155 من حديث: (أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره..)

 
23/434- وعن ابنِ مسعودٍ : أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِن امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فأَخبره، فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114]، فَقَالَ الرجل: أَلِي هَذَا يَا رسولَ اللَّه؟ قَالَ: لجَميعِ أُمَّتي كُلِّهِمْ متفقٌ عَلَيهِ.
24/435- وعن أَنسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى النبيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ، أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، وَحَضَرتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى مَعَ رَسُول اللَّه ﷺ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ قَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فأَقِمْ فيَّ كتَابَ اللَّهِ، قَالَ: هَلْ حَضَرْتَ مَعَنَا الصَّلَاةَ؟ قَالَ: نَعم، قَالَ: قَدْ غُفِرَ لَكَ متفقٌ عَلَيهِ.
25/436- وعنه قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه ﷺ: إِنَّ اللَّه لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَليها رواه مسلم.
26/437- وعن أَبي موسى ، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ اللَّه تعالى يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيلِ ليَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهارِ ليَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشمسُ مِنْ مَغْرِبِها رواه مسلم.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
في الحديث الأول والثاني الدلالة على أنَّ العبد إذا تاب إلى الله ورجع من ذنوبه واستغفر ربَّه تاب الله عليه، وأنَّ الصلاة من أسباب تكفير السيئات، لما سأله الرجلُ الذي قَبَّلَ، والآخر الذي قال: "إني أصبتُ حدًّا"، لم يستفسره، وقال: إنَّ الله قد غفر لك لما حضر الصلاةَ تائبًا نادمًا، فمَن تاب إلى الله وندم من ذنوبه غفر الله له.
وفيه دلالة على أنَّ مَن لم يُبَيِّن حدَّه لا يُسْأَل، ما دام جاء تائبًا نادمًا يُبَيَّن له أنَّ التوبة تَجُبُّ ما قبلها، ويكفي، ولا يُسْتَفْسَر.
فالمقصود من هذا كله الحثّ على التوبة والاستغفار، وأنَّ مَن تاب إلى الله تاب الله عليه، وجعل صلواته كفَّارة له: أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود:114]، ويقول النبي ﷺ: الصَّلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان؛ كفَّارات لما بينهنَّ إذا اجتنب الكبائر، فإذا اجتنب الكبائر فهي كفَّارة، وإذا تاب إلى الله فهي كفَّارة، قال تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ۝ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [آل عمران:135- 136].
فالله خلق العباد وجعل منهم الكافر والمسلم، والعاصي والمطيع، فمَن تاب إلى الله من كفره ومعصيته تاب الله عليه، ومَن استقام على التوحيد ومات عليه فهو على خيرٍ عظيمٍ، ومَن استقام على طاعة الله وتاب من سيِّئَتِه مهما عظمت تاب الله عليه، حتى الكفر: فمَن تاب إلى الله من الكفر تاب الله عليه، قال الله تعالى: أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:74]، وقال جلَّ وعلا: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ [الشورى:25]، وقال : وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، فجعل الفلاح في التوبة.
الحديث الثالث والرابع
ويقول عليه الصلاة والسلام: إنَّ الله يبسط يدَه بالليل ليتوب مُسِيءُ النهار، ويبسط يدَه بالنهار ليتوبَ مُسِيءُ الليل، حتى تطلع الشمسُ من مغربِها، فحثَّ على التوبة ورغَّب فيها، فلا تقنط يا عبدالله، ولا تيأس، والزم التوبة دائمًا، ليلًا ونهارًا.
وهكذا الحمد بعد الأكل والشرب، يقول ﷺ: إنَّ الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلةَ فيحمده عليها، أو يشرب الشربةَ فيحمده عليها، فإذا أكلتَ فاحمد الله، وإذا شربتَ فاحمد الله، ابدأ بالتَّسمية، وانتهي بالحمدلة، وهذا من أسباب رضا الله عنك، ففي أكلك وشربك تبدأ بـ"بسم الله"، وتختم بالحمد، كما شرع الله لك جلَّ وعلا، وهذا من أسباب الرضا والكرامة والتوفيق والهداية.
رزق الله الجميع التوفيقَ والهدايةَ، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمدٍ.

الأسئلة:

س: بعض الناس كان في الضَّلالة ثم استقام على طاعة الله، فأصحابُه يُذَكِّرنه بماضيه، ويقولون له: "كنتَ كذا وكذا"، فما توجيهكم؟
ج: يقول: "الحمد لله الذي مَنَّ عليَّ بالتوبة"، ويحثّهم على التوبة، ويقول: "الحمد لله، ماضِيَّ أسود ولكني تبتُ إلى الله، والتوبة تمحو ما قبلها، والحمد لله"، ويحثّهم على التوبة ويُرغِّبهم فيها، ولا يُجالسهم إن أصرُّوا على الشرِّ.
س: ....................
س: رجل كان مستقيمًا وانحرف عن طريق الاستقامة، فكيف تكون دعوته؟
ج: يُحَثُّ على التوبة، يُقال له: "تُبْ إلى ربِّك"، "عليك بالتوبة إلى الله"، ويُنْصَح، فالمسلمون إخوة، و«الدين النَّصيحة»، والله يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، ويقول: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71]، ويقول: وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ [العصر:3]، فهو أخوك فانصحه.
س: ..................