514 من: (باب تحريم الخلوة بالأجنبية)

 
باب تحريم الخلوة بالأجنبية
قَالَ الله تَعَالَى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53].
1/1628- وَعَنْ عُقْبَةَ بْن عَامِرٍ عَنْهُ: أنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قَال: إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: أفَرأيْتَ الْحَمْوَ؟ قالَ: الْحَمْوُ المَوْتُ متفقٌ عَلَيْهِ.
2/1629- وَعَن ابنِ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنْهُما: أنَّ رسُول اللَّه ﷺ قَال: لا يَخْلُوَنَّ أحدُكُمْ بِامْرأةٍ إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ متفقٌ عَلَيْهِ.
3/1630- وعن بُريْدةَ قَالَ: قَال رسُول اللَّه ﷺ: حُرْمةُ نِساءِ المُجاهِدِينَ علَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمةِ أمَّهاتِهمْ، مَا مِنْ رجُلٍ مِن الْقَاعِدِين يَخْلُفُ رجُلًا مِنَ المُجاهدينَ في أهلِهِ، فَيَخُونُهُ فِيهِم إلَّا وقف لهُ يَوْمَ الْقِيامةِ، فَيأخُذُ مِن حسَناتِهِ مَا شَاءَ حَتَّى يَرضى، ثُمَّ الْتَفت إليْنَا رسُولُ اللَّه ﷺ فَقَالَ: مَا ظَنُّكُمْ؟ رواهُ مسلم.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة في تحريم الخلوة بالأجنبية، وثبت عن النبي ﷺ ما يدل على تحريم ذلك، وما ذلك إلا لأنه وسيلة إلى نزغات الشيطان، وسيلة إلى الجريمة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: لا يخلونَّ رجلٌ بامرأةٍ إلا مع ذي محرمٍ.
وروى أحمد في "المسند" بإسنادٍ صحيحٍ عن عمر ، عن النبي ﷺ أنه قال: لا يخلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ، فإنَّ الشيطان ثالثهما، وقال عليه الصلاة والسلام: إيَّاكم والدخولَ على النساء، قال له رجل: يا رسول الله، أرأيتَ الحمو؟ قال: الحمو الموت يعني: خطر عظيم، الحمو: كالأخ، والعم، وابن العم، وابن الأخ؛ لأنه قد تتساهل معه المرأة ولا تتحجب ولا تُبالي فيطمع فيها.
فالمقصود أنَّ الخلوة بالأجنبية مطلقًا لا تجوز، ولو كان حموًا، ولو كان أخاه، أو عمه، أو ابن عمه، ليس لها ذلك حتى يكون معهم ثالث، من امرأةٍ أو رجلٍ ثالثٍ تزول به الفتنة والتهمة.
وفي الحديث الثالث يقول ﷺ: حُرمة نساء المجاهدين على غيرهم كحُرمة أمهاتهم يعني: الحرمة شديدة، فكونه يخرج للجهاد في سبيل الله ثم يخلفه أحدٌ في أهله بسوءٍ فهذا من أقبح السيئات، ومن أقبح القبائح، ولهذا قال: كحُرمة أمهاتهم، فما من رجلٍ يخون أحدًا من المجاهدين في أهله إلا وُقِف له يوم القيامة حتى يأخذ من حسناته ما شاء، ثم التفت إلى الصحابة فقال: ما ظنُّكم؟ يعني: ما ظنكم؟ هل يُبقي له شيئًا مع حنقه عليه وغضبه؟ ما يُبقي له شيئًا، يأخذ ما أمكنه من حسناته، مع ما هو مُتوعَّدٌ به من العذاب على هذه الجريمة.
فالواجب الحذر من الخلوة، ولا سيَّما بنساء الغُيَّاب للجهاد أو لطلب العلم أو نحو ذلك، فإنَّهم أحقّ بأن يُحترموا وأن يُقَدَّروا؛ لعمل أزواجهم الطيب من جهادٍ وطلب علمٍ ونحو ذلك، وهذا شيءٌ معروفٌ، فإنَّ الخلوة لها خطر عظيم، فالشيطان يُزين للخالي أنه: في إمكانك أن تفعل كذا وتفعل كذا، ويُزين للمرأة أنه: في إمكانها أن تفعل كذا، ولا يعلم زوجها، ولا يعلم أحدٌ من أقاربها، حتى يُوقع الشيطانُ الفتنة.
فالواجب على الجميع الحذر من الرجال والنساء، الواجب على المرأة الحذر، والواجب على الرجل الحذر من ذلك.
ومن هذا ركوب المرأة مع السائق وحدها في ذهابها هاهنا وهاهنا، فإنها خلوة، وقد يُزين الشيطانُ للسائق أن يذهب بها إلى جهاتٍ كثيرةٍ: إلى فنادق، أو إلى غيرها.
فالمقصود أنَّ الخلوة مطلقًا مع السائق أو مع غير السائق من الحمو أو غير الحمو لا تجوز، أما إذا كان معهم ثالث أو رابع تزول الخلوة في غير السفر، أما في السفر فلا، فليس للمرأة أن تُسافر إلا مع ذي محرمٍ مُطلقًا.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: في بعض الدول الإسلامية يظن النساء أنَّ الحجاب هو تغطية الرأس مع الأذن والذقن، فما توجيهكم لهن؟
ج: الحجاب تغطية البدن كله، قال الله جل وعلا: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، تغطية الرأس والوجه والبدن كله، هذا هو الحجاب، فقد رُخِّص لهنَّ في أول الإسلام في عدم الحجاب، فكانت المرأة تجلس مع الرجل وتكلمه وهي كاشفة، ثم أمر الله بالحجاب في الوجوه وغيرها، كما قالت عائشة رضي الله عنها لما وقعت وقعةُ الإفك ومرَّ عليها صفوان وهي في محلها الذي فارقها فيه القوم، قالت: "فلما رآني عرفني، وقد كان رآني قبل الحجاب، فخمَّرتُ وجهي".
المقصود أن المرأة كانت قبل الحجاب تكشف وتُكلِّم الرجل، وتجلس مع الرجال وتُخاطبهم، ثم أنزل الله آية الحجاب، وهي قوله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] فأُمرن بالحجاب، ومُنعن من الكشف؛ لأنَّ ذلك فيه خطر وفتنة، والحجاب فيه ستر وعافية وبُعْدٌ عن الشر، ولله الحكمة البالغة ، وهو الحكيم العليم جلَّ وعلا.
س: هناك من العلماء مَن يقول أنَّ الوجه ليس من العورة؟
ج: هذا قول ضعيف مرجوح، هذا غلط.
س: ويستدلون ببعض الأحاديث؟
ج: لا، حديث لا تنتقب المرأة هذا في المُحْرِمَة، فإنها لا تنتقب وتلبس النقاب الذي تظهر منه العينان، لكنها تستر وجهها بغير النقاب، قالت عائشة رضي الله عنها: "كن إذا مرَّ بنا الرجالُ ونحن مع النبي في حجة الوداع سدلت إحدانا خمارها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه"، فالمرأة منهية عن الحجاب بالبرقع الذي تبدو منه العينان، وهو النقاب، أما ستره بغير ذلك فلا بأس، مثلما أنَّ المرأة منهية عن القفازين في يديها، وتستر يديها بغير القفازين: بالعباءة أو بالجلباب، والرجل منهيٌّ عن ستر بدنه بالقميص، ويستر بدنه بالإزار والرداء، ولا يستره بالقميص ولا بالسّراويل.
س: حديث نساء الأنصار: كأنهنَّ الغربان هل يُستدل به في هذا الباب؟
ج: نعم من هذا الباب، لكن ليس بالصريح.
س: عندنا هناك يستحيل أن تلبس النساءُ النقابَ، فهل عندكم نصيحة لهن؟
ج: نسأل الله أن يهدينا وإياهم، هناك رسالة في الحجاب لنا ولشيخ الإسلام ابن تيمية وللشيخ محمد بن صالح العثيمين وغيرهم، فهناك رسائل في الحجاب، نُعطيهم منها؛ إن شاء الله.
س: إذا كان المَحْرَمُ لا يخاف الله فهل يجوز أن يخلو بمحرمه؟
ج: الأصل الجواز، لكن إذا كانت تخشى منه لا تخلو به، إذا كان قليل الدين أو معدوم الدين لا تخلو به، ما يجوز، هذه العلة موجودة؛ نسأل الله العافية.
س: إذا كان نفسُ الحجاب فاتنًا هل تأثم المرأةُ بأنها فتنت الرجال؟
ج: على كل حال مثلما قال الله: وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33]، فالمرأة مأمورةٌ بالحجاب، ومأمورة بعدم الزينة والتَّبرج الذي يفتن، وعليها أن تلبس اللباس العادي، لا تفتن الرجال.
س: الآن يعملون عبايات ويكتبون عليها اسم المرأة؟
ج: هذا غلط، هذه فيها نظر وفتنة.
س: من الشهرة؟
ج: ما يصلح هذا، فيها فتنة، ما يجوز؛ لأنَّ هذا معناه أنها تُعرِّف الناسَ الذين يمرون بها.
س: مصافحة المرأة الأجنبية من أجل المصلحة؟
ج: لا، ما يجوز مصافحة النساء، لكن يُكلِّمها بغير مصافحةٍ، يقول النبي ﷺ: إني لا أُصافح النساء، وتقول عائشة رضي الله عنها: "والله ما مسَّت يدُ رسول الله يدَ امرأةٍ قط، ما كان يُبايعهن إلا بالكلام".
س: التسليم عليهن؟
ج: بالكلام: السلام عليكم، فالنبي ﷺ مرَّ على النساء فسلَّم عليهنَّ ...........
س: مَن منع السلام على الشابة؟
ج: لا، ما له أصل، لا بأس به، لكن دون مصافحةٍ.
س: بعض النساء هناك عندهم شدة في الإسلام ويسألون، وهم في الأصل لا يلبسون حجابًا ولا نقابًا؟
ج: هذا ما عاشوا عليه، مساكين، عاشوا في جاهليةٍ.
س: هل يمكن أن تبدأ بالحجاب ثم النقاب، فلا يُقال لها من البداية: النقاب واجب؟ ماذا تقول لها: الحجاب أولًا أم النِّقاب؟
ج: الحجاب هو النقاب، لكن النِّقاب سُمِّي نقابًا لأنه تُنقب فيه العينان.
س: ما أدنى وقت للاعتكاف؟
ج: ليس هناك حدٌّ محدود، لا أقله ولا أكثره، لم يرد في الشرع تحديدٌ.
س: هناك مَن يقول: ساعة؟
ج: ما فيه دليل، ما في شيء أقل من ساعة؟! هذا من باب التمثيل يعني.
س: مَن أراد قضاء الاعتكاف في شوال؟
ج: ما فيه بأس، فعله النبيُّ ﷺ، إذا تيسَّر وأحبَّ الاعتكاف، وليس هو بلازم، فهي كلها سنة.
س: قول مالك: "ما كان عندنا في أهل المدينة معروف الاعتكاف، إلا محمد بن أبي بكر وواحد"؟
ج: مالك عالم من العلماء، ما هو بحجة، الحجة قال الله، قال رسوله.
س: طيب، عمل أهل المدينة ما هو بحجة؟
ج: لا، ليس عمل أهل المدينة حجةً، ولا عمل أهل مكة حجة، ولا عمل أهل الشام حجة، ولا عمل أهل نجد حجة، الحجة قال الله، قال رسوله.