120 من حديث: (إن آل بني فلان ليسوا بأوليائي إنما وليي الله وصالح المؤمنين..)

 
19/330- وعن أَبي عبداللَّه عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما قَالَ: سمعتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ جِهارًا غيْرَ سِرٍّ يَقُولُ: إِنَّ آلَ بَني فُلانٍ لَيسُوا بأَوْلِيائي، إِنَّما وَلِيِّي اللَّهُ وصالحُ المُؤْمِنِين، ولَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أَبُلُّها بِبِلالِها مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، واللَّفظُ للبُخاري.
20/331- وعن أَبي أَيُّوب خالدِ بن زيدٍ الأنصاري : أَنَّ رجلًا قَالَ: يَا رسولَ اللَّه، أَخْبِرْني بِعملٍ يُدْخِلُني الجنَّةَ، وَيُبَاعِدني مِنَ النَّارِ، فقال النبيُّ ﷺ: تعبُدُ اللَّه وَلا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وتُؤتِي الزَّكاةَ، وتَصِلُ الرَّحِم متفقٌ عَلَيهِ.
21/332- وعن سَلْمان بن عامرٍ ، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: إِذا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ، فَإِنَّهُ بركَةٌ، فَإِنْ لَمْ يجِد تَمْرًا فَالماءُ، فَإِنَّهُ طهُورٌ، وَقالَ: الصَّدقَةُ عَلَى المِسْكِينِ صدقَةٌ، وعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ وصِلَةٌ رواه الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في التَّرغيب في صلة الرحم والحثِّ عليها ولو لم يكونوا مسلمين، فإن صلة الرحم قد تُسبب دخول الكافر في الإسلام، وقد يكون فيها تأليفٌ لقلبه كما تقدَّم في حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها، قالت: يا رسول الله، إنَّ أمي قدمت عليَّ من مكة حال الهدنة وهي كافرة، تريد أن أصلها، قال النبي ﷺ: صِلِيها يعني: صلي أمك بالمال بالمعروف، وهكذا قوله جل وعلا في الكافِرَيْنِ لولدهما: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15].
والله جعل للمؤلفة قلوبهم حقًّا في الزكاة وفي بيت المال، من باب الدعوة إلى الله والترغيب في الإسلام والاستقامة عليه، ولهذا يقول ﷺ في حديث عمرو بن العاص : إنَّ آل أبي فلانٍ ليسوا بأوليائي، إنما وليي الله وصالح المؤمنين، غير أنَّ لهم رَحِمًا سأَبُلّها ببلالها، مثلما تقدَّم في نذارته لقريش وغيرهم: إلا أنَّ لهم رَحِمًا سأَبُلها ببلالها يعني: سأصلها بصلتها، فصلة الرحم بمنزلة إطفاء الحرارة، فالشيء الذي فيه حرارة يُبَلّ حتى تطفأ حرارته أو يلين، فهكذا الصدقة تُطفئ الحرارةَ وتُلين القلوبَ، والصلة كذلك.
فينبغي للمؤمن أن يحرص على صلة الرحم حتى مع أقاربه الكفار إذا لم يكونوا حربًا لنا، بيننا وبينهم هدنة وأمان، فإنهم يُوصَلون، كما كان عمرُ يصل أقاربه في مكة في وقت الهدنة، وكما وصلت أسماءُ بنت أبي بكرٍ رضي الله عنهما أمَّها وهي كافرة في حال الهدنة، والله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8]، فإذا كان بيننا وبينهم هدنة فلا بأس أن نبرّهم ونصلهم رجاء أن يهديهم الله، ورجاء أن يجعل اللهُ في قلوبهم محبةَ الخير والإيمان.
فالحاصل أن السنة للمؤمن أن يحرص على صلة الرحم، بل هي واجبة من واجبات الإسلام، والقطيعة من المحرَّمات.
الحديث الثاني
ويقول ﷺ لما سأله الرجلُ عن عملٍ يُدخله الجنةَ: تعبد الله ولا تُشرك به شيئًا، وتُقيم الصلاة، وتُؤتي الزكاة، وتصل الرحم، فجعل صلة الرحم من أسباب دخول الجنة، كما أنَّ قطيعتها من أسباب دخول النار: لا يدخل الجنةَ قاطعُ رحم، وقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22- 23]، وقال عليه الصلاة والسلام: مَن أحبَّ أن يُبْسَط له في رزقه، وأن يُنْسَأ له في أجله؛ فَلْيَصِلْ رحمَه.
الحديث الثالث
وفي حديث سلمان بن عامر يقول النبيُّ ﷺ: إذا أفطر أحدُكم فليُفْطِر على تمرٍ، فإنَّه بركةٌ، فإن لم يجد فعلى ماءٍ، فإنه طهور، وهذا يدل على استحباب الفطر على التمر، إلا إذا وجد رطبًا فالرطب أفضل، وكان النبيُّ ﷺ يُفْطِر على الرّطب، فإن لم يجد أفطر على تمراتٍ، فإن لم يجد حسا حسواتٍ من ماء.
ثم قال: الصدقةُ على الفقير صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان: صدقة وصِلَة، فإذا تصدَّق على قريبه أو أهدى إلى قريبه صار فيها فائدتان: صلة الرحم، ومُواساة الفقير والإحسان إليه، وإذا كان أجنبيًّا كانت صدقةً فقط، فالصدقة على الأقارب فيها اثنتان: صدقة، وصلة، صلة الرحم والتَّقرب إلى الله بمُواساة الفقير.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: مَن له رَحِمٌ ويستغيث بالقبور هل يزوره؟
ج: إذا كان في وقت أمانٍ وليس بيننا وبينهم حربٌ يُعلِّمه الدِّين وينصحه.
س: رجل مسلم يزور القبورَ له رَحِم؟
ج: ينصحه، لا يتَّخذه صاحبًا، ينصحه ويُعلِّمه الدين.
س: رجل عمل حادثًا: صدم سيارةً، وكلفت السيارة تقريبًا عشرة آلاف أو ثلاثة عشر ألفًا، فهل يجوز أن ندفع له الزكاة؟
ج: نعم إذا كان فقيرًا.
س: هو يأخذ راتبًا لكن عنده عائلة؟
ج: إذا كان فقيرًا وراتبه ما يكفيه يتصدَّق عليه.
س: لأجل أنَّ هذا ظرف طارئ؟
ج: إذا كان فقيرًا لا يستطيع يُعْطَى.
س: يقول أحد أرحامي: لا يكفيني سلامك، وإنما أن تقبل عزيمتي، ولا أستطيع أن أُلَبِّي عزيمته أو دعوته، فهل أكون واصِلًا أم قاطعًا؟
ج: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، إن استطعت فقبول العزيمة من صلة الرحم، وتلبية الطلب من صلة الرحم، وإجابة الدعوة من صلة الرحم، إلا إذا حال حائلٌ من مرضٍ أو سفرٍ ............. أو يستحق الهجر؛ فتُعلمه العلَّة التي تمنعك من صلته.
س: إذن السفر مُعَوِّق؟
ج: ما فيه شك.
س: يُشترط تبييت النية في صيام ستٍّ من شوال؟
ج: نعم، حتى يكون أفضل، وإلا لو صام من أثناء النهار لا بأس، لكن ما يكون صومه كاملًا إلا إذا بيَّت النيةَ، صام يومًا كاملًا، وإلا يكون صومه ناقصًا إذا صام أثناء النهار.
س: درجة حديث: سلمان بن عامر؟
ج: صحيح.
س: رجل جبان يخاف من الحيوانات والحشرات، ومن الليل، فهل يسقط عنه الجهاد؟
ج: لا، إذا كان مع إخوانه المجاهدين تشجَّع إن شاء الله، فلا يترك الجهاد، وعليه أن يذهب مع إخوانه.
س: معاملة الزيارة بالمثل: بعضهم يقيس على أنهم إذا زاروه زارهم؟
ج: يقول النبيُّ ﷺ: ليس الواصِلُ بالمكافئ، ولكن الواصلَ الذي إذا قطعت رحمُه وصلها، هذا الواصل الذي لا يُكافئهم يقول: ما جاءوني فلستُ آتيهم، لا، يذهب إليهم، ويُحسِن إليهم ولو قطعوه، ولو أساؤوا، هكذا الكمال.