307 من: (باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم ..)

 
165- باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم وإظهار الافتقار إِلَى الله تَعَالَى والتَّحذير من الغفلة عن ذلك
1/955- عَن ابْنِ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: أَنَّ رسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لأَصْحَابِهِ -يَعْني: لمَّا وَصلُوا الحِجْرَ دِيَارَ ثمُودَ: لا تَدْخُلُوا عَلى هَؤُلاءِ المُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا باكِين فَلا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، لا يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ متفقٌ عليه.
وفي روايةٍ: قَالَ: لمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالحِجْرِ قَالَ: لا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ، إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، ثُمَّ قَنَّع رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَجَازَ الوَادِي.

الشيخ:
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فهذا الحديث وما جاء في معناه فيه التَّحذير من الدخول على مواضع العذاب، أو الجلوس مع أهل الشر، أو السّكنى معهم؛ لئلا يُصيب الإنسان ما أصابهم، فينبغي للمؤمن أن يتحرَّى في سكنه وإقامته وصحبته الأخيار؛ حتى يقتدي بهم في الخير، ويسير على نهجهم، ويحذر جُلساء الشر، ورفقة أهل الشر، والسّكنى مع أهل الشر؛ لئلا تعمّه العقوبة.
ولما سافر ﷺ إلى تبوك لغزو الروم ومرَّ على ديار ثمود أسرع في السير وقنَّع رأسه –يعني: رفع رأسه- وتوجَّه إلى الطريق الذي يُخرجه من بين مساكنهم، وقال: لا تدخلوا على هؤلاء المعذَّبين إلا أن تكونوا باكين؛ لئلا يُصيبكم ما أصابهم، والمعنى: بكاء حذر وخوف وحزن على ما أصرَّ عليه هؤلاء حتى أصابهم العذاب، فإن قوم صالح -وهم ثمود- أصروا على الكفر بالله، وكذَّبوا صالحًا، وتوعدوه بالقتل، وعقروا الناقة، فأحلَّ الله بهم عذابه: صيحة عظيمة قطعت قلوبهم، وجعلتهم حصيدًا في بلادهم، صيحة ورجفة، لما كذَّبوا رسولَهم، وعقروا الناقة التي جعلها الله له آية.
فالواجب على المؤمن أن يحذر أعمالَ هؤلاء، وصفاتهم الذَّميمة، وأخلاقهم القبيحة، وأن يحذر السّكنى مع الظالمين، والصّحبة لهم.
نسأل الله السّلامة والعافية.