284- باب تحريم مطل الغني بحقٍّ طلبه صاحبه
قَالَ الله تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]، وَقالَ تَعَالَى: فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ [البقرة:283].
1/1611- وَعَنْ أَبي هُريرَةَ : أنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قَالَ: مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإذَا أُتبِعَ أحَدُكُمُ عَلى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ متفقٌ عَلَيْهِ.
285- باب كراهة عودة الإِنسان في هبةٍ لَمْ يُسلِّمها إِلَى الموهوب لَهُ، وفي هبةٍ وهبها لولده وسلَّمها أَوْ لم يُسلِّمْها، وكراهة شرائه شَيْئًا تصدَّق بِهِ من الَّذِي تصدَّق عَلَيْهِ، أو أخرجه عن زكاةٍ، أو كفَّارةٍ ونحوها، فلا بأس بشرائه من شخصٍ آخر قد انتقل إليه
2/1612- عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عنْهُما: أنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قَالَ: الَّذِي يعُودُ في هِبَتهِ كَالكَلبِ يرجعُ في قَيْئِهِ متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي روايةٍ: مَثَلُ الَّذي يَرجِعُ في صدقَتِهِ كَمَثلِ الكَلْبِ؛ يَقيءُ ثُمَّ يعُودُ في قَيْئِهِ فَيَأكُلُهُ.
وفي روايةٍ: العائِدُ في هِبَتِهِ كالعائدِ في قَيْئِهِ.
3/1613- وعَنْ عُمَرَ بن الخَطَّابِ قَالَ: حَمَلْتُ عَلى فَرَسٍ في سبيلِ اللَّه، فأَضَاعَهُ الَّذي كَانَ عِنْدَه، فَأردتُ أنْ أشْتَريَهُ، وظَنَنْتُ أنَّهُ يَبيعُهُ بِرُخْصٍ، فسَألتُ النبيَّ ﷺ فَقَالَ: لا تَشْتَرِهِ، وَلا تَعُدْ فِي صدَقَتِكَ وإنْ أعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإنَّ الْعَائدَ في صَدَقَتِهِ كَالْعَائِدِ في قَيْئِهِ متفقٌ عَلَيْهِ.
قَالَ الله تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]، وَقالَ تَعَالَى: فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ [البقرة:283].
1/1611- وَعَنْ أَبي هُريرَةَ : أنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قَالَ: مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإذَا أُتبِعَ أحَدُكُمُ عَلى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ متفقٌ عَلَيْهِ.
285- باب كراهة عودة الإِنسان في هبةٍ لَمْ يُسلِّمها إِلَى الموهوب لَهُ، وفي هبةٍ وهبها لولده وسلَّمها أَوْ لم يُسلِّمْها، وكراهة شرائه شَيْئًا تصدَّق بِهِ من الَّذِي تصدَّق عَلَيْهِ، أو أخرجه عن زكاةٍ، أو كفَّارةٍ ونحوها، فلا بأس بشرائه من شخصٍ آخر قد انتقل إليه
2/1612- عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عنْهُما: أنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قَالَ: الَّذِي يعُودُ في هِبَتهِ كَالكَلبِ يرجعُ في قَيْئِهِ متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي روايةٍ: مَثَلُ الَّذي يَرجِعُ في صدقَتِهِ كَمَثلِ الكَلْبِ؛ يَقيءُ ثُمَّ يعُودُ في قَيْئِهِ فَيَأكُلُهُ.
وفي روايةٍ: العائِدُ في هِبَتِهِ كالعائدِ في قَيْئِهِ.
3/1613- وعَنْ عُمَرَ بن الخَطَّابِ قَالَ: حَمَلْتُ عَلى فَرَسٍ في سبيلِ اللَّه، فأَضَاعَهُ الَّذي كَانَ عِنْدَه، فَأردتُ أنْ أشْتَريَهُ، وظَنَنْتُ أنَّهُ يَبيعُهُ بِرُخْصٍ، فسَألتُ النبيَّ ﷺ فَقَالَ: لا تَشْتَرِهِ، وَلا تَعُدْ فِي صدَقَتِكَ وإنْ أعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإنَّ الْعَائدَ في صَدَقَتِهِ كَالْعَائِدِ في قَيْئِهِ متفقٌ عَلَيْهِ.
الشيخ:
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
الحديث الأول مع الآيتين فيما يتعلَّق بمطل الغني، لا يجوز للغني أن يمطل بالحقِّ الذي عليه، فإذا كان عليه دَيْنٌ وطالبه صاحبُه فالواجب أداؤه إذا كان يستطيع؛ لأنَّ الله جل وعلا أوجب أداء الحقوق، فالواجب على المؤمن أن يُؤدي الحقَّ الذي عليه، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا، وإذا كانت الأمانةُ -وهي وديعة- يجب أداؤها، فالحق اللازم الذي هو دَيْنٌ عليك -من ثمن سلعةٍ أو قرضٍ أو نحو ذلك وأنت تستطيع- يجب أداؤه، أما إذا كنتَ مُعسرًا فمثلما قال الله: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280]، أما القادر فيجب عليه الأداء، ومطله ظلم.
وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: لَيُّ الواجد يُحِلّ عرضَه وعقوبتَه.
لَيُّ الواجد يعني: مطله وتأخيره.
يُحِلّ عرضَه وعقوبتَه لصاحب الحق أن يشتكيه، وأن يرفع أمره، ويستحق العقوبةَ حتى يُسلِّم الحقَّ الذي عليه.
وإذا أُتْبِعَ أحدُكم على مَلِيءٍ فليَتْبَعْ يعني: إذا أُحيل فليَحْتَل، إذا أحاله صاحبُ الحق على مَلِيءٍ فليَحْتَل، فأنا ما عندي الآن شيء، ولكن أُحَوِّلك على فلانٍ؛ لأن فلانًا عنده لي مال، وهو مليءٌ، «فليَحْتَل» فليقبل، يعني: إذا حوَّله صاحبُ الحق على إنسانٍ مليءٍ فليقبل، ولهذا قال: فليَتْبَعْ، وفي اللفظ الآخر: فليَحْتَل، أما على معسرٍ فلا، لا بدّ أن يكون على مليءٍ باذلٍ، فإنه يلزمه أن يقبل الحوالة.
والحديث الثاني يدل على تحريم الرجوع في الهبة والصدقة، وأنه لا يجوز للمسلم إذا تصدَّق أو وهب أن يرجع، يقول ﷺ: العائد في هبته كالكلب يَقِيءٌ ثم يرجع في قيئه، يقول لعمر رضي الله عنه لما حمل على فرسٍ في سبيل الله، يعني: أعطاها إنسانًا يُجاهد عليها، فرآه قد تساهل فيها، فظنَّ أنه يبيعها برُخْصٍ، فسأل النبيَّ ﷺ عن ذلك: هل يشتري هذه الفرس التي قد بذلها في سبيل الله وتصدَّق بها؟ قال: لا تَشْتَرِهِ ولو أعطاكه بدرهمٍ، فإنَّ العائد في هبته كالعائد في قيئه، فهذا يدل على أنه إذا ساعد إنسانًا بفرسٍ في سبيل الله أو بعيرٍ في سبيل الله أو سيارةٍ في سبيل الله أو أي صدقةٍ فإنه لا يعود فيها، لا بالشراء، ولا بغير الشراء، شيء أخرجه لله فليقطع تعلُّقه به ما دام أنه قد أخرجه لله، ولا يرجع فيه.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: هل تلزم الحوالة إذا كانت من جنسٍ آخر؟ كأن يكون له مثلًا نقود، وأحاله بغنمٍ فقال: تأخذ من فلانٍ غنمًا؟
ج: ما تلزم، وإنما تلزم إذا أحاله بمثل حقِّه.