543 من: (باب النهي عن سبِّ الريح، وبيان ما يُقال عند هبوبها)

 
323- باب النهي عن سبِّ الريح، وبيان ما يُقال عند هبوبها
1/1727- عَنْ أَبي المُنْذِرِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لا تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هذِهِ الرِّيحِ، وخَيْرِ مَا فِيهَا، وخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وشرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ رواه الترمذي وقَالَ: حَديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
2/1728- وعنْ أَبي هُرَيْرةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ، وَتَأْتِي بالعَذَابِ، فَإِذا رَأَيْتُمُوهَا فَلا تَسُبُّوهَا، وَسَلُوا اللَّه خَيْرَهَا، واسْتَعِيذُوا باللَّهِ مِنْ شَرِّهَا رواه أبو داود بإِسنادٍ حسنٍ.
3/1729- وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عنْهَا قَالَتْ: كَانَ رسولُ الله ﷺ إِذا عَصفَتِ الرِّيحُ قالَ: اللَّهُمَّ إِني أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِا، وَشَرِّ مَا فِيها، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَت بِهِ رواه مسلم.
324- باب كراهة سبِّ الدِّيك
1/1730- عنْ زيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: لا تَسُبُّوا الدِّيكَ، فَإِنَّهُ يُوقِظُ للصلاةِ رواه أبو داود بإِسنادٍ صحيحٍ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث كلها تتعلق بالريح، يبين النبيُّ ﷺ أن الريح تُرْسَل بالخير والشر، فتُرسل رحمةً لقومٍ، وعذابًا لآخرين، وقد أهلك الله بها قومَ هودٍ لما اشتدَّ كفرُهم وعَتَوا في الأرض وقالوا: مَن أشدّ منا قوة؟ فأرسل الله عليهم الريح العقيم، فهلكوا عن آخرهم.
وأرشد ﷺ إلى أنه ينبغي للمؤمن إذا رأى من الريح ما يكره أن يقول: اللهم إني أسألك خيرَ هذه الريح، وخيرَ ما فيها، وخيرَ ما أُمِرَتْ به -وفي اللفظ الآخر: ما أُرْسِلَتْ به- وأعوذ بك من شرِّها، وشرِّ ما فيها، وشرِّ ما أُمِرَتْ به، وهذا دعاء جامع، يسأل الله خيرها، ويتعوذ بالله من شرِّها، أما سبّها فلا يجوز؛ لأنها مأمورةٌ، تُؤمر بالخير والشر، فالمؤمن يسأل الله خيرها، ويتعوَّذ بالله من شرِّها.
وهكذا الدِّيك: جاء في الحديث الصحيح: إذا سمعتم صياحَ الدِّيَكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكًا، وإذا سمعتم نباحَ الكلاب ونهيق الحمير فتعوَّذوا بالله من الشيطان، فالدِّيَكة لا تُسَبُّ؛ لأنه يُستعان بها على أوقات الصلاة، فكان الناس فيما مضى من الزمان قبل ظهور الساعات واستعمالها ينتفعون بالديكة؛ لأنَّ الله جل وعلا جبلها على أوقات معينة تُؤذِّن فيها، ويُعرف بأذانها أوقات الصَّلوات، فهي من آيات الله، فلا يجوز سبّها، بل إذا سمع الإنسانُ صوتَها يسأل الله من فضله فيقول: "اللهم إني أسألك من فضلك"، كما يقول: "أعوذ بالله من الشيطان" عند سماع نباح الكلاب ونهيق الحمر.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: بعض الناس يقول: إذا صاح الدِّيكُ فإنه يكون قد رأى ملكًا؟
ج: جاء في الحديث الصحيح: أنها رأت ملكًا، فإذا سمعها يقول: "اللهم إني أسألك من فضلك" ولا يسبُّها.
س: الديكة: الألوان كلها أو لون معين؟
ج: كلها.
س: حتى الأسود؟
ج: أنواع الديكة كلها.
س: جاء في بعض الكتب القديمة: "قال سيدنا ومولانا الشيخ"؟
ج: ترك هذا أحوط، إلا للمملوك، فلا بأس أن يقوله المملوك: لا يقل: عبدي وأمتي، وليقل: سيِّدي ومولاي يعني: المملوك.
س: طيب، إذا كان الشيخ متوفًّى قال: "نفعنا الله ببركته وبركة علومه في الدنيا والآخرة"؟
ج: بركة علومه ما فيها بأس، أما بركته فما يظهر فيها ما يدل على أنها بركة تبقى في الناس؛ لئلا يتوهم عُبَّادُ القبور شيئًا، فبركة علومه وإرشاده لا بأس بها، فالعالم مبارك، علومه في الدنيا والآخرة، فصاحب السنة يُؤتى بعلومه بالتناقل وبالكتب.
س: بعض الدِّيكة إذا أكثر الصياح يقول بعضُ الناس: "هذا ما هو بصاحي –الديك" هل يُعتبر هذا سبًّا؟
ج: الذم يُسمَّى سبًّا، فالسبُّ معناه الذم والعيب: وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ [الإسراء:60] يعني: المسبوبة المذمومة.
س: معنى حديث: أَصْبِحوا بالصُّبْح، فإنَّه أعظم لأجوركم؟
ج: يعني: لا تعجلوا حتى يتحقق الفجرُ ويتَّضح، مثلما كان النبيُّ ﷺ يفعل: إذا اتَّضح الصبحُ صلَّى.
س: الفرق بين الريح والرياح؟
ج: كلها تُسمَّى ريحًا ورياحًا، لكن الغالب أنَّ الواحدة تكون في الشرِّ، والرياح المتتابعة يكون فيها خير: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ [الروم:46]، والريح العاصفة في الغالب تكون شرًّا، لكن مهما كانت -سواء ريح شديدة أو رياح متتابعة- يسأل الله خيرها، ويتعوَّذ بالله من شرِّها، والغالب أن الرياح المتتابعة تكون خيرًا: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ، وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ [الأعراف:57] بين يدي المطر.
س: كذلك الأمطار؟
ج: إذا نزل المطرُ يقول: اللهم صيِّبًا نافعًا، مُطِرْنَا بفضل الله ورحمته.