10 من حديث: (أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه)

7 - كِتَابُ التَّيَمُّمِ
بَاب التَّيَمُّمِ فِي الحَضَرِ، إِذَا لَمْ يَجِدِ المَاءَ، وخَافَ فَوْتَ الصَّلاَةِ
وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ: وقَالَ الحَسَنُ: "فِي المَرِيضِ عِنْدَهُ المَاءُ، ولاَ يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ يَتَيَمَّمُ"، وأَقْبَلَ ابْنُ عُمَرَ: "مِنْ أَرْضِهِ بِالْجُرُفِ فَحَضَرَتِ العَصْرُ بِمَرْبَدِ النَّعَمِ فَصَلَّى، ثُمَّ دَخَلَ المَدِينَةَ، والشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِدْ".
337 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله تعالى عنها- قَالَ: أَقْبَلْتُ أَنَا، وعَبْدُاللَّهِ بْنُ يَسَارٍ، مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي جُهَيْمِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ أَبُو الجُهَيْمِ : "أَقْبَلَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الجِدَارِ، فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ، ويَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ".

الشيخ: أيش قال الشارح عليه؟
الطالب: قوله على أبي جهيم: قيل: اسمه عبدالله، وحكى ابن أبي حاتم عن أبيه قال: يقال له الحارث بن الصِمّة، فعلى هذا لفظة ابن زائدة بين أبي جهيم والحارث، لكن صحح أبو حاتم أن الحارث اسم أبيه لا اسمه، وفرّق ابن أبي حاتم بينه وبين عبدالله بن جهيم، يُكنى أيضًا أبا جهيم.
وقال ابن مندة: عبدالله بن جهيم بن الحارث بن الصمة، فجعل الحارث اسم جده، ولم يُوافَق عليه، وكأنه أراد أن يجمع الأقوال المختلفة فيه، والصِمّة بكسر المهملة، وتشديد الميم، وابن عمرو بن عتيك الخزرجي، ووقع في مسلم: دخلنا على أبي جهم، بإسكان الهاء، والصواب أنه بالتصغير، وفي الصحابة شخص آخر يقال له أبو الجهم، وهو صاحب الأنبجانية، وهو غير هذا؛ لأنه قرشي، وهذا أنصاري، ويقال بحذف الألف، واللام في كل منهما، وبإثباتهما.
الشيخ: ما تكلم على المتن؟
الطالب: قوله: من نحو بئر جَمَل، أي من جهة الموضع الذي يعرف بذاك، وهو معروف بالمدينة، وهو بفتح الجيم، والميم، وفي النسائي بئر الجمل، وهو من العقيق.
قوله: فلقيه رجل، هو أبو الجهيم الراوي، بينه الشافعي في روايته لهذا الحديث من طريق أبي الحويرث عن الأعرج.
قوله: (حتى أقبل على الجدار)، وللدارقطني من طريق ابن إسحاق عن الأعرج (حتى وضع يده على الجدار)، وزاد الشافعي (فحته بعصا)، وهو محمول على أن الجدار كان مباحًا، أو مملوكًا لإنسان يعرف رضاه.
قوله: (فمسح بوجهه، ويديه)، وللدارقطني من طريق أبي صالح عن الليث (فمسح بوجهه، وذراعيه)، وكذا للشافعي من رواية أبي الحويرث، وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه أبو داود، لكن خطأ الحفاظ روايته في رفعه، وصوّبوا وقفه، وقد تقدم أن مالكًا أخرجه موقوفًا بمعناه، وهو الصحيح، والثابت فيه حديث أبي جهيم أيضًا بلفظ (يديه) لا (ذراعيه) فإنها رواية شاذة مع ما في أبي الحويرث وأبي صالح من الضعف، وسيأتي ذكر الخلاف في إيجاب مسح الذراعين بعد باب واحد، قال النووي: هذا الحديث محمول على أنه ﷺ كان عادمًا للماء حال التيمم.
قلت: وهو مقتضى صنيع البخاري، لكن تعقب استدلاله به على جواز التيمم في الحضر بأنه ورد على سبب، وهو إرادة ذكر الله؛ لأن لفظ السلام من أسمائه، وما أريد به استباحة الصلاة، وأجيب بأنه لما تيمم في الحضر رد السلام مع جوازه بدون الطهارة فمن خشي فوت الصلاة في الحضر جاز له التيمم بطريق الأولى لعدم جواز الصلاة بغير طهارة مع القدرة، وقيل: يحتمل أنه لم يرد ﷺ بذلك التيمم رفع الحدث، ولا استباحة محظور، وإنما أراد التشبه بالمتطهرين كما يشرع الإمساك في رمضان لمن يباح له الفطر، أو أراد تخفيف الحدث بالتيمم كما يشرع تخفيف حدث الجنب بالوضوء كما تقدم، واستدل به ابن بطال على عدم اشتراط التراب، قال: لأنه معلوم أنه لم يعلق بيده من الجدار تراب، ونوقض بأنه غير معلوم بل هو محتمل، وقد سبق من رواية الشافعي ما يدل على أنه لم يكن على الجدار تراب، ولهذا احتاج إلى حته بالعصا. انتهى.
الشيخ: وهذا - والله أعلم - على ظاهره: لم يجد الماء وأراد ﷺ أن يرد على طهارة فتيمم؛ لأنه شيء يفوت، وهو مستحب، فلا يُقاس عليه ما يتعلق بالصلاة ونحوها، في طريقه قبل أن يدخل البلد.
وأما قوله: يحتاج لإذن. هذا ما له وجه؛ لأن حت الجدار، والتيمم في الجدار ما يحتاج لإذن، ما هو بضار الجدار، ما يحتاج لإذن مثل لو تيمم في أرضه ما يضر الأرض.
س: إذا خشي فوات الوقت هل له أن يتيمم مع وجود الماء؟
الشيخ: لا، ليس له إلا هذا، بنص القرآن: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43] ليس له ذلك إلا أن هذا فعله النبي ﷺ في سنة تفوت، ومستحب يفوت، ليس بما يتعلق بالصلاة، وعظم شأنها.
س: ما ورد في بعض كتب الزهد من أن بعض الزهاد كان يتحرج من تجصيص الجدار يقول: أخشى أن أضيق طريق المسلمين، هل لهذا أصل؟
الشيخ: ما أعرف له أصلًا، تَوَرُّعٌ ما له سند.
س: هذا حديث يدل على جواز التيمم من أجزاء الأرض المتولدة كالطين، والرخام، وغيره؟
الشيخ: جنس التراب سواء في الجدار، أو في الأرض، وإذا دعت الحاجة إلى غيره كالذي في الأرض سبخة، أو في أرض رمل تيمم منها: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، لعموم الحديث، وعموم الآية: فَلَمْ تَجِدُوا [النساء:43] لكن رد السلام في أمر مستحب، ومثله لما تيمم لما رد على الذي سلم عليه وهو يبول، قام وتيمم بالجدار لما رد عليه السلام.
س: العيني قال: في حديث مسح وجهه وذراعيه، أن الإمام البغوي حَسَّن هذا الحديث؟
الشيخ: لا، غلط، الصواب: وجهه وكفيه فقط كما جاء في حديث عمار وغيره، التيمم يكون بالكفين فقط.
س: ... وجود الماء لكن يخاف من فوات الوقت؟
الشيخ: يصلي بالتيمم إذا كان ما عنده ماء: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43] إلا إذا كان قريبًا يذهب إلى الماء، ولا يجوز التيمم ما دام في الوقت.
س: خرج إلى البر يوم الخميس والجمعة مسافة خمسين كيلو، هل تسقط عنه صلاة الجمعة، أو يجب عليه.
الشيخ: تسقط، بعيد ما يسمع الأذان، يصلي ظهرًا.
س: إذا حضر الماء أثناء الصلاة هل يقطعها؟
الشيخ: الأقرب أنه يقطع الصلاة ويتوضأ؛ لعموم قوله: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43] إذا وجد الماء في الصلاة وحضر عنده يقطعها ويتوضأ ثم يستأنف الصلاة.
 
بَاب المُتَيَمِّمُ هَلْ يَنْفُخُ فِيهِمَا؟
338 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال حَدَّثَنَا الحَكَمُ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبِ المَاءَ، فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رضي الله تعالى عنهما لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ: أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَنَا، وأَنْتَ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا فَضَرَبَ النَّبِيُّ ﷺ بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ، ونَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وجْهَهُ وكَفَّيْهِ.

الشيخ: هذا السنة، الوجه والكفين، وهذا معنى: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وأَيْدِيكُمْ [النساء:43] اليد إذا أطلقت هي الكف.
 
بَاب التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ، والكَفَّيْنِ
339 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قال أَخْبَرَنِي الحَكَمُ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ: "قَالَ عَمَّارٌ رضي الله تعالى عنهما بِهَذَا، وضَرَبَ شُعْبَةُ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ، ثُمَّ أَدْنَاهُمَا مِنْ فِيهِ، ثُمَّ مَسَحَ وجْهَهُ، وكَفَّيْهِ"، وقَالَ النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَرًّا، يَقُولُ: عَنْ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، قَالَ الحَكَمُ: وقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَمَّارٌ.
340 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنِ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ شَهِدَ عُمَرَ، وقَالَ لَهُ عَمَّارٌ: "كُنَّا فِي سَرِيَّةٍ، فَأَجْنَبْنَا"، وقَالَ: "تَفَلَ فِيهِمَا".

الشيخ: يعني نفخ فيهما؛ إذا كان التراب كثيرًا ونفخ فلا بأس.
س: كيفية مسح الكفين؟
الشيخ: هكذا يمسح ظاهرهما وباطنهما؛ هذه بهذه.
س: ما يذكر بعض الفقهاء من الضرب على الفرش إذا كان لها غبار؟
الشيخ: إذا كان فيها غبار حقيقة فلا بأس، لكن كونه يقصد التراب إذا كان موجودً قريبًا أوْلى وأحوْط.
س: مسح الكفين ألا يكون على ظاهر الكف فقط؟
الشيخ: ظاهره وباطنه؛ لأن اليد تشمل الظاهر والباطن: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وأَيْدِيكُمْ [النساء:43].
س: ونفخ فيهما؟
الشيخ: إذا كان فيها تراب كثير؛ ينفخ فيهما حتى يخفف.
 
341 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قال أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنِ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ عَمَّارٌ لِعُمَرَ رضي الله تعالى عنهما: تَمَعَّكْتُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يَكْفِيكَ الوَجْهَ والكَفَّانِ.
342 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، قال حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ، قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ، وسَاقَ الحَدِيثَ.
343 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قال حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنِ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَمَّارٌ رضي الله تعالى عنه: «فَضَرَبَ النَّبِيُّ ﷺ بِيَدِهِ الأَرْضَ، فَمَسَحَ وجْهَهُ وكَفَّيْهِ».
بَاب الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ، وضُوءُ المُسْلِمِ يَكْفِيهِ مِنَ المَاءِ
وَقَالَ الحَسَنُ: "يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ مَا لَمْ يُحْدِثْ"، وأَمَّ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما وهُوَ مُتَيَمِّمٌ.

الشيخ: يعني أمّ الناس المتوضئين، وهو متيمم.
 
وقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: "لاَ بَأْسَ بِالصَّلاَةِ عَلَى السَّبَخَةِ، والتَّيَمُّمِ بِهَا".
344 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وإِنَّا أَسْرَيْنَا حَتَّى كُنَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ وقَعْنَا وقْعَةً، ولاَ وقْعَةَ أَحْلَى عِنْدَ المُسَافِرِ مِنْهَا، فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، وكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ فُلاَنٌ، ثُمَّ فُلاَنٌ، ثُمَّ فُلاَنٌ -يُسَمِّيهِمْ أَبُو رَجَاءٍ، فَنَسِيَ عَوْفٌ ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه الرَّابِعُ- وكَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا نَامَ لَمْ يُوقَظْ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَسْتَيْقِظُ؛ لِأَنَّا لاَ نَدْرِي مَا يَحْدُثُ لَهُ فِي نَوْمِهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ، ورَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ، وكَانَ رَجُلًا جَلِيدًا، فَكَبَّرَ، ورَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ، ويَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ بِصَوْتِهِ النَّبِيُّ ﷺ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ شَكَوْا إِلَيْهِ الَّذِي أَصَابَهُمْ، قَالَ: لاَ ضَيْرَ -أو لاَ يَضِيرُ- ارْتَحِلُوا، فَارْتَحَلَ، فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ نَزَلَ فَدَعَا بِالوَضُوءِ، فَتَوَضَّأَ، ونُودِيَ بِالصَّلاَةِ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلاَتِهِ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ مَعَ القَوْمِ، قَالَ: مَا مَنَعَكَ يَا فُلاَنُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ القَوْمِ؟ قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، ولاَ مَاءَ، قَالَ: عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ، فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ، ثُمَّ سَارَ النَّبِيُّ ﷺ، فَاشْتَكَى إِلَيْهِ النَّاسُ مِنَ العَطَشِ، فَنَزَلَ فَدَعَا فُلاَنًا -كَانَ يُسَمِّيهِ أَبُو رَجَاءٍ نَسِيَهُ عَوْفٌ-، ودَعَا عَلِيًّا فَقَالَ: «اذْهَبَا، فَابْتَغِيَا المَاءَ» فَانْطَلَقَا، فَتَلَقَّيَا امْرَأَةً بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ -أو سَطِيحَتَيْنِ- مِنْ مَاءٍ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، فَقَالاَ لَهَا: أَيْنَ المَاءُ؟ قَالَتْ: عَهْدِي بِالْمَاءِ أَمْسِ هَذِهِ السَّاعَةَ، ونَفَرُنَا خُلُوفٌ، قَالاَ لَهَا: انْطَلِقِي إِذًا، قَالَتْ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالاَ: إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَتْ: الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ، قَالاَ: هُوَ الَّذِي تَعْنِينَ، فَانْطَلِقِي، فَجَاءَا بِهَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، وحَدَّثَاهُ الحَدِيثَ، قَالَ: فَاسْتَنْزَلُوهَا عَنْ بَعِيرِهَا، ودَعَا النَّبِيُّ ﷺ بِإِنَاءٍ، فَفَرَّغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ المَزَادَتَيْنِ -أو سَطِيحَتَيْنِ-، وأَوْكَأَ أَفْوَاهَهُمَا، وأَطْلَقَ العَزَالِيَ، ونُودِيَ فِي النَّاسِ اسْقُوا، واسْتَقُوا، فَسَقَى مَنْ شَاءَ، واسْتَقَى مَنْ شَاءَ، وكَانَ آخِرُ ذَاكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ، قَالَ: اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ، وهِيَ قَائِمَةٌ تَنْظُرُ إِلَى مَا يُفْعَلُ بِمَائِهَا، وايْمُ اللَّهِ لَقَدْ أُقْلِعَ عَنْهَا، وإِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشَدُّ مِلْأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: اجْمَعُوا لَهَا فَجَمَعُوا لَهَا مِنْ بَيْنِ عَجْوَةٍ، ودَقِيقَةٍ، وسَوِيقَةٍ، حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَامًا، فَجَعَلُوهَا فِي ثَوْبٍ، وحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيرِهَا، ووَضَعُوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا، قَالَ لَهَا: «تَعْلَمِينَ، مَا رَزَئْنَا مِنْ مَائِكِ شَيْئًا،

الشيخ: يعني: نقصنا، وزنًا ومعنى.
 
ولَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَسْقَانَا، فَأَتَتْ أَهْلَهَا، وقَدِ احْتَبَسَتْ عَنْهُمْ، قَالُوا: مَا حَبَسَكِ يَا فُلاَنَةُ، قَالَتْ: العَجَبُ لَقِيَنِي رَجُلاَنِ، فَذَهَبَا بِي إِلَى هَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ فَفَعَلَ كَذَا، وكَذَا، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَسْحَرُ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ وهَذِهِ، وقَالَتْ بِإِصْبَعَيْهَا الوُسْطَى والسَّبَّابَةِ، فَرَفَعَتْهُمَا إِلَى السَّمَاءِ -تَعْنِي السَّمَاءَ والأَرْضَ، أو إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَكَانَ المُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ يُغِيرُونَ عَلَى مَنْ حَوْلَهَا مِنَ المُشْرِكِينَ، ولاَ يُصِيبُونَ الصِّرْمَ الَّذِي هِيَ مِنْهُ، فَقَالَتْ يَوْمًا لِقَوْمِهَا: مَا أُرَى أَنَّ هَؤُلاَءِ القَوْمَ يَدْعُونَكُمْ عَمْدًا، فَهَلْ لَكُمْ فِي الإِسْلاَمِ؟ فَأَطَاعُوهَا، فَدَخَلُوا فِي الإِسْلاَمِ، قَالَ أَبُو عَبْدِاللَّهِ: "صَبَأَ: خَرَجَ مِنْ دِينٍ إِلَى غَيْرِهِ"، وقَالَ أَبُو العَالِيَةِ: "الصَّابِئِينَ - وفي نسخة: الصابئون - فِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ الزَّبُورَ".

الشيخ: وفي هذه القصة فوائد: إحداها: أن الإنسان إذا نام حتى أصبح يصلي صلاة الفجر كما كان يصليها في وقتها؛ لأن الرسول ﷺ لما نام واستيقظوا بحر الشمس أمرهم أن يتحولوا عن مكانهم، هذا هو السنة، والأفضل أن يتحولوا عن مكانهم إلى مكان آخر؛ لأنه حضر فيه الشيطان، ثم صلى بهم صلاة الفجر بعدما توضؤوا، صلى بهم كما كان يصلي في الوقت بأذان وإقامة، ويصلي الراتبة كما في الرواية الأخرى؛ فدل ذلك على أن من نام عن الصلاة يصليها إذا استيقظ، ولو بعد الشمس، كما كان يصليها في الوقت، وأن الأفضل أن يتحول عن مكانه إلى مكان آخر قريب منه.
وفيه من الفوائد: أن الرسول ﷺ هو رسول الله حقًا، هذه معجزة كونه دعا بالمرأة التي جاء بها الصحابيان، ومعها الماء ففتح مزادتيها، وأخذ من مائها يسيرًا ثم أنزل الله فيه البركة فشرب الناس وسقوا، وشرب الناس وتوضؤوا، وماؤها على حاله بقي على حاله أنزل الله فيه البركة، وأوكأ لها ماءها لم يرزأ بشيء؛ فهذه من علامات النبوة كون ماءها لم ينقص، والمسلمون توضؤوا وشربوا من هذا الماء الذي أنزل الله فيه البركة، هذه من علامات نبوته ﷺ، وأنه رسول الله حقًا عليه الصلاة والسلام.
وفيه من الفوائد: أن الناس إذا احتاجوا والإنسان معه ماء لا بأس أن يأخذوا من مائه للضرورة ما لا يضره، يأخذوا من مائه ما لا يضره لينقذ غيره على وجه لا يضره.
وفيه من الفوائد أيضًا: أن الناس لو صلوا بغير وضوء لعدم الماء صدق عليهم قوله جل وعلا: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:43]، ولكن الله رزقهم الماء، وتوضؤوا وصلوا بالوضوء، وصلى النبي كما كان يصلي عليه الصلاة والسلام في الوقت، فمن فاتته الصلاة في الوقت صلاها إذا استيقظ ولو في وقت آخر على حالها، كما كان يصليها في الوقت كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام.
س: من نام عن الصلاة وهو داخل المدينة، يؤذن، ويقيم؟
الشيخ: كذلك يصليها كما كان يصليها لكن يقيم، الأذان خلاص، وإن أذن فلا بأس، لكن يؤذن أذانًا لا يشوش على الناس، إذا أذّن فأفضل.
س: لكن لو اكتفى بالإقامة لأن المساجد داخل المدينة، تؤدي...؟
الشيخ: إذا كان في الوقت كفى، أما إذا كان ما استيقظ إلا بعد الشمس: إذا أذن أذانًا لا يسمعه الناس أذانًا خفيفًا تأسيًا بالنبي ﷺ؛ لا بأس طيب، ويقيم أيضًا، أما إذا كان استيقظ في وقت وقد صلى الناس يكفيه الإقامة؛ لأنه قد حصل الأذان، والحمد لله.
س: إذا لم يدرك من الوقت إلا ما يتسع للفريضة؟
الشيخ: ولو، يصلي ....... لأن الرسول ﷺ قال: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك هذا وقتها.
س: النافلة؟
الشيخ: يبدأ بالنافلة، يبدأ بسنة الفجر، ثم الفجر، لأن هذا وقتها، إذا استيقظ هذا وقتها.
س: بعض الناس إذا فاتته الفجر مع الجماعة حوّل مكان فراشه يمنة ويسرة، ويقول هذا المكان بات الشيطان معي فيه؟
الشيخ: إذا صلى في مكان آخر أفضل.
س: لكن تحويل الفراش؟
الشيخ: لا، ما يحوّل الفراش لكن نفسه هو.
س: قول بعض الفقهاء إذا استقيظ ولم يبق إلا وقت الفريضة يبدأ بها، ليوقعها في وقتها؟
الشيخ: لا، ما له أصل، هذا النبي ﷺ قال: من نام عن الصلاة فليصليها إذا ذكرها يعني هي، وسنتها الراتبة، ولهذا صلى النبي الراتبة لما قضى الفجر ﷺ.
س: من خشي فوت الجنازة يتيمم لئلا تفوت، صحيح؟
الشيخ: لا ما له أصل: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43].
س: وإن كنت ....... قضاء، أو أداء الذي ينام عن صلاة، في حقه؟
الشيخ: كالأداء، معذور.
س: إذا لم يجد الماء فهل له أن يطأ زوجته؟
الشيخ: في البر يعني؟
الطالب: يعني الماء لم يكن موجودا فهل له أن يجامع زوجته.
الشيخ: يعني في البر ما عنده ماء؟
الطالب: في البر، في أي مكان.
الشيخ: يجامع زوجته، ويتيمم، ما عنده ماء، الحمد لله مثل البادية في البر ما عندهم ماء.
س: وهل يجزئ التيمم عن الغسل بالنسبة ............؟
الشيخ: يكفي التيمم.