8/210- وعن أَبي هُرَيْرَةَ ، عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَنْ كَانتْ عِنْدَه مَظْلمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ فَلْيتَحَلَّلْه ِمِنْه الْيَوْمَ قَبْلَ أَلَّا يكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمتِهِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سيِّئَاتِ صاحِبِهِ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ رواه البخاري.
9/211- وعن عبدِاللَّه بن عَمْرو بن العاص رضي اللَّه عنهما، عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ ويَدِهِ، والْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
10/212- وعنه قَالَ: كَانَ عَلَى ثَقَل النَّبِيِّ ﷺ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: كِرْكِرةُ، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: هُوَ في النَّارِ، فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا. رواه البخاري.
9/211- وعن عبدِاللَّه بن عَمْرو بن العاص رضي اللَّه عنهما، عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ ويَدِهِ، والْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
10/212- وعنه قَالَ: كَانَ عَلَى ثَقَل النَّبِيِّ ﷺ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: كِرْكِرةُ، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: هُوَ في النَّارِ، فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا. رواه البخاري.
الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في تحريم الظلم، وأنَّ الواجب على المؤمن الحذر من الظلم كله، دقيقه وجليله، والغلول من الظلم، فالواجب على المسلم أن يحذره مع قريبه وبعيده، فإن عاقبته وخيمة كما تقدَّم، يقول ﷺ: اتَّقوا الظلمَ، فإنَّ الظلم ظُلماتٌ يوم القيامة، ويقول الله جلَّ وعلا في الحديث القدسي: يا عبادي، إني حرمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم محرَّمًا، فلا تظالموا، والله سبحانه في كتابه الكريم يقول: وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [الفرقان:19].
فالواجب على المؤمن أن يحذر الظلم في جميع أنواعه: في مالٍ، أو في عرضٍ، أو في بدنٍ، يقول النبي ﷺ: مَن كان عنده لأخيه مظلمة في عرضٍ أو شيءٍ فليتحلله اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم يعني: الواجب على المؤمن أن يُسارع في التحلل من أخيه قبل يوم القيامة، قبل الموت، سواء كان في عرضه، أو ماله، أو دمه، فيوم القيامة ليس فيه دراهم ودنانير، فيه الحساب بالأعمال الصالحة والطالحة، الحسنات والسيئات، فإن كان له عملٌ صالحٌ أُخِذَ منه بقدر المظلمة التي عليه، فإن لم يكن له حسنات أُخِذَ من سيئات صاحبه فحُمِلَتْ عليه -نسأل الله العافية.
وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: ما تعدُّون المُفْلِسَ فيكم؟ يسألهم: مَن هو المُفْلِسُ؟ قالوا: المفلس مَن لا درهمَ له ولا متاع، قال ﷺ: لكن المفلس الذي يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصومٍ وصدقةٍ، ويأتي وقد ظلم هذا، وضرب هذا، وشتم هذا، وسفك دم هذا، وأخذ مالَ هذا، فيُعْطَى هذا من حسناته، ويُعْطَى هذا من حسناته، فإن فَنِيَتْ حسناتُه ولم يُقْضَ ما عليه أُخِذَ من سيئاتهم من سيئات المظلومين ثم حُمِلَ عليه، ثم طُرِحَ في النار -نسأل الله العافية-.
فالواجب الحذر من الظلم كله، لعلك تنجو ما دمتَ في دار المهلة -دار العمل- قبل يوم القيامة.
الحديث الثاني
كذلك حديث عبدالله بن عمرو: يقول النبيُّ ﷺ: المسلم مَن سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر مَن هجر ما نهى الله عنه يعني: المسلم الكامل الذي يسلم الناسُ من لسانه ويده، ولا يُؤذي الناس: لا بأفعاله، ولا بأقواله، هذا المسلم الكامل، وهو المؤمن.
والمهاجر مَن هجر ما نهى الله عنه من ذلك: هجر بلاد الشرك، وهجر المعاصي، وهجر جميع ما حرَّم الله، فينبغي للمؤمن أن يُحافظ على لسانه وجوارحه، فالمسلم حقًّا مَن سلم المسلمون من لسانه ويده، وفي اللفظ الآخر: أي الإسلام أفضل؟ قال: مَن سلم المسلمون من لسانه ويده.
فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك، وأن يكون في غايةٍ من العناية بجوارحه ولسانه، لعله يسلم من ظلم الناس.
الحديث الثالث
وحديث: أنَّ غلامًا للنبي ﷺ يُقال له: "كركرة" قُتِلَ، فهنَّأه بعضُ الناس بالجنة، فقال: كلا، إنَّ الشَّمْلَةَ التي غلَّها لتشتعل عليه نارًا، فالمقصود أنَّ الغلول شرّه عظيم، وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:161]، فهذا وعيدٌ عظيم، وتقدَّم في هذا ما يدل على المطلوب وأنَّ الواجب على المؤمن أن يحذر أنواعَ الظلم، من: الغلول، والسرقة، والنُّهبة، والاختلاس، والخيانة، وغير هذا من أنواع الظلم والشرّ -نسأل الله للجميع العافية والسلامة.
الأسئلة:
س: كثير من الشباب يُطلِّق زوجته بعد زواجه بفترةٍ وجيزةٍ، ويقول: لا أحبها، أو: لا أحب لونها، هل هذا يكون من الظلم إن لم يكن هناك سببٌ مُقْنِعٌ؟
ج: يحرم عليه الغيبة، هذا من الغيبة، يدعو لها بالستر والعافية، أما إذا استشاره أحدٌ يريد الزواج منها فيُشير عليه بما يعلم لأنه نصح.
س: يكون معها شهرًا أو شهرين أو ثلاثة أو سنةً ثم يقول: لا أُحبُّها، أُريد أن أُطَلِّقها، هل يكون ظالمًا في تطليقه لها أم لا؟
ج: هذا يرجع إلى حاله وإياها، إن كان يرى المصلحة طلَّقها، فهذا يتعلق بمصلحته.
س: تأكيدًا لكلامه يقول: هي متعلِّقةٌ بي؟
ج: ولو، ينظر إلى المصلحة، إن كان في بقائها مصلحةٌ أبقاها، وإن كانت المصلحة له في طلاقها طلَّقها، هو أعلم بنفسه، وهو أعلم بحاله معها.
س: عدم الحب يكفي لطلقها؟
ج: هو أعلم بحاله معها.
س: كيف يكون التَّحلل من العرض؟ فبعض الأشخاص لا تقدر على التحلل منه.
ج: إذا ما استطعت تذكر محاسنه وأخباره الطيبة التي تعلمها عنه، فتذكر أخباره الطيبة في المجالس التي اغتبته فيها، وتدعو له، وتستغفر له.
س: ورد حديث: لا تَبِعْ ما ليس عندك، كيف نجمع بينه وبين جواز السَّلَم؟
ج: السَّلَمُ شيءٌ في الذمة إلى أجلٍ معلومٍ، ما هو شيء معين، هذا بإجماع المسلمين، أما الكيلُ المعلومُ وما يكون في العين فلا يُسَمَّى سلمًا، إذا قال: بعتُك الناقة الفلانية، أو الشاة الفلانية، وهي موجودة؛ فهذا ليس سلمًا، هذا بيع معين.
س: يقول عز وجل: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86]، فكيف إذا سلَّم عليه أحدٌ وقال: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" فكيف أزيد؟
ج: يزيد: جزاك الله خيرًا، غفر الله لك، يدعو له، ونحو هذا، هذا من مزيد الخير: بارك الله فيك، أو أحسن الله إليك، أو نحو هذا.