126 من: ( باب إكرام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان فضلهم)

43- باب إكرام أهل بيت رَسُول الله ﷺ وبيان فضلهم
قَالَ الله تَعَالَى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب:33]، وَقالَ تَعَالَى: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32].
346- وعن يزيد بن حيَّانَ قَالَ: انْطلَقْتُ أَنا وحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ وعمْرُو بن مُسْلِمٍ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ، فلَمَّا جَلَسْنا إِلَيهِ قَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: لَقَد لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا: رَأَيْتَ رسولَ اللَّه ﷺ، وسَمِعْتَ حَدِيثَهُ، وغَزَوْتَ مَعَهُ، وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ، لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا، حَدِّثْنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رسولِ اللَّه ﷺ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، واللَّهِ لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي، وقَدُم عَهْدي، ونَسِيتُ بعْضَ الَّذِي كنتُ أَعِي مِنْ رسولِ اللَّه ﷺ، فَمَا حَدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُوا، وَمَا لا فَلا تُكَلِّفُونِيهِ، ثُمَّ قَالَ: قام رَسُولُ اللَّه ﷺ يَوْمًا فِينَا خطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مكَّةَ وَالمَدِينَةِ، فَحَمِدَ اللَّه، وَأَثْنَى عَليْه، ووعَظَ، وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بعْدُ، أَلا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رسولُ ربِّي فَأُجِيبَ، وأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلهُما كِتابُ اللَّهِ، فِيهِ الهُدى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتابِ اللَّه، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ، فَحثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّه، ورغَّبَ فِيهِ، ثمَّ قَالَ: وأَهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّركم اللَّه في أهلِ بَيْتي، أُذكِّرُكم اللَّه في أهل بيتي، فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: ومَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زيْدُ؟ أَلَيْسَ نساؤُه مِنْ أهلِ بيتهِ؟ قَالَ: نساؤُه منْ أهلِ بيتِهِ، وَلَكِن أَهْل بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدقَة بعْدَهُ، قَال: ومَنْ هُم؟ قَالَ: هُمْ آلُ عليٍّ، وآلُ عَقِيلٍ، وآلُ جَعْفَر، وَآلُ عبَّاسٍ، قَالَ: كُلُّ هؤلاءِ حُرِمَ الصَّدقَةَ؟ قَالَ: نعَمْ. رواه مسلم.
وفي روايةٍ: أَلا وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْن: أَحدهما كِتَابُ اللَّه، وَهُو حَبْلُ اللَّه، مَنِ اتَّبَعه كَانَ عَلَى الهُدى، ومَنْ تَرَكَهُ كانَ عَلَى ضَلالَةٍ.
2/347- وعَن ابنِ عُمرَ رضي اللَّه عنهما، عن أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيق -مَوْقُوفًا عَلَيْهِ- أَنَّهُ قَالَ: "ارْقُبُوا مُحَمَّدًا ﷺ في أَهْلِ بَيْتِهِ" رواه البخاري.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف والأثر الموقوف على الصديق كلها تدل على وجوب احترام أهل البيت، والإحسان إليهم، وهم: زوجاته رضي الله عنهن، وبنو هاشم من جهة النسب، هؤلاء هم أهل بيته عليه الصلاة والسلام، فالواجب الإحسان إليهم، وإكرامهم، ومُواساتهم، فالله حرَّم عليهم الزكاة، فالواجب أن يُعطوا من بيت المال ما يقوم بحالهم إذا كانوا فُقراء، وأن يُحْسَن إليهم، وأن يُكَفَّ الأذى عنهم؛ لقوله جل وعلا: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب:33]، ولقوله ﷺ: إني تاركٌ فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، مَن تمسَّك به كان على الهدى، ومَن تركه كان على الضَّلالة، ثم قال: وأهل بيتي، أُذكركم الله في أهل بيتي، فهذا يدل على وجوب العناية بهم، والإحسان إليهم، وكفّ الأذى عنهم؛ لأن الرسول ﷺ أوصى بهم، فإكرامهم من إكرامه، والإحسان إليهم من الإحسان إليه عليه الصلاة والسلام، إلا ما شرع الله من إقامة الحدود وغير هذا مما يجب عليهم وعلى غيرهم، وإلا فالواجب الإحسان إليهم، والعفو عن زلة الكثير منهم، والتي يمكن العفو عنها في حقِّ بعض المخلوقين، فإذا عفا عنهم وصفح فله أجرٌ عظيمٌ، أما ما يتعلق بحدود الله فهي تُؤخَذ منهم ومن غيرهم مثلما قال ﷺ: إنما أهلك مَن كان قبلكم أنَّهم كانوا إذا سرق فيهم الشَّريفُ تركوه، وإذا سرق فيهم الضَّعيفُ أقاموا عليه الحدّ، وايم الله، لو أنَّ فاطمة بنت محمدٍ سرقت لقطعتُ يدها، فما يجب من حقوق الله يجب عليهم وعلى غيرهم، ولكن الإحسانَ إليهم وكفّ الأذى عنهم ومُواساة فقيرهم هذا هو الواجب على أهل الإسلام والإيمان حول أهل بيته، من زوجاته في حياتهم، ومن بني هاشم.
وهكذا يقول الصديقُ : "ارقبوا محمدًا في أهل بيته"، "ارقبوا" يعني: لاحظوا محمدًا، وأحسنوا إلى أهل بيته، ولا تُؤذوه فيهم عليه الصلاة والسلام، سواء كانوا من بني عباس، أو من بني عقيل، أو من بني عليٍّ، المقصود أنهم من بني هاشم، فيجب الإحسان إليهم، وكفّ الأذى عنهم؛ إكرامًا لهم، وتقديرًا لنسبتهم وقرابتهم من رسول الله ﷺ، إلا مَن كفر وتعدَّى وأبى الخير والهُدى؛ فحكمه حكم الكافرين: كأبي طالب، وأبي لهب، وأشباههما -نسأل الله العافية.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: الذين يسبُّون أبا بكر وعمر وعائشة هل يكفرون؟
ج: الصواب أنَّ مَن سبَّ عائشة أو زعم أنها كفرت ورماها بالإفك كافر؛ لأنَّه مُكذِّب للقرآن، أما مجرد السّب فيستحق أن يُعزر ويُؤدَّب عليه، أما مَن قال أنها قد فعلت الفاحشة ورماها بالإفك فهذا مُكذِّبٌ لله، ويكون كافرًا، كما يفعل بعضُ الرافضة –نسأل الله العافية.
س: رجلٌ عنده امرأة من أهل البيت، وله راتبٌ من الصَّدقة، فهل تأكل منه أم ماذا تفعل؟
ج: إذا وصلت إليه فقد وصلت إلى محلِّها، فلا بأس أن يُعطى منها أهلَ البيت، مثلما أخبر النبيُّ ﷺ: هو عليها صدقة، ولنا هدية من أم عطية، ومن بريرة، فإذا وصلت الصدقة -الزكاة- إلى أهلها فأهدوا منها إلى أهل البيت هديةً أو عزموهم على طعامٍ فلا بأس بذلك؛ لأنها وصلت إلى محلِّها.
س: تسوير المقابر –وضع سور حولها- هل ورد عن السلف؟
ج: ما أخبر شيء، لكن من باب صيانتها عن الأذى، فلا تُمْتَهن.
س: ما حكم الاشتراك في مسابقات الصحف والمجلات التي تطرحها على قُرَّائها؟ وهل في جوائزها شيء؟
ج: إذا كان بالمقابلة يكون قمارًا، أما إذا كان مسابقة من دون شيءٍ مثل: المسابقة بين القُرَّاء: مَن حفظ ثلاثة أجزاء فله كذا، ومَن حفظ أربعة فله كذا، ومَن حفظ الحديثَ الفلاني فله كذا، أمَّا إذا  كانوا يُسلِّمون أموالًا ما يُلاقونها إلا بأموالٍ فيكون قمارًا.
س: بعض المحلات تضع صندوقًا ثم تقول: ضع اسمَك في هذا الصندوق وتحصل على جائزةٍ، ما حكم هذا العمل؟
ج: يضعون أموالًا؟
س: لا، مثلًا تقول: تحصل على جهاز كمبيوتر؟
ج: وأيش السبب؟
س: ما أدري؟
ج: لا، لا بدّ بأموالٍ، ليسوا يضعون إلا بأموالٍ، وما يُوزِّعون على الناس هكذا، فكلّ ما يكون فيه أموالٌ فهو قمار،  ولو ريـال، مثل: ضع ريـالًا ولعلك تفوز بكذا، ضع عشرةً ولعلك تفوز بكذا، هذا ما يجوز.
س: أُذكِّركم الله في أهل بيتي كررها ثلاث مرات؟
ج: يعني: يُذكِّرهم أن يحرصوا على إكرامهم، فهي توصية مكررة للتأكيد.
س: هل تُشترى الكتب التي فيها (ص) بدل: ﷺ؟
ج: تُشترى، لكن يُصلحها ويجعلها: ﷺ.
س: طويلة؟
ج: ولو، ما دام فيها فائدة يشتريها، والحمد لله.
س: هل يجوز للرجل تقبيل امرأته قبل التَّحلل الأكبر في الحج؟
ج: القبلة والملامسة لا بأس، لكن ما يحلّ له الجماع حتى تُكمل، يعني: التحلل الأول.
س: طيب، إذا تحلل يوم العيد هل يجوز له الجماع؟
ج: لا، حتى يطوف هو ويسعى، وتطوف هي وتسعى، يكملون الحج بعد الرمي والحلق أو التقصير.
س: حتى بعد طواف الإفاضة؟
ج: لا بدّ من كمال: الرمي، والحلق أو التقصير، والطواف، والسعي، لا بدّ من حلٍّ كاملٍ.