53 من حديث: (أن رجلا قتل تسعة وتسعين نفسا، فجعل يسأَل هل له من توبة؟)

47 - (2766) حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الصِّدِّيقِ النَّاجِيَّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَجَعَلَ يَسْأَلُ هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَأَتَى رَاهِبًا، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: لَيْسَتْ لَكَ تَوْبَةٌ، فَقَتَلَ الرَّاهِبَ، ثُمَّ جَعَلَ يَسْأَلُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَى قَرْيَةٍ فِيهَا قَوْمٌ صَالِحُونَ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَنَأَى بِصَدْرِهِ، ثُمَّ مَاتَ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ، وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَكَانَ إِلَى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ أَقْرَبَ مِنْهَا بِشِبْرٍ، فَجُعِلَ مِنْ أَهْلِهَا.
س: الضمير فهو له يعود على أيش؟
الشيخ: على المحل يعني. 

48 - (2766) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ، وَزَادَ فِيهِ: فَأَوْحَى اللهُ إِلَى هَذِهِ: أَنْ تَبَاعَدِي، وَإِلَى هَذِهِ: أَنْ تَقَرَّبِي.
الشيخ: هذا يفيد أن التوبة بابها مفتوح، وأن الجريمة وإن عظمت فعفو الله أعظم وكرمه أكثر ؛ فمن تاب تاب الله عليه وإن كانت الجريمة عظيمة، فالقتل جريمة عظيمة، وأعظم منها الكفر بالله، فإذا تاب العبد من الكفر الذي هو أعظم الذنوب تاب الله عليه إذا تاب توبة صادقة، فهكذا القتل والزنا وسائر المعاصي، وقد ذكر النبي هذا وأقره، وأنه لا مانع من توبته، وقد صرح القرآن بهذا قال : وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا [الفرقان:68] يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [الفرقان:69] إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ [الفرقان:70] فذكر التوبة في حق المشرك والقاتل والزاني، هذا قتل تسعة وتسعين يعني بغير حق فأتى الراهب فاستفتاه هل له من توبة والراهب العابد فاستعظم أمره وقال له مالك توبة فقتله فكمل به المائة، وهذا فيه أن من العقوبات أن  الذي يفتي بغير علم قد يصاب بمثل هذا أفتى بغير علم فقتل هذه من العقوبات العاجلة لمن أفتى بغير علم، فلا يجوز للمؤمن أن يفتي إلا بعلم وعن بصيرة فهذا أفتى بغير علم وأيس الرجل من التوبة فكانت عقوبته أن سلطه الله عليه، ثم لم يزل يسأل حتى أتى عالمًا فسأله فقال له: من يحول بينك وبين التوبة لك توبة واذهب إلى قرية كذا فإنها فيها أناس صالحين اعبد الله معهم ولا تعود إلى قريتك فإنها قرية سوء؛ فنصحه وأفتاه بما يريح ضميره ويريح قلبه من أن له توبة ونصحه بأن يذهب إلى القرية الصالحة، فتوجه إليها تائبًا فلما جاء في نصف الطريق نزل به الموت فجعل ينوء بصدره إلى جهة التي هو لها قاصد من شدة ما في نفسه من الرغبة فيها ينوء بصدره إلى جهة القرية الصالحة، واختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب إلى أيهما يكون، فملائكة الرحمة تقول جاء تائبًا نادمًا مقبلاً على الله فنحن أولى به، وملائكة العذاب تقول إنه فعل وفعل ولم يفعل خيرًا قط وأنه قتل هذا الجمع من الناس فنحن أولى به، فأرسل الله حكمًا بينهم ملكًا على صورة رجل فحكم بينهم يعني قاس ما بين القريتين فإلى أيهما كان أقرب فهو لها فقاسوه فوجدوا أنه أقرب إلى القرية الصالحة بشبر، وفي رواية أخرى أن الله جل وعلا قال للقرية الصالحة تقربي وقال لقرية السوء تباعدي، المقصود أن الله قبل توبته ويسر أمره وصار من المقبولين، فدل ذلك على أن كل من تاب إلى الله توبة صادقة ولو كان قاتلاً ولو كان كافرًا فإن الله يتوب عليه وحق المقتولين لا يضيع الله يعطيهم حقوقهم وقد يعطون من حسناته وقد يتحملها الله عنهم فإن التوبة الصادقة تمحو عنهم الذنب فيتحمل الله عنه حقوقهم ويرضيهم من فضله جل وعلا. وإما تؤخذ حسناته إذا كان غير تائب أما إذا تاب وأناب وصدق فالله يتحمل عنه جل وعلا، وهذا لا يلزم منه سقوط الحق في الدنيا يقتل في القصاص إذا كان عمدًا قتل بالقصاص وكان كفارة له، ولكن في الآخرة التوبة تنفعه وتقبل منه وإن أخذ بالدنيا كان كفارة له.
س:........................
الشيخ: ما دام قبلت توبته فهو إلى الجنة بلا شك إن تاب فهو إلى الجنة.
س:......................
الشيخ: ليستفيد منهم حتى يتأسى بهم في الخير ويرق قلبه ويتباعد عن أهل الشر؛ فصحبة الأشرار تجره إلى الشر، وصحبة الأخيار تجره إلى الخير.
س:....................
الشيخ: هذا في شريعتنا معروف.............. حتى يقتص منه أو يعفو عنه لكن التوبة لا تمنع، يتوب ويقدم نفسه القصاص لا بدّ منه إلا أن يعفو عنه أهل الحق، من كمال توبته أن يمكن أهل الحقوق، لكن لعل هذا الشخص الذي من قبلنا إما أنه سقط عنه حقهم بتوبتهم الصادقة وأنه لا يمكن أن يقدم نفسه لأنهم مئات ما هم بواحد أو اثنين أو لأنهم ليس لهم أحد يطالب بحقهم أو لأسباب أخرى هذا في شرع من قبلنا أما في شرعنا فلا بدّ من كونه يقدم نفسه حتى يقتص منه أو يرضى بالدية أو يعفو عنه ولا تتم التوبة إلا بهذا.
س:..........................
الشيخ: مثل ما قال أبو هريرة هذا جزاؤه إن جازاه، وإن عفا فهو أهل العفو كسائر المعاصي تحت مشيئة الله .
س:.....................
الشيخ: من قبلنا نعم الأمم الماضية. 

49 - (2767) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، دَفَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، يَهُودِيًّا، أَوْ نَصْرَانِيًّا، فَيَقُولُ: هَذَا فِكَاكُكَ مِنَ النَّارِ.
50 - (2767) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، أَنَّ عَوْنًا، وَسَعِيدَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ، حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا شَهِدَا أَبَا بُرْدَةَ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: لَا يَمُوتُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلَّا أَدْخَلَ اللهُ مَكَانَهُ النَّارَ، يَهُودِيًّا، أَوْ نَصْرَانِيًّا، قَالَ: فَاسْتَحْلَفَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، قَالَ: فَحَلَفَ لَهُ، قَالَ فَلَمْ يُحَدِّثْنِي سَعِيدٌ أَنَّهُ اسْتَحْلَفَهُ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى عَوْنٍ قَوْلَهُ.

الشيخ: وهذا لأن كل إنسان له بيت في الجنة وبيت في النار؛ فالكافر بيته الذي في الجنة لأهل الجنة........... والمؤمن له بيت في النار .......... وبيته في النار يكون فيه الكفار اليهود والنصارى وغيرهم ممن استحق دخول النار.
س:...................
الشيخ: نعم بحكمة الله وهو يعلم أحوال هؤلاء وأحوال هؤلاء ، ولهذا إذا مات يرى مقعده من الجنة ويرى مقعده من النار، إذا مات المؤمن يقال له: هذا مقعدك من النار لو مِت على الكفر بالله فلما مِت على الإسلام وقاك الله ذلك وأعطاك منزلاً في الجنة، وهكذا العكس فالمؤمن يزداد نعيمًا والكافر يزداد حسرة نسأل الله العافية. 

50 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ عَفَّانَ، وَقَالَ عَوْنُ بْنُ عُتْبَةَ.
51 - (2767) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا شَدَّادٌ أَبُو طَلْحَةَ الرَّاسِبِيُّ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِذُنُوبٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ، فَيَغْفِرُهَا اللهُ لَهُمْ وَيَضَعُهَا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِيمَا أَحْسِبُ أَنَا. قَالَ أَبُو رَوْحٍ: لَا أَدْرِي مِمَّنِ الشَّكُّ، قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: أَبُوكَ حَدَّثَكَ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

الشيخ: أيش قال الشارح؟
الطالب: وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِكُلِّ أَحَدٍ مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ فَالْمُؤْمِنُ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ خَلَفَهُ الْكَافِرُ فِي النار لاستحقاقه ذلك بكفره ومعنى فَكَاكُكَ مِنَ النَّارِ أَنَّكَ كُنْتَ مُعَرَّضًا لِدُخُولِ النَّارِ وَهَذَا فَكَاكُكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّرَ لَهَا عَدَدًا يَمْلَؤُهَا فَإِذَا دَخَلَهَا الْكُفَّارُ بِكُفْرِهِمْ وَذُنُوبِهِمْ صَارُوا فِي مَعْنَى الْفَكَاكِ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا رواية يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بِذُنُوبٍ فَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْفِرُ تِلْكَ الذُّنُوبَ لِلْمُسْلِمِينَ وَيُسْقِطُهَا عَنْهُمْ وَيَضَعُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِثْلَهَا بِكُفْرِهِمْ وَذُنُوبِهِمْ فَيُدْخِلُهُمُ النَّارَ بِأَعْمَالِهِمْ لا بذنوب المسلمين، ولا بد من هَذَا التَّأْوِيلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] وَقَوْلُهُ: وَيَضَعُهَا مَجَازٌ وَالْمُرَادُ يَضَعُ عَلَيْهِمْ مِثْلَهَا بِذُنُوبِهِمْ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، لَكِنْ لَمَّا أَسْقَطَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنِ الْمُسْلِمِينَ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَبْقَى عَلَى الْكُفَّارِ سَيِّئَاتِهِمْ صَارُوا فِي مَعْنَى مَنْ حَمَلَ إِثْمَ الْفَرِيقَيْنِ لِكَوْنِهِمْ حَمَلُوا الْإِثْمَ الْبَاقِي وَهُوَ إِثْمُهُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ آثَامًا كَانَ لِلْكُفَّارِ سَبَبٌ فِيهَا بِأَنْ سَنُّوهَا فَتَسْقُطُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ بِعَفْوِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُوضَعُ عَلَى الْكُفَّارِ مِثْلُهَا لِكَوْنِهِمْ سَنُّوهَا وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ كُلِّ مَنْ يَعْمَلُ بِهَا،  وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
س:........................
الشيخ: هذه الذنوب التي ............. لأنهم دعوا إليها الناس وشرعوها للناس فتوبعوا عليها فغفر الله لها للمسلم فضلاً منه وإحسانًا ............. لأنه غرر أو خدع  أو نحو ذلك ............... ما حصل به متابعة أهل الباطل، وهم حملوا أوزارها لأنهم دعوا إليها فصارت عليهم آثامهم كما قال الله : لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ [النحل:25] وقال عليه الصلاة والسلام: من دعا إلى ضلالة فعليه مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئًا فهؤلاء الكفار دعوا إلى الضلالة والآثام فتحملوا مثل أوزار من ............ بأسبابهم، نسأل الله العافية.

52 - (2768) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عُمَرَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، يَقُولُ: فِي النَّجْوَى؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: يُدْنَى الْمُؤْمِنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُ؟ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَعْرِفُ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ، فَيُنَادَى بِهِمْ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ.
الشيخ: وهذا من جوده وكرمه، فبعض الناس قد يلقاه بذنوب سترها عليه في الدنيا وفعلها فيما بينه وبين الله فغفرها الله له وسترها عليه ، وأما أولئك الكفار والمنافقون فينادى عليهم لدخولهم النار وسوقهم إلى النار، نعوذ بالله.
س: الذنوب التي مات ولم يتب منها؟
الشيخ:  كذلك مثل ما في الحديث لما سترها عليه في الدنيا بينه وبين ربه  غفرها له وقد تكون من الصغائر التي تغفر باجتناب الكبائر: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] فالعبد يجتنب الكبائر وتكفر عنه الصغائر، قد تكون سيئة بين العبد وبين ربه لم يطلع عليها سواه ولم يقدر للعبد أن يتوب منها فغفرها الله له بجنب حسناته وأعماله الصالحة الكثيرة ورضا الله عنه لما فعل من الخير وصار قطرة في البحر، قطرة من نجاسة في بحر من الخيرات فعفا  عنه .
س: الكنف؟
الشيخ: الله أعلم، ............... كما قال كما جاء في الحديث لا يعلم كيفيته إلا هو ، وقال بعضهم هو سترة ولهذا قال سترتها عليك، والله أعلم مثل هذا مثل سائر الصفات، فالأولى أن يقال الله أعلم بمراده يروى كما جاء على الوجه الذي يليق بالله .
س:...............
الشيخ: هذا فيه تفصيل، إن كان عليه خطر ينتقل وإن كان ما في خطر فالحمد لله، أقول إن كان فيه خطر ومصلحة يعني البلد التي يعصى الله فيها، فيها دعاة السوء فيها أصحاب السوء يشرع له ينتقل عنها حتى لا يجروه إلى الباطل، أما إن كان بلاد خير ولكن عصى الله فيها فيتوب ويكفي.
س:................
الشيخ: لا، إذا تاب لا يقدم نفسه، يتوب بينه وبين نفسه إلا حق المخلوقين، حق المخلوقين بالقتل والمال والسرقة لا بدّ يعطيهم حقهم.
س:.....................
الشيخ: لو أعطاهم حقهم ولا اعترف بالسرقة وأعطاهم حقوقهم حتى يسلم من القطع فلا بأس.
س:....................
الشيخ: التوبة تكفي إذا تاب تاب الله عليه إذا كان ترك الصلاة أو أتى بنوع من الكفر أو ناقض من نواقض الإسلام التوبة كافية إذا تاب تاب الله عليه ولا يحتاج إلى القضاء، لكن الصوم يقضي .............. وهكذا لو تأخر بالحج يأتي بالحج ولا يكفر، أما ترك الصلاة كفر على الصحيح ولو ما جحد الوجوب، فإذا ترك الصلاة ثم هداه الله فليس عليه القضاء يكفيه التوبة.
س:....................
الشيخ: ترك الصلاة كفر من مات عليه مات كافرًا، وإذا أسلم وتاب إلى الله ما عليه قضاء، أما إذا كان يصلي وهو طيب ولكن ترك بعض الصيام فهذا يقضي مع التوبة الصيام ما هو تركه كفر أكبر لا، وقال بعض السلف أنه يكفر، لكن الصحيح أنه لا يكفر بذلك يكون عاصيًا، من أفطر عامدًا يكون عاصيًا لا يكفر وعليه القضاء والتوبة، والصلاة أعظم.
س:..................
الشيخ: إذا كان لا يصلي ولا يصوم ما عليه قضاء لا صيام ولا صلاة عليه التوبة بس؛ لأنه مرتد، والمرتد لا يقضي، أما إذا كان يصلي وترك بعض الصيام يقضي الصوم.
س:................
الشيخ: ترك بعض الصلاة كفر، إن ترك بعض الصلاة مرة يصلي ومرة لا يصلي هذا يكون كافرًا، نسأل الله العافية.
س:...................
الشيخ: إذا كان عليه لأحد دين أو مال يلزم رده إذا تاب وإلا أخذ بها، نسأل الله السلامة.
س:...............
الشيخ: هذا تأويل ما له لزوم تأويل على طريقة النووي تأول كثيرًا وافق الأشاعرة في كثير من التأويلات لا يتلفت إليه.
س:..................
الشيخ: إذا لم يأت شرعنا بخلافه إذا لم يأت شرع محمد بخلافه فهو شرع لنا هذا الصحيح في الأصول.

53 - (2769) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ، أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: ثُمَّ غَزَا رَسُولُ اللهِ ﷺ غَزْوَةَ تَبُوكَ، وَهُوَ يُرِيدُ الرُّومَ وَنَصَارَى الْعَرَبِ بِالشَّامِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبٍ كَانَ قَائِدَ كَعْبٍ، مِنْ بَنِيهِ، حِينَ عَمِيَ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ، إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي قَدْ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهُ، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَالْمُسْلِمُونَ يُرِيدُونَ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ، عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ، وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا، وَكَانَ مِنْ خَبَرِي، حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَاللهِ مَا جَمَعْتُ قَبْلَهَا رَاحِلَتَيْنِ قَطُّ، حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، فَغَزَاهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ.
الشيخ: ومعنى هذا الكلام يعني ما لي عذر، يعني تخلفي ما لي عذر، ولهذا استحق أن يهجر هو وصاحباه لاعترافه أنه تخلف بغير عذر، لكن تمادى به الأمر حتى فرط الأمر وذهب الغزو ولم يذهب كما يأتي.

فَغَزَاهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقْبَلَ عَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَا لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ، فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِمِ الَّذِي يُرِيدُ، وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ كَثِيرٌ، وَلَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابُ حَافِظٍ - يُرِيدُ بِذَلِكَ الدِّيوَانَ - قَالَ كَعْبٌ: فَقَلَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ، يَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ سَيَخْفَى لَهُ، مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيٌ مِنَ اللهِ ، وَغَزَا رَسُولُ اللهِ ﷺ تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلَالُ، فَأَنَا إِلَيْهَا أَصْعَرُ، فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ، فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، وَأَقُولُ فِي نَفْسِي: أَنَا قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ، إِذَا أَرَدْتُ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمَادَى بِي حَتَّى اسْتَمَرَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ غَادِيًا وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمَادَى بِي حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، فَيَا لَيْتَنِي فَعَلْتُ، ثُمَّ لَمْ يُقَدَّرْ ذَلِكَ لِي، فَطَفِقْتُ، إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ، بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، يَحْزُنُنِي أَنِّي لَا أَرَى لِي أُسْوَةً إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ، أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ فَقَالَ: وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْقَوْمِ بِتَبُوكَ مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ؟ قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ يَا رَسُولَ اللهِ حَبَسَهُ.
الشيخ: من بني سلمة ................. بطن من الأنصار يقال لهم بنو سلمة.

قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ يَا رَسُولَ اللهِ حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ رَأَى رَجُلًا مُبَيِّضًا يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ فَإِذَا هُوَ أَبُو خَيْثَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ، وَهُوَ الَّذِي تَصَدَّقَ بِصَاعِ التَّمْرِ حِينَ لَمَزَهُ الْمُنَافِقُونَ فَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَدْ تَوَجَّهَ قَافِلًا مِنْ تَبُوكَ، حَضَرَنِي بَثِّي، فَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ وَأَقُولُ: بِمَ أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا؟ وَأَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ كُلَّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي، فَلَمَّا قِيلَ لِي: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا، زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ، حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَنْجُوَ مِنْهُ بِشَيْءٍ أَبَدًا، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وَصَبَّحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ، وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا، فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَانِيَتَهُمْ، وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللهِ، حَتَّى جِئْتُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ: تَعَالَ فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: مَا خَلَّفَكَ؟ أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي، وَاللهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، لَرَأَيْتُ أَنِّي سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا، وَلَكِنِّي وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ، لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ، إِنِّي لَأَرْجُو فِيهِ عُقْبَى اللهِ، وَاللهِ مَا كَانَ لِي عُذْرٌ، وَاللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَمَّا هَذَا، فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِيكَ فَقُمْتُ، وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِي، فَقَالُوا لِي: وَاللهِ مَا عَلِمْنَاكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، لَقَدْ عَجَزْتَ فِي أَنْ لَا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، بِمَا اعْتَذَرَ بِهِ إِلَيْهِ الْمُخَلَّفُونَ، فَقَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ، اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَكَ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونِي حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، قَالَ ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي مِنْ أَحَدٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ، لَقِيَهُ مَعَكَ رَجُلَانِ، قَالَا مِثْلَ مَا قُلْتَ، فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلَ مَا قِيلَ لَكَ، قَالَ قُلْتُ: مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعَةَ الْعَامِرِيُّ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ، قَالَ: فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، فِيهِمَا أُسْوَةٌ، قَالَ: فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي.
الشيخ: ابن الربيعة بالهاء؟
الطالب: نعم.
الشيخ: تعرض له الشارح.
الطالب: وَأَمَّا قَوْلُهُ مُرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ فَكَذَا وقع في نسخ مسلم وكذا نقله القاضي عن نسخ مسلم ووقع في البخاري بن الربيع، قال ابن عَبْدِ الْبَرِّ: يُقَالُ بِالْوَجْهَيْنِ وَمُرَارَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ الْمُكَرَّرَةِ.
الشيخ: يعني يسمى ابن ربيعة، ويسمى ابن ربيع، لا مانع، نعم.

قَالَ: فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، فِيهِمَا أُسْوَةٌ، قَالَ: فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي، قَالَ وَنَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا، أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ، مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، قَالَ: فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ، وَقَالَ: تَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ لِي فِي نَفْسِيَ الْأَرْضُ،
الشيخ: ................... العامري .............. الواقفي؟
الطالب: والثاني الواقفي نعم.
الشيخ: تكلم على العامري؟
الطالب:: قَوْلُهُ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ
الشيخ: لا، العامري.
الطالب: قَوْلُهُ (فِي الرَّجُلَيْنِ صَاحِبَيْ كَعْبٍ هُمَا مُرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ الْعَامِرِيُّ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ مُسْلِمٍ الْعَامِرِيُّ، وَأَنْكَرَهُ الْعُلَمَاءُ وَقَالُوا هُوَ غَلَطٌ؛ إِنَّمَا صَوَابُهُ الْعَمْرِيُّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَكَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَكَذَا نسبه محمد بن إسحاق وابن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ، قَالَ الْقَاضِي: هُوَ الصَّوَابُ، وَإِنْ كَانَ الْقَابِسِيُّ قَدْ قَالَ: لَا أَعْرِفُهُ إِلَّا الْعَامِرِيَّ، فَاَلَّذِي غَيَّرَهُ الْجُمْهُورُ أَصَحُّ.
الشيخ: غيره بالغين والياء؟ يمكن صحفت اعتبره.
الطالب: نعم
الشيخ: المقصود أنه من الأنصار العامري من الأنصار، وهكذا الواقفي.

وَقَالَ: تَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ لِي فِي نَفْسِيَ الْأَرْضُ، فَمَا هِيَ بِالْأَرْضِ الَّتِي أَعْرِفُ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلَاةَ وَأَطُوفُ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَآتِي رَسُولَ اللهِ ﷺ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلَامِ، أَمْ لَا؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ وَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلَاتِي نَظَرَ إِلَيَّ وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا طَالَ ذَلِكَ عَلَيَّ مِنْ جَفْوَةِ الْمُسْلِمِينَ،
الشيخ: وهذا يدل على تمام الامتثال لما قال لهم اهجروهم هجروهم فلم يكلمهم أحد، وهذا واضح في كمال امتثال الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وأنهم إذا أمروا امتثلوا.

حَتَّى إِذَا طَالَ ذَلِكَ عَلَيَّ مِنْ جَفْوَةِ الْمُسْلِمِينَ، مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي، وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ أَنْشُدُكَ بِاللهِ هَلْ تَعْلَمَنَّ أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ؟ قَالَ: فَسَكَتَ، فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ، فَسَكَتَ، فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ، فَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ، حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ، إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ نَبَطِ أَهْلِ الشَّامِ، مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ، يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ، حَتَّى جَاءَنِي فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا.
الشيخ: ............. من شدة الحرص على الامتثال ما تكلموا وقالوا هذا كعب ويشيرون إشارة.

قَالَ: فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ، حَتَّى جَاءَنِي فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، وَكُنْتُ كَاتِبًا، فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضْيَعَةٍ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ، قَالَ فَقُلْتُ: حِينَ قَرَأْتُهَا: وَهَذِهِ أَيْضَا مِنَ الْبَلَاءِ فَتَيَامَمْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهَا بِهَا، حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ مِنَ الْخَمْسِينَ، وَاسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ، إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَأْتِينِي، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ، قَالَ: فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قَالَ: لَا، بَلِ اعْتَزِلْهَا، فَلَا تَقْرَبَنَّهَا، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ، قَالَ: فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ، قَالَ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ لَا يَقْرَبَنَّكِ فَقَالَتْ: إِنَّهُ، وَاللهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَوَاللهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، إِلَى يَوْمِهِ هَذَا، قَالَ: فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللهِ ﷺ فِي امْرَأَتِكَ؟ فَقَدْ أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: لَا أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ ﷺ، وَمَا يُدْرِينِي مَاذَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ ﷺ، إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ، قَالَ: فَلَبِثْتُ بِذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ، فَكَمُلَ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نُهِيَ عَنْ كَلَامِنَا، قَالَ ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَّا، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى سَلْعٍ يَقُولُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ، قَالَ: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، قَالَ: فَآذَنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ النَّاسَ بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا.
الشيخ: وهذا من سجود الشكر، وكان النبي يسجد للشكر عليه الصلاة والسلام، وهذا الذي فعله كعب من سجود الشكر لما سمع قوله أبشر خر ساجدًا؛ لأنه عرف أنه جاء الفرج.

قَالَ: فَآذَنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ النَّاسَ بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا، حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، فَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ قِبَلِي، وَأَوْفَى الْجَبَلَ، فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي، فَنَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ بِبِشَارَتِهِ، وَاللهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، فَانْطَلَقْتُ أَتَأَمَّمُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، يَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنِّئُونِي بِالتَّوْبَةِ وَيَقُولُونَ: لِتَهْنِئْكَ تَوْبَةُ اللهِ عَلَيْكَ حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ ﷺ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي، وَاللهِ مَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، قَالَ فَكَانَ كَعْبٌ لَا يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ.
الشيخ: وهذا فيه دلالة على أنه إذا قام الإنسان يقابل أخاه ليصافحه أو يهنأه بشيء ليس من القيام المذموم، القيام المذموم أن يقف عليه وهو جالس للتعظيم، أو يقوم هكذا للتعظيم، أما إذا قام له ليسلم عليه مثل ما قام طلحة مثل ما قام الصحابة لسعد بن معاذ لما قدم للحكم في بني قريظة للسلام عليه والترحيب بقدومه ومثل ما قام النبي لفاطمة إذا دخلت عليه وكانت تقوم إذا دخل عليها تصافحه وتجلسه في مكانه هذا لا حرج فيه، ليس من القيام المنهي عنه؛ لأن القيام ثلاثة أقسام: قيام عليه للتعظيم وهذا من عمل الأعاجم، وقيام هكذا ............. لا ينبغي أقله الكراهة، والقيام الثالث القيام إليه ليقابله ليأخذ بيده ليكرمه.

قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ وَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ قَالَ فَقُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَقَالَ: لَا، بَلْ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، قَالَ: وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ، قَالَ: فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ ﷺ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قَالَ: فَقُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِيَ الَّذِي بِخَيْبَرَ،
الشيخ: وهذا يدل على أنه ينبغي للمؤمن ألا يتصدق بماله كله لأنه قد يحتاج وقد يضعف فإذا تصدق فليبق له شيئًا ولذا قال أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك لكن لو علم أن هناك كسبًا يقوم بحاله وأنه لا يضره الصدقة بماله كلها فلا بأس كما فعل الصديق فإن الصديق تصدق بماله كله على النبي ﷺ طاعة لله في سبيل الله تصدق بماله في سبيل نصر الدين وحماية الدين فأثني عليه بهذا، وأرضاه.

قَالَ: وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ إِنَّمَا أَنْجَانِي بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لَا أُحَدِّثَ إِلَّا صِدْقًا مَا بَقِيتُ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَبْلَاهُ اللهُ فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ، مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى يَوْمِي هَذَا، أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلَانِي اللهُ بِهِ، وَاللهِ مَا تَعَمَّدْتُ كَذِبَةً مُنْذُ قُلْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللهُ فِيمَا بَقِيَ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ : لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ، إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ، وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمِ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ حَتَّى بَلَغَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]، قَالَ كَعْبٌ: وَاللهِ مَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ، بَعْدَ إِذْ هَدَانِي اللهُ لِلْإِسْلَامِ، أَعْظَمَ فِي نَفْسِي، مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللهِ ﷺ، أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، إِنَّ اللهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا، حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْيَ، شَرَّ مَا قَالَ لِأَحَدٍ. وَقَالَ اللهُ: سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ، فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ، إِنَّهُمْ رِجْسٌ، وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ، فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [التوبة:96]، قَالَ كَعْبٌ: كُنَّا خُلِّفْنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ حِينَ حَلَفُوا لَهُ، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللهُ فِيهِ، فَبِذَلِكَ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا، وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ مِمَّا خُلِّفْنَا، تَخَلُّفَنَا عَنِ الْغَزْوِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا، وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا، عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَبِلَ مِنْهُ.
الشيخ:
وفي الحديث حجة على شرعية هجر من أظهر المعاصي، وأن ولي الأمر إذا رأى هجرهم هجرهم للمصلحة الشرعية والتأديب، ولهذا هجر الثلاثة حتى تاب الله عليهم مدة خمسين ليلة، وأما إذا رأى عدم الهجر وأن المصلحة تقتضي عدم الهجر وأن يقبل العذر كما قبل من أولئك فله ذلك، وكما ترك عبد الله بن أبي ولم يهجره وأشباهه ممن ابتلوا بالنفاق للمصلحة الإسلامية والتأليف ولئلا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه، فالمقصود أن ولي الأمر وهكذا العلماء وهكذا الدعاة إلى الله لهم النظر في هذه المسائل فإذا رأوا أن الهجر أصلح هجروا من أظهر المعصية وإذا رأوا أن الاتصال به ودعوته إلى الله وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر أصلح، وأنه أكثر فائدة للمسلمين فعلوا ذلك فالهجر يكون مع المصلحة لا مصلحة النفس وهوى النفس والشيطان لا، ولكن مصلحة الإسلام المصلحة الإسلامية مصلحة الدين فهؤلاء الثلاثة هجرهم النبي حتى تاب الله عليهم خمسين ليلة وجماعة المعتذرين وأهل النفاق لم يهجروا وأخذ بظاهرهم وعذروا واستغفر لهم ولم يهجرهم حرصًا على المصلحة الإسلام وتأليف القلوب ........
وفيه أيضاً من الفوائد الذي قال فيه النبي ﷺ: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث أن هذا في حق النفس، الهجر المقيد بالثلاث هذا فيما يتعلق بحق النفس يكون بينك وبين شخص خصومة أو سبك أو كذب عليك لك تهجره ثلاث ولا تزيد، أما إذا هجرته لبدعته ولمعاصيه الظاهرة ما يتقيد بالثلاث، هذا ليس له نهاية إلا توبته إلا أن يتوب أو يرى ولي الأمر أو العالم أن المصلحة الإسلامية في عدم هجره بعد كذا أو بعد كذا أو من أول وهلة مراعاة للمصالح الإسلامية والقواعد الشرعية أما حقك لا، ثلاثة أيام فقط خاصمك دعا عليك كذب عليك سبك لك تهجره ثلاث فأقل.
س:..................
الشيخ: هذا احتج به العلماء على أن المهجور الذي يهجره المسلمون ولا يكلمونه له عذر أن يصلي في البيت، ولهذا كان مرارة وهلال يصليان في بيتهما فيبكيان ولزمها بيوتهما من أجل هجر الناس، وأما كعب فكان يصلي مع الناس لكن صادف ذلك اليوم أن صلى بظهر البيت لشدة ما فيه من الحزن، ذكر أهل العلم أن هذا من الأعذار الشرعية وإن صلى مع الناس وصبر فهو أولى كما فعل كعب.
س:.....................
الشيخ: الله أعلم هذا لا شك فيه شدة ... لكن الله أعلم............... لكن يظهر من المقام أنه عند الشدة يجيء الفرج لما قرب الفرج شدد عليهم باعتزال النساء لحكمة بالغة منها والله أعلم، بيان عظم الأمر الذي فعلوه وخطورته وهذا عند دنو الفرج، الشدائد إذا جاءت دنا الفرج.

53 - وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِإِسْنَادِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ سَوَاءً.