01 مقدمة المؤلف.. رياض الصالحين

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار، مكور الليل على النهار، تذكرة لأولي القلوب والأبصار، وتبصرة لذوي الألباب والاعتبار، الذي أيقظ من خلقه من اصطفاه فزهدهم في هذه الدار، وشغلهم بمراقبته وإدامة الأفكار، وملازمة الاتعاظ والادكار، ووفقهم للدأب في طاعته، والتأهب لدار القرار، والحذر مما يسخطه ويوجب دار البوار، والمحافظة على ذلك مع تغاير الأحوال والأطوار. أحمده أبلغ حمد وأزكاه، وأشمله وأنماه.
وأشهد أن لا إله إلا الله البر الكريم، الرؤوف الرحيم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، الهادي إلى صراط مستقيم، والداعي إلى دين قويم، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى سائر النبيين، وآل كل، وسائر الصالحين.
أما بعد: فقد قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ۝ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ [الذريات:56-57] وهذا تصريح بأنهم خلقوا للعبادة، فحق عليهم الاعتناء بما خلقوا له والإعراض عن حظوظ الدنيا بالزهادة، فإنها دار نفاد لا محل إخلاد، ومركب عبور لا منزل حبور، ومشرع انفصام لا موطن دوام. فلهذا كان الأيقاظ من أهلها هم العباد، وأعقل الناس فيها هم الزهاد. قال الله تعالى: إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [يونس:24].
والآيات في هذا المعنى كثيرة. ولقد أحسن القائل:
إن لله عبادا فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا
فإذا كان حالها ما وصفته، وحالنا وما خلقنا له ما قدمته، فحق على المكلف أن يذهب بنفسه مذهب الأخيار، ويسلك مسلك أولي النهى والأبصار، ويتأهب لما أشرت إليه، ويهتم بما نبهت عليه. وأصوب طريق له في ذلك، وأرشد ما يسلكه من المسالك: التأدب بما صح عن نبينا سيد الأولين والآخرين، وأكرم السابقين واللاحقين. صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر النبيين. وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2] وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه قال:  والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه وأنه قال: من دل على خير فله مثل أجر فاعله، وأنه قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، وأنه قال لعلي : فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.
فرأيت أن أجمع مختصرا من الأحاديث الصحيحة، مشتملا على ما يكون طريقا لصاحبه إلى الآخرة، ومحصلا لآدابه الباطنة والظاهرة، جامعا للترغيب والترهيب وسائر أنواع آداب السالكين: من أحاديث الزهد، ورياضات النفوس، وتهذيب الأخلاق، وطهارات القلوب وعلاجها، وصيانة الجوارح وإزالة اعوجاجها، وغير ذلك من مقاصد العارفين.
وألتزم فيه أن لا أذكر إلا حديثا صحيحا من الواضحات، مضافا إلى الكتب الصحيحة المشهورات، وأصدر الأبواب من القرآن العزيز بآيات كريمات، وأوشح ما يحتاج إلى ضبط أو شرح معنى خفي بنفائس من التنبيهات. وإذا قلت في آخر حديث: متفق عليه، فمعناه: رواه البخاري ومسلم.
وأرجو إن تم هذا الكتاب أن يكون سائقا للمعتني به إلى الخيرات، حاجزا له عن أنواع القبائح والمهلكات. وأنا سائل أخا انتفع بشيء منه أن يدعو لي، ولوالدي، ومشايخي، وسائر أحبابنا، والمسلمين أجمعين، وعلى الله الكريم اعتمادي، وإليه تفويضي واستنادي، وحسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد:
فقد بدأ المؤلف كتابه رياض الصالحين رحمه الله وهو أبو زكريا يحيى النووي بهذه المقدمة الحسنة، ولقد أجاد في هذا الكتاب وأحسن رحمه الله، وقد كتب الله لكتابه هذا النجاح والرواج بين المسلمين وانتفع به المسلمون في كل مكان، وهو كتاب مختصر جيد جامع للأحاديث الصحيحة والحسنة، وقل فيه الضعيف في أبواب كثيرة من أبواب العبادات وأبواب المعاملات، فأحسن في هذا جزاه الله خيرًا.
وقد بين في هذه الخطبة ما ينبغي بيانه من أن هذه الدار دار العمل وليست دار إقامة وليست دار خلد، ولكنها دار عبور دار مسيرة إلى الآخرة واستعداد للآخرة، فالواجب على  أهلها أن يُعدوا العدة للآخرة؛ لأنهم خلقوا ليعبدوا الله قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21]، وأنزل الكتب جل وعلا لهذا وأرسل الرسل لهذا كما قال : كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ۝ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ [هود:1-2]، وقال تعالى: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29]، قال سبحانه: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [إبراهيم:1]، ويقول سبحانه: هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ [إبراهيم:52] هذا القرآن بلاغ للناس، والسنة كذلك بلاغ كما قال ﷺ: إني أوتيت القرآن ومثله معه وقال: بلغوا عني ولو آية فالواجب على أهل العلم أن يبلغوا عن الله وعن رسوله ما جاء بالكتاب والسنة الكتاب هو القرآن وهو أصل كل خير، وهو أشرف كتاب وأعظم كتاب وأصدق كتاب، كتاب الله القرآن فيه الهدى والنور إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9] ثم سنة الرسول ﷺ وأحاديثه الصحيحة فيها أيضاً البيان والإيضاح والشرح والتفسير لكتاب الله وفي كلام أهل العلم أيضا إيضاح ما قد يشكل فالعلماء يبينون ويرشدون ويوضحون ما دل عليه الكتاب والسنة فهم خلفاء الرسل في بيان الحق والدلالة عليه.
وأنت يا عبد الله مخلوق للعبادة وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] فالواجب عليك أن تتعلم وأن تتفقه في الدين، وأن تعرف هذه العبادة ما هي العبادة التي أنت مخلوق لها، هي توحيد الله والإخلاص له، وطاعة أوامره وترك نواهيه؛ هذه العبادة التي أنت مخلوق لها، والرسل بعثوا بها؛ فالواجب الاستعداد للآخرة والتأهب وأخذ الحذر، وأن تكون في هذه الدار مشمرًا في طاعة الله عاملاً بما يرضي الله مستعدًا للقاء الله، حذرًا من معاصي الله؛ لأنك في هذه الدار غير مخلد لست بمخلد بل أنت ظاعن منها ولا تدري متى تظعن، هل بقي من عمرك قليل أو كثير، فالواجب الحزم والحذر، وقد أخفى الله على الناس آجالهم ليستعدوا للآخرة دائمًا، وليحذروا التمادي في أسباب الهلاك وربك هو الحكيم العليم، قال جل وعلا: وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185] وقال سبحانه: أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ [التوبة:38]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ [النساء:71]، وقال جل وعلا: إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [يونس:24] هذا متاع الدنيا روضة خضراء ثم جاءتها العواصف يبست وانتهت، هكذا الدنيا بينما الإنسان في سرور ونعمة جاءه الأجل وانتقل إلى الدار الأخرى ليس له إلا عمله، ولهذا قال بعدها سبحانه: وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ [يونس:25] بعد أن ذكر الدنيا وأنها دار الفناء والزوال قال بعدها: وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ [يونس:25] وهي الجنة دار السلام ما فيها ظعن ولا موت ولا أمراض ولا جوع ولا عطش ولا خوف، دار السلام دار سالمة من كل ما يضر ومن كل ما يسوء وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [يونس:25]، فالواجب على المكلف أن يهتم وأن يحرص على الاستعداد لدار السلام.
هذه الدار ما هي بدار السلام، دار الفتن والامتحان دار الابتلاء والاختبار، فالواجب الحذر من الركون إليها وإيثارها على الآخرة وأن تعد العدة للقاء ربك؛ لأنك في هذه الدار مرتهن كعرية كمسافر، فإذا كنت تعلم أنك كالمسافر فأعد العدة؛ ولهذا قال النبي ﷺ لابن عمر: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وكان ابن عمر يقول: إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك.
فالعبد في هذه الدار ظاعن كالمسافر ما يدري متى يهجم عليه الأجل.
فالواجب إعداد العدة في هذا السفر الذي لا تدري متى ينتهي ومتى تحل بك المنية فالحازم هو الذي عد العدة ويحذر الغفلة حتى إذا هجمت المنية فإذا هو على حالة يرضاها مولاه سبحانه وتعالى.
 رزق الله الجميع التوفيق والهداية وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه.

الأسئلة:

س: بالنسبة للقرآن يعلى ولا يعلى عليه، هل تقاس الأشرطة المسجلة من القرآن مثل المصحف، أنها ما توضع عليها شيء؟
ج: الأمر في هذا واسع؛ لأن الأشرطة ما فيها قرآن واضح، المصحف غير الأشرطة، لكن إذا صانها مع الكتب أو صانها في الدواليب حسن إن شاء الله في محل طيب ليس لها حكم المصحف.
س: كذلك بالنسبة لباقي النعمة مثل باقي الأكل مثلاً لو ربطها الإنسان في كيس ووضعها عند الباب ثم أتى عامل البلدية ووضعها في سيارة فيها قاذورات؟
ج: الطعام يحطه في السطل للطيور أو يعطها الغنم أو يحطها في محل طيب أو يحطوها في البر بعيدا عن القمامة لا تحطها في محل القمامة.
س: في واحد فيه فشل كلوي وسنه فوق السبعين وبعدين ركبوا له كلية واحدة مزروعة وواحدة فاشلة وعلى أنه العام عشرة أيام والدكاترة منعوا عنه الصيام؟
ج: يطعم مسكينا عن كل يوم. يطعم مسكينا نصف الصاع كل يوم
س: ورمضان؟
ج: وهو كذلك إذا كان يعجز إذا قرروا أنه  لا يصوم أبدًا يطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع.

س: كم؟
ج: كيلو ونصف، نصف الصاع من التمر أو الأرز أو الحنطة.
س: يوميًا؟
ج: لا هو ما هو بلازم، يجمعها جميعًا ويعطيها بعض الفقراء عن الشهر كله.