17/41 - وعنْ أبي عبدِاللَّهِ خَبَّابِ بْن الأَرتِّ قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رسولِ اللَّهِ ﷺ وَهُو مُتَوسِّدٌ بُردةً لَهُ في ظلِّ الْكَعْبةِ، فَقُلْنَا: أَلا تَسْتَنْصرُ لَنَا أَلا تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ: قَد كَانَ مَنْ قَبْلكُمْ يؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ لَهُ في الأَرْضِ فيجْعلُ فِيهَا، ثمَّ يُؤْتِى بالْمِنْشارِ فَيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجعلُ نصْفَيْن، ويُمْشطُ بِأَمْشاطِ الْحديدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذلكَ عَنْ دِينِهِ، واللَّه ليتِمنَّ اللَّهُ هَذا الأَمْر حتَّى يسِير الرَّاكِبُ مِنْ صنْعاءَ إِلَى حَضْرمْوتَ لاَ يخافُ إِلاَّ اللهَ والذِّئْبَ عَلَى غنَمِهِ، ولكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ رواه البخاري.
18/42- وعن ابن مَسعُودٍ قال: لمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ رسولَ اللَّه ﷺ نَاساً في الْقِسْمَةِ: فأَعْطَى الأَقْرعَ بْنَ حابِسٍ مائةً مِنَ الإِبِلِ، وأَعْطَى عُييْنَةَ بْنَ حِصْنٍ مِثْلَ ذلِكَ، وأَعطى نَاساً منْ أشرافِ الْعربِ وآثَرهُمْ يوْمئِذٍ في الْقِسْمَةِ. فَقَالَ رجُلٌ: واللَّهِ إنَّ هَذِهِ قِسْمةٌ مَا عُدِلَ فِيها، وَمَا أُريد فِيهَا وَجهُ اللَّه، فَقُلْتُ: واللَّه لأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فأتيتُهُ فَأخبرته بِما قَالَ، فتغَيَّر وَجْهُهُ حتَّى كَانَ كَالصِّرْفِ. ثُمَّ قَالَ: فَمنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يعدِلِ اللَّهُ ورسُولُهُ؟ ثُمَّ قَالَ: يرحَمُ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوْذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصبرَ فَقُلْتُ: لاَ جرمَ لاَ أَرْفعُ إلَيه بعْدها حدِيثاً. متفقٌ عَلَيهِ.
19/43- وعن أنس قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بعبْدِهِ خَيْراً عجَّلَ لَهُ الْعُقُوبةَ في الدُّنْيَا، وإِذَا أَرَادَ اللَّه بِعبدِهِ الشَّرَّ أمسَكَ عنْهُ بذَنْبِهِ حتَّى يُوافِيَ بهِ يَومَ الْقِيامةِ.
وقَالَ النبِيُّ ﷺ: إِنَّ عِظَمَ الْجزاءِ مَعَ عِظَمِ الْبلاءِ، وإِنَّ اللَّه تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ قَوماً ابتلاهُمْ، فَمنْ رضِيَ فلَهُ الرضَا، ومَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ رواه الترمذي وقَالَ: حديثٌ حسنٌ.
18/42- وعن ابن مَسعُودٍ قال: لمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ رسولَ اللَّه ﷺ نَاساً في الْقِسْمَةِ: فأَعْطَى الأَقْرعَ بْنَ حابِسٍ مائةً مِنَ الإِبِلِ، وأَعْطَى عُييْنَةَ بْنَ حِصْنٍ مِثْلَ ذلِكَ، وأَعطى نَاساً منْ أشرافِ الْعربِ وآثَرهُمْ يوْمئِذٍ في الْقِسْمَةِ. فَقَالَ رجُلٌ: واللَّهِ إنَّ هَذِهِ قِسْمةٌ مَا عُدِلَ فِيها، وَمَا أُريد فِيهَا وَجهُ اللَّه، فَقُلْتُ: واللَّه لأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فأتيتُهُ فَأخبرته بِما قَالَ، فتغَيَّر وَجْهُهُ حتَّى كَانَ كَالصِّرْفِ. ثُمَّ قَالَ: فَمنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يعدِلِ اللَّهُ ورسُولُهُ؟ ثُمَّ قَالَ: يرحَمُ اللَّهُ مُوسَى قَدْ أُوْذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصبرَ فَقُلْتُ: لاَ جرمَ لاَ أَرْفعُ إلَيه بعْدها حدِيثاً. متفقٌ عَلَيهِ.
19/43- وعن أنس قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بعبْدِهِ خَيْراً عجَّلَ لَهُ الْعُقُوبةَ في الدُّنْيَا، وإِذَا أَرَادَ اللَّه بِعبدِهِ الشَّرَّ أمسَكَ عنْهُ بذَنْبِهِ حتَّى يُوافِيَ بهِ يَومَ الْقِيامةِ.
وقَالَ النبِيُّ ﷺ: إِنَّ عِظَمَ الْجزاءِ مَعَ عِظَمِ الْبلاءِ، وإِنَّ اللَّه تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ قَوماً ابتلاهُمْ، فَمنْ رضِيَ فلَهُ الرضَا، ومَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ رواه الترمذي وقَالَ: حديثٌ حسنٌ.
الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث كالتي قبلها في الحث على الصبر وأن المسلم يبتلى تارة في نفسه، وتارة في أهله، وتارة في أولاده، وتارة في جماعته فلا بدّ من الصبر، هذه دار الابتلاء والامتحان، كما قال جل وعلا: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً [الأنبياء:35]، وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الأعراف:168]، وقال سبحانه: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ [محمد:31]. وكان النبي ﷺ ذات يوم في مكة قبل الهجرة مضطجعًا حول الكعبة متوسدًا بردة له، فشكى إليه الصحابة ما يجدون من قريش من الأذى قبل الهجرة فقالوا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟! فقال ﷺ: كان من كان قبلكم يحفر للواحد منهم ثم يوضع في الحفرة ثم ينشر بالمناشير ويمشط بأمشاط الحديد ما يصده عن دينه! المقصود أن من قبلكم أصيبوا وصبروا من الأنبياء والأخيار فهكذا أنتم اصبروا لا بدّ من الابتلاء والامتحان، وفي الحديث: أشد الناس بلاء؛ الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى المرء على قدر دينه والله سبحانه وتعالى جعل هذه الدار دار الابتلاء والامتحان، وجعل الجنة دار النعيم الكامل الذي لا نقص فيه ولا كدر فيه، فالواجب على من بلي بمرض أو فقر أو غير هذا يصبر ويعمل بمقتضى الشرع من الأخذ بالأسباب وتعاطي الأسباب التي شرعها الله جل وعلا، ولا يجلس هكذا بل يتصبر ويتحمل ويأخذ بالأسباب التي شرعها الله جل وعلا، هكذا المؤمن، والرسل هم أفضل الخلق وهم أشرف الخلق امتحنوا وصبروا فصارت لهم العاقبة، فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود:49]، وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132].
الحديث الثاني
وهكذا يوم حنين لما فتح الله عليه مكة وفتح عليه هوازن والطائف وجاءته الغنائم الكثيرة صار ينفل بعض رؤساء العرب وبعض مشايخ العرب يتألفهم على الإسلام من الخمس، وكان غنم من هوازن إبلاً كثيرة وغنمًا كثيرة فأعطى عيينة بن حصن الفزاري رئيس فزارة مائة من الإبل، وأعطى أيضاً شيخ تميم مائة من الإبل، وأعطى عباس بن مرداس وجماعة آخرين فقال بعض الناس: إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله! ما عدل فيها! فلما بلغ النبي عليه الصلاة والسلام ذلك تغير وجهه وقال: ومن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟! وفي اللفظ الآخر: ألا تأمنوني وأنا أمين من السماء؟!، وفي اللفظ الآخر: أن الأنصار قالوا وكذا وكذا يعني يعطيهم كذا وكذا ويدعنا وسيوفنا تقطر من دمائهم فجمع الأنصار وقال لهم: أنه بلغني كذا وكذا وإنما أعطيت أقوامًا أتألفهم على الإسلام، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي إلى رحالكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الأنصار شعار والناس دثار.
والمقصود أن الواجب على أهل الإيمان الصبر والاحتساب، وعلى ولي الأمر أن ينظر في المصالح ولو انتقد الناس شيئًا من ذلك، فالرسول ﷺ عمل بالمصلحة وتألف الناس على الإسلام وأعطاهم العطايا الجزلة، حتى أنه لربما أعطى الإنسان الوادي من الغنم فيذهب إلى قومه ويقول: يا قومي أسلموا؛ فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، فتألف الناس على الإسلام بالمال إذا رآه ولي الأمر بنية صالحة أمر مطلوب، والله جل وعل جعل للمؤلفة حقًا في الزكاة وفي بيت المال إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ.. [التوبة:60] المؤلفة قلوبهم لهم شأن قد يكونوا كبراء رؤساء فإذا أسلموا هدى الله بهم أممًا كثيرة بإسلامهم.
الحديث الثالث
وهكذا قوله ﷺ: إذا أراد الله بعبده خيرًا عجل له العقوبة في الدنيا يعني المصائب من مرض ومن غيره حتى تكفر سيئاته وتحط خطاياه، وقد يوفق للتوبة فيموت على توبة.
وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه ذنبه حتى يوافي به يوم القيامة يبقى على حاله ويبقى بذنوبه حتى يأتي يوم القيامة بذنوبه لم يكفر منها شيئًا ولم يتب منها ولا حول ولا قوة إلا بالله!
ويقول ﷺ: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط فالمؤمن يتحمل ويتصبر على ما يقدر الله له من المحن والعاقبة لأهل التقوى حميدة فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود:49]، ويقول ﷺ: عجبًا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ويقول سبحانه: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10] نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لمراضيه وأن يمنحنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح والصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء، والله المستعان.
الأسئلة:
س: قوله: فمن رضي المراد به الصبر أو الرضا ؟
ج: المراتب أربع: صبر ورضا وشكر، فالصبر واجب، والرضا مستحب أن يرضا ولا يكره المصيبة لما تترتب عليه من الخير، والمرتبة الرابعة يعدها نعمة يشكر الله عليها أن أصيب بكذا وكذا حتى تخفف عنه الخطايا وتمحى عنه السيئات وهذه درجات مختلفة للمؤمنين، لكن أهمها الصبر.
س: لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه؟
ج: ... كذلك أخبر أنه يحصل الأمن حتى يسير الراكب المسافة الطويلة لا يخاف إلا الله من صنعاء إلى حضرموت، ومن المدينة إلى العراق، ومن العراق إلى مكة لا يخاف إلا الله.. هذا ما هو التعلق بمسألة الحلف بالله وفلان، يخاف وهذا ويخاف هذا مثلما في قوله ﷺ: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما من ذلك حتى يحبك لله ولقرابتي يعني حتى يجمع بين الأمرين.
س: أحسن الله إليك يا شيخ، إذا رأى شخص مصاب بمرض أو رأى مثلاً شخصًا ابتلي هل يقول: اللهم اجعلها رفع لدرجاتك؟
ج: إذا دعا له طيب، اللهم ارفع درجاته، اللهم كفر سيئاته، المؤمن أخو المؤمن.
س: وهو يسمع؟
ج: ولو سمع هذا من باب الخير.
س: كأن وجهه كالصرف؟
ج: الصرف الأحمر يعني تغير واحمر وجهه من الغضب.
س: قطرة العين تؤثر على الصيام؟
ج: تركها إلى الليل أحسن وإلا ما تؤثر.
س: وفي النهار تقدر؟
ج: إذا تيسر في الليل يكون أحسن وإلا ما تأثر إن شاء الله.