38 من حديث: (عن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك رضي الله عنه فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج..)

 
6/92-السَّادس: عن الزُّبيْرِ بنِ عديِّ قَالَ: أَتَيْنَا أَنس بن مالكٍ فشَكوْنا إليهِ مَا نلْقى مِنَ الْحَجَّاجِ. فَقَالَ: "اصْبِروا فإِنه لا يأْتي زمانٌ إلاَّ والَّذي بعْده شَرٌ مِنهُ حتَّى تلقَوا ربَّكُمْ" سمعتُه منْ نبيِّكُمْ ﷺ. رواه البخاري.
7/93-السَّابع: عن أبي هريرة أَن رَسُولَ اللَّه ﷺ قَالَ: بادِرُوا بالأَعْمال سَبْعاً، هَلْ تَنتَظرونَ إلاَّ فَقراً مُنسياً، أَوْ غنيٌ مُطْغياً، أَوْ مَرَضاً مُفسداً، أَو هَرَماً مُفْنداً أَو مَوتاً مُجهزاً أَوِ الدَّجَّال فشرُّ غَائب يُنتَظر، أَوِ السَّاعة فالسَّاعةُ أَدْهى وأَمر رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسن.
8/94-الثامن: عَنْهُ أَن رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ يَومَ خيْبر: لأعطِينَّ هذِهِ الرَّايَةَ رجُلا يُحبُّ اللَّه ورسُوله، يفتَح اللَّه عَلَى يديهِ قَالَ عُمَرُ : مَا أَحببْت الإِمارة إلاَّ يومئذٍ فتساورْتُ لهَا رجَاءَ أَنْ أُدْعى لهَا، فَدَعا رسولُ اللَّه ﷺ عليَ بن أبي طالب، ، فأَعْطَاه إِيَّاها، وقالَ: امْشِ وَلا تلْتَفتْ حتَّى يَفتح اللَّه عليكَ فَسار عليٌّ شيئاً، ثُمَّ وَقَفَ ولم يلْتفتْ، فصرخ: يَا رَسُول اللَّه، عَلَى ماذَا أُقاتل النَّاس؟ قَالَ: قاتلْهُمْ حتَّى يشْهدوا أَنْ لا إلهَ إلاَّ اللَّه، وأَنَّ مُحمَّداً رسولُ اللَّه، فَإِذا فعلوا ذلك فقدْ مَنَعوا منْك دماءَهُمْ وأَموالهُمْ إلاَّ بحَقِّها، وحِسابُهُمْ عَلَى اللَّهِ رواه مسلم.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها فيها الحث على المسابقة على الخيرات، والمسارعة إلى الطاعات والحرص بالثبات على الحق؛ فإن غربة الإسلام كلما تأخر الزمان زادت شدة؛ ولهذا يقول ﷺ: لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم وزاد بعضهم: لا أقول عام أخصب من عام، ولا أمير خير من أمير، ولكن ذهاب علمائكم وخياركم فالمعنى كلما تأخر الزمان اشتدت الغربة بقلة العلماء وقلة الأخيار وكثرة الأشرار، فينبغي للمؤمن أن يجتهد في زمانه ويحرص على الخير وعلى صحبة الأخيار وليحذر التساهل ومتابعة الأشرار؛ لأنه كلما تأخر الزمان كثر أهل الشر وقل أهل الخير بسبب قلة العلم وقلة الفقه في الدين، قد تكون الغربة في بعض الأماكن أشد، كما جرى في العهد الأول وكما جرى في العهد الأخير في عهد الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في هذه الجزيرة لما  قام الدعاة إلى الله الشيخ محمد ومن معه وظهر الإسلام وظهرت الدعوة إلى الله وإن كان غريبًا في أماكن أخرى؛ فكل مكان تظهر فيه الدعوة ويكثر فيها أهل العلم والخير تزول منه الغربة، وكل مكان تقل فيه الدعوة ويقل فيه العلماء تشتد فيه الغربة غالب الأمر صار اليوم غالب الدنيا اليوم في غربة شديدة؛ لقلة العلم وأهله وكثرة الشر والفساد.
الحديث الثاني
والحديث الثاني يقول ﷺ: بادروا بالأعمال سبعًا، هل تنتظرون إلا فقرًا منسيًا أو غنى مطغيًا أو مرضًا مفسدًا أو هرمًا مفندًا أو موتًا مجهزًا أو الدجال، فالدجال شر غائب ينتظر؛ لأنه يدعو إلى الفجور والشر والكفر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر يعني بادر بالأعمال لا تنتظر سارع سابق كما قال الله تعالى: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [الحديد:21]، وقال جل وعلا: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [البقرة:148]، وقال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [آل عمران:133]، فالمؤمن يسابق أينما كان في أي جهة يسابق لا ينتظر قد يهجمه الأجل تكون معوقات ولهذا قال في الحديث: بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مسلمًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا وفي هذه الرواية: بادروا بالأعمال سبعًا هل تنتظرون إلا فقرًا منسيًا أو غنى مطغيًا أو مرضًا مفسدًا من شدة قوته أو هرمًا مفندًا يختل معه عقله ويضعف أو موتًا  مجهزًا وليس بعد الموت عمل أو الدجال، فالدجال شر غائب ينتظر يخرج في آخر الزمان يدعو إلى الكفر بالله والضلال، يدعو إلى أنه رب العالمين وفتنته عظيمة ولهذا شرع الله الاستعاذة به من فتنته في كل صلاة في آخر الصلاة، يدعي أنه نبي ثم يدعي أنه رب العالمين وتكون معه فتن وخوارق تلتبس على الناس ويعم الأرض، ثم يتوجه إلى الشام فينزل عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ومعه المسلمون في الأرض فيقاتلونه فيقتلونه وفي هذا يقول ﷺ: بادروا بالأعمال سبعًا هل تنتظرون إلا فقرًا منسيًا إن كان فقيرًا يبادر غني يبادر، لا يقول الفقير: أصبر حتى أغتني، ولا يقول الغني: أصبر حتى كذا وكذا، لا كل واحد يحاسب نفسه ويبادر بالأعمال الصالحات.
الحديث الثالث
كذلك حديث أبي هريرة وهو ما جاء أيضاً من حديث سهل بن سعد أن النبي ﷺ ذات يوم قال: لأعطين الراية غدًا رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله الراية ..... لقتال أهل خيبر من اليهود، كلهم تشوف لهذه الإمرة ويحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله هذه منقبة عظيمة كل واحد يود أن يعطاها الراية حتى تشوف لها عمر، وقال: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ لما فيها من الشهادة أن من أخذها يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله، شهادة على التعيين، كل مؤمن يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله؛ لكن كونه يشهد له النبي ﷺ بالتعيين أن هذا الرجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله مزية عظيمة.
فلما أصبح غدوا إلى النبيﷺ كل واحد يرجو أن يعطاها فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل له: هو يشتكي عينيه، فدعي إليه فجاء فبصق في عينيه ودعا له فبرأ عافاه الله في الحال، ثم أعطاه الراية وقال: انفذ على رسلك، يعني سر على مهلك حتى تنزل بساحتهم فبادر علي ومشى إلى جهة أهل خيبر اليهود، وقال له: ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم، واحد يهتدي خير من جميع ما في الأرض من ناقة حمراء، والمعنى خير من الدنيا وما عليها، والحديث الآخر يقول ﷺ: من دل على خير فله مثل أجر فاعله من دعا إلى الإسلام ثم هداه الله على يديه يكون له مثل أجره، ففي هذا الحث على الدعوة إلى الله والترغيب في ذلك وأن الداعي إلى الله له خير عظيم وفضل كبير. وفق الله الجميع.