310 من: (باب آداب السير والنزول والمبيت والنوم في السفر..)

168- باب آداب السير والنزول والمبيت والنوم في السفر واستحباب السُّرَى والرِّفق بالدَّواب ومُراعاة مصلحتها وأمر من قصَّر في حقِّها بالقيام بحقِّها وجواز الإرداف عَلَى الدَّابة إِذَا كانت تُطيق ذلك
1/962- عن أَبي هُرَيْرَة قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا سافَرْتُم فِي الخِصْبِ فَأَعْطُوا الإِبِلَ حظَّهَا مِنَ الأَرْضِ، وإِذا سافَرْتُمْ في الجَدْبِ فَأَسْرِعُوا عَلَيْهَا السَّيْرَ، وَبادروا بِهَا نِقْيَهَا، وَإذا عرَّسْتُم فَاجْتَنِبُوا الطَّريقَ، فَإِنَّهَا طُرُقُ الدَّوابِّ، وَمأْوى الهَوامِّ باللَّيْلِ رواه مسلم.
2/963- وعن أَبي قَتَادةَ قَالَ: كانَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ إِذا كانَ فِي سفَرٍ فَعَرَّسَ بلَيْلٍ اضْطَجَعَ عَلى يَمينِهِ، وَإِذا عَرَّس قُبَيْلَ الصُّبْحِ نَصَبَ ذِرَاعَهُ وَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلى كَفِّه. رواه مسلم.
3/964- وعنْ أَنسٍ قَال: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ، فَإِنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيلِ رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسنٍ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث وما جاء في معناها تُبين شيئًا من آداب السفر: فالرسول ﷺ بعثه الله للدعوة إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ودعوة الأمة إلى كلِّ ما ينفعها في دينها ودُنياها، فقد جاء بكلِّ ما ينفعها في الدين والدنيا، ونهاها عمَّا يضرها في دينها ودُنياها، ومن ذلك آداب السفر.
يأمر ﷺ المسافر إذا كان في خِصْبٍ أن يُعطي الإبلَ حقَّها من الأرض، فالإبل في حاجةٍ إلى الرَّعْي، فلا يُسرع عليها، بل يدعها ترعى، ويكون لها وقتٌ وللسير وقت، أو يمشي بالهون حتى ترعى وتمشي فتأخذ حظَّها من الخصب، وإذا كان في الجدب فالسنة الإسراع؛ حتى يُبادر بها نقيها –يعني: مخّها- حتى تسلم من التعب وتأتي إلى محل الراحة قبل ذهاب القوة.
وكان إذا عرَّس بالليل نام على جنبه الأيمن، وكان ينام على جنبه الأيمن أول ما ينام عليه الصلاة والسلام، ويضع يده تحت خده الأيمن، وإذا عرَّس بعد الفجر نصب ذراعه، وجعل رأسه على كفِّه، والظاهر -والله أعلم- حتى لا يقع النوم لكون الوقت قصيرًا.
المقصود أن السنة للإنسان إذا استراح بعد تهجده بالليل أن يكون على يمينه، كما كان النبي إذا فرغ من تهجده اضطجع على شقه الأيمن للراحة عليه الصلاة والسلام، وإن كان الوقت قصيرًا واستطاع أن يكون على يده، فعليه أن ينصب يده مثلما فعل ﷺ إذا عرَّس لقرب الفجر.
وكذلك النَّهي عن النوم في الطرق، والنزول فيها، وأنه إذا نزل يكون في جانب الطريق، لا في الطريق، فالطريق محل الدواب، محل الهوام، فلا ينبغي النزول فيه، ولكن ينزل عن يمينه، أو شماله، أو غربه، أو شرقه، حتى لا يتعرض لأخطار الطريق.
وكذلك يُستحب الدّلجة في الليل، وكونه يغتنم أوقات النشاط، كما في الحديث الآخر: عليكم بالغدوة والرّوحة وشيء من الدُّلجة، فالمسافر يغتنم أوقات نشاطه ونشاط مركوبه، والليل فيه براد، وفيه نشاط، فإذا استغله بزيادة السير كان ذلك أصلح.
وقال ﷺ: إنَّ الأرض تُطْوَى، والظاهر -والله أعلم- أنَّ المراد أنَّ السير فيها يكون مُيَسَّرًا لوجود البراد وعدم الشمس، فالدَّابة تستريح، والراكب يستريح، فيسير السير الكثير ولا يحسّ بالتعب، كأنها طُويت له الأرض، والله جلَّ وعلا أعلم سبحانه.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: نصب اليد عند قرب الفجر هذا خاصّ بالسفر أو في كلّ ..؟
ج: حتى في الحضر كان ينام على شقه الأيمن، فإذا كان الوقت قصيرًا وأراد أن يستريح ويستطيع أن ينام على شقِّه الأيمن فعل؛ لأنَّ هذا أقرب إلى ألا ينام، لكن لا يستطيع الكل أن ينام على اليد، لكن مَن استطاع فحسنٌ إذا كان الوقت قصيرًا.
س: الآن مشي الليل فيه خطورة في السيارات وخطورة في كثرة الدّواب والإبل؟
ج: على كل حال، الرسول ﷺ أخبر عن زمانه، فإذا صارت في الطريق خطورة يترك الخطورة، فمراد النبي ﷺ الشيء الذي ما فيه خطورة، فإذا جاء في طريقٍ فيه خطورة يتجنبه.
س: ما معنى عرَّس؟
ج: نزل آخر الليل، التعريس: النزول آخر الليل.
س: الدُّلجة خاصَّة بالدابة أم عامَّة؟
ج: الظاهر أنها عامَّة، ........... الأرض تُطوى، فيحسن للإنسان السير في الليل، وهذا مجرَّب، فالسير في الليل سهلٌ على النفوس، خفيفٌ، يقطع مسافةً طويلةً ولا يشعر بالتَّعب، في الغالب يكون برادًا وهدوءًا.