4/98- الحديث الرابع: عن عائشة رَضي اللَّه عنها أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَان يقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تتَفطَرَ قَدمَاهُ، فَقُلْتُ لَهُ، لِمْ تصنعُ هَذَا يَا رسولَ اللَّهِ، وقدْ غفَرَ اللَّه لَكَ مَا تقدَّمَ مِنْ ذَنبِكَ وَمَا تأخَّرَ؟ قَالَ: أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أكُونَ عبْداً شكُوراً؟ متفقٌ عَلَيهِ. هَذَا لفظ البخاري، ونحوه في الصحيحين من رواية المُغيرة بن شُعْبَةَ.
5/99-الحديث الخامس: عن عائشة رضي اللَّه عنها أنَّها قَالَتْ: "كَانَ رسولُ اللَّه ﷺ إذَا دَخَلَ الْعشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأيْقَظَ أهْلهْ، وجدَّ وشَدَّ المِئْزَرَ" متفقٌ عليه.
6/100-الحديث السادس: عن أبي هريرةَ قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: المُؤمِن الْقَوِيُّ خيرٌ وَأَحبُّ إِلى اللَّهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفي كُلٍّ خيْرٌ. احْرِصْ عَلَى مَا ينْفَعُكَ، واسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجَزْ. وإنْ أصابَك شيءٌ فلاَ تقلْ: لَوْ أَنِّي فَعلْتُ كانَ كَذَا وَكذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قدَّرَ اللَّهُ، ومَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَان. رواه مسلم.
5/99-الحديث الخامس: عن عائشة رضي اللَّه عنها أنَّها قَالَتْ: "كَانَ رسولُ اللَّه ﷺ إذَا دَخَلَ الْعشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأيْقَظَ أهْلهْ، وجدَّ وشَدَّ المِئْزَرَ" متفقٌ عليه.
6/100-الحديث السادس: عن أبي هريرةَ قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: المُؤمِن الْقَوِيُّ خيرٌ وَأَحبُّ إِلى اللَّهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفي كُلٍّ خيْرٌ. احْرِصْ عَلَى مَا ينْفَعُكَ، واسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجَزْ. وإنْ أصابَك شيءٌ فلاَ تقلْ: لَوْ أَنِّي فَعلْتُ كانَ كَذَا وَكذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قدَّرَ اللَّهُ، ومَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَان. رواه مسلم.
الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة تدل على عظيم اجتهاده ﷺ وعنايته بطاعة ربه وعبادته مع أنه مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك كان أكثر الناس اجتهادًا في العبادة.
الحديث الأول
في الحديث الأول: تقول عائشة رضي الله عنها كان ﷺ يتهجد من الليل حتى تتفطر قدماه، وفي حديث المغيرة بن شعبة حتى ترم قدماه، فقالت له في ذلك: يا رسول الله، لم تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: أفلا أحب أن أكون عبدًا شكورًا؟! وفي اللفظ الآخر: إني أحب أن أكون عبدًا شكورًا يعني هذا العمل وهذا الاجتهاد من شكر الله على نعمته، من شكر الله على مغفرته لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، وفي اللفظ الآخر يقول ﷺ: أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني فهو يجتهد في العبادة ولكن يعطي بدنه ونفسه بعض الشيء حتى تقوى العبادة لما بلغه أن بعض الصحابة قال: أما أنا فأصوم ولا أفطر، وقال بعضهم: وأما فأقوم ولا أنام، وقال بعضهم: وأما أنا فلا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، قال النبي ﷺ: أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء وآكل اللحم، فمن رغب عن سنتي فليس مني فهذا يبين أن الاجتهاد في العبادة ليس معناه ترك الراحة بالكلية وتكليف النفس ما لا تطيق، لا بل تارة وتارة، تارة يعمل ويجتهد، وتارة يعطي النفس حظها من الراحة؛ حتى تقوى على العمل، كما في الحديث الآخر: إن لنفسك عليك حقًا، وإن لأهلك عليك حقًا، وإن لعينيك عليك حقًا، وإن لضيفك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه
الحديث الثاني
وكان ﷺ إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ ليله عليه الصلاة والسلام، العشر الأواخر من رمضان كان يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها يحيي ليلها بالعبادة عليه الصلاة والسلام ويعتزل النساء ويعتكف ويطلب فضل الله ويطلب إحسانه وجوده وكرمه، فالمؤمن هكذا يتأسى بنبيه صلى الله عليه وسلم ويجد في العبادة والعمل الصالح والرغبة فيما عند الله، لكن من غير تكليف لنفسه ما لا يطيق كما في الحديث الصحيح: اكلفوا من الأعمال ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا ولما قيل له: إن فلانة تصلي من الليل تربط حبلاً فوق حتى إذا تعبت تعقلت بالحبل، قال: لا، وقطع الحبل وقال: اكلفوا من الأعمال ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا فينبغي للمؤمن في هذا أن يعمل العمل الذي يستطيع من دون مشقة حتى لا يمل، حتى لا يكره العبادة يعمل بطاعة الله ويجتهد في طاعة الله في النوافل مع الفرائض يرجو ثواب الله ويخشى عقابه، لكنه لا يتكلف الشيء الذي يشق عليه ويمله العبادة وربما تركها بعد ذلك للتعب خير الأمور أوساطها.
الحديث الثالث
كذلك حديث أبي هريرة يقول ﷺ: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير يعني في كل واحد منهما خير القوي والضعيف، فالمؤمن القوي الذي يجتهد في طاعة الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله ويعين على نوائب الحق أفضل من الضعيف الذي يحدث نفسه ما عنده توسع في العمل، وفي كل خير، في كل واحد خير لكن الذي عنده نشاط وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر والدعوة إلى الله ومساعدة الضعيف وغير هذا من وجوه الخير أقوى إيمانًا وأكثر أجرًا من المؤمن الضعيف وفي كل خير.
ثم قال ﷺ: احرص على ما ينفعك احرص أيها المؤمن على ما ينفعك واستعن بالله يعني لا تكن كسولاً ولا معرضًا؛ بل احرص على ما ينفعك من أمر الدين والدنيا في أمر الدين من العبادات وفي أمر الدنيا من الكسب الحلال والرزق الحلال، ولا تعجز ترك العمل عجز، كون الإنسان يترك العمل ليشحذ الناس هذا هو العجز والكسل بل يعمل في التجارة، يعمل عاملا ويعطى أجرًا في الزراعة في أي عمل من الأعمال المباحة حتى يستغني به عما في أيدي الناس، حتى يستغني بهذا عن سؤال الناس، سئل الرسولﷺ: يا رسول الله، أي الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور حراثة غراسة نجارة حدادة وغير ذلك من أعمال اليد، وكل بيع مبرور التجارة السليمة التي ليس فيها كذب ولا غش أيضاً كسب طيب قال ﷺ: ما أكل أحد طعامًا خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه الصلاة والسلام كان يأكل من عمل يده أخرجه البخاري في الصحيح، هذا فيه فضل عظيم لعمل اليد وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده كان يصنع الدروع ويبيع ويأكل من عمل يده، فأنت كذلك تعمل نجارًا خرازًا حدادًا بناء بالعمل من عمل يديك أو بالتجارة السليمة البعيدة عن الكذب والغش كله طيب؛ فالإنسان لا يجعل وقته كله للدنيا ولا كله للآخرة، بل يعطي للآخرة حقها ويؤدي الفرائض ويعمل ما تيسر من الطاعات والعبادات ويعطي حظه من الدنيا وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [القصص:77] مثل ما قال الله عن نصيحة المؤمنين لقارون وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ [القصص:77]، فهكذا المؤمن لا ينسى نصيبه من الدنيا، مثل ما قال ﷺ: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تقل لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل يعني إذا فات المطلوب وفعلت الأسباب ولا نجحت قل قدر الله وما شاء فعل، قدر يعني هذا قدر الله خبر لمبتدأ محذوف أو قدر الله كذا يعني فعل ماض، وما شاء الله فعله سبحانه وتعالى فإن لو تفتح عمل الشيطان، لا تقل لو أني رحت للطبيب ما أصابني هذا، لو فلان راح للطبيب ما مات، هذا غلط عليك بالأسباب ولا تقل لو لو إذا نزل قدر الله ما في حيلة، لكن افعل الأسباب فإن نجحت فالحمد لله، ما نجحت فلا عليك، أما تقول: لو أني فعلت كذا لكان كذا، لو أني ما سافرت كان ما أصابني كذا، لو أني ما زرت فلانًا كان ما أصابني كذا، هذه أمور سبق بها علم الله وقدره ، لكن أنت عليك الأسباب تسأل ربك التوفيق وتقول: اللهم يسر أمري، اللهم أعني، فإن حصل المطلوب وإلا فقل: قدر الله وما شاء فعل، إنا لله وإنا إليه راجعون. وفق الله الجميع.
الأسئلة:
س: حديث الرسول ﷺ: المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف هل القوة تقتصر على الإيمان فقط أم القوة في الجسد كذلك؟
ج: لا، القوة في الإيمان في العمل الصالح، ما هو بالجسد، قد يكون الجسد مثل البعير لكن ما فيه فائدة، المهم قوة الإيمان وقوة القلب والعمل والجوارح.
س: يختص بالإيمان فقط؟
ج: أيه قوة الإيمان ما هي قوة الجسد، المؤمن الضعيف خير من فاجر أعظم من الجمل.
س: لكن ليس عامًا الحديث؟
ج: لا المقصود قوة الإيمان.