132 من حديث: (إِنما مثل الجليس الصالح وجليس السُّوء: كحامل المسك ونافخ الكير..)

 
4/363- وعن أَبي موسى الأَشعَرِيِّ : أَن النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً متفقٌ عَلَيهِ.
5/364- وعن أَبي هريرة ، عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، ولِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك متفقٌ عَلَيهِ.
6/365- وعَن ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما قال: قَالَ النَّبيُّ ﷺ لِجِبْرِيلَ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورنَا؟ فَنَزَلَتْ: وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ [مريم:64]. رواه البخاري.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في شرعية زيارة الإخوان في الله، ومجالسة الصالحين والأخيار؛ لما في ذلك من الخير العظيم، والبُعد عن مجالسة الأشرار؛ لأن مجالسة الأخيار تزيدك خيرًا، وتنفعك في الدنيا والآخرة، وضدهم بضد ذلك، ولهذا قال ﷺ في الجليس الصالح: إنَّ مثله كحامل المسك، إمَّا أن يُحذيك يعني: يُعطيك، وإمَّا أن تبتاع منه، وإمَّا أن تجد منه ريحًا طيبةً، أمَّا جليس السّوء فهو مثل نافخ الكِير، إمَّا أن يحرق ثيابَك، وإمَّا أن تجد منه ريحًا مُنتنةً.
هذا فيه الحثّ على مجالسة الأخيار، وأهل العلم، وأهل الخير والسيرة الحميدة، والبعد عن مجالسة الأشرار، وهذا أمرٌ واضحٌ، فالكل يعرف هذا، فمُجالسة الأخيار فيها الخير العظيم، ومجالسة الأشرار فيها الشر الكبير، فينبغي للمؤمن أن يحرص على مجالسة الأخيار، والحرص على صُحبتهم، والاستفادة من علمهم وسيرتهم، والحذر من صحبة الأشرار.
الحديث الثاني
وفي حديث أبي هريرة : يقول ﷺ: تُنْكَح المرأةُ لأربعٍ: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدِينها، فاظفر بذات الدِّين تَرِبَتْ يداك، هذا فيه الحثّ على نكاح الزوجات الطيبات، وأن المؤمن عند الخطبة يختار المرأةَ الطيبة، يرغب الناسُ فيهنَّ: إمَّا لجمال، وإما لحسبٍ، وإما لمالٍ، وإمَّا لدينٍ، فوصَّى النبيُّ ﷺ بالعناية بالدِّين، فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يداك، وإن كان همُّك المال أو الحسب أو الجمال، فقد يُطغيها جمالها، وقد يُطغيها مالها، وقد يُطغيها حسبها، لكن عليك بالدِّين الذي هو الحافظ بتوفيق الله، فإذا اجتمع مع الدِّين حسبٌ أو مالٌ أو جمالٌ فهذا خيرٌ إلى خيرٍ.
الحديث الثالث
وهكذا قصة جبرائيل: يقول له الرسولُ ﷺ: ألا تزورنا أكثر مما تزورنا؟، فيه الحثّ على زيارة الأخيار، واستِزارتهم، تزورهم وتطلب منهم أن يزوروك؛ لما في التَّزاور بين الأخيار من المصالح، ولهذا قال النبيُّ ﷺ لجبرائيل: ألا تزورنا أكثر مما تزورنا؟، فأنزل الله قوله جلَّ وعلا: وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ [مريم:64] يعني: أن الملائكة ليس لهم أمرٌ، إنما أمرهم بيد الله، يُنزلهم إذا شاء، ويمنعهم إذا شاء سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال جلَّ وعلا: لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ۝ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [الأنبياء:27- 28] عليهم الصَّلاة والسلام.
والمقصود من هذا التَّرغيب في زيارة الأخيار، واستزارة الأخيار من أهل العلم والفضل والسيرة الحميدة.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: .................
س: بعض العوام يقول لمَن أراد أن يتزوج: انظر إلى أمها؟
ج: السؤال ما فيه بأس: عن أقاربها، وعن سيرتهم، لكن النظر لها هي فقط، أما كونه يسأل عن أهلها وسيرتهم حتى يطمئن إليهم؛ لأنها قد تتأسَّى بهم، وقد تتأثَّر بهم؛ فلا بأس.
س: .....................