُ كَانَ يَذْبَحُ وَيَنْحَرُ بِالْمُصَلَّى». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُد.
2122 - وَعَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، فَقَالَ لَهَا: يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ، ثُمَّ قَالَ: اشْحَذِيهَا عَلَى حَجَرٍ، فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.
2123 - وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقَرْنَيْنِ فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَيْهِ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
2124 - وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ عِيدٍ بِكَبْشَيْنِ فَقَالَ حِينَ وَجَّهَهُمَا: وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
بَابُ نَحْرِ الْإِبِلِ قَائِمَةً مَعْقُولَةً يَدُهَا الْيُسْرَى
2125 - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ [الحج:36] قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَوَافَّ: قِيَامًا. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا، فَقَالَ: ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
2126 - وَعَنْ عبدالرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يَنْحَرُونَ الْبَدَنَةَ مَعْقُولَةَ الْيُسْرَى قَائِمَةً عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ قَوَائِمِهَا». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَهُوَ مُرْسَلٌ.
الشيخ: الأحاديث الأولى كلها تدل على شرعية الضحية، وأنه ﷺ كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين: أحدهما عن محمد وآله، والثاني عن من وحد الله من أمته عليه الصلاة والسلام، وربما ضحى بكبشين أملحين، وربما ضحى بغيرهما، ربما كان يبرك في سواد وينظر في سواد ويطأ في سواد، لا حرج سواء كانا أملحين أو أسودين أو أبيضين أو أبرق فيه بياض وسواد، كله لا بأس به، كله لا حرج، فالسنة أن يضحي بالغنم، وإن ضحى بالبدنة أو بالبقرة فكذلك كله سنة، البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، والشاة الواحدة عن الرجل الواحد في بيته، كله سنة، والنبي كان يضحي ﷺ بالمصلى حتى يعرف الناس ذلك، حتى تظهر السنة يذبح في المصلى ليعرف الناس ذلك ويتأسوا به ويضحوا، حتى تشتهر الضحية وتعرف ويقول: بسم الله والله أكبر، اللهم تقبل مني، هذه السنة اللهم تقبل من فلان، كما يقول ﷺ تقبل من محمد وآل محمد، اللهم تقبل مني، أما الحديث الآخر: وجهت وجهي ... إلى آخره فهذا ضعيف، وجهت وجهي ... إلى آخره إن صلاتي ونسكي ... هذا ضعيف، فالسنة عند الذبح أن يقول: بسم الله والله أكبر، اللهم تقبل مني، اللهم تقبل من فلان وآله، كل هذا لا بأس به، والسنة هو ضحية واحدة عن الرجل وأهل بيته، وإن ضحى بأكثر فلا بأس.
كذلك الأحاديث الأخيرة تدل على أن الإبل تنحر وهي واقفة، أما البقر على جنبها الأيسر، والغنم على جنبها الأيسر، يضع رجله على صفاحهما ويسمي ويكبر ويذبح البقرة والغنم، أما الإبل تنحر وهي واقفة على ثلاث، هذه السنة تقف على يدها اليمنى ورجليها وتعقل يدها اليسرى، هذا السنة في الإبل، ثم ينحرها في اللبة، يطعنها في اللبة التي طرف العنق متصلة بالصدر يطعنها بالحربة في هذا نحرًا، هذا هو السنة، أما البقرة تضجع، والغنم تضجع وتذبح ذبحًا، وأما الإبل فالسنة نحرها، هذا هو الأفضل، وأن تكون قائمة على ثلاث معقولة يدها اليسرى، ويقول: بسم الله والله أكبر، اللهم تقبل من فلان، ويأكل ويهدي ويتصدق. وفق الله الجميع.
س:إشراك الأهل في سبع الأضحية؟
الشيخ: لا، السبع ترك الاشتراك فيه أولى أحوط، لكن في شاة واحدة أو في البدنة على أكثر من سبعة، لو كان في البيت مائة وضحى بشاة واحدة أو بدنة واحدة أو بقرة واحدة كفى.
بَابُ بَيَانِ وَقْتِ الذَّبْحِ
2127 - عَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِيِّ: «أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ أَضْحَى قَالَ فَانْصَرَفَ فَإِذَا هُوَ بِاللَّحْمِ وَذَبَائِحُ الْأَضْحَى تُعْرَفُ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّهَا ذُبِحَتْ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَقَالَ: مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ حَتَّى صَلَّيْنَا فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
2128 - وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْمَدِينَةِ فَتَقَدَّمَ رِجَالٌ فَنَحَرُوا وَظَنُّوا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ نَحَرَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ مَنْ كَانَ نَحَرَ قَبْلَهُ أَنْ يُعِيدَ بِنَحْرٍ آخَرَ، وَلَا يَنْحَرُوا حَتَّى يَنْحَرَ النَّبِيُّ ﷺ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
2129 - وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ النَّحْرِ: مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِلْبُخَارِيِّ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ. [وَفِي الْبَابِ عَنْ الْبَرَاءِ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ كُلّهَا بِلَفْظِ: مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنْ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِنَحْوِ هَذَا اللَّفْظِ].
2130 - وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: كُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَهُوَ لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ جُبَيْرٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوُهُ، هذه الطرق التي روي بها كلها منقطعات، ولكن رواه ابن حبان في صحيحه موصولا بنحو هذا المتن.
الشيخ: هذه الأحاديث كلها تدل على شرعية الذبح بعد الصلاة، وأن الأضاحي تكون بعد الصلاة، وإن كان الإمام يذبح في المصلى كان بعد ذبحه أفضل، أما من ذبح قبل أن يصلي فإنها شاة لحم، فإذا ضحى قبل أن يصلي فهي شاة لحم عليه أن يعيد، يشرع له الإعادة، أما إذا ذبح بعد الصلاة فقد أصاب سنة المسلمين في جميع الأضاحي، وهذا في الضحايا، أما الهدي فالناس في منى ليس لهم صلاة عيد إنما يقوم مقامها رمي الجمرة يوم العيد وهي جمرة العقبة، فهم يذبحون كل اليوم من بعد ارتفاع الشمس، لكن في المدن والقرى يكون الذبح بعد الصلاة كما بين النبي عليه الصلاة والسلام، ومن ذبح قبل الصلاة فشاته شاة لحم يذبح أخرى مكانها، وكل أيام التشريق ذبح: يوم العيد وأيام التشريق كلها ذبح، وإن ذبح في منى أو في مكة كلها مجزئه سواء في البلد، أو في بلد أخرى في أي مكان ما دام بعد الصلاة تجزئ سواء في بلده أو في قرية أخرى أو في بلد أخرى، الحاصل أن الضحايا تكون بعد الصلاة لا قبل الصلاة.
س: الحاج إذا أراد أن يضحي؟
الشيخ: يضحي بعد ارتفاع الشمس في منى، وإلا يوم العيد أو أيام التشريق أو في مكة ما يخالف.
بَابُ الْأَكْلِ وَالْإِطْعَامِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَجَوَازُ ادِّخَارِ لَحْمِهَا وَنَسْخِ النَّهْيِ عَنْهُ
2131 - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى زَمَانَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: ادَّخِرُوا ثَلَاثًا ثُمَّ تَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الْأَسْقِيَةَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ، وَيُحمِلُونَ فِيهَا الْوَدَكَ، فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: نَهَيْت أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَقَالَ: إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
2132 - وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثِ مِنًى فَرَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: كُلُوا وَتَزَوَّدُوا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي لَفْظٍ: «كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلَى الْمَدِينَةِ». أَخْرَجَاهُ، وَفِي لَفْظٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.
2133 - وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَفِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا فِي الْعَامِ الْمَاضِي؟ قَالَ: كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ فَأَرَدْت أَنْ تُعِينُوا فِيهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
2134 - وَعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: «ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أُضْحِيَّتَهُ ثُمَّ قَالَ: يَا ثَوْبَانُ أَصْلِحْ لِي لَحْمَ هَذِهِ فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهُ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
2135 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَا تَأْكُلُوا لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَشَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّ لَهُمْ عِيَالًا وَحَشَمًا وَخَدَمًا، فَقَالَ: كُلُوا وَاحْبِسُوا وَادَّخِرُوا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
2136 - وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ لِيَتَّسِعَ ذَوُو الطَّوْلِ عَلَى مَنْ لَا طَوْلَ لَهُ، فَكُلُوا مَا بَدَا لَكُمْ وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
الشيخ: هذه الأحاديث الكثيرة وما جاء في معناها تدل على أن المشروع للمؤمن في ضحيته وهديته عن التمتع والقران، والهدية التي يتطوع بها في منى أنه يأكل ويتصدق ويهدي من الأضاحي ومن الهدايا التي يهديها في حجته تطوعًا، أو هدية التمتع والقران كلها يأكل منها ويهدي كما قال تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28] فيأكل ويتصدق ويهدي إلى جيرانه وغيرهم، أما ما حصل من النهي عن الادخار فوق ثلاث فكان هذا من أجل دافة وفقراء في عام حصل في الفقراء ودف إلى المدينة فقراء فنهاهم عن الادخار فوق ثلاث ثم رخص لهم بعد ذلك، فهذا يدل على أنه إذا وجد فقراء ودفت دافة على أهل بلد أو قرية ينبغي لهم أن يحسنوا فيهم وألا يدخروا بل يوزعوا الضحايا عليهم، أما إذا كانت الأمور عادية فإنه يأكل ويدخر ويتصدق ويهدي والحمد لله، لكن متى وجدت أسباب توجب عدم الادخار لكثرة الفقراء وشدة حاجتهم، فإن السنة أن يوزع عليهم لحوم الأضاحي، وألا يدخر أهلها شيئًا يضر الفقراء الحاضرين تأسيًا بالنبي ﷺ فيما ذكر وفيما فعل لما دفت الدافة، والله أعلم.
س: هدي التمتع والقران؟
الشيخ: مثل الضحية نعم يأكل ويتصدق.
بَابُ الصَّدَقَةِ بِالْجُلُودِ وَالْجِلَالِ وَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِهَا
2137 - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلُحُومِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَازِرَ مِنْهَا شَيْئًا، وَقَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
2138 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَامَ فَقَالَ: إنِّي كُنْت أَمَرْتُكُمْ أَنْ لَا تَأْكُلُوا لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِيَسَعَكُمْ، وَإِنِّي أُحِلُّهُ لَكُمْ فَكُلُوا مَا شِئْتُمْ، وَلَا تَبِيعُوا لُحُومَ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ وَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَاسْتَمْتِعُوا بِجُلُودِهَا. وَلَا تَبِيعُوهَا وَإِنْ أَطْعَمْتُمْ مِنْ لُحُومِهَا شَيْئًا فَكُلُوا أَنَّى شِئْتُمْ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
بَابُ مَنْ أَذِنَ فِي انْتِهَابِ أُضْحِيَّتِهِ
2139 - عَنْ عبداللَّهِ بْنِ قُرْطٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ، وَقُرِّبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ خَمْسُ بَدَنَاتٍ أَوْ سِتٌّ يَنْحَرُهُنَّ فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إلَيْهِ أَيَّتُهُنَّ يَبْدَأُ بِهَا، فَلَمَّا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا قَالَ كَلِمَةً خَفِيَّةً لَمْ أَفْهَمْهَا، فَسَأَلْت بَعْضَ مَنْ يَلِينِي مَا قَالَ؟ قَالُوا: قَالَ: مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وقد احتج به من رخص في نثار العرس ونحوه.
الشيخ: هذه الأحاديث تدل على أن المشروع للمؤمن في الهدايا والضحايا الأكل والإهداء والصدقة كما قال تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28]، والنبي ﷺ قال لهم: كلوا وتصدقوا وادخروا كان أمرهم في بعض السنوات ألا يدخروا بعد ثلاث من أجل دافة دفت، فقراء وجدوا في المدينة ثم رخص لهم بعد ذلك كما تقدم، وأمرهم أن يتصدقوا، أمر عليًا أن يتصدق بجلودها ولحومها وجلالها وألا يعطي الجزار أجره منها، هذا السنة أن تكون الصدقة بجميعها لحوم وجلود وغير ذلك، والجزار يعطى الأجرة من خارجها، إذا أعطي من عرض الناس هدية لفقره فلا بأس، لكن تكون الأجرة من غير ذلك، والواجب على المؤمن أن يحذر ما حرم الله عليه وأن يتقي الله في كل شيء، فإذا ضحى أو أهدى فعلى ما شرعه الله من أكل وصدقة وهدية ولا يبيع شيئًا، لا يبيع شيئًا لا من اللحوم ولا من الجلود، انتهت ليست ملكًا له، صارت قربة إلى الله، ليس له التصرف فيها إلا بالأكل أو الهدية أو الصدقة، أما البيع فلا، أما الجلود الأجلة فإن كان تصدق بها قسمها، وإن كان لم يقصد الصدقة بها فإنها تكون تعاد إلى ملكه إذا جللها، ما أراد به الصدقة إنما أراد به شيئًا خاصا فإنها لا كون تبعًا لها، أما في هذا فالرسول ﷺ أمر بتقسيم أجلتها لأنها أهداها مع أجلتها، والله أعلم بما في نية العبد، فإذا أراد هديتها مع أجلتها تصدق بالجميع.
وكذلك حديث عبدالله بن قرط كونه صاح بالضحية والهدية يقول: من شاء اقتطع من شاء أخذ لا بأس، والحديث في سنده ضعف لأنه معروف في الأحاديث الصحيحة أنه أهدى ثلاث وستين ذبحها بيده، نحرها بيده، والبقية نحرها علي الجميع مائة، فأمر من كل بدنة ببضعة كما في الحديث الصحيح عند مسلم هذا هو المحفوظ، أما هذا فليس بمحفوظ بل في سنده نظر، ولكن معناه صحيح، إذا قال المضحي أو المهدي بعدما ذبح الضحية أو الهدية: من شاء أخذ فلا بأس، من شاء من الفقراء هذا يأخذ وهذا يأخذ، وإن قسمها إذا كان يخشى نزاع أو يخشى فتنة يقسهما هو، أما إذا كان لا يخشى فتنة فيقول للفقراء: خذوا ما شئتم، أما إذا كان قد يقع نزاع وفتنة فيقسهما هو على الفقراء حتى لا يقع فتنة عملًا بما هو أصلح وأبعد عن الشر، والنثار في العرس ونحوه لا بأس به لو أن إنسانًا في العرس أو بين الحاضرين نثر بينهم دراهم أو فاكهة وقال: كلوا، خذوا، من شاء أخذ فلا بأس لأن معناه أباحه لهم، فلو نثر بينهم فاكهة أو تمرا أو نقودا أو غير ذلك وقال: هي لكم، لكن إذا كان يخشى فتنة يقسمها عليهم، إذا كان يخشى أن يضر بعضهم بعضًا فلا، لأن هذا معناه فتنة فيقسمها بينهم على حسب ما يرى، هذا ريال، وهذا ريالين، وهذا رمانة، وهذا فاكهة، يقسمها بينهم حتى لا يقع شر، أما إذا كان المكان محفوظا ومضبوطا ولا فيه فتنة ونثرها بينهم قال: كلوا لا بأس، أو قال: هي لكم الدراهم، ما يخشى الفتنة فلا بأس، أما إذا كان يخشى فتنة تضارب ومضرة فلا، لا يسبب الفتن ولكن يقسمها بينهم، هذا ريال، وهذا ريالين، وهذا رمانة، وهذا حبة تفاح، وهذا كذا، يقسمها بينهم حتى لا يقع بينهم شيء من المضرة. وفق الله الجميع.
س: .....؟
الشيخ: الفقير يبيعه، الفقير إذا حصل من الهدي أو الضحية شيء يبيعه إذا شاء ويأكله إذا شاء.
س: الفقير إذا أهدي له من الأضحية فهل له أن يبيعه؟
الشيخ: يعني المهدي لا يبيع، المهدي والمضحي لا يبيع.
س: يجوز الذبح ليلا في أيام التشريق؟
الشيخ: في الليل والنهار نعم، ليلة إحدى عشر وليلة اثنا عشر وليلة ثلاثة عشر ثلاث ليال، أما ليلة العيد لا، ليلة أربعة عشر لا، بس ثلاث ليال: ليلة إحدى عشر، وليلة اثنا عشر، وليلة ثلاثة عشر.