08 من قوله: (والأُخْتُ لا فَرْضَ مَعَ الْجَدِّ لَها)

 
باب الأكدرية
والأُخْتُ لا فَرْضَ مَعَ الْجَدِّ لَها فِيما عَدا مَسْألَةٍ كَمَّلَهَا
زوْجٌ وأُمٌّ وهُمَا تَمَامُها فاعْلَمْ فَخَيْرُ أُمَّةٍ عَلَّامُها
تُعْرَفُ يا صاحِ بالأَكْدَرِيَّهْ وهْيَ بِأنْ تَعْرِفَها حَرِيَّهْ
فيُفْرَضُ النِّصْفُ لَها والسُّدْسُ لَهْ حتَّى تَعُولَ بِالفُرُوضِ الْمُجْمَلَهْ
ثُمَّ يَعُودَانِ إِلى الْمُقَاسَمَهْ كَما مَضَى فاحْفَظْهُ واشْكُرْ ناظِمَهْ

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل على محمد.
هذه مسألة الأكدرية سميت بذلك؛ لأنها كدرت على زيد رضي الله عنه أصوله في باب الجد والإخوة وعلى من تبعه؛ فإن من أصولهم أن الأخوات لا يفرض لهن مع الجد وأنه عاصب لهن كالأخ وأنه متى لم يبق إلا سدس المال أعطيه وليس عنه نازلًا بحال، وفي هذه المسألة حار ومن قال بقوله فماذا يعملون؟ هل يحذفونها وهي ذات فرض الشقيقة أو التي لأب؟ أم ماذا يفعلون؟ فاقتضى نظرهم أن يفرضوا لها فرضًا نسبيًا، ثم يأخذونه منها ويجعلونها عاصبة بعد أن جعلوها ذات فرض.
والصورة منحصرة في زوج وأم أو جدة وجد وأخت شقيقة أو أخت لأب.
فيعطى الزوج النصف ويفرض للأم الثلث هذه خمسة ويبقى واحد وهو السدس، والقاعدة أنه يعطاه الجد وتسقط الأخت هذه قاعدة كما تقدم:
وتَارَةً يَأْخُذُ سُدْسَ الْمَالِ وَلَيْسَ عَنْهُ نَازِلًا بِحالِ
لأنه فرض الأب وهو قام مقامه ولأن الأخوات لا فرض لهن مع الأب فهكذا مع الجد.
ولكنه رأى أن يفرض لها نصفًا وله سدسا، وتعول إلى تسعة. ثلاثة واثنان خمسة، وثلاثة ........ هذه ثمانية والأم السدس وهو واحد عالت إلى تسعة.
ثم يعودان إلى المقاسمة ثم يجعلها عاصبة له، لا ذات فرض ويجعله عاصبًا لها لا ذا فرض بعد ذلك. فيأخذ ثلاثتها وواحده الجميع أربعة، وتقسم على الجد والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين فلا تنقسم، تضرب أصولهم ثلاثة في الأصل تسعة فتصح من سبعة وعشرين للزوج ثلاثة في ثلاثة تسعة، والأم اثنان ثلاثة في ستة، ولهم أربعة في ثلاثة اثنا عشر، له ثمانية ولها أربعة. وهذا معنى قوله:
ثُمَّ يَعُودَانِ إِلى الْمُقَاسَمَهْ كَما مَضَى فاحْفَظْهُ واشْكُرْ ناظِمَهْ
يعني بعد الفرض.
وهذا حصل به يعني في الحقيقة أخطاء:
 أولًا: ظلموا الزوج وعولوا المسألة عليه.
 ثانيًا: نقصوا الأم من ثلثها وليس هناك ما ينقصها لا ولد ولا جمع من الإخوة.
ثالثًا: فرضوا للأخت مع الجد ولا فرض لها معه في الأصل.
رابعًا: نقصوه عن السدس وليس هناك موجب لنقصه من السدس.
فاجتمعت هذه الأخطاء على هذا القول، وهذا مما يبين بطلان القول بتوريث الإخوة مع الجد، وتناقض القائلين بذلك تناقضًا ظاهرًا واضحًا لا تشهد له الأصول، ولا يعضده آية ولا حديث، ويتضح بذلك أن الصواب ما ذهب إليه الصديق أبو بكر رضي الله عنه ومن معه من الصحابة في إسقاط الإخوة بالجد، وأن الجد أب وأنهم لا إرث لهم معه، فعلى هذا تكون المسألة من ستة للزوج ثلاثة وللأم اثنان، وللجد واحد ولا شيء للأخت محجوبة بالأصل وهو الجد، فيعطى الزوج حقه تامًا، وتعطى الأم حقها تامًا، ويعطى الجد حقه تامًا، وتمشي المسألة مع الأصول ومع الأدلة، هذا هو الصواب بلا شك.
والله المستعان.
باب الحساب
وإنْ تُرِدْ مَعْرِفَةَ الْحِسابِ لِتَهْتَدِي بِهِ إِلى الصَّوابِ
وتَعْرِفَ الْقِسْمَةَ والتَّفْصِيلَا وتَعْلَمَ التَّصْحِيحَ والتَّأْصِيلاَ
فاسْتَخْرِجِ الأُصُولَ فِي الْمَسَائِلِ ... ولا تَكُنْ عَنْ حِفْظِها بِذَاهِلِ
فإنَّهُنَّ سَبْعَةٌ أُصُولُ  ثَلاثَةٌ مِنْهُنَّ قَدْ تَعُولُ
وبَعْدَها أرْبَعَةٌ تَمَامُ لا عَوْلَ يَعْرُوها ولا انْثِلامُ
فالسُّدْسُ مِنْ سِتَّةِ أسْهُمٍ يُرَى والثُّلْثُ والرُّبْعُ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَا
والثُّمْنُ إنْ ضُمَّ إِلَيْهِ السُّدْسُ فأصْلُهُ الصَّادِقُ فِيهِ الْحَدْسُ
أربَعَةٌ يَتْبَعُها عِشْرُونَا يَعْرِفُها الْحُسَّابُ أَجْمَعُونَا
فَهَذِهِ الثَّلاثَةُ الأُصُولُ إنْ كَثُرَتْ فُرُوضُهَا تَعُولُ
فتَبْلُغُ السِّتَّةُ عِقْدَ الْعَشَرَهْ فِي صُورَةٍ معروفةٍ مُشْتَهَرَهْ
وتَلْحَقُ الَّتِي تَلِيها بِالأَثَرْ في العَوْلِ أفْرادًا إلى سَبْعَ عَشَرْ
والْعَدَدُ الثَّالِثُ قَدْ يَعُولُ بِثُمْنِهِ فاعْمَلْ بِما أقُولُ

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل وسلم على رسول الله.
هذه الباب في الحساب، لما ذكر المؤلف رحمه الله الفروض والعصب والحجب وذكر مسائل الجد والإخوة كما تقدم، علم أنه لا بدّ من حساب لبعض المسائل التي تقع للفرضي؛ فأراد أن يبين هذا الباب ليهتدي به الفرضي في حساب المسائل التي تعرض له من الانكسار والسهام على الفرق.
والحساب مصدر حسب حسابًا والمراد به هنا الحساب الخاص، ليس الحساب العام الذي يحتاجه الناس في مسائل التجارة والأعمال الأخرى، المراد به الحساب الذي يتعلق بالفرائض مسائل المواريث وهو التأصيل والتصحيح ثم القسم على المنكسر عليهم، وفيما قرره علماء الفرائض وبينوه هو حساب منضبط معروف ليس فيه شبهة ولا تعب ولهذا قال:
وإنْ تُرِدْ مَعْرِفَةَ الْحِسابِ لِتَهْتَدِي بِهِ إِلى الصَّوابِ
لتهدي به إلى الصواب في قسمة المسائل وإيصال كل حق إلى مستحقه من الورثة من أصحاب الفروض والعصبة.
فاسْتَخْرِجِ الأُصُولَ فِي الْمَسَائِلِ ولا تَكُنْ عَنْ حِفْظِها بِذَاهِلِ
الأصول جمع أصل، والأصل في هذا الباب هو أقل عدد يخرج منه فرض المسألة أو فروضها يقال له أصل، مثل الاثنين والثلاثة والأربعة والستة اثنا عشر؛ يقال لها أصول لأنك إذا تأملت في الورثة الذين معك استخرجت فروضهم منها، وهي سبعة لا تزيد إلا في باب الجد والإخوة فإنها تكون تسعة، ويزاد فيها أصل ثمانية عشر وأصل ستة وثلاثين كما تقدم عند من ورث الإخوة مع الجد، وإلا فالأصل أنها سبعة أصول، وهي اثنان وثلاثة وأربعة وستة وثمانية واثنا عشر وأربعة وعشرون هذه الأصول السبعة، والأصل في ذلك أن الفروض يجب أن تستخرج حتى يعطاها المستحقون لها، فلما نظر العلماء وجدوها ترجع إلى هذه الأصول السبعة لا تخرج عنها، فإن الفروض ستة كما هو معروف الثمن والربع والنصف والسدس والثلثان والثلث، هذه ستة فهي لا تتجاوز هذه الأصول بل هي تخرج منها مجتمعة ومنفردة لا تخرج عن هذه الأصول السبعة كما يأتي.
فإنَّهُنَّ سَبْعَةٌ أُصُولُ ...
يعني منها تستخرج مسائل المواريث، وهي تسع وخمسون مسألة عند التأمل وأما الصور فكثيرة وهي ستة مائة صورة تقريبًا والفرق بين الصورة والمسألة أن المسألة ذكر الفرض مع ........ يستحقه، والصورة ذكر من يستحق الفرض يقال له صورة، تقول: السدس والباقي هذه مسألة، ومن يستحق هذا الأم مع الابن هذه صورة.
الأم مع الإخوة، الجدة مع الإخوة هذه صورة من الصور.
كذلك تقول مثلًا النصف والباقي، هذه مسألة من يستحق ذلك، وهو الزوج مع الأخ، الزوج له النصف والباقي للأخ.
البنت مع ابن ابن تأخذ النصف والباقي لابن الابن، وهكذا فهذه صور.
فاسْتَخْرِجِ الأُصُولَ فِي الْمَسَائِلِ ...
 يعني مسائل الفرض، إن هلك هالك عن كذا، عن كذا، عن كذا، استخرج أصولها.
جاءك سائل يقول: هلك هالك عن زوج وعن أم وعن أخ واحد، تأمل تستخرج الأصل تقول نعم، الزوج يعطى النصف، والأم تأخذ الثلث، وما معها إلا أخ واحد فالنصف والثلث مخرجهما من ستة لأن النصف من اثنين، والثلث من ثلاثة، فإذا ضربت اثنين في ثلاثة صار ستة، صار الفرضان يخرجان من ستة فتقول للزوج النصف والأم الثلث والباقي للأخ.
وجاء آخر يقول: هلك هالك عن زوج وعن بنت، تقول عندي فرضان ربع ونصف، ربع للزوج ونصف للبنت، من أين يستخرج؟
......... النصف يستخرج من اثنين، والربع من أربعة، والاثنان داخلة في الأربعة، فالصغير داخل على الكبير، فيكون أصلهما من الأربعة، فيعطى الزوج ربع واحد، والبنت نصف اثنين، والباقي للعصاب. وهكذا أشباه ذلك.
فاسْتَخْرِجِ الأُصُولَ فِي الْمَسَائِلِ ولا تَكُنْ عَنْ حِفْظِها بِذَاهِلِ
 يعني لا تكن غافلًا وانتبه.
فإنَّهُنَّ سَبْعَةٌ أُصُولُ ثَلاثَةٌ مِنْهُنَّ قَدْ تَعُولُ
وبَعْدَها أرْبَعَةٌ تَمَامُ  لا عَوْلَ يَعْرُوها ولا انْثِلامُ
فالسُّدْسُ مِنْ سِتَّةِ أسْهُمٍ يُرَى والثُّلْثُ والرُّبْعُ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَا
فالمقصود أنه بين لك رحمه الله أن هذه الأصول سبعة فقط، وجميع المسائل ترجع إلى هذه الأصول، وثلاثة منها قد تعول بكثرة فروضها وفروعها وأربعة لا تعول، فالثلاثة العائلة: الستة، والاثنا عشر، والأربعة والعشرون، قد تكون فروضها كثيرة، فيها سدس، وفيها نصف، وفيها ثلث، وفيها ثلثان، وفيها سدس ونصف، وفيها سدس وربع، وفيها ربع وثلث، فيها فرائض كثيرة تجتمع، ولهذا هي أكثر الأصول عولًا، الستة تعول إلى عشرة وترًا وشفعًا تعول إلى سبعة على وتر وإلى ثمانية شفع، وإلى تسعة وتر وإلى عشرة شفع، والاثنا عشر كذلك تعول ......... إلى ثلاثة عشر وترًا، وإلى خمسة عشر وترًا، وإلى سبعة عشر لا تعول إلا وترًا ما فيها شفع.
أما العدد الثالث، وهو أربع وعشرون فلا يعول إلا عولة واحدة وترًا؛ فيعول من أربعة وعشرين إلى سبعة وعشرين عند اجتماع ثلثين وسدسين وثمن، أو اجتماع نصف وثلاثة أسداس مع الثمن تعول إلى سبعة وعشرين. كبنتين وأبوين وزوجة عالت إلى سبعة وعشرين، وكبنت وبنت ابن وأبوين وزوجة كذلك.
فالحاصل أن هذه الأصول تكثر فروعها وفروضها فتعول وأما الأصول الأربعة: الاثنين والثلاثة والأربعة والثمانية فهي لا تعول لأن فروضها قليلة، الاثنين قصارى ما فيها نصفان فتتم، ......... بقية مثل زوج وأخت شقيقة، لهذا النصف ولهذا النصف، والأربعة ليس فيها إلا فرضان الربع والنصف ويبقى فيها بقية، والثلاثة فيها فرضان الثلث والثلثان، فتعتدل ولا تزيد ولا تنقص فلا حاجة إلى عول، والثمانية تنتهي فيها ثمن ونصف ويبقى فيها بقية فليس فيها إلا فرضان النصف والثمن ويبقى فيها بقية.
..................
فهذه مسائل هذا الباب ويأتي بقيتها في الأصول الأربعة التي لا تعول، وبهذا يعرف مسائل هذا الباب وأصوله وصوره عند التأمل.
والفرق التي تنكسر عليها السهام يبلغون أربعة، من واحد إلى أربعة، قد تنكسر على فريق، قد تنكسر على فريقين، قد تنكسر على ثلاث فرق، تنكسر على أربع فرق، فإذا كان فريق واحد تنكسر عليه السهام ولم تنقسم، أخذت رءوسهم جعلتها جزء السهم، تضربها في أصل المسألة فما بلغ صحت منه المسألة، وهذا هو المصح، فالمصح هو ما تبلغه المسألة بعد التصحيح، والأصل هو الأصل الذي استخرجت منه الفروض، وإن كان فريقين كذلك تنظر بينهما أولًا بالنسب الأربع كما يأتي إن شاء الله، وهكذا الثلاثة وهكذا الأربعة كلها يأتي بيانها إن شاء الله.