540 من: (باب العفو عن لغو اليمين وأنه لا كفارة فيه..)

 
317- باب العفو عن لغو اليمين وأنَّه لا كفَّارة فِيهِ وَهُوَ مَا يجري عَلَى اللسان بغير قصد اليمين كقوله عَلَى العادة: "لا والله"، و"بلى والله"، ونحو ذَلِكَ
قَالَ الله تَعَالَى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89].
1/1719- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ في قَوْلِ الرَّجُلِ: "لا واللَّهِ"، وَ"بَلى واللَّهِ". رواه البخاري.

318- باب كراهة الحلف في البيع وإنْ كان صادقًا
1/1720- عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقُولُ: الحَلِفُ مَنْفَقَةٌ للسِّلْعَةِ، مَمْحَقَةٌ للْكَسْبِ متفقٌ عَلَيْهِ.
2/1721- وَعَنْ أَبي قَتَادَةَ : أنه سمع رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الحَلِفِ فِي الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ يَمْحَقُ رواه مسلم.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث مع الآية الكريمة فيها الحثّ على حفظ اليمين، والحذر من الإكثار منها؛ لأن الإكثار منها وسيلة إلى الكذب والحلف بغير حق، والله يقول: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ، فالمشروع للمؤمن الحرص على حفظ يمينه، وألا يحلف إلا على شيءٍ له أهمية، أما غالب الأشياء فينبغي له أن يتجنَّب فيها الحلف؛ لئلا يجرّه ذلك إلى الكذب.
وأما اللغو فهو الشيء الذي جرى على اللسان بغير قصدٍ، هذا يُسمَّى لغو اليمين، ليس فيه شيء، قال الله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:225]، وفي الآية الأخرى: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ [المائدة:89]، فالأيمان التي يعقدها الإنسان ويكسبها بقلبه ويَنْوِيها هذه هي التي فيها الكفَّارة، فإذا قال: "والله" قاصدًا "لا أقوم"، "والله" قاصدًا "لا أسافر"، "والله ما أُكلِّم فلانًا" عن قصدٍ، فهذا فيه الكفَّارة إذا حنث، أما أن يتحدث هو وصاحبه: "والله ما فعلتُ كذا"، "والله ما صار كذا"، حديث سائر ما قصد فيه اليمين، هذا مثلما قالت عائشة رضي الله عنها: "هو قول الرجل: لا والله، وبلى والله"، يعني: في حديثه العابر الذي ليس فيه قصد الحلف على شيءٍ.
والكفَّارة وضَّحها الله في سورة المائدة: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمَن لم يجد –يعني: مَن عجز عن الثلاثة- صام ثلاثة أيام، وينبغي أن تكون متتابعةً كما قال ابنُ مسعودٍ .
وفي الأحاديث الأخيرة التحذير من الحلف في البيع وكثرة الأيمان، فإنها قد تجرّ إلى الكذب، ولهذا قال ﷺ: الحلف مَنْفَقَةٌ للسلعة، مَمْحَقَةٌ للكسب يعني: أنَّ الأيمان تُرَوِّج السلعة، يُصدِّقونه، ويغلب على الظن أنه طيب فيُصدِّقونه، فيُرَوِّج سلعته بالأيمان، لكنَّها تمحق الكسب؛ لأنَّ الغالب أن يكون فيها الكذب.
وهكذا قوله ﷺ: إياكم وكثرة الحلف في البيع؛ فإنه يُنَفِّق ثم يَمْحَق يعني: يُنَفِّق السلعة –يُرَوِّجها- ثم يمحق بركةَ الثمن.
فالواجب على المؤمن أن يكون حافظًا ليمينه، قليل الحلف، إلا عند الحاجة، حتى لا تقع منه الكارثة، وهي اليمين الغموس، نسأل الله العافية.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: بعض الناس اعتاد أنه ما يُصدِّق إلا إذا حُلِفَ له بالله، فهل يُقال له مثلًا: إن صدَّقْتَ ..؟
ج: إذا دعت الحاجة لا بأس، النبي ﷺ كان يحلف عند الحاجة، إذا دعت الحاجةُ وتُطَمْئِن خاطر أخيك فلا بأس، لكن عليك بالصدق.
س: هل للحلف مواطن معينة؟
ج: هناك أوقات يُسمونها: التغليظ، تغليظ اليمين، وتكون بعد العصر، وعند منبر النبي عليه الصلاة والسلام، فهذه من باب التغليظ.
س: بالنسبة لكفَّارة إطعام عشرة مساكين: هل يكون من قوت البلد؟
ج: من قوت البلد الذي هو فيه: تمر، أو أرز، أو حنطة.
س: يعني: ليس شرطًا أن يكون مثلًا أرزًا ولحمًا وما شابه؟
ج: لا، قوت البلد، عادة البلد.
س: على الترتيب؟
ج: لا، على التخيير، إن شاء أطعم عشرة، وإن شاء كساهم، وإن شاء أعتق، فإذا عجز عن الثلاثة جاء الصوم، فالترتيب بين هذه الثلاثة وبين الصوم فقط، فلا يُجزئه الصوم إلا إذا عجز عن الثلاثة، عجز عن الإطعام، وعجز عن الكسوة، وعجز عن العتق، بعد ذلك يصوم ثلاثة أيام.
س: لكن لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ [المائدة:89] ما يكون هذا ..؟
ج: يعني: ما فيه إثم، ما فيه عقوبة.
س: ما فيه عقوبة لكثرة اليمين؟
ج: لا حرج إذا جرت اليمين في عرض الكلام، ما هو بقصدٍ.