103 من حديث: (عن عمرو الجشمي: أنّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه..)

 
4/276- وعن عَمْرو بنِ الأَحْوَصِ الجُشميِّ : أَنَّهُ سمِعَ النَّبيَّ ﷺ في حَجَّةِ الْوَداع يقُولُ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّه تَعَالَى، وَأَثنَى علَيْهِ، وذكَّر ووعظَ، ثُمَّ قَالَ: أَلا واسْتَوْصُوا بِالنِّساءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوانٌ عِنْدَكُمْ، لَيْس تَمْلكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غيْرَ ذلِكَ، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحشةٍ مُبَيِّنةٍ، فإِنْ فَعلْنَ فَاهْجُروهُنَّ في المضَاجعِ، واضْربُوهنَّ ضَرْبًا غيْر مُبرِّحٍ، فإِنْ أَطعنَكُمْ فَلا تبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبيلًا، أَلا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسائِكُمْ حَقًّا، ولِنِسائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَحَقُّكُمْ عَلَيْهنَّ أَن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكمْ مَنْ تَكْرهونَ، وَلا يأْذَنَّ في بُيُوتكمْ لِمَن تكْرهونَ، أَلا وحقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَن تُحْسِنُوا إِليْهنَّ في كسْوتِهِنَّ وَطعامهنَّ. رواه الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
5/277- وعن مُعَاويَةَ بنِ حَيْدةَ قَالَ: قلتُ: يَا رَسُول اللَّه، مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: أَن تُطْعمَها إِذَا طَعِمْتَ، وتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلا تَضْربِ الْوَجْهَ، وَلا تُقَبِّحْ، وَلا تَهْجُرْ إِلا في الْبَيْتِ حديثٌ حسنٌ، رواه أَبو داود.
6/278- وعن أبي هريرةَ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: أَكْمَلُ المُؤْمنين إِيمَانًا أَحْسنُهُمْ خُلُقًا، وَخِياركُمْ خيارُكم لِنِسَائِهِم رواه التِّرمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث فيما يتعلق بحق النساء على أزواجهنَّ، الله يقول جل وعلا في كتابه الكريم: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وقال جل وعلا: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228]، فأمر سبحانه بأن يُعاشرن بالمعروف، وأخبر أنَّ لهن مثل الذي عليهن بالمعروف، من: الإحسان، وطيب الكلام، وأداء الحقِّ، فلها حقٌّ وعليها حقٌّ، فعلى الزوج إحسان العشرة، وطيب الكلام، وحُسن الخلق، والإنفاق، والاستيصاء بها خيرًا، وتوجيهها إلى الخير، إلى غير هذا، وعليها السمع والطاعة في نفسها، وفي بيتها، وألا تُوطئ فراشه مَن يكره، وألا تأذن في بيته لمن يكره.
وفي خطبة الوداع يقول عليه الصلاة والسلام: ولهنَّ عليكم: زرقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف، ولكم عليهنَّ: ألا يُوطئن فرشكم مَن تكرهون، وألا يأذَنَّ في بيوتكم لمن تكرهون.
وفي حديث معاوية بن حيدة لما قال: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: تُطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيتَ، ولا تضرب الوجه، ولا تُقَبِّحْ، ولا تهجر إلا في البيت يعني: تكون طيب العشرة، طيب الخلق، تُطعمها من طعامك، وتكسوها من كسوتك تكون عادلًا في الكسوة والطعام، ومع هذا إذا أدَّبْتَ لا تضرب الوجه، يكون أدبًا خفيفًا، لكن ما فيه ضرب الوجه، فالوجه لا يُضرب، لا في الحدود، ولا في غيرها، ولا تُقَبِّحْ لا تقل: قبَّحَكِ الله، ولا تهجر إلا في البيت إذا هجرت تنام معها في البيت، ولكن مثلًا تُعطيها ظهرك، تنام على فراشٍ غير فراشك، لا بأس عند الحاجة، كما قال تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34] قال: ...........، واضربوهنَّ: أي ضربًا غير مبرح، فسَّره النبيُّ ﷺ.
هكذا المؤمن مع أهله: يُعاشر بالمعروف، ويتكلم بالطيب، ويُحسن إليها في خلقه، وفي أعماله كلها، لا يكون فظًّا غليظًا، ولا مسرفًا، ولا سخَّابًا، ولا لعَّانًا، بل يستوصي بهن خيرًا، وعليها هي أيضًا أن تقوم بالواجب، وأن تُحسن العشرة، وأن تمتثل أمره في المعروف، وألا تأذن في بيته بغير إذنه، وألا تُوطئ فراشه مَن يكره، فعلى كلٍّ منهما التَّحبب إلى الآخر بالكلام الطيب، والفعل الطيب الجميل.
وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: أكمل المؤمنين إيمانًا: أحسنهم خلقًا، فحُسن الخلق من كمال الإيمان، وطيب الوجه، طيب السلام، هكذا المؤمن: طيب الكلام، طيب السلام، طيب المعاشرة، فحُسن الخلق من خصال الإيمان، ومن كمال الإيمان: أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا ..............
فحُسن الخلق من أهم المهمات، ومن أفضل القربات، فالمؤمن يعتني بحسن الخلق مع أهل بيته، مع أقاربه، مع جيرانه، مع جلسائه، يقول ﷺ: البر حُسن الخلق هذا كلامٌ عظيمٌ، ويقول ﷺ: إنَّ أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا.
فحسن الخلق له منزلةٌ عظيمة، ولا سيَّما مع الأولاد، مع الأهل، مع الأقارب، مع أهل الخير، مع الزوجة، وخياركم خياركم لنسائهم يعني: خياركم في المعروف خياركم لنسائهم في الكلام الطيب، والأسلوب الحسن، والعشرة الطيبة، وعدم الظلم، وعدم التعدي.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: سماحة الوالد، الأحاديث في الحثِّ على تعلم الفرائض؟
ج: فيها ضعف، لكن تعلم الفرائض من أهم العلوم، أحاديث تعلم الفرائض فيها ضعف، وحديث: العلم ثلاثة: آية محكمة، وسنة قائمة، وفريضة عادلة، والرسول علمه الأمة في القرآن، وبيَّن لهم حكم الفرائض.
فتعلم الفرائض من أعظم العلوم النافعة، من أعظم علوم الإسلام، يقول ﷺ: مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة، فعلم الفرائض من أعظم العلوم النافعة، من علوم الإسلام النافعة التي يحتاجها الناس كلهم، والأحاديث الضعيفة تتقوى بالأحاديث الصَّحيحة.
س: في الآية: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1] ما المقصود بالفاحشة؟
ج: كل المعاصي فواحش، وكلما كانت كبيرةً صارت أفحش، الزنا فاحشة، والعقوق فاحشة، وإيذاؤه لأهله أو لأمه أو لأبيه أو لأولاده فاحشة، وإيذاؤه لجيرانه فاحشة، وهكذا تتنوع.
س: كيفية الهجر بالنسبة للزوجة؟
ج: مثلما قيل: ولا تهجر إلا في البيت إذا أعطاها قفاه هذا هجر، وإذا هجرها بالكلام ثلاثة أيام فهذا هجر، ولا يزيد على ثلاثة أيام في الكلام، فالهجر في الكلام ثلاثة أيام فأقل، وأما في الفعل فكونه يُعطيها ظهره أو ........ بعض التَّكدر عليها حتى تتأدَّب ما يُخالف، فالنبي ﷺ هجر نساءه شهرًا واعتزلهنَّ.
س: إذا خرجت من غير إذنه؟
ج: يُوجهها ويُعلمها، فإذا كان خروجها فيه مصلحة -كعيادة مريض أو زيارةٍ لأهلها- فلا يُشدد في الأمور، وإذا  كان خروجها يرتاب فيه يمنعها منه، أما إذا كان خروجًا مشروعًا وله وجهٌ فينبغي له ألا يُشدد، فبعض الناس عنده تشدد وسوء ظن دائمًا، فإذا كانت المرأة صالحةً لا ينبغي أن يُساء الظنّ بها، وإذا كان خروجها خروجًا مشروعًا لأهلها في وقتٍ مناسبٍ، أو لجيرانها في وقتٍ مناسبٍ فلا حرج.
س: بعض العائلات تتدخل في أمورٍ ما بين الزوج والزوجة، يعني مثلًا: أهل الزوج، أو أهل الزوجة؟
ج: التدخل بالخير ما فيه بأس، التدخل بالنصيحة، أما التدخل بالمشاغبة والتحريض على الشر فلا يجوز، لكن التدخل بالكلام الطيب والمشورة والنصيحة هذا أمرٌ مطلوبٌ.
س: تزور جارتها بدون إذنٍ، في الصباح يعني؟
ج: لا تخرج إلا بإذنه، لكن إذا أذن لها لا يُشدد في المسألة.
س: وإذا ما أذن لها؟
ج: لا تخرج إلا بإذنه، لكن ما يكون فيه أذى، تزور جيرانها الطيبين، أهلها إذا اقتضت المصلحة ذلك، لا يُشدد، يقول ﷺ: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي، وفي الحديث الآخر: خياركم خياركم لنسائهم، البر حسن الخلق، فالتعبيس والتشديد ما هو من حُسن الخلق.
س: حتى مع الأخوات من النساء؟
ج: نعم، إذا كنَّ طيبات ما في بأس، إذا كانت بيوتهن طيبة ما في بأس، أما البيوت الرديئة فلا يأذن لهن فيها.
س: تأخَّر المأمومُ عن قراءة الفاتحة؛ لكونه ساهيًا مثلًا، ثم ركع الإمام؟
ج: يركع ولا شيء عليه، تسقط عنه بالسهو، وتسقط عنه بالجهل.
س: أقصد: ثم رفع الإمام قبل أن يتم؟
ج: لا، يركع ولا يصبر، يركع ويقطعها.
س: ولو قال: إنه يأتي بركعةٍ جديدةٍ؟
ج: لا، يقطعها ويركع مع الإمام.