115 من حديث: (إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم ..)

 
4/315- وعن أبي هريرة قال: قال رسولُ اللَّه ﷺ: إِنَّ اللَّه تَعَالى خَلَقَ الخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قال: فذَلِكَ لَكِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22- 23] متفقٌ عَلَيهِ.
وفي روايةٍ للبخاري: فَقَالَ اللَّه تَعَالَى: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، ومَنْ قَطَعَكِ قطَعْتُهُ.
5/316- وعنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى رسولِ اللَّه ﷺ فقال: يا رسول اللَّه، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتي؟ قَالَ: أُمُّك، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أَبُوكَ متفقٌ عَلَيهِ.
وفي روايةٍ: يَا رسول اللَّه، مَنْ أَحَقُّ بِحُسْن الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثمَّ أَباكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ.
"والصَّحابة" بمعنى "الصُّحبةِ".
وقوله: ثُمَّ أباكَ هَكَذا هُوَ منصوبٌ بفعلٍ محذوفٍ، أي: ثُمَّ برَّ أَباك، وفي روايةٍ: ثُمَّ أَبُوكَ، وهذا واضِحٌ.
6/317- وعنه ، عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: رَغِم أَنْفُ، ثُم رَغِم أَنْفُ، ثُمَّ رَغِم أَنف مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ -أَحدَهُمَا أَوْ كِليهما- فَلمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ رواه مسلم.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث كالتي قبلها فيما يتعلق بوجوب برِّ الوالدين وصلة الرحم، فبرُّ الوالدين من أهم الواجبات، وصلة الرحم كذلك من أهم الواجبات، والعقوق والقطيعة من أقبح المنكرات، ومن أكبر الكبائر، فالواجب على كل مسلمٍ من الرجال والنساء بِرّ الوالدين وصلة الرحم، والحذر من العقوق والقطيعة، عملًا بالأدلة القرآنية والأحاديث النبوية، يقول الله جل وعلا: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23] كما تقدَّم، ويقول سبحانه: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ الآية [النساء:36].
وفي هذا الحديث الصحيح -حديث أبي هريرة- يقول ﷺ: لما خلق الله الخلقَ قامت الرَّحِمُ وقالت: هذا مقام العائِذ بك من القطيعة يعني: قامت بين يدي الله، وأنطقها الله، تقول: هذا مقام العائذِ بك من القطيعة، فقال: ألا ترضينَ أن أصل مَن وصلك، وأقطع مَن قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لكِ، وفي اللفظ الآخر: مَن وصلك وصلتُه، ومَن قطعَكِ بَتَتُّه، هذا يدل على وجوب الصلة، وأنَّ الصلة من أسباب وصل الله العبد بكل خيرٍ، ومن توفيق الله له، وأنَّ القطيعة من أسباب قطع الله له، فالواجب الحذر من قطيعة الرحم، والحذر من عقوق الوالدين.
الحديث الثاني
قال رجل: يا رسول الله، مَن أحقُّ الناس بحُسن صُحبتي؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أبوك، وفي اللفظ الآخر: مَن أبرّ يا رسول الله؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب، فذكر الأمَّ ثلاث مرات، والأب في الرابعة؛ لعظم حقِّها.
وفي الحديث الصحيح: إنَّ الله حرَّم عليكم عقوقَ الأُمَّهات، ومنعًا وهات، ووأد البنات.
وفي الحديث الصحيح يقول النبيُّ ﷺ: ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متَّكئًا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يُكررها حتى قلنا: ليتَه سكت.
الحديث الثالث
كذلك يقول ﷺ: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف مَن أدرك أبويه -أحدهما أو كليهما- فلم يُدْخِلاه الجنَّة يعني: مات عاقًّا لهما، وقد قال الله جلَّ وعلا: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا الآية [الإسراء:23]، ومعنى رغم: أرغم الله أنفه، يعني: ألصقه بالرّغام، وهو التُّراب، وهو دعاء عليه بالخيبة.
فالواجب على كل مؤمنٍ ومؤمنةٍ العناية بأمر الوالدين، وأن تُخصّ الأم بمزيد عنايةٍ؛ لعظيم تعبها ومشقَّتها على هذا الولد: في حمله، ورضاعه، وتربيته، فمشقَّتها أعظم من مشقة الأب، ولهذا صار حقُّها أعظم، فالواجب على الولد أن يعتني بهما جميعًا، وأن يخُصَّ الوالدة بمزيد عنايةٍ في برِّها.
وزوجة الأب ليس لها حقّ الأم، زوجة الأب لها الصلة من باب الإكرام، يعني: تقديرًا للأب، من باب مُراعاة خاطر الأب؛ لأنَّها من باب إكرام صديق الأب، لما قال رجلٌ: يا رسول الله، هل بقي من برِّ أبويَّ شيءٌ أبرّهما؟ قال: نعم، إنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا تُوصَل إلا بهما، فإكرام صديقهما من برِّهما، والزوجة من أصدقاء الأب، وزوجة الجد، وزوجة الابن، وزوج الأم كذلك إكرامه من برِّ الأم.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: والد أوصى في وصيته لأبنائه بأن يُضحُّوا له كل سنةٍ، فمضت أيام التَّشريق في إحدى السنوات ولم يُضحّوا، فما الواجب عليهم؟
ج: يعني: هو الذي أوصى به؟
س: نعم.
ج: يذبحوها ولو بعد العيد.
س: هل عليهم التوبة؟
ج: نعم، عليهم التوبة إذا كانوا تعمَّدوا، حتى ولو من مالهم .............. لو تصدَّق عنه بذبيحةٍ في أي وقتٍ، تصدَّق بها على الفقراء فله أجر.
س: إذا لم يكن له مالٌ وإنما أوصى الأولاد أن يذبحوا؟
ج: إذا تيسر لهم.
س: يعني ما هو واجب؟
ج: لا، ما هو واجب: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ۝ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:14- 15]، فمع كونهما جاهداه في الشرك قال الله له: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا بالإحسان إليهما وبرّهما، وإن كانا مشركين، فلعل الله يهديهما بسبب برّه لهما، والإحسان إليهما، والرفق بهما، لعلهما ولعلهما.
س: رواية أبي داود: فمَن هجر أخاه فوق ثلاثٍ فمات دخل النار هل هي ثابتة؟
ج: ما أدري والله، ما أعرف حالها.
س: الرواية التي في مسلم: إذا ولغ الكلبُ في الإناء فاغسلوه سبع مراتٍ، وعَفِّروه الثامنة بالتُّراب، كيف الجمع بينها وبين الرِّوايات الأُخرى؟
ج: الثامنة يعني: بالنسبة إلى التراب هو الثامن، وإلا فهي سبع ثامنها التراب، يُضمّ إلى إحدى الغسلات.
س: يكون في الأُولى؟
ج: أَولى في الأُولى؛ لرواية أبي هريرة: أولاهنَّ بالتراب، وذلك أحسن؛ لأنه خبيثٌ .................
س: روث الكلب وبوله؟
ج: أشدّ من الريق.