90 من حديث: (أَمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع..)

 
18/239- وعن أَبي عُمارة الْبراءِ بنِ عازبٍ رضي اللَّه عنهما قَالَ: "أَمرنا رسولُ اللَّه ﷺ بِسبْعٍ، ونهانا عن سبعٍ: أَمرنَا بِعِيادة الْمرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجنازةِ، وتَشْمِيتِ الْعاطِس، وَإِبْرارِ الْمُقْسِمِ، ونَصْرِ المَظْلُومِ، وَإِجابَةِ الدَّاعِي، وإِفْشاءِ السَّلامِ. وَنَهانَا عَنْ خواتِيمَ –أَوْ: تَختُّمٍ بالذَّهبِ- وَعنْ شُرْبٍ بالفضَّةِ، وعَنِ المَياثِرِ الحُمْرِ، وَعَنِ الْقَسِّيِّ، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ وَالإِسْتَبْرَقِ وَالدِّيبَاجِ" مُتَّفَقٌ عليه.
وفي روايةٍ: "وإِنْشَادِ الضَّالةِ فِي السَّبْعِ الأُولِ".

28- باب ستر عورات المسلمين والنَّهي عن إشاعتها لغير ضرورةٍ
قَالَ الله تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [النور:19].
1/240- وعن أَبي هريرة ، عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: لا يسْتُرُ عَبْدٌ عبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرهُ اللَّه يَوْمَ الْقيامَةِ رواه مسلم.
2/241- وعنه قَالَ: سمِعتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يقول: كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجاهرينَ، وإِنَّ مِن المُجاهرةِ أَن يعمَلَ الرَّجُلُ بالليلِ عمَلًا، ثُمَّ يُصْبِح وَقَدْ سَتَرهُ اللَّه عَلَيْهِ فَيقُولُ: يَا فلانُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْترهُ ربُّهُ، ويُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّه عنه مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
3/242- وعنه ، عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: إِذَا زَنَتِ الأَمةُ فَتبيَّنَ زِناهَا فَليجلدْها الحدَّ، وَلا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّانية فَلْيجلدْها الحدَّ، وَلا يُثرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالثةَ فَلْيبِعها ولَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
4/243- وعنه قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِرجلٍ قَدْ شرِبَ خَمْرًا، قَالَ: اضْربُوهُ، قَالَ أَبُو هُرَيْرةَ: فمِنَّا الضَّارِبُ بِيدهِ، والضَّارِبُ بِنَعْله، والضَّارِبُ بِثوبِهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال بعْضُ الْقَومِ: أَخْزاكَ اللَّه، قَالَ: لا تقُولُوا هَكَذا، لا تُعِينُوا عليه الشَّيْطان رواه البخاري.

الشيخ:
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الحديث -حديث البراء بن عازب- فيما يتعلق بالستر على المسلمين، وتعظيم حرماتهم، والتعاون معهم على الخير.
يقول البراء : أن الرسول ﷺ أمرهم بسبع خصالٍ، أمرهم بكثيرٍ لكن هذه السبع مما أمر الله به: عيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس إذا حمد الله، وإبرار المقسم، فإذا أقسم عليك أخوك تَبَرّ قسمه، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام، كل هذه أمور عظيمة مهمة بين المسلمين.
إجابة الدعوة، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس إذا حمد الله، وإبرار القسم، فإذا أقسم عليك وقال: والله تشرب هذه القهوة، والله تتفضل معي، وأنت تستطيع برّ قسمه من باب التعاون على الخير، ومن باب صفاء القلوب، ومن باب المجاملة، حتى لا تقع شحناء ولا بغضاء إذا تيسَّر ولم تكن هناك مشقة.
كذلك نصر المظلوم، فإذا كان مظلومًا يُنْصَر على مَن ظلمه حسب الطاقة: بالكلام الطيب، أو بالرفع إلى ولي الأمر، أو بحجز بعضهم عن بعضٍ، أو بنحو ذلك.
وإجابة الداعي: سواء لوليمة العرس، أو غيرها، وإفشاء السلام بين المسلمين، قيل: يا رسول الله، أي الإسلام أفضل؟ قال: أن تُطْعِمَ الطعامَ، وتقرأ السلام على مَن عرفتَ ومَن لم تعرف، ويقول ﷺ: والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنةَ حتى تُؤمنوا، ولا تُؤمنوا حتى تحابُّوا، أفلا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلتُموه تحاببتُم؟ أفشوا السلام بينكم أخرجه مسلم في "الصحيح"، فإفشاء السلام مما يُسبب المحبة والتعاون على الخير والتعارف.
ونهاهم عن سبعٍ: عن التَّختم بالذهب، والشرب بالفضة، وعن المياثر الحمر التي يتعاطها العجم، التشبه بهم، أو إذا كانت من حريرٍ فتُترك، وعن القَسِّيِّ: وهي ثياب تُطرز بالحرير، إما بخطوطٍ عريضةٍ أو مُشَجَّرة بالحرير، وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج، كلها منهيٌّ عنها بالنسبة للرجال، أما المرأة فلا بأس أن تتختم بالذهب، ولا بأس أن تلبس الحرير.

وفي الأحاديث الأخرى الدلالة على وجوب ستر المسلم وعدم إفشاء عورته، يقول الله : إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [النور:19]، فلا يجوز للمسلم أن يشيع الفواحش مع إخوانه، إنسانٌ مستور يفضحه، يقول: فعل كذا، وفعل كذا، يشرب الخمر، ويفعل كذا، ويفعل كذا، وهو متستر مُخْتَفٍ لا يُجاهر بمعصيته، ويقول ﷺ: لا يستر مسلمٌ مسلمًا إلا ستره الله يوم القيامة، وفي اللفظ الآخر: مَن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، ومَن يسَّر على مُعْسِرٍ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن نفَّس عن مؤمنٍ كُرْبَةً من كُرَبِ الدنيا نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبدُ في عون أخيه، الله في عونك ما كنتَ في عون أخيك، وفي اللفظ الآخر: مَن كان في حاجة أخيه المسلم كان الله في حاجته، فالتعاون بين المسلمين والرأفة بهم والرحمة لهم أمرٌ مطلوبٌ، وفيه أجرٌ كثيرٌ، ومنها التواصي بالحق، والتناصح، وعيادة المريض .. إلى آخره.

والحديث الثاني: يقول ﷺ: كلُّ أمتي مُعافًى إلا المجاهرين، وإنَّ من المجاهرة أن يفعل العبدُ الذنبَ في الليل، فيبيت وقد ستره الله، ثم يفضح نفسه، فيقول: يا فلان، فعلتُ البارحة كذا، فعلتُ البارحة كذا قد بات يستره ربُّه فيفضح نفسه، فهذا ليس من أهل العافية -نسأل الله العافية- هذا ممن بُلِيَ بإظهار المعاصي -نسأل الله العافية- فينبغي للمؤمن إذا وقع في زَلَّةٍ أن يستتر بستر الله، وألا يُبرزها للناس.
كذلك حديث أبي هريرة: يقول ﷺ: إذا زنت أمةُ أحدكم فليجلدها الحدَّ ولا يُثَرِّبْ عليها، ثم إن زنت فليجلدها الحدَّ ولا يُثَرِّبْ عليها، التثريب يعني: إظهار شرّها وفضحها عند الناس، فعليه أن يجلدها الحدَّ ولا يفضحها، يجلدها الحدَّ ويُشفق عليها، يجلدها الحدَّ لأنها أمته، وجاء في الحديث الآخر: أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم، فيقيم الحدَّ عليها ولا يُعيرها عند الناس ......... عند الناس يفضحها، يعني: يحثها على التوبة والإنابة إلى الله، ويكفي، ثم ليبعها ولو بحبل من شعرٍ لو تكرر منها الزنا في الثالثة أو في الرابعة على حسب الرواية، يبعها ولو بشيءٍ قليلٍ، يعني: يُبين للمشتري أنها كذا وكذا، وأنَّ هذا السبب في بيعها، ولعل الله ينفع بالسيد الجديد، ويكون أقوى من السيد الأول، أو أكثر حكمةً فيهديها الله على يديه، لكن معلوم إذا بيَّن له حالها ما تُساوي إلا ثمنًا قليلًا، ولهذا قال: ولو بحبلٍ من شعر، ولو بثمنٍ رخيصٍ، فهذا يدل على أنه يُبين للمشتري الثاني ولا يَغُرّه، ولا يغشّه، يُبين أن سبب بيعه لها كذا وكذا، فلعل السيد الثاني يكون عنده من النصيحة والنشاط ومن الحكمة ما يجعلها تتوب على يديه.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
​​​​​​​
س: بالنسبة لعيادة المريض: هل يُدعى له، أو مثلًا ينفث عليه، أو يقول: "أسأل الله العلي العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك" سبع مرات باسم الشخص؟
ج: يُدعى له، فالدعاء طيب، إذا زار أخاه دعا له، والحديث فيه ضعف، لكن يُرجى إجابته: أسأل الله العظيم ربّ العرش الكريم أن يشفيك سبع مراتٍ.
س: أُتي برجلٍ شرب الخمر؟
ج: كذلك حديث شرب الخمر: إذا شرب يُنصح ويُوضّح ويُوجّه للخير، وألا يعود، ولا يُلْعَن، ولا يُسبّ، لا يُعان عليه الشيطان، وليقال: هداه الله، اللهم أصلحه، اللهم اهده، اللهم مُنَّ عليه بالتوبة، المسلم أخو المسلم يُحب له الخير، ولما قيل: يا رسول الله، إنَّ دوسًا قد عصت وأبت أن تُسْلِم، قال: اللهم اهدِ دوسًا وائتِ بهم، فالإنسان يدعو لأخيه بالخير، ويدعو له بالتوبة النصوح، ولا يفضحه، ولا يسبه، وإنما سبَّ النبيُّ ﷺ أناسًا أعلنوا شرَّهم على المسلمين: كأبي جهلٍ وجماعةٍ، وكان يقنت في الدعاء عليهم، فإذا ظهر شرُّهم على المسلمين دُعِيَ عليهم -نسأل الله العافية-.
س: حدّ الزنا للأمة خمسون جلدة؟
ج: نعم، حدُّها نصف حدِّ الحرة، خمسون جلدة: فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ [النساء:25].
س: بعض الناس يوم الجمعة بين الخطبتين يدعو بسيد الاستغفار، هل له أصل في هذا الوقت؟
ج: ما ورد شيء، لكن بينه وبين نفسه يدعو بما شاء، هو أو غيره، أما في هذا الموضع فما جاء فيه شيء من دعوةٍ خاصةٍ بين الخطبتين، لكن الإنسان إذا دعا بين الخطبتين لا بأس، سرًّا.
س: إذا رفع صوتَه في مثل هذه الحالة تكون لغوًا؟
ج: لا، ما هي بخطبة، هذه ما هي تبع الخطبة، هذا شيء بينه وبين ربِّه، لا يرفع صوته.
س: إذا رفع يكون قد لغا؟
ج: ولو رفع صوته ما هو من الخطبة، الخطبة انتهت.
س: بالنسبة للدعاء للمريض هل مثلًا يقول: اللهم اشفِ عبدَك فلان، أو: أمتك فلانة؟
ج: طيب، نسأل الله أن يشفيك، ويُخاطبه ويُسلِّم عليه، شفاك الله، الله يشفيك، اللهم اشفه وعافه، طيِّب، أو: "أسأل الله العظيم أن يشفيك" سبع مرات، كله طيب.
س: بالنسبة لتحقيقات الشيخ شعيب الأرناؤوط وتخريجاته؟
ج: فيها بعض الملاحظات، كتب بعضُ الإخوان ملاحظات يمكن أن يكملها وتُطبع.
س: بعض الناس يكون في مكة فيُصلي الجمعة، فما أن ينتهي من الصلاة إلا ويقوم ويصلي العصر قصرًا بعد الجمعة؟
ج: لا، ما يصلح، لا تجمع العصر مع الجمعة، يُصليها في وقتها.
س: يلزمه أن يُعيدها؟
ج: نعم، ينبغي أن يُعيدها.