33 من حديث: ( عن جابر رضي اللَّه عنه أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل نجد..)

 
5/78-الْخَامِسُ: عنْ جَابِرٍ أَنَّهُ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ قِبَلَ نَجْدٍ فَلَمَّا قَفَل رَسُول اللَّه ﷺ قَفَل مَعهُمْ، فأدْركتْهُمُ الْقائِلَةُ في وادٍ كَثِيرِ الْعضَاهِ، فَنَزَلَ رسولُ اللَّهِ ﷺ، وتَفَرَّقَ النَّاسُ يسْتظلُّونَ بالشَّجَرِ، ونَزَلَ رسولُ اللَّه ﷺ تَحْتَ سمُرَةٍ، فَعَلَّقَ بِهَا سيْفَه، ونِمْنَا نوْمةً، فَإِذَا رسولُ اللَّهِ ﷺ يدْعونَا، وإِذَا عِنْدَهُ أعْرابِيُّ فقَالَ: إنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَيَّ سيْفي وأَنَا نَائِمٌ، فاسْتيقَظتُ وَهُو في يدِهِ صَلْتاً، قالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ منِّي؟ قُلْتُ: اللَّه -ثَلاثاً وَلَمْ يُعاقِبْهُ وَجَلَسَ. متفقٌ عليه.
وفي رواية: قَالَ جابِرٌ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللِّهِ ﷺ بذاتِ الرِّقاعِ، فإذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجرةٍ ظَلِيلَةٍ تركْنَاهَا لرسول اللَّه ﷺ، فَجاء رجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِين، وَسَيفُ رَسُول اللَّه ﷺ مُعَلَّقٌ بالشَّجرةِ، فاخْترطهُ فَقَالَ: تَخَافُنِي؟ قَالَ: لا قَالَ: فمَنْ يمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: اللَّه.
وفي رواية أبي بكرٍ الإِسماعيلي في صحيحِهِ: قَالَ منْ يمْنعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: اللَّهُ قَالَ: فسقَطَ السَّيْفُ مِنْ يدِهِ، فَأخَذَ رسَول اللَّه ﷺ السَّيْفَ فَقال: منْ يمنعُكَ مِنِّي؟  فَقال: كُن خَيْرَ آخِذٍ، فَقَالَ: تَشهدُ أنْ لا إلَه إلاَّ اللَّهُ، وأنِّي رسولُ اللَّه؟  قَالَ: لاَ، ولكِنِّي أعاهِدُك أنْ لا أقَاتِلَكَ، وَلاَ أكُونَ مَعَ قَومٍ يُقَاتِلُونَكَ، فَخلَّى سبِيلهُ، فَأتى أصحابَه فقَالَ: جِئتكُمْ مِنْ عِندِ خيرِ النَّاسِ.
6/79-السادِسُ: عنْ عمرَ قالَ: سمعْتُ رسولَ اللَّه ﷺ يقُولُ: لَوْ أنَّكم تتوكَّلونَ عَلَى اللَّهِ حقَّ تَوكُّلِهِ لرزَقكُم كَما يرزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِماصاً وترُوحُ بِطَاناً رواه الترمذي، وقال: حديثٌ حسنٌ.
7/80- السَّابِعُ: عن أبي عِمَارةَ الْبراءِ بْنِ عازِبٍ رضي اللَّه عنهما قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: يَا فُلان إذَا أَويْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَقُل: اللَّهمَّ أسْلَمْتُ نفْسي إلَيْكَ، ووجَّهْتُ وجْهِي إِلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أَمْري إِلَيْكَ، وألْجأْتُ ظهْرِي إلَيْكَ. رغْبَة ورهْبةً إلَيْكَ، لا ملجَأَ ولا منْجى مِنْكَ إلاَّ إلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذي أنْزَلْتَ، وبنبيِّك الَّذي أرْسلتَ، فَإِنَّكَ إنْ مِتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مِتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ، وإنْ أصْبحْتَ أصَبْتَ خيْراً متفقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية في الصَّحيحين عن الْبرَاء قَالَ: قَالَ لي رَسُول اللَّه ﷺ: إذَا أتَيْتَ مضجعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ للصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأيْمَنِ وقُلْ: وذَكَر نحْوَه ثُمَّ قَالَ وَاجْعَلْهُنَّ آخرَ ما تَقُولُ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تتعلق بالتوكل واليقين، وتقدم في هذا آيات وأحاديث كلها تدل على وجوب الإيمان الجازم واليقين بأنه الله معبوده الحق وإلهه الحق وأنه مستحق للعبادة والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، والتوكل على الله في جميع الأمور هذا هو الواجب على المسلم، أن يكون مؤمنًا بالله وبرسوله مؤمنًا بكل ما أخبر الله به ورسوله، مؤمنًا بأن الله هو معبوده الحق وإلهه الحق وأنه مستحق للعبادة ومع ذلك يتوكل على الله في كل شيء يعني يعتمد على الله في كل أموره لا على حوله وقوته وأسبابه ولكن يكون اعتماده على الله مع فعل الأسباب، يتوكل على الله يؤمن بأن ربه هو النافع والضار بيده كل شيء فيفوض قلبه ويعتمد على الله بقلبه مع الأخذ بالأسباب من فعل الطاعات وترك المعاصي وتعاطي الأسباب التي تعينه على طلب الرزق من البيع والشراء والحراثة وغير هذا من أسباب الرزق  هذا معنى التوكل، التوكل على الله بالقلب بمعنى العمل بما شرع الله من تعاطي الأسباب.
الحديث الأول
في الحديث الأول أنه ﷺ غزا نجدًا يعني غزا بعض بوادي نجد ليدعوهم إلى الله ، يقول جابر: فلما قفلنا نزلنا في وادٍ كثير الشجر كثير العضاة وتفرق الناس تحت الشجر للظل، وكانوا يتركون الشجرة الظليلة للنبي ﷺ حتى ينام ويستريح تحتها، فبينما هو نائم وقد علق سيفه ببعض الشجرة استيقظ وعنده رجل أعرابي بيده السيف صلت قد أخرج من جفيره فقال للنبي ﷺ: "من يمنعك مني؟ قال النبي ﷺ: الله يمنعني منك! ثلاث مرات: الله الله فسقط السيف من يد الأعرابي، وأخذه النبي ﷺ، فقال: من يمنعك مني؟ قال: لا أحد؛ لأنه كافر، وفي لفظ آخر قال: كن خير آخذ، يخاطب النبي ﷺ، كن خير آخذ يعني اعف عني، فقال ﷺ:أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله قال: لا، ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك وأن لا أكون مع قوم يقاتلونك. أما الإسلام أبى، لكني أعاهد أني لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك فخلى سبيله، فهذا فيه العفو إذا رأى ولي الأمر العفو، فكان هذا العفو فيه مصالح ظاهرة يبشر قومه ويخبر قومه بأنه جاء من خير شخص عفا عنه، وكانت دعاية للإسلام ومنقبة للنبي ﷺ في عفوه بعد القدرة؛ ولهذا يقول ﷺ: ما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا ويقول سبحانه: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237]، فهذا يدل على أنه إذا رأى ولي الأمر العفو عن بعض الجناة لمصلحة إسلامية فلا بأس، العفو في محله مطلوب، وإذا رأى ولي الأمر عدم العفو؛ لأن هناك أسباب توجب العقاب لم يعف؛ لأن الرسول ﷺ عفا عن قوم وعاقب آخرين، فالمسألة تدور على ما يراه ولي الأمر من المصلحة، إذا كان الأمر بيد ولي الأمر، وإذا كان بيد غيره كذلك يراعي المصلحة.
الحديث الثاني
الحديث الثاني: يقول ﷺ: لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا أي جياعًا وتروح بطانًا أي آخر النهار قد شبعت، يعني الذي يرزق الطير وهذه السباع والهوام في البراري هو الذي يرزق الباقي ، هذه الطيور تطير الصباح تدور رزق في الشجر وفوق رءوس الجبال وفي كل مكان، وإذا جاء آخر النهار رجعت قد شبعت ويسر الله أمرها، فهكذا المؤمن إذا توكل على الله وأخذ بالأسباب رزقه الله، المصيبة الإهمال والإعراض وعدم التوكل على الله وعدم تعاطي الأسباب هذه هي مصيبة الإنسان، أما إذا توكل على الله وعرف أنه مسبب الأسباب وأن كل شيء بيده واعتمد عليه وأخذ بالأسباب فهو لا يضيعه سبحانه  كما قال : وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3]، يعني فهو كافيه.
الحديث الثالث
الحديث الثالث: يقول ﷺ: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم قل: اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجأ منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت، واجعلها آخر ما تقول هذا هو الأفضل الإنسان إذا أتى النوم يتوضأ حتى ينام على طهارة ويقول هذا الذكر وهذه الضراعة اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجأ منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت، واجعلها آخر ما تقول ولتكن هذه آخر ما يقول أو من آخر ما يقول، فيها التوكل على الله والاعتماد عليه.
اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك كل هذا فيه الثقة بالله والاعتماد عليه وتوجيه القلب إليه رغبة ورهبة، ويدل على أنه يستحب للمؤمن إذا أراد النوم أن يتوضأ عند النوم؛ لينام على طهارة وعلى جنبه الأيمن ويستحب له أن يقرأ آية الكرسي عند النوم  وقل هو الله أحد والمعوذتين يقرأها ثلاث مرات كما النبي عليه الصلاة والسلام يفعل، ويأتي بالأذكار الشرعية: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاثًا، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات، هذا من أذكار المساء أو عند النوم، ومنها ما ورد في الأحاديث يأتي لها أبواب خاصة للمؤلف رحمه الله. وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: يجمع بيديه ويمسح بهما جميع جسمه عندما يقرأ هذه الأذكار؟
ج: يبدأ بمقدم الجسد ويمسح بهما ما استطاع من جسده بادئًا بمقدمه.
س: المراد بالفطرة الإسلام؟
ج: نعم، نعم.
س: صحة حديث عمر؟
ج: لا بأس به، جيد رواه جماعة، أحمد وجماعة من أهل السنن، وهي من الأحاديث التي زادها ابن رجب على الأربعين النووية.
س: هي قبلتكم أموات وأحياء حديث صحيح؟
ج: نعم الكعبة نعم.
س: وكيف نقبل الميت إلى القبلة؟
ج: على جنبه الأيمن.
س: استقبال القبلة عند النوم له أصل؟
ج: ما ورد شيء.
س: قراءة سورة تبارك قبل النوم ورد فيها شيء؟
ج: ورد فيها أحاديث أنها تشفع لصاحبها، ولكن في أسانيدها بعض نظر.
س: هل ورد قرائتها عقب كل صلاة؟
ج: لا، ما ورد.
س: استقبال القبلة عند النوم هل لها أصل يا شيخ؟
ج: ما ورد شيء، لكن خير ما جاء استقبال القبلة، سوء عن يمينه أو شماله الأمر واسع.