84 من حديث: (إنّما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض..)

 
17/219- وعن أُمِّ سَلَمةَ رضي اللَّه عنها: أَنَّ رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ: إِنَّمَا أَنَا بشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ فأَقْضِي لَهُ بِنحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بحَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
18/220- وعن ابنِ عمرَ رضي اللَّه عنهما قال: قال رسولُ اللَّه ﷺ: لَنْ يَزَالَ الْمُؤمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرامًا رواه البخاري.
19/221- وعن خَوْلَةَ بِنْتِ عامِرٍ الأَنْصَارِيَّةِ، وَهِيَ امْرَأَةُ حمْزَةَ وعنها، قَالَتْ: سمِعْتُ رسولَ اللَّه ﷺ يَقُولُ: إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ فَلهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامةِ رواه البخاري.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تتعلق بالتحذير من الظلم والعدوان وأخذ المال بغير حق، وأنَّ الواجب على المؤمن في جميع تصرفاته أن يتحرَّى الحق، وأن يتحرَّى الحلال، وأن يحذر أخذ مال أخيه بغير حقٍّ، يجب على المؤمن أن يتحرَّى الحقَّ في جميع تصرفاته، وفي جميع أعماله، وهكذا في الخصومات عليه أن يتحرَّى الحق، فإذا كان شهوده زورًا فليحذر متابعتهم والأخذ بشهادتهم، وهكذا إذا توجَّهَت اليمينُ عليه فليحذر أن يحلف على غير حقٍّ.
يقول النبيُّ ﷺ: إنَّكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضَكم أن يكون أَلْحَنَ بحُجَّته من بعضٍ؛ فأقضي له على نحوٍ مما أسمع، فمَن قضيتُ له من حقِّ أخيه شيئًا فإنما أقطع له قطعةً من النار، فليأخذها أو يذرها، هو بشر عليه الصلاة والسلام، لا يعلم الغيب، وإنما يحكم بما شرعه الله من البينة والشهود، فليتَّقِ الله صاحبُ البينة أن تكون بينته زورًا، وليتَّقِ الله صاحبُ اليمين أن يحلف على غير حقٍّ في الخصومات وفي غيرها، فالبينة لا تُحلّ له الحرام إذا شهدت بالزور، وهكذا اليمين لا تُحل له الحرام، يقول النبيُّ ﷺ: مَن حلف على يمين صبرٍ هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان، وفي اللفظ الآخر: مَن حلف على يمينٍ يقتطع بها مال امرئٍ مسلمٍ بغير حقٍّ لقي الله وهو عليه غضبان، وفي اللفظ الآخر: مَن اقتطع حقَّ مسلمٍ بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرَّم عليه الجنة.
فالأمر عظيم، والواجب الحذر من الظلم، سواء من طريق الخصومة والبينة الكاذبة، أو من طريق الأيمان الفاجرة، يحذر المؤمن هذه الأسباب التي تُسَبِّب غضبَ الله عليه.
الحديث الثاني
كذلك قوله ﷺ: لن يزال المؤمنُ في فُسْحَةٍ من دينه مالم يُصِبْ دمًا حرامًا، هذا فيه الحذر من سفك الدماء بغير حقٍّ، وأن الواجب على المؤمن أن يحذر أن يتعدَّى على أخيه بسفك دمه بغير حقٍّ، يقول الله جل وعلا: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]، فالواجب الحذر من سفك الدماء بغير حقٍّ، سواء كان ذلك السفك للنفس برمتها أو لعضوٍ من الأعضاء، فالمقصود الحذر من أن يتعدَّى على أخيه بغير حقٍّ: في نفسٍ، أو في عضوٍ من أعضائه، يجب الحذر من التعدي والظلم وسفك الدماء بغير حقٍّ، سواء كان ذلك في النفس، أو فيما دون النفس، فليحذر وليتق الله، ولا يأخذ إلا حقّه بالبينة الشرعية.
الحديث الثالث
وكذلك حديث خولة رضي الله عنها أنها سمعت النبيَّ ﷺ يقول: إنَّ رجالًا يتخوَّضون في مال الله بغير حقٍّ؛ فلهم النار يوم القيامة، هذا فيه الحذر من التصرف في الأموال بغير حقٍّ: كالخيانة، والإسراف، والظلم، وغير هذا من وجوه الشر.
فالواجب صرف الأموال في وجهها الشرعي، أما التَّخَوُّض فيها بغير حقٍّ فهذا من أسباب دخول النار، ومن أسباب غضب الله.
فليحذر المؤمن أن يتصرف في الأموال بغير حقٍّ: كالغش، أو الخيانة، أو الرشوة، أو يتصرف فيها بما حرَّم الله؛ فهذا المال عارية عندك ونعمة، فإن استعملتها في طاعة الله ربحت، وصارت لك الفائدة الكبيرة، والعاقبة الحميدة، وإن صرفت هذا المال في غير وجهه ضرَّك وسبَّب غضب الله عليك.
فاتَّقِ الله في هذا المال، واصرفه في وجهه الشرعي، وفيما أباح الله، ولهذا يقول ﷺ: إنَّ رجالًا يتخوَّضون في مال الله بغير حقٍّ؛ فلهم النار يوم القيامة يعني: يتصرَّفون في الأموال بغير حقٍّ: في الملاهي، في الزنا، في الخمر، في ظلم الناس، إلى غير هذا. يعني يتصرفون فيها في وجوهٍ غير شرعيةٍ، في وجوهٍ مُحرَّمةٍ، فلهم النار يوم القيامة -نسأل الله العافية-.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: في سفك الدماء: إذا زنى الزاني بالبكر فهل يكون داخلا في سفك الدماء؟
ج: سفك الدماء غير هذا، سفك الدماء ظلم الناس، فهو ليس زنًا، هذا حكمه حكم الزنا: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء:32]، فالزنا شرُّه عظيمٌ، ومن أقبح الظلم، ومن أقبح الفساد في الأرض، وعليه الحدُّ الشرعي مع التوبة إلى الله جلَّ وعلا.
س: إذهاب البكارة ما يكون منه؟
ج: هذا شيء آخر، المقصود أن الزنا غير هذا الأمر.
س: هذا رجل ذهب إلى البَرِّ ومعه ما يكفي للشرب، ووجد خزَّانَ ماءٍ لأناسٍ من البدو، فهل يتوضأ منه أو يتيمّم؟
ج: يستأذنهم.
س: يقول: ما أذنوا له.
ج: ولو بالشراء، يشتري منهم، ولو منعوه من الشراء ومن الإذن يتيمم.
س: يقول السائل: ما حكم الوصية للأقارب غير الوارثين؟ هل هو واجب أم سنة؟
ج: مستحبة، ........ لغير الورثة مستحبة، يعني الوصية لهم، أما الورثة فلا؛ يقول النبي ﷺ: لا وصية لوارث.
س: يكون من الثلث؟
ج: من الثلث فما دونه.
س: السؤال الثاني يقول: قول النبي ﷺ لأبي ذر: عليك بالصوم فإنَّه لا مِثْلَ له؟
ج: الصوم قربة عظيمة، التطوع بالصوم قربة عظيمة، الصوم والصلاة، والناس يختلفون في مثل هذا، الصوم والصلاة والصدقة بالمال والحج، كلها قربات عظيمة.
س: طواف القدوم بالنسبة للقارن والمفرد هل هو واب أم سنة؟
ج: مستحب، طواف القدوم مستحب.
س: حديث أبي ذر السابق ثابت؟
ج: لا بأس به.
س: المخالفة في التكبيرات في الصلاة كالتشهد الأول في المد؟
ج: الأمر واسع، سواء صار التكبيرُ يُفْهَم منه الجلوس أو لا، الأمر في هذا واسع.