27 من حديث ( إن الله تعالى يغار، وغيرة الله تعالى، أن يأتي المرء ما حرم الله عليه..)

 
5/64- الْخَامِس: عَنْ أبي هريْرَةَ، ، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى، أنْ يَأْتِيَ الْمَرْءُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ متفقٌ عَلَيهِ.
6/65- السَّادِسُ: عَنْ أبي هُريْرَةَ أَنَّهُ سمِع النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: إِنَّ ثَلاَثَةً مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ: أَبْرَصَ، وأَقْرَعَ، وأَعْمَى، أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَليَهُمْ فَبَعث إِلَيْهِمْ مَلَكاً، فأَتَى الأَبْرَصَ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حسنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، ويُذْهَبُ عنِّي الَّذي قَدْ قَذَرنِي النَّاسُ، فَمَسَحهُ فذَهَب عنهُ قذرهُ وَأُعْطِيَ لَوْناً حَسناً. قَالَ: فَأَيُّ الْمالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الإِبلُ - أَوْ قَالَ الْبَقَرُ- شَكَّ الرَّاوِي -فأُعْطِيَ نَاقَةً عُشرَاءَ، فَقَالَ: بارَك اللَّهُ لَكَ فِيها. فأَتَى الأَقْرعَ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحب إِلَيْكَ؟ قَالَ: شَعْرٌ حسنٌ، ويذْهبُ عنِّي هَذَا الَّذي قَذِرَني النَّاسُ، فَمسحهُ عنْهُ. أُعْطِيَ شَعراً حَسَناً. قالَ فَأَيُّ الْمَالِ. أَحبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْبَقرُ، فأُعِطيَ بَقَرَةً حامِلاً، وقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا. فَأَتَى الأَعْمَى فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: أَنْ يرُدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَري فَأُبْصِرَ النَّاسَ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بصَرَهُ. قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِليْكَ؟ قَالَ: الْغنمُ فَأُعْطِيَ شَاةً والِداً فَأَنْتجَ هذَانِ وَولَّدَ هَذا، فكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنَ الإِبِلِ، ولَهَذَا وَادٍ مِنَ الْبَقَرِ، وَلَهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَم. ثُمَّ إِنَّهُ أتَى الأْبرص في صورَتِهِ وَهَيْئتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكينٌ قدِ انقَطعتْ بِيَ الْحِبَالُ في سَفَرِي، فَلا بَلاغَ لِيَ الْيَوْمَ إِلاَّ باللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ، والْجِلْدَ الْحَسَنَ، والْمَالَ، بَعيِراً أَتبلَّغُ بِهِ في سفَرِي، فقالَ: الحقُوقُ كَثِيرةٌ. فَقَالَ: كَأَنِّي أَعْرفُكُ أَلَمْ تَكُنْ أَبْرصَ يَقْذُرُكَ النَّاسُ، فَقيراً، فَأَعْطَاكَ اللَّهُ، فقالَ: إِنَّما وَرثْتُ هَذا المالَ كَابراً عَنْ كابِرٍ، فقالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّركَ اللَّهُ إِلى مَا كُنْتَ. وأَتَى الأَقْرَع في صورتهِ وهيئَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لهذَا، وَرَدَّ عَلَيْه مِثْلَ مَاردَّ هَذَّا، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيّرَكَ اللهُ إِليَ مَاكُنْتَ. وأَتَى الأَعْمَى في صُورتِهِ وهَيْئَتِهِ، فقالَ: رَجُلٌ مِسْكينٌ وابْنُ سَبِيلٍ انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ في سَفَرِي، فَلا بَلاغَ لِيَ اليَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بالَّذي رَدَّ عَلَيْكَ بصرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا في سَفَرِي؟ فقالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصري، فَخُذْ مَا شِئْتَ وَدعْ مَا شِئْتَ فَوَاللَّهِ ما أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشْيءٍ أَخَذْتَهُ للَّهِ عزَّ وجلَّ. فقالَ: أَمْسِكْ مالَكَ فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ فَقَدْ رضيَ اللَّهُ عنك، وَسَخَطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ" متفقٌ عَلَيهِ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذان الحديثان فيهما الحث على مراقبة الرب والصدق والاعتراف بنعم الله والحذر من محارمه، وأن من خالف ذلك واستكبر عن اتباع الحق وجحد النعم حري بأن يرد إلى حاله السيئة الأولى وأن يحرم من نعم الله وفضله.
الحديث الأول
الحديث الأول يقول ﷺ: إن الله يغار وغيرته سبحانه أن تنتهك محارمه، وفي اللفظ الآخر: ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته فهو سبحانه يغار ويغضب على من عصى وارتكب المحارم، وليس أحد أغير منه سبحانه وتعالى، فالواجب الحذر من ارتكاب المحارم  والواجب مراقبة الرب لذلك، لا تحسبن الله غافلاً عنك، أنتم بمرأى من الله ومسمع إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه:46]  لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ [الحاقة:18] وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ [الحديد:4] ويقول سبحانه: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [يونس:61]، يعلم ويرى، يعلم حالك ويرى مكانك في المعصية والطاعة، فاحذر غضب الله عليك وانتقامه منك بسبب إقدامك على محارمه وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ [إبراهيم:42] قد يمهل، قال تعالى: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ۝ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [الأعراف:182-183]،  قد يمهل قد يظلم ويمهل ثم يؤخذ فالواجب الحذر.
الحديث الثاني
وفي حديث الثلاثة عبرة هؤلاء الثلاثة من بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى ابتلاهم الله بالنعم وضدها ابتلاهم بالأمراض وابتلاهم بالنعم؛ ليشكروا أو يكفروا؟ فشكر واحد وكفر النعمة اثنان، اثنان كفرا النعمة وجحداها وواحد أقر بها، ورضي الله عنه وبارك له.
أبرص أرسل الله إليه ملك في صورة إنسان فقال للأبرص: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن وجلد حسن ليذهب هذا الذي قد قذرني الناس به من البرص، فمسحه الملك وعافاه الله من البرص وشفي، فقال له الملك: أي المال أحب إليك؟ قال: الإبل، فأعطي ناقة عشراء يعني في بطنها ولد، وقال الملك: بارك الله لك فيها، ثم أتى الأقرع الأقرع اللي ما له شعر أصلع فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن وجلد حسن فمسحه، فأعطاه الله شعرًا حسنًا وجلدًا حسنًا، فقال: أي شيء أحب إليك من المال؟ قال: البقر، فأعطي بقرة حامل، وقال: بارك الله لك فيها، ثم أتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك؟ فقال: أن يرد الله إليّ بصري فأبصر به الناس، فمسح عينيه ورد الله إليه بصره، فقال: أي شيء أحب إليك بعد هذا؟ قال: الغنم، فأعطي شاة والدًا يعني ولودًا وقال: بارك الله لك فيها.
بارك الله لهم جميعًا، صاحب الإبل أنتجت ناقته فصار عنده واديًا من الإبل كثرت الإبل عنده، وصاحب البقر أنتجت وصار عنده واديًا من البقر، وصاحب الشاة أنتجت وصار عنده واديًا من الغنم، كثر المال بارك الله فيهم إبل وبقر وغنم، وبعد مدة جاءهم الملك بأمر الله في صورة إنسان فقير ابن سبيل مسافر، فقال للأبرص: أنا رجل ابن سبيل وفقير قد انقطعت بي الحبال في سفر فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، فقال له: الحقوق كثيرة، علينا لوازم، وعلينا حقوق متعذرة، قال: ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرًا؟ فقال: ورثت هذا المال كابر عن كابر هذا عن أبي وجدي، وأنكر هذه النعمة وأنكر ما سبق له، فقال: إن كنت كاذبًا فصيرك الله إلى ما كنت، والأقرب والله أعلم أنهم رجعوا والدعوة أجيبت، ثم أتى الأقرع فقال له: رجل فقير وابن سبيل، قد انقطعت بي الحبال يعني الأسباب في سفري هذا فلا بلاغ لي إلا بالله ثم بك، أسألك بقرة، قال: الحقوق كثيرة مثل ذلك، علينا لوازم وعلينا حقوق متعذرة، قال: ألم تكن أقرعًا يقذرك الناس فقيرًا ما عندك مال؟ قال: الحقوق كثيرة يعني ما عندك خبر، الحقوق كثيرة، فقال: إن كنت كاذبًا فصيرك الله إلى ما كنت مثل ما دعا  للأبرص، ثم أتى الأعمى فقال مثل ما قال للأبرص والأقرع: إني رجل فقير وابن سبيل ولا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال: نعم، قد كنت أعمى فرد الله إليّ بصري، فخذ ما شئت ودع ما شئت، فوالله لا أمنعك من  شيء أخذته لله، اعترف بالنعمة وقال له: خذ شاة وإلا أكثر، فقال: أمسك عليك مالك، فقد ابتليتم فرضي الله عنك وسخط على صاحبك. قال: ما  أنا واخذ شيء، علمه أخبره أنه ابتلاء وامتحان فرضي الله عنك وسخط على صاحبيك.
وفي هذا العبرة، قال الله تعالى: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13]  وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]، هذا يفيد الحذر من كفر النعم وأن الواجب على العبد الاعتراف بالنعمة وشكر الله على النعمة والحذر من طاعة الشيطان في إنكار النعمة وجحد النعمة والبخل بالشيء اليسير الذي ينفعه، فالبخل داء عضال، فالواجب على المؤمن أن يشكر الله على نعمه وأن يجود بما أعطاه الله ويحسن على الفقير وابن السبيل يرجو فضل الله وإحسانه ويخشى نقمته، فمن تدبر الأمور وراقبها عرف أنه على خطر وأنه مبتلى وأن الواجب الشكر على النعم والصبر عند البلاء. وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: أيش حكم كفر النعم؟
ج: جحدها وإنكارها وإذا صرفها في غير وجهها هذا نوع من الكفر الفعلي.
س: الغيرة تثبت صفة؟
ج: نعم من صفات الله، الغضب والرضا والغيرة من صفات الله.
س: دعاء الملائكة مستجاب؟
ج: ترجى إجابته، حري بالإجابة؛ لأنهم من عباد الله الصالحين.
س:إذا صلى الإنسان الفريضة ثم أتى على جماعة يصلون فهل ... ويدخل معهم؟
ج: لا يستحب له مثل ما قال في الحديث الصحيح في الأمراء الذين يؤخرون الصلاة قال: صلي الصلاة لوقتها فإذا أدركتها معهم فصلي ولا تقل صليت فلا أصلي فإنه يكون أفضل ... لك نافلة النافلة ما هي فريضة
س: بعض أهل العلم كره مقالة: يا فلان لا تنسنا من الدعاء؟
ج: ما فيها شيء إن شاء الله لا حرج إن شاء الله؛ لأن الرسول ﷺ قال: يقدم عليكم أويس وكان بارًّا بأمه وأنه كذا وكذا فمن لقيه فليطلب منه الاستغفار له رواه مسلم في الصحيح، وجاء في حديث عمر لما أراد العمرة، قال له النبي ﷺ: لا تنسنا يا أخي من دعائك، وإن كان في سنده بعض اللين ولكن يشهد له حديث أويس.