137 من حديث: (أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته ملكا..)

 
5/379- وعن أبي هريرة ، عن النَّبيِّ ﷺ: أَنَّ رَجُلًا زَار أَخًا لَهُ في قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَد اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجتِهِ مَلَكًا .. وذكر الحديث إِلَى قوله: إِنَّ اللَّه قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ رواه مسلم.
6/380- وعن البَرَاءِ بْنِ عَازبٍ رضي اللَّهُ عنهما، عن النَّبِيِّ ﷺ أَنَّه قَالَ في الأَنْصَار: لا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤمِنٌ، وَلا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ، مَنْ أَحَبَّهُمْ أحبَّه اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّه متفقٌ عَلَيهِ.
7/381- وعن مُعَاذٍ قالَ: سمِعتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يقول: قَالَ اللَّهُ : المُتَحَابُّونَ في جَلالي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ، يَغْبِطُهُمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ رواه الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في الحثِّ على الحبِّ في الله والبُغض في الله، وأنَّ من واجبات الإيمان الحبّ في الله والبُغض في الله، وتقدم قول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: سبعةٌ يُظلُّهم الله في ظِلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه، وذكر منهم رجلين تحابَّا في الله: اجتمعا على ذلك، وتفرَّقا عليه، وتقدَّم قوله ﷺ: يقول الله يوم القيامة: أين المتحابُّون بجلالي؟ اليوم أُظلُّهم في ظلِّي يوم لا ظلَّ إلا ظلِّي، وقوله ﷺ: يقول الله جلَّ وعلا: وجبتْ محبَّتي للمُتحابين فيَّ، والمتباذلين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، أخرجه مالك رحمه الله بإسنادٍ صحيحٍ عن النبي ﷺ.
وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام في رجلٍ زار أخًا له في الله: فأرصد الله على طريقه ملكًا، فلمَّا مَرَّ عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في الله، قال: هل لك من نعمةٍ ترُبُّها عليه؟ قال: لا، ولكني أُحبُّه في الله، قال: إني رسولُ الله إليك أنَّ الله يُحبّك كما أحببتَه، هذا فيه فضلٌ عظيمٌ، وأنَّ الله يُحب مَن أحبَّ في الله.
ويقول ﷺ: حبُّ الأنصار إيمانٌ، وبُغضهم نفاقٌ، مَن أحبَّهم أحبَّه الله، ومَن أبغضَهم أبغضه الله، فلا يُحبُّهم إلا مؤمنٌ، ولا يبغضهم إلا منافقٌ، ولا شكَّ في ذلك، نصروا دينَ الله، وجاهدوا في سبيل الله، وصبروا على الشَّدائد، وأعزَّ الله بهم الإسلام، وقمع بهم الكفرَ وأهله، فلا شكَّ أنهم مثلما قال ﷺ: حبُّهم إيمانٌ، وبُغضهم نفاقٌ، قال تعالى في حقِّهم: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:9]، ويقول جلَّ وعلا في حقِّهم وحقِّ المهاجرين: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100]، فهذا فضلٌ عظيمٌ في حقِّ الأنصار والمهاجرين جميعًا.
كذلك يقول ﷺ عن الله : المتحابُّون بجلالي لهم منابر من نورٍ، يغبطهم النَّبيون والشُّهداء، وفي الحديث الآخر يقول عليه الصلاة والسلام: يقول الله جلَّ وعلا: أين المتحابُّون في جلالي؟ اليوم أُظلُّهم في ظلِّي، يوم لا ظلَّ إلا ظلِّي أخرجه البخاري في "الصحيح"، وهذا يدل على فضلٍ عظيمٍ وخيرٍ كبيرٍ للمُتحابين في الله، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.
والمهم في هذا أنَّ المحبة في الله تقتضي العمل بأعمال المحبوب، فإذا أحببتَ المؤمنين في الله فمُوجبات المحبة العمل بطاعة الله، والعمل بسيرتهم وخيرهم، لا تُحبهم وأنت بعيدٌ عن أعمالهم، بل تُحبهم مع الجدِّ في العمل بأعمالهم، من تقوى الله، وطاعة الله، والبُعد عن معاصي الله، هكذا المؤمنون.
نسأل الله للجميع التَّوفيق والهداية.

الأسئلة:

س: زيارات الأقارب تدخل في هذا؟
ج: إذا كانت لله نعم.
س: ويُخبرهم أنَّ زيارته لله؟
ج: إذا أخبرهم طيب، ويقول له المُخْبَر: أحبَّك الله الذي أحببتنا فيه.
س: في حديث معاذ: ما المقصود بقوله في آخر الحديث: لهم منابر من نورٍ؟
ج: على ظاهره، يوم القيامة، يعني: في الجنة.
س: يغبطهم النَّبيُّون؟
ج: يعني: في الجنة، هذا فضلٌ كبيرٌ إن صحَّ، رواه الترمذي، ويحتاج إلى نظرٍ في سنده، لكن يكفي عنه الحديث الذي رواه البخاري في "الصحيح": يقول الله جلَّ وعلا: أين المتحابُّون في جلالي؟ اليوم أُظلُّهم في ظلِّي، يوم لا ظلَّ إلا ظلِّي.
س: يقول: يغبطهم النَّبيون والأنبياء أعلى منهم؟!
ج: لا مانع من كونهم يغبطونهم وهم أعلى منهم، من الممكن أن تغبط المستقيم وإن كنتَ أفضل منه، فتغبط المستقيم على الحق، والثابت على الحق، يغبطونهم لما أعطاهم الله من الخير.
س: .................. رواه الترمذي وسنده قوي؟
ج: لعله، على كل حالٍ، ما دام ما فيه بأس، يغبطهم الأنبياءُ وإن كان الأنبياءُ أفضلَ منهم، فأنت تغبط مَن استقام على الصلاة وحافظ عليها في الجماعة وإن كنتَ أفضلَ منه.
س: المحبَّة هل تختصُّ بالرجال أو تعمّ؟
ج: عامَّة، تعمّ الرجالَ والنِّساء.