88 من حديث: (من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله..)

 
11/232- وعن جُنْدِبِ بن عبداللَّه قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: مَنْ صَلَّى صَلاةَ الصُّبحِ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّه، فَلا يَطْلُبنَّكُم اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ يُدرِكْه، ثُمَّ يَكُبُّهُ عَلَى وجْهِهِ في نَارِ جَهَنَّم رواه مسلم.
12/233- وعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قَالَ: المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُه، وَلا يُسْلِمهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حاجتِهِ، ومَنْ فَرَّج عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْم الْقِيامَةِ، ومَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرهُ اللَّهُ يَوْم الْقِيَامَةِ متفقٌ عَلَيهِ.
13/234- وعن أَبي هريرةَ قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم، لا يخُونُه، وَلا يكْذِبُهُ، وَلا يخْذُلُهُ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حرامٌ: عِرْضُهُ، ومالُه، ودمُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا، بِحسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخاهُ المُسْلِم رواه الترمذيُّ وَقالَ: حديثٌ حسنٌ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث كالتي قبلها في بيان عظم حقِّ المسلم على أخيه، وأنَّ الواجب على كل مسلمٍ أن يحذر ظلم أخيه والتعدي عليه، وأن يحرص على أداء حقِّه والتواصي معه بالخير، فالمسلم أخو المسلم كما قاله ﷺ: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يحقره، ولا يكذبه، ولا يخذله.
يقول عليه الصلاة والسلام: مَن صلَّى الصبح فهو في ذِمَّة الله، وفي روايةٍ أخرى: في جماعةٍ فهو ذِمَّة الله، فلا يطلبنَّكم الله بشيءٍ من ذِمَّته، فإنَّه مَن يَطلبْه مِن ذِمَّتِه بشيءٍ يُدرِكْه، ثم يكبُّه في النار.
فالمقصود أنَّ الواجب على كل مسلمٍ أن يحذر ظلم أخيه والعدوان عليه: في قولٍ أو عملٍ، في نفسٍ أو في مالٍ، ولهذا يقول ﷺ في حديث ابن عمر: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يُسلمه يعني: ولا يخذله، ومَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، مثل حديث أبي هريرة: والله في عون العبد ما كان العبدُ في عون أخيه، ومَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلمٍ كُرْبَةً فرَّج الله عنه بها كربةً من كُرَبِ يوم القيامة، ومَن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة، وفي حديث أبي هريرة: ومَن نفَّس عن مؤمنٍ كربةً من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومَن يسَّر على مُعسرٍ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومَن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، وفي رواية أبي هريرة: كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه.
فالواجب على المؤمن أن يحذر ظلمَ أخيه والتعدي عليه في أي شيءٍ، وهكذا يحرص على أداء الواجب، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والنصح لله، والنصح لعباده؛ لأن هذه الدار هي دار التعاون على البر والتقوى، وهي دار التناصح، وهي دار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فليحذر المؤمن أن يُقَصِّر في حقِّ أخيه، أو يظلم أخاه بما لا يستحق، فالمسلم أخو المسلم: لا يظلمه، ولا يخونه، ولا يخذله.
والحديث الآخر: لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يحقره، ولا يكذبه، ولا يخذله، التقوى هاهنا وأشار إلى صدره ثلاث مراتٍ، إلى القلب، إذا أمر القلبُ بالتقوى استقامت الجوارحُ، وإذا اختلَّ القلبُ وحلَّ محل التقوى في الخيانة والكذب والفسوق كثرت الشرورُ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولهذا في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما: ألا وإنَّ في الجسد مُضْغَةً إذا صلحت صلح الجسدُ كله، وإذا فسدت فسد الجسدُ كله، ألا وهي القلب، وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: إنَّ الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
فالواجب على المؤمن أن يحرص على طهارة قلبه، وعمارته بالتقوى، والخشية لله، والتعظيم لحرمات الله، والحذر من غشِّ إخوانه المسلمين، أو ظلمهم بقولٍ أو عملٍ.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: الحديث الصحيح يُفيد العلم الظني أو العلم القطعي اليقيني؟
ج: هذا فيه تفصيل عند أهل الحديث -مصطلح الحديث- فيُراجع أهل مصطلح الحديث الذين يُبَيِّنون له أن المتواتر يُوجب العلم النظري اليقيني، العلم اليقيني الضروري، وأما الأحاديث الصحيحة فتفيد العلم النظري لمن عرف أسانيدها وصحتها بالقرائن، وإذا لم تكن هناك قرائن صارت تفيد العلم الظني لا اليقيني، والواجب العمل بها، كل حديث صحيح أو حسن يجب العمل به، أما إفادة العلم اليقيني أو الظني فهذا محلّ تفصيل عند أهل العلم العارفين بالحديث وطرقه وصفات الرجال وعدالتهم وغير ذلك، وقد وضَّحه الأئمةُ في المصطلح.
س: حديث: إذا رأيتم الرجلَ يعتاد المساجدَ فاشهدوا له بالإيمان؟
ج: فيه بعض الضعف، حديث أبي سعيدٍ فيه بعض الضعف، ولكن على كل حالٍ الاستقامة على الصلاة من علامات الخير.
س: راتبنا الآن إلى بعض البنوك الربوية، وأحيانًا عند الصرف يبقى لنا عندهم مثلًا عشر هللات، أو يعطونا زيادة عشر هللات، ما الحكم حينئذٍ؟
ج: الأمر سهل، هذه حوالة على أموال الدولة، ما يضركم.
س: قول بعض السلف: "زُرْ غِبًّا تزدد حُبًّا" أو كذا مع الأصحاب، هذا كيف يُطَبَّق؟
ج: حسب الاجتهاد، قد يكون غِبًّا ويُمَلُّ، حتى الغِبّ قد يُملّ، لكن الإنسان في زيارته لإخوانه يتحرَّى الأوقات التي ما فيها مضايقة لهم ولا مشقَّة عليهم.
س: رفع اليدين بعد الإقامة؟
ج: ما له أصل، ما تُرفع الأيدي.
س: والدعاء؟
ج: لا، يتحرى؛ فإذا كبَّر الإمامُ كبَّر معه رافعًا يديه عند التكبير فقط، يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، ما يرفع عند الدعاء، بل عند التكبير.
س: حديث لما جاء الأعرابُ قال الرسولُ ﷺ: اذهبوا واشربوا من أبوالها وألبانها؟
ج: هؤلاء ناسٌ عُرنيين أصابهم مرضٌ فأرسلهم النبيُّ للتداوي بأبوال الإبل وألبانها.
س: يشربون البول؟
ج: لا بأس، فهو طاهر للتداوي به، كل مأكول اللحم بوله طاهر، بول الإبل، أو البقر، أو الغنم.
س: ما يُغسل؟
ج: للنَّظافة، من باب النظافة.
س: أصحاب بلدة معينة من الدويلات التي استُحدثت الآن يقول لأخيه المسلم من دولةٍ أخرى: أجنبي، ويجرحه بهذه الكلمة!
ج: لا، المسلم أخو المسلم في أي مكانٍ، سواء كان في مشرق الأرض أو مغربها، مثلما قال ﷺ: المسلم أخو المسلم، وفي عرف الناس الأجنبي: الغريب، يعني الذي يأتي من بلادٍ بعيدةٍ يُسمونه أجنبيًّا، يعني: غريبًا، وهذا عرفٌ اصطلاحي بين الناس، ما هو أجنبي بمعنى كافر، لا، معناه أنه غريب، يقول: عندنا أجانب، يعني جاءوا من بعيدٍ، ما في ذلك محذور إذا أراد أنَّه غريب.
س: قول: مَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته هل هو على العموم؟
ج: نعم صحيح، وعدٌ من ربنا جل وعلا على لسان رسول الله ﷺ، إذا قضيتَ حاجةَ أخيك: شفعت له في منفعةٍ، ساعدته في شيءٍ، أقرضته في شيءٍ، ساعدته في دواءٍ، في أجرة الطبيب وهو عاجز؛ كل هذا لك الأجر فيه، دللته على خيرٍ، أرشدته إلى خيرٍ، منعته من شرٍّ، يُؤجَر على التَّعدِّي والغصب.
س: قضاء الحاجات ومساعدة ..؟
ج: يفعل هذا وهذا، المتعدي والغاصب، الغاصب بعضه واجب وبعضه مستحب، والمتعدي كذلك: بعضه واجب وبعضه مستحب.
س: يقول بعض السلف: "أبغض بغيضك يومًا ما يكون حبيبك يومًا ما" في "كنز العمال"؟
ج: هذا يُروى عن عليٍّ : أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضَك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما، يعني: لا تُشدد، ولكن هذا ما هو على إطلاقه، فنحن نبغض الكفَّار بغضًا تامًّا، ونُحب المؤمن حبًّا تامًّا، هذا رأيٌ لبعض الناس يُروى عن عليٍّ .
س: قول النبي ﷺ: أعلنوا النكاحَ، واضربوا عليه بالغربال؟
ج: الدُّفُّ يعني.
س: درجته أحسن الله إليك؟
ج: لا بأس به.
س: يُستحب ضرب الدُّفِّ؟
ج: نعم للنساء.