34 من حديث ( عن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيق رضي اللَّه عنه قال: نظرت إلى أقدام المشركِين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا..)

 
8/81-الثَّامِنُ: عنْ أبي بَكْرٍ الصِّدِّيق عبدِ اللَّه بنِ عثمانَ بنِ عامِرِ بنِ عُمَرَ بن كعب بنِ سعدِ بْنِ تَيْمِ بْن مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْن لُؤيِّ بْنِ غَالِب الْقُرَشِيِّ التَّيْمِيِّ - وهُو وأبُوهُ وَأُمَّهُ صحابَةٌ، - قَالَ: نظرتُ إِلَى أقْدَامِ المُشْرِكِينَ ونَحنُ في الْغَارِ وهُمْ علَى رُؤُوسِنا فقلتُ: يَا رسولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أحَدَهمْ نَظرَ تَحتَ قَدميْهِ لأبصرَنا فَقَالَ: مَا ظَنُّك يَا أَبا بكرٍ باثْنْينِ اللَّهُ ثالثِهْما متفقٌ عَلَيهِ.
9/82-التَّاسِعُ: عَنْ أُمِّ المُؤمِنِينَ أُمِّ سلَمَةَ، واسمُهَا هِنْدُ بنْتُ أَبي أُمَيَّةَ حُذَيْفةَ المخزومية رضي اللَّهُ عنها أنَّ النبيَّ ﷺ كانَ إذَا خَرجَ مِنْ بيْتِهِ قالَ: بِسْمِ اللَّهِ، توكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذُ بِكَ أنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ أوْ أُزلَّ، أوْ أظلِمَ أوْ أُظلَم، أوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجهَلَ عَلَيَّ حديثٌ صحيحٌ رواه أبو داود والتِّرمذيُّ وَغيْرُهُمَا بِأسانِيدَ صحيحةٍ. قالَ التِّرْمذي: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وهذا لَفظُ أبي داودَ.
10/83-الْعَاشِرُ: عنْ أنسٍ قَالَ: قالَ: رسولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ قَالَ -يعنِي إِذَا خَرَج مِنْ بيْتِهِ: بِسْم اللَّهِ توكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، وَلا حوْلَ وَلا قُوةَ إلاَّ بِاللَّهِ، يقالُ لهُ هُديتَ وَكُفِيت ووُقِيتَ، وتنحَّى عَنْهُ الشَّيْطَانُ  رواه أبو داودَ والترمذيُّ، والنِّسائِيُّ وغيرُهمِ: وَقالَ الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ، زاد أبو داود: فيقول: يعْنِي الشَّيْطَانَ - لِشَيْطانٍ آخر: كيْفَ لَكَ بِرجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفي وَوُقِى؟.
11/84- وَعنْ أنَسٍ قَالَ: كَان أخوانِ عَلَى عهْدِ النبيِّ ﷺ، وكَانَ أَحدُهُما يأْتِي النبيِّ ﷺ، والآخَرُ يحْتَرِفُ، فَشَكَا الْمُحْتَرِفُ أخَاهُ للنبيِّ ﷺ فَقَالَ: لَعلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ رواه التِّرْمذيُّ بإسناد صحيحٍ عَلَى شرطِ مسلمٍ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الأربعة تتعلق بالتوكل واليقين وتقدم آيات وأحاديث في الحث على التوكل والإيمان الصادق الإيمان بالله الصادق والتوكل عليه وأنه يكفي من توكل عليه صادقًا مع الأخذ بالأسباب؛ فإن التوكل من تمامه الأخذ بالأسباب فالتوكل يجمع أمرين:
أحدهما: الإيمان بالله والثقة به، وأنه مصرف الأمور، وبيده كل شيء.
والأمر الثاني: تعاطي الأسباب والأخذ بالأسباب.

ومن هذا حديث الصديق رضي الله عنه وهو الحديث الأول: لما خرج النبي ﷺ إلى الهجرة من مكة ومعه الصديق ، ومعهما عامر بن فهيرة مولى الصديق معهم الراحلة، ومعهم عبدالله الديلي هو الدليل لهم إلى المدينة، وكانت قريش قد أجمعت رأيها على قتل النبي ﷺ؛ فخلصه الله من بين أظهرهم وخرج مهاجرًا في خفاء في الليل وخرج معه الصديق وكانوا أرسلوا الطلب في أثره وقالوا: من أتى بمحمد حيًا أو ميتًا فله مائة من الإبل، فتوجه الطلب ها هنا وها هنا يطلبون النبي عليه الصلاة والسلام؛ فدخل النبي ﷺ والصديق في غار في الطريق وكانوا يمرون حول الطريق ولا يرونهم وهم فوق الجبل ولا يرونهم، فقال الصديق للنبي ﷺ: لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا! فقال النبي ﷺ: يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟! يعني من وقاه الله ما يضره أحد، قال جل وعلا في هذا المعنى: إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:40]، فهو سبحانه الواقي والكافي لمن توكل عليه وأخذ بالأسباب، هم أخذوا بالأسباب ودخلوا في الغار واختفوا بالغار هذا من الأسباب فجاء الطلب سراقة بن مالك المدلجي رآهم وكان على فرس، فلما رآه الصديق، قال: يا رسول الله هذا سراقة قد وصل، فقال: يكفينا الله إياه، فلما قرب منهم ساخت قوائم فرسه في الأرض إلى بطنها، يعني ذهبت قوائمها في الأرض غاصت قوائمها إلى بطن الفرس وبقيت ملتصقة بالأرض الفرس، فنزل عنها سراقة وقال: يا محمد أن هذا بأسبابك فادع الله لي أن يخلصني ولا أضرك وأرد عنك الطلب، فدعا الله جل وعلا أن يخلص فرسه، فخلص الله فرسه وقامت، وأوفى سراقة بما قال، ورجع وكل ما وافاه طلب قال: هذا الوجه قد كفيتكم إياه ما فيه شيء، ارجعوا ما في أحد هذا الوجه قد كفيتكم إياه وأنا قد نظرت فيه ما فيه أحد ارجعوا محمد ليس من هذا الطريق، فصار في الأول طالبًا وفي الآخر مدافعًا وقاهم الله شره، ثم استمر النبي ﷺ والصديق وأتاهم عامر بالناقة وركبا وذهبوا إلى المدينة سالمين معافين حتى وصلا المدينة في ربيع الأول، فهذا فيه الدلالة على كفاية الله لعبيده المؤمنين أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر:36]، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3]، لكن مع الأخذ بالأسباب مع سؤال الله والضراعة إليه والثقة به كما أخذ النبي ﷺ بالأسباب.

وهكذا إذا خرج المسلم من بيده من السنة أن يقول: بسم الله توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل عليّ. إذا خرج من بيته للسوق أو للمسجد أو لغير ذلك، يسن له أن يقوله عند خروجه لحديث أم سلمة وحديث أنس.

وفي الحديث أن الشيطان يقول للشيطان: مالك برجل قد هدي وكفي ووقي؟! يعني أن الله يحصنهم بهذا من الشيطان وفتنته وبلائه فعليه أن يجتهد في الأخذ بالأسباب والثقة بالله والاعتماد على الله فهو يغلق بيته عند النوم، يتخذ الحرس عند الحاجة إليه، يجعل في مزرعته حارس عند الحاجة إليه، وهكذا يأخذ بالأسباب ويسأل ربه الوقاية ويتوكل عليه.
وهكذا يأكل ويشرب ويأخذ بالأسباب؛ أسباب العافية الأكل والشرب، يتزوج ويرجو من الله العفة ويرجو الولد يتوكل على الله بهذا ويأخذ بالأسباب، يبيع ويشتري ويطلب الرزق ويتوكل على الله أن الله يرزقه ما هو يجلس في البيت ويقول: أنا متوكل على الله وإلا في المسجد لا، هذا ما هو توكل هذا عجز.
فالتوكل يجمع أمرين:
الثقة بالله والاعتماد على الله وسؤاله جل وعلا التوفيق والإعانة والهداية.
والأمر الثاني: الأخذ بالأسباب المباحة والشرعية هذا هو التوكل.

كذلك حديث الأخوين: أحدهما كان يجتمع بالنبي ﷺ ويصحب النبي ﷺ ويحضر حلقات العلم، والآخر يتسبب ويحترف، فاشتكى اللي يحترف أخاه قال: أنا أروح أحترف وأتسبب وهو عندكم، فقال له النبي ﷺ: لعلك ترزق به يعني بأسبابه هذا يتعلم العلم ويتفقه في الدين وأنت تدور الرزق، تعاونوا لعل انصرافه إلى طلب العلم والتفقه في الدين من أسباب توفيق الله لك في رزقك وأعمالك، فهذا فيه الحث على طلب العلم والتفقه في الدين والتعاون إن كانوا أخوين أو أكثر، بعضهم يطلب العلم وبعضهم يطلب الرزق ويتجر حتى يحصل لهم ما يعينهم لا بأس بهذا؛ لعل هذا الذي يطلب الرزق يرزق بهذا الذي يحضر حلقات العلم ويتفقه في الدين. وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: ما هو سبب قلة حديث أبي بكر الصديق؟
ج: ما عاش بعد النبي ﷺ إلا سنتين وأشهر. ما طالت مدته، مدة خلافته سنتين وأشهر.
س: عندما يذكر الرسول ﷺ في حلق العلم يكون ذكره عليه الصلاة والسلام بكثره هل يلزم أنه كلما ذكر يصلى ويسلم عليه؟
ج: السنة السلام عليه رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليّ كلما مر ذكره صلى عليه.
س: إذا مر على آية فيها ذكر النبي ﷺ وهو في أثناء الصلاة هل عليه أن يصلي على النبي ﷺ؟
ج: نعم، الظاهر تعمه الأحاديث إلا إذا كان الإمام يجهر ينصت لقراءة إمامه. لكن في النافلة إذا وقف الإمام يدعو أو يصلي المأموم مثله.
س: بالنسبة لدعاء الخروج في أي خروج من السوق أو من عمله؟
ج: المعروف من بيته إذا خرج من بيته للسوق أو للمسجد أو للسفر كله طيب كلام طيب لكن نص الحديث من بيته.
س: حديث: اللهم اجعل في قلبي نورًا للخارج إلى الصلاة صحيح؟
ج: نعم رواه البخاري ومسلم.
س: الدعاء عند الذهاب للمسجد؟
ج: بسم الله توكلت على الله ما هو خاص بس للمسجد، لكن اللهم اجعل في قلبي نورًا كان يفعله ﷺ عند الخروج للمسجد، أما بسم الله توكلت على الله هذا عام عند كل خروج.