522 من: (باب النَّهي عن التَّكلُّف وهو فعلُ وقول ما لا مصلحةَ فيه بمشقةٍ ..)

 
301- باب النَّهي عن التَّكلُّف وهو فعلُ وقول ما لا مصلحةَ فيه بمشقةٍ قال الله تعالى: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ [ص:86].
1/1655- وعَنْ عُمر قَالَ: "نُهينَا عنِ التَّكلُّفِ" رواه البُخاري.
2/1656- وعَنْ مسْرُوقٍ قَال: دخَلْنَا على عَبْدِاللَّهِ بْنِ مسْعُودٍ فَقَال: "يا أَيُّهَا النَّاس، مَنْ عَلِم شَيئًا فَلْيَقُلْ بهِ، ومَنْ لَمْ يَعْلَمْ فلْيَقُلْ: اللَّه أعْلَمُ، فإنَّ مِنَ الْعِلْمِ أن تَقُولَ لِمَا لا تَعْلَمُ: اللَّه أعْلَمُ، قَال اللَّه تَعالى لِنَبيِّهِ ﷺ: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ" رواهُ البخاري.

الشيخ:
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذان الحديثان مع الآية الكريمة كلها تدل على النهي عن التَّكلف، وأنه لا ينبغي للمؤمن أن يتكلف: أن يتعاطى ما فيه كُلفة ومشقة من دون حاجةٍ إلى ذلك، سواء كان قولًا أو فعلًا، بل ينبغي له أن يُعَوّد نفسه السماح وعدم التكلف في القول والعمل: في طعامه، وشرابه، وأقواله، وأحاديثه مع إخوانه لا يكون فيها تكلُّف، بل يكون فيها السماح والتيسير في كل شيءٍ.
ومن ذلك التَّكلف في كونه يتكلم بما لا يعلم: يُفتي بما لا يعلم، أو يمدح ما لا يعلم، أو يذمّ ما لا يعلم، كل هذا من التكلف، بل يكون كلامه على بصيرةٍ، ومدحه على بصيرةٍ، وذمّه على بصيرة، وإلا فليحذر وليتوقف، يقول الله جل وعلا: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ [ص:86]، قُلْ يعني: قل يا محمد للناس: مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ يعني: على تبليغ الحق والدعوة إليه، وتعليمكم وإرشادكم، يعني: ما أطلب من ورائكم شيئًا، هو يُعلِّمهم ويُرشدهم من دون حاجةٍ إليهم، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ مَن يتكلَّف ما لم يُؤْمَر به وما لم يُشْرَع له.
وعمر يقول: "نُهينا عن التَّكلُّف"، وابن مسعودٍ يقول: "مَن كان عنده علمٌ فليقل به، وإلا لا يتكلَّف"، يعني: لا يقل بغير علم: يُفتي بغير علم، يمدح بغير علم، يذم بغير علم، ولكن يتأمل وينظر حتى لا يتكلم إلا عن بصيرةٍ، وحتى لا يقول إلا عن بصيرةٍ، وحتى لا يقع في التَّكلُّف والتَّشدد من دون علمٍ ولا بصيرةٍ.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: هل من التَّكلف السؤال عن حكمة الأمر أو حكمة النهي في الأوامر والنَّواهي؟
ج: لا، ما هو من التَّكلُّف، فإذا سأل عمَّا يظهر ليزداد علمًا ويزداد بصيرةً لا بأس، وإذا خَفِيَ لا يتكلَّف، بل يقول: الله أعلم، والحمد لله.
س: هل هذا من صفات الجهل؟
ج: التَّكلف من الجهل، ينشأ عن الجهل.
س: هناك مَن يقول: أنا مجتهد، وربما كان اجتهاده هذا تكلُّفًا؟
ج: إن كان عن علمٍ وبصيرةٍ فلا بأس، أو على قواعد شرعية إذا دعت الحاجةُ إلى ذلك لا بأس، وإلا فهو متكلِّف، الذي ما عنده علمٌ ما يستطيع ...... يسأل أهل العلم ولا يتعنت، يقول بالكلام الطيب والفعل الطيب، ولا يُشدد على نفسه، لا في فعلٍ، ولا في قولٍ.
س: بعضهم يقول: أنا عالم؟
ج: يقول عمر: "مَن قال إنه عالم فهو جاهل، ومَن قال مؤمن فهو كافر، يقول: مؤمن إن شاء الله"، هذا من كلام عمر ، يُروى عن عمر.
س: مَن قال أن باب الاجتهاد مقفولٌ في هذه الأزمنة؟
ج: ما عنده خبر، مقفول عنه وعن أمثاله، مقفول عن أهل الجهل، ما هو مقفول عن أهل العلم، إلى أن يبعث الله الريح الطيبة حتى تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات ولا يبقى إلا الأشرار.
س: يقول: بناءً على عدم توافر شروط المُجتهد؟
ج: إذا ما توافرت فيه توافرت في غيره، إذا ما توافرت فيه لا يسدّ الباب.