17 من حديث ( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم..)

 
13/37- وَعنْ أَبي سَعيدٍ وأَبي هُرَيْرة رضيَ اللَّه عَنْهُمَا عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حَزَن وَلاَ أَذًى وَلاَ غمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُها إِلاَّ كفَّر اللَّه بهَا مِنْ خطَايَاه متفقٌ عَلَيهِ.
14/38- وعن ابْن مسْعُود قَالَ: دَخلْتُ عَلى النَبيِّ ﷺ وَهُو يُوعَكُ فَقُلْتُ يَا رسُولَ اللَّه إِنَّكَ تُوعكُ وَعْكاً شَدِيداً قَالَ: أَجَلْ إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُم. قُلْتُ: ذلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْريْن؟ قَالَ: أَجَلْ ذَلك كَذَلك مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، شوْكَةٌ فَمَا فوْقَهَا إلاَّ كَفَّر اللَّه بهَا سَيِّئَاتِهِ، وَحطَّتْ عنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا تَحُطُّ الشَّجرةُ وَرقَهَا متفقٌ عَلَيهِ.
15/39- وعنْ أَبي هُرَيرة قال: قال رسولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْراً يُصِبْ مِنْهُ رواه البخاري.
16/40- وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: لا يتَمنينَّ أَحدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فاعلاً فليقُل: اللَّهُمَّ أَحْيني مَا كَانَت الْحياةُ خَيراً لِي، وتوفَّني إِذَا كَانَتِ الْوفاَةُ خَيْراً لِي متفق عليه.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث كالتي قبلها فيها الحث على الصبر على المصائب، وأن في ذلك الخير الكثير وتكفير السيئات وحط الخطايا، فالمؤمن مأمور بالصبر في جميع الأمور، الصبر على طاعة الله، والصبر على المصائب، الصبر عن المكاره والمحارم، هو مأمور بهذا كله، إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]، وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل:127]، فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة عما حرم الله، والصبر على أداء ما أوجب الله، والصبر عند المصائب؛ ولهذا يقول ﷺ: ما يصيب المسلم  من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة ولا غم إلا كفر الله بها من خطاياه حتى الشوكة يشاكها، وهذا فيه رحمة الله وفضله وجوده وكرمه على عباده، وأن هذه المصائب يكفر بها من الخطايا حتى الشوكة يشاكها ولو قليلة.

وفيه أنه ﷺ كان يوعك يعني تصيبه الحمى أكثر مما يصيبنا كما يوعك اثنان منا، قال له ابن مسعود: ذاك لأن لك الأجر مرتين؟! قال: نعم؛ لأن له الأجر مرتين عليه الصلاة والسلام، فهذا يفيد أن الرسول ﷺ تصيبه المصائب واللأواء والحمى والله يضاعف أجورهم جل وعلا، أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى المرء على قدر إيمانه وصبره.
فالواجب عند البلاء الصبر والاحتساب وعدم الجزع ولا ينبغي له أن ينظر أهل الصحة والعافية بل ينظر أهل البلاء يتأسى بهم قد ابتلي الأنبياء، وابتلي الصالحون بأنواع البلاء فصبروا وهم خير عباد الله، وأفضل عباد الله، فهكذا أنت تتأسى بالأخيار، أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى المرء على قدر دينه، فإن كان في دينه صلابه شدد عليه في البلاء.

والحديث الآخر يقول ﷺ: من يرد الله به خيرًا يصب منه يعني يصب منه بالمصائب حتى  يكمل صبره ويكمل إيمانه، فلا ينبغي للمؤمن أن يجزع أو يقول: لماذا؟ احتسب واصبر، واعلم أنك قد مضى قبلك الأخيار وأصيبوا فلك فيهم أسوة.

كذلك حديث: لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل لا ينبغي للمؤمن أن يتمنى الموت من أجل مرض أو غيره، فإذا كان لا بدّ فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي؛ لأنها قد تكون حياته خيرًا له لا يتمنى الموت يزداد عملاً صالحًا يزداد درجات، يزداد تكفيرًا للسيئات.
وفي حديث عمار بن ياسر كان من دعائه: اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرًا، وتوفني إذا كانت الوفاة خير لي هذا دعاء حسن. اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي وفي رواية عمار: اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرًا، وتوفني إذا كانت الوفاة خير لي.
وأيوب لما اشتد به البلاء قال: ربي إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، يطلب الشفاء ما قال أمتني، قال: ربي إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، يعني فاكشف ضري، والله يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]،  وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186]، وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: أحسن إليك يا شيخ، قول الرسول ﷺ: ما يصيب المسلم من نصب.. يدخل فيها أهل الكبائر؟
ج: يدخلون نعم، كل مسلم داخل. النصب التعب، والوصب المرض.
س: الذي يستمع للأغاني ويعق والديه ويأكل ربا ويجد في صدره هم وغم هل يدخل في هذا؟
ج: نعم، هم وغم من جهة المصائب هذه يرجى له خيرًا، لعل الله يمن عليه بالتوبة.
س: قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11]؟
ج: يهدي قلبه يعني: يشرح صدره للخير، مثل ما قال علقمة بن قيس: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم. يعني يشرح صدره للخير ويوفق إلى الخير حتى يطمئن قلبه وحتى يرضى بالمصيبة وحتى يأنس بها وينشرح صدره لها يرجو ثوابها.
س: ورد في الحديث أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم  وسأله هل أصابته الحمى قط؟ فقال: لا، ثم ولي، فقال النبي ﷺ: من أراد إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا؟
ج: يروى لكن ما أعرف سنده. يعني الصحة الدائمة ما هي بغبطة أشد الناس بلاء الأنبياء مثل ما قال ﷺ: الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل يبتلى المرء على قدر دينه ولكن العافية الدائمة ما هي بعلامة خير والإنسان يبتلى يصاب بشيء حمى غيرها تعب في معيشة غير ذلك يكفر الله بها من خطاياه.
س: ما تمنى بعض الصحابة الموت، مثل: معاذ بن جبل يقول كان في جسمه قرحه قال: اللهم إنك تبارك في القليل حتى يصير كثيرًا، هنا تمنى الموت؟
ج: ما أدري، ما أعرف صحته.